الحوار الفلسطينيقضايا خاصةمقالات رأي

لقاء الأمل الفلسطيني في الجزائر

بدعوة من الجمهورية الجزائرية، وبرعاية الرئيس الجزائري عبد المجيد تبّون، انطلق في الجزائر العاصمة مؤتمر للحوار الفلسطيني بمشاركة من القوى الفلسطينية، وفي مقدمتهم حركتي حماس وفتح، بهدف إنهاء الانقسام وتوحيد المرجعية الفلسطينية، وبناء التوافق الوطني على القضايا الأساسية.

والجزائر كما هو معلوم الرئيس الدوري للقمّة العربية، وكانت حاضرة على الدوام في دعم القضية الفلسطينية، وساهمت بالفعل في مراحل سابقة بحل الخلافات الداخلية الفلسطينية وفقاً للحدود والإمكانات المتاحة، وكان أبرزها تمكن الجزائر إبان رئاسة الراحل الشاذلي بن جديد، في إقناع الفصائل الفلسطينية عقد المجلس الوطني الفلسطيني عام ١٩٨٧.
يأتي هذا الاجتماع في لحظة دولية واقليمية مفتوحة على احتمال مزيد من الاضطرابات والاستقطابات الإقليمية والدولية، وبالتالي مزيداً من المآسي على البشرية التي يدفع دوما الشعب الفلسطيني حصة منها، لذلك نتعلق بأمل أن تقتنص القوى الفلسطينية الفاعلة في الساحة الفلسطينية فرصة لقائها في الجزائر لاستعادة مركز قضيتهم إلى داخل الحركة الوطنية الفلسطينية، ليتحقق استعادة قبض الفلسطينيين على قرارهم لفرض حقهم بتقرير مصيرهم واستعادة كافة حقوقهم.
وإذا كان تحقيق الوحدة الوطنية الديمقراطية، والقرار الوطني المستقل، بطبيعة الحال التحديان الدائمان لحركات التحرر الوطني، فإنهما في الحالة الفلسطينية عودة إلى الذات التي فقدت خلال العقود الثلاث الأخيرة. عودة إلى الذات في فترة حاسمة لم يعد فيها من مساحات للخطأ، فالدول الكبرى تعاود الانقسام بشدة، وتخوض مواجهات دموية لا تعبئ فيها لخسائرها، ما بالك بخسائر دول العالم الثالث. وضمن هذه المعادلة تتحرك إسرائيل لتحصيل المكاسب، عبر تقديم الخدمات للطرف الذي تعتقده منتصراً، بتكرار لعادة نشأت مع نشاة الحركة الصهيونية.
هو مشهد دموي ولابد، نجد أنفسنا فيه منحازين لمصلحة السلم، وحياة الناس، وحق الشعوب بسيادتها على أراضيها وتقرير مصيرها، وإلى رفض الحروب، وإدانة القتل. وهي مرحلة حرجة ستدوم تداعياتها لزمن طويل قادم، تتحمل فيها القيادة الفلسطينية مسؤولية عظيمة، حيث سيكون هناك تأثير عميق وخطير لأعمالها، وأقوالها، وسيصعب التراجع عن الأخطاء التي ستقع فيها. وهذه المسؤولية تستدعي الخروج من النزاعات الفئوية، التي يقوم بها كل طرف بالالتجاء لعلاقات خارجية تحميه من الآخر، إلى أن تتحامى الأطراف الفلسطينية ببعضها البعض، وتتعاون لتجاوز المحنة العظيمة.
ولأن الفترة التي نمر بها هي الأكثر صعوبة من بين كلا الفترات التي ممرنا بها بعد النكبة، ولأنها تشترك مع الحرب العالمية الثانية التي أتاحت ظروف نكبتنا، فإن المسؤولية الوطنية الملقاة على كل الفلسطينيين، كل في موقعه، هي تفادي وقوع نكبة أخرى، والبحث في هذه الظروف عن الوحدة الوطنية الديمقراطية وعن تحالف الشعوب الديمقراطي الانساني ضد الحروب، وضد العدوان، وضد القتل، ومع حق الشعوب بتقرير مصيرها.
والوعي الشعبي الفلسطيني الواسع لهذه المخاطر والحاجات يفسر لماذا يشخص الفلسطينيون اليوم لاجتماع الجزائر آملا بأن تتحمل القوى الفلسطينية المجتمعة مسؤوليتها، وأن تتوجد على هذه المهمات المركزية. وهو ما تتعلق الآمال أن يكون واضحاً في البيان الختامي بكلام لا لبس فيه: نحن نتحد على حقوق الشعب الفلسطيني المظلوم منذ عام ١٩٤٨، المحتلة أرضه، الممزق بين الوطن والشتات، المعرض لأبشع أشكال العنصرية والقهر والقمع، ونرفض جرنا لأي تحالف في الصراعات الدولية والإقليمية القائمة على الغلبة، وعلى دماء الشعوب ومصالحها. إن حيادنا مبدئي، إنه انحياز للقانون الدولي، وشرعة حقوق الانسان، وحق الشعوب بتقرير مصيرها. إن انحيازنا هو انحياز شعب مظلوم، ينحاز لكل المظلومين، ويطالب بالعدل له وللإنسانية عبر المؤسسات الدولية، وعلى أساس القوانين الدولية وحقوق الانسان.
إننا في مجموعة الحوار نعتقد أن هذه المبادئ تشكل قواعد معيارية، وأن الفلسطينيين سيقيمون مواقف الأطراف المجتمعة بناء عليها، سواءً بالتمسك بها، أو بمدى مرونة كل منها للوصول إلى توافق يساعد الشعب الفلسطيني على توحيد صفوفه، إن كان في الأراضي المحتلة عام ١٩٤٨ ١٩٦٧ أو في الشتات، لحماية حقوقه وثوابته، ومواجهة تحدياته، والتأسيس لعمله الكفاحي المقبل.

الوسوم
اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق