وجهات نظر

سياسة المساعدات لغزة والأهداف الأمنية

مع تمادي إسرائيل في منع وصول الإغاثة لقطاع غزة الجدل عن صلاحية الحلول القديمة والجديدة لمنع المجاعة في قطاع غزة، وفي هذا الإطار ظهرت تطلعات إسرائيل والولايات المتحدة لربط المساعدات بأهدافهما السياسية والعسكرية. يناقش هذا التقرير على وجه الخصوص، اتجاهات حكومة اليمين في التأسيس السياسي لخطة المساعدات، كما يتناول ظهور “مؤسسة مساعدات غزة” وأهدافها والموقف الإقليمي والمانحين الدوليين منها.

أولاً: الموقف الإسرائيلي من استئناف المساعدات في غزة

تشكل سياسة التجويع ومنع دخول المساعدات إلى قطاع غزة واحدة من أهم الأوراق التي تستخدمها إسرائيل من أجل الوصول الى النصر الكامل الذي يتحدث عنه بنيامين نتنياهو رئيس الحكومة اليمينية في إسرائيل، كما يعتبر أقطاب اليمين في إسرائيل أن إدخال المساعدات إلى قطاع غزة بأي شكل من الاشكال من شأنه أن يؤجل أو يعرقل ذلك النصر المنشود أو تعطيل للحرب وإطالة أمدها.

المساعدات كجزء من عملية عربات جدعون

يتركز النقد الداخلي في إسرائيل والموجه الى الائتلاف الحاكم وأداء الجيش في غزة، على عدم وجود أي مبرر لاستمرار الحرب وتوسيعها في قطاع غزة، خاصةً وأن لجوء الحكومة الإسرائيلية الى الاشراف على المساعدات من خلال الشركة الأمريكية GHF يدلل على عدم قدرتها على حسم المعركة، أو السيطرة الكاملة على قطاع غزة، حيث يتساءل زعيم المعارضة في إسرائيل يائير لبيد عن سبب تورط إسرائيل في المساعدات الإنسانية، رابطاً ذلك باستمرار القتل في غزة، مُجيباً على تلك التساؤلات، بأنهم في إشارة الى الحكومة الإسرائيلية، لم يشكلوا حكماً أخراً في غزة.

لهذا، فإن اعتماد شركة المساعدات على شركات أمنية أخرى بهدف توفير الكادر الوظيفي، وعمل الشركة في المناطق الخاضعة للجيش الإسرائيلي تقرأه المعارضة الإسرائيلية باعتباره تصرف خاطئ من الحكومة الإسرائيلية، كما تعتبره أوساط إعلامية في إطار مساعدة الجيش الإسرائيلي على تنفيذ عملية عربات جدعون الساعية الى دفع سكان قطاع غزة نحو النزوح الى مدينة رفح.

لهذا تشير تصريحات أفيغدور ليبرمان الذي أكد خلالها على أن حكومة نتنياهو لا تريد إنهاء الحرب حتى موعد الانتخابات القادمة، أي أن قيام الجيش الإسرائيلي بالحرب والاشراف على المساعدات في نفس الوقت يعني تحول المساعدات الى أداة حرب، أو بتعبير أخر، إن الاشراف الإسرائيلي على المساعدات أداة إسرائيلية يتم استخدامها ضمن التكتيكات الحربية ضد سكان قطاع غزة، وهذا ما أكدته العديد من المنظمات الإنسانية والحقوقية التي وثقت نحو 600 من الشهداء والمصابين الذين وقعوا تحت نيران الجيش الإسرائيلي بالقرب من نقاط المساعدات.

المساعدات وأجندة اليمين في إسرائيل

يواجه نتنياهو الكثير من الصعوبات قبل إقناع حلفاءه المتدينين بالاستجابة لتلك الضغوط الدولية الساعية الى وقف الحصار على قطاع غزة، وهذا ما جعل أقطاب اليمين الديني يحاولوا التدخل بشكل مباشر في الاشراف على برنامج المساعدات بوضعه الحالي، فإشراف الجيش الإسرائيلي على المساعدات بشكل شبه مباشر أشارت إليه صحيفة هآرتس باعتباره ضمن رؤية قوى اليمين التي وضعت برنامجاً شكلياً للمساعدات يُبقي على المجاعة قائمة في قطاع غزة.

لذلك تعلق بعض وسائل الاعلام الإسرائيلية على حالات القتل وارتباطها بنقاط توزيع المساعدات، حيث ترجع ذلك الى رؤية اليمين الديني الذي يحاول التخفيف من الضغوط الدولية عبر الظهور بتقديم المساعدات للسكان، لكنه في نفس الوقت يمارس القتل ليزيد من حالة الخوف في صفوف سكان قطاع غزة من أجل تعزيز مستوى المجاعة.

بالرغم من استئناف إسرائيل للمساعدات في وضعها الحالي الذي يزيد من مستوى الكارثة الإنسانية في قطاع غزة، إلا أن إدخال المساعدات بأي شكل من الأشكال الى قطاع غزة يبقى مرفوضاً بالنسبة لوزراء اليمين الديني بن غفير وسموتيريتش، فهؤلاء لا يزالوا متمسكين بموقفهم الرافض لإدخال المساعدات بأي شكل من الأشكال.

على النقيض من موقف المعارضة التي تطالب بوقف الحرب، ولا تعارض استئناف المساعدات، تعتقد وزير الاستيطان أوريت ستروك، أن على الجيش الإسرائيلي ألا يرتكب خطأين غزة، الأول هو التراجع عن خطة الفصل الإنساني، والتي تعتمد على التجويع والحيلولة دون وصول المساعدات للمقاومة، لأن ذلك يسبب أضراراً للجيش الإسرائيلي في غزة، وهذه الأخطاء تصب في مصلحة حماس التي تستغل المساعدات للبقاء، على حد وصفها.

أما الخطأ الثاني هو الانسحاب من الأراضي التي يتم السيطرة عليها إسرائيلياً، لأن هذا الأمر يطيل أمد الحرب ويعيق نجاح العمليات العسكرية، ويعطي المقاومة فرصة لإعادة استهداف الجنود الإسرائيليين من جديد.

على أية حال، لم يشكل استئناف المساعدات بوضعها الحالي في قطاع غزة أي صراعات أو خلافات شديدة يمكن أن تقود الى استقالات حكومية أو انقسامات سياسية داخل إسرائيل، لأن الخطة الحالية للمساعدات تخدم العملية العسكرية التي أعلن عنها الجيش الإسرائيلي مؤخراً، كما أن الصراع حول قانون تجنيد الحريديم، والتهديد المستمر بحل الكنيست، هي القضية الأبرز التي تُلقي بظلالها على المشهد السياسي في إسرائيل.

ثانياً: أزمة المساعدات تحت الحرب

لأكثر من ثلاثة أشهر، ظلت إسرائيل تفرض حصاراً على كاملاً على القطاع، ولم تدخله مساعدات غذائية. ورغم إشراف القطاع على المجاعة، لم تستجب إسرائيل لسماح الأمم المتحدة بدخول نحو 100 شاحنة، فيما تقدم التسهيلات للشركة الأمريكية بالوصول لمراكز توزيع الغذاء. وهي سياسة تخدم أهداف تحويل السيطرة على القطاع لصالح المشروع الأمريكي، ولذلك كان الإسراع بتشكيل مؤسسة غزة لتكون بديلاً عن الجهات القائمة. 

مؤسسة غزة الإنسانية

ولتجاوز رقابة الأمم المتحدة، اقترحت إسرائيل الاعتماد على جهات بعيدة عن الرقابة المالية. جاءت هذه الأفكار بعد أسابيع من “طوفان الأقصى” عندما اجتمع ضباط احتياط ورجال أعمال إسرائيليون مقربون من الحكومة، في ديسمبر 2023، بمدرسة “مكفيه إسرائيل” بتل أبيب، ليكون منتدى “منتدى مكفيه إسرائيل” علامة على مسار التأسيس.

بدأ تشكيل المنظمة في سويسرا، دون أن يكون لها هيكل إداري في الأراضي الفلسطينية أو في كيان الاحتلال. ولملء هذه الثغرة، تنفذ أعمالها بالتعاون مع مؤسسة “حلول الوصول الامن” (Safe Reach Solutions) ، والتي تسعى لتوظيف عدد كبير من العسكريين الأمريكيين المتقاعدين ورجال الأمن والاستخبارات للعمل براتب 1000 دولار يوميا، لاستكمال هيكل إداري وأمني، يكون كافياً لإدارة المساعدات وجمع البيانات اللازمة للسيطرة على الطرق والمخازن. تمنح هذه الصيغة الفرصة لجمع البيانات عن طبيعة السكان وفرزهم سياسياً، بحيث يتم التحكم في سلوكهم لاحقاً عن طريق تقدير الاحتياجات والتحكم في الإمداد والتوزيع.

وفي منتصف 2024، تشارك إسرائيليون الخطط مع مجموعة من المستشارين الأميركيين في القطاع الخاص، نشأ بعدها شركة أمريكية فرعية تحت اسم “حلول الوصول الآمن” ذات اختصاصات لتأمين وإمداد مراكز توزيع المساعدات.

وفي نوفمبر 2024، اكتملت ملامح ما سميت “مؤسسة غزة الإنسانية”، ليتم إعلانها رمسياً في فبراير 2025 في جنيف، لتكون عملية مشتركة أميركية ـ إسرائيلية، تتولى فيها الولايات المتحدة القيادة العلنية، شكلياً.

ونظراً لتشابك علاقات المؤسسين مع حكومة الاحتلال، تحصلت المجموعة على دعم سياسي وعسكري، أهلهم للتواصل مع “فيليب رايلي”، وهو ضابط سابق في العمليات شبه العسكرية بوكالة الاستخبارات المركزية الأميركية.

وبجانب الفريق التنفيذي، تضم المؤسسة مجلساً استشاريا من كبار الشخصيات في مجال المساعدات الإغاثية والخلفيات الأمنية، شغلوا مناصب دولية في مجال المساعدات والتنسيق ما بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية.

وعلى الرغم من تقديمها كشركة خاصة، تبدو تركيبتها الإدارية والإغاثية امتداداً للسياسة الأمريكية والإسرائيلية، فهي ضمن الدعم والتسهيلات السياسة والعسكرية التي تُدعم دورها أو تحبطه، كما هي تحت الرقابة العملياتية لجمع الموارد وتوزيعها، وتتمثل نقطة ضعفها في خلوها من وسائل الحماية الذاتية وضمانات تنفيذ أعمالها.

في هذه الدائرة، يتحرك سكان غزة وراء مراكز التوزيع تحت رصد الأجهزة الإسرائيلية، ودون حماية من الشركة الأمنية في حالة لا تتناسب مع انتشار قطاع الطرق وانهيار الجهاز الإداري والشرطة.

الشركة وأهدافها

وبالنظر لهيكلة الشركة وانتشار فورعها بين سويسرا والولايات المتحدة، فهي تعمل امتداداً لأهداف الأمريكيين والاحتلال، بحيث تتضح سمات ومشاريع المسح السكاني والتحضير للتهجير 

على اية حال، تنشيئ هذه العملية إطاراً موازياً للمفاوضات والوساطة الجارية بين الدوحة والقاهرة، فمن حيث التخطيط، تختمر فيها فكرة احتكار ملف الحرب في غزة، بحيث لا يكون للقوى الداخلية أو الخارجية دور في المراحل المختلفة، وخصوصاً فيما يتعلق بتقسيم القطاع والتحكم في أوضاعه الأمنية، وهي تقع في إطار التخطيط الأمريكي لمستقبل القطاع بعيداً عن مشروع الدولة الفلسطينية.

فقد استقرت السياسة الأمريكية على إنهاء أو توقف الحرب مع وجود السكان ليس مرغوباً ولا يحقق الهدف الأساسي؛ إخلاء القطاع لكي تكون أكثر قرباً من إدارة الصراع انطلاقاً من يابس غزة وساحلها، وبحيث يكون مطقة عازلة بين إسرائيل ومصر. وهس ساحة جيوسياسية تعمل على تجديد مشاريع الاستعمار في منطقة الشرق الأوسط.. يساعد هذا السياق في فهم إحباط الأمريكيين لمشروع قرار مجلس الأمن بوقف إطلاق النار

لم يساعد هذا الإطار على بداية عادلة لبدء الشركة أعمالها في في 20 مايو، حيث ظهرت عيوب وكوارث إنسانية، نتيجة وجود الكثير من الشركاء غير المؤهلين. بداية من التجهيز وشراء المساعدات والمواد الغذائية، فيما تقوم شركتا الأمن والخدمات والإمداد “يو جي سولوشنز” و”سيف ريتش سولوشنز” بتأمين مسار الشاحنات ومراكز التوزيع داخل القطاع وانتهاءً بالتنسيق مع جيش الاحتلال، افتقرت فيها كل العملية للأمان وساد فيها الغدر.

المواقف الإقليمية

 ومع إعلان إسرائيل وقف دخول المساعدات في أوائل مارس الماضي، رأت مصر الفصل بين مجريات الحرب وإغاثة المدنيين بحيث لا تكون محل ابتزاز، واقترحت أن يكون دخول المساعدات بدون شروط 

في وقت سابق، حاولت مصر الترويج للأزمة الإنسانية دولياً لدى زيارة ماكرون (الرئيس الفرنسي) في أبريل الماضي، عبر تسليط الضوء على الجرحى في المشافي المصرية. جزئياً، ساهمت أصداء الزيارة في تغيير الموقف الأوربي تجاه عدوان إسرائيل وقبول حل الدولة الفلسطينية، لكنها لم تتحول لإطار دولي مؤسسي بإمكانه التغيير على الأرض.

ومع تصاعد العدوان على المدنيين وعبث أعمال مؤسسة غزة،  رأت اللجنة العربية أنه انتهاك عظيم لحقوق الإنسان وانحياز واضح لأهداف إسرائيل، وطالبت بضمانات فعلية لحماية السكان المدنيين وعدم استغلال المساعدات لأهداف سياسية.

المانحون وإطار المساعدات

ومع تصاعد الأزمة بدت تحركات المانحين للمساعدات واضحة عندما أوقفت إسرائيل دخول المساعدات، حيث أشار لظهور مؤشرات الجوع بعد شهرين من الحصار ومنع الإمدادات الأساسية. وأشار بيان المانحين، 20 مايو 2025، لدور الأمم المتحدة أثناء دخول المساعدات بعد اتفاق وقف إطلاق النار، ساهمت الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية الإنسانية في إيصال المساعدات إلى غزة رغم المخاطر والتحديات الأمنية، ولذلك، اتجه المانحون لدعم هذا المسار الذي يعمل باستقلال وحياد في جميع أنحاء القطاع.

ولذلك، اعترض المانحون على إسناد مجلس الوزراء الأمني ​​الإسرائيلي المساعدات لشركة أمريكية خاصة بعيداً عن رقابة الأمم المتحدة، وهو قرار لا يحترم المبادئ الإنسانية، فهو لا يعمل بحياد بل أقرب لشكل انتقائي لا تتوفر فيه الضمانات لرعاية كل السكان في كل منطقة الحرب، فضلاً عن نقص خبرة الشركات في مجال المساعدات وفاعلية وصولها. كانت الملاحظة الأهم للمانحين واضحة في أن القرار الإسرائيلي ـ الأمريكي يعمل على تقويض دور واستقلالية الأمم المتحدة والشركاء الموثوق بهم، وربط المساعدات بأهداف سياسية وعسكرية لتقليص مساحة القطاع. كما كانت ملاحظات الأمم المتحدة في عدم شمول المساعدات للقطاع، حيث تركز الشركة أعملها في الجنوب ما يجبر المدنيين على عبور مناطق خطرة للحصول على الغذاء، 

وكجهة مانحة إنسانية، طلب المانحون والاتحاد الأوربي من إسرائيل السماح باستئناف وصول المساعدات إلى غزة بشكل كامل، وتمكين الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية من العمل باستقلالية وحيادية لإنقاذ الأرواح، والحفاظ على الكرامة. وتحدث في هذه المطالب دون ربطها بالطلب من حماس إطلاق سراح جميع الرهائن المتبقين فورًا، والسماح بتوزيع المساعدات الإنسانية دون تدخل، بل ذكرها في جزء مستقل، بحيث لا ترتب التزامات تتخذها إسرائيل تكأة لإغلاق الحدود ().

غياب الإطار الدولي للمساعدات

على اية حال، يفتقر المستوى الدولي لإطار ينظم المساعدات وقت الحرب في غزة، وظلت المبادرات خارج التنسيق ما بين الدول. فقد ارتكزت على المبادرات الخاصة، وخصوصاً من مصر وتركيا وبعض الدول الأخرى، بحيث لا يمكن الحديث عن توجه جماعي لفرض صيغة موحدة لتجميع وإنفاذ المساعدات. وعلى الرغم من صدور اتفاق وقف إطلاق النار في يناير الماضي، وتضمنه بنوداً عن إنفاذ المساعدات، لم يكن هناك جهد دولي لتقنين هذا التوجه وحمايته أو عزله بعيداً عن التداعيات اليومية للحرب.

تحتاج هذه الزوايا لفهم تكاسل الدول عن تفعيل القانون الدولي الإنساني والاكتفاء بالمبادرات المحدودة والموسمية، سواء من الدول أو المبادرات الخاصة الطوعية. بدت هذه النقطة جوهرية في فهم سياق الحرب، وليس مجرد أحداث متوازية.

على مدى الحرب، انشغلت الدول الفاعلة في تقديم وقف إطلاق النار والتنديد بالمجازر وغلق الحدود، واكتف بمناشدات لتوصيل الغذاء ولم تتجه لتحريك المسؤولية الجنائية عن التجويع أو تفعيل حق التدخل تحت مبدأ “مسؤولية مبدأ الحماية”، ما يكشف عن مستوى عميق من التقاعس الدولي وعدم الجدية في التصدي لجرائم الإبادة.

بمراجعة أعمال الأمم المتحدة وقرارات مجلس الأمن، يتضح أن كل الصياغات التي تم إقرارها اقتصرت على التمني دون إلزام آليات واضحة للعمل الإنساني في القطاع. ترتبط هذه النتائج، على الدوام، بالموقف الأمريكي الرافض لوقف الحرب والمتسارع لتغيير الواقع الديموغرافي والهوية في غزة. فعلى مدى الحرب، انخرطت السياسة الأمريكية في منع انهيار حكومة نتنياهو ودعمها ضد القضاء الدولي.

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق