الحوار الفلسطينيوجهات نظر

أثر تشكيل ناتو عربي على القضية الفلسطينية

تمهيد

يرى مختصون في الشأن الفلسطيني أن تشكيل ناتو عربي يشمل الاحتلال الإسرائيلي سيكون له عواقب على القضية الفلسطينية. يشمل ذلك تهميش القضية الفلسطينية لصالح مواجهة إيران، ودمج إسرائيل في المنطقة، على حساب القضية الفلسطينية. يرى آخرون أن تحالفاً من هذا النوع لن يكتب له النجاح لأنه لا يتمتع بإجماع شعبي عربي كما أن سياسات الدول العربية تتباين فيما بينها. مجموعة الحوار الفلسطيني تحدثت مع نخبة من المحللين السياسيين حول الموضوع وهذه آرائهم.

أحمد عوض، كاتب ومحلل سياسي

في حال تشكيل ناتو عربي، فذلك سيضر بالقضية الفلسطينية على النحو التالي:

أولاً: تغيير الأعداء، فبدلا من أن يكون الاحتلال هو العدو ستكون أطراف أخرى مثل إيران العدو.

ثانياً: لن تعمل إسرائيل على حل مع الفلسطينية، لأن القضية ستتحول إلى قضية داخلية وليس قضية عربية، وهذا سيضر بشكل العلاقة مع إسرائيل. وبدل أن يكون حل الصراع بمقاومة الاحتلال، سيكون بالتعاون مع إسرائيل، بمعنى أن تؤخذ المصالح الإسرائيلية في حل القضية الفلسطينية أولاً. هذا عملياً سيحبط حل الدولتين، وسيفكك الشعب الفلسطيني، ولن يؤدي إلى إقامة دولة فلسطينية، ولن يقبل الاحتلال إقامة دولة أو دويلة فلسطينية في قطاع غزة.

باختصار شديد ناتو عربي يعني عملياً إسقاط حل الدولتين، تفكيك الشعب الفلسطيني، ودمج إسرائيل في المنطقة على حساب دولة فلسطين. بمعنى أن يتم دمج إسرائيل كدولة في المنطقة، وتغييب دولة فلسطين كلياً، وهذا الخسارة الكبرى في حال تم تشكيل ناتو عربي. هذا انقلاب في الرؤيا والحقائق وفي كل شيء.

أيمن الرفاتي، كاتب ومحلل سياسي

بغض النظر عن الأهداف الحقيقية لتشكيل الناتو العربي، إلا أنه يشوبه الكثير من المشكلات المتعلقة بطبيعة الدول المشاركة فيه وخاصة دولة الاحتلال الإسرائيلي التي يطرحها بعض الأطراف بقوة في ضوء توجهات الإدارة الامريكية التي زار رئيسها المنطقة مؤخراً.

لا شك أن تشكيل الناتو العربي في هذا التوقيت موجه ضمن التحولات الدولية الكبيرة التي يشهدها العالم بعد الحرب الروسية الأوكرانية، وحالة القطبية التي بدأ تعود للعلاقات الدولية، وانتهاء مسمى دول عدم الانحياز. وعليه فإن هذا الناتو ربما يكون أحد أهدافه مواجهة محور المقاومة في المنطقة والتضييق على المقاومة الفلسطينية.

خطورة تشكيل هذا التحالف في كونه يدخل عدد من الدول العربية للمواجهة المباشرة والعداء مع محور المقاومة، ما سيجعلها هدفا مشرعاً في حال حدوث اعتداءات من قبل أحد اطرافه على إيران وخاصة من قبل إسرائيل.

حالياً يتم طرح هذا التحالف كضامن لأمن الدول العربية وانظمها السياسية في ضوء تراجع السياسة الامريكية في منطقة الشرق الأوسط والحديث عن قرب التوقيع على الاتفاق النووي مع ايران وتنامي قوة محور المقاومة.

قد لا يكون هناك أثر كبير لهذا التحالف في ضوء اختلال مكوناته وتباين السياسات بين الدول العربية خلال الفترة الماضية، وفي ضوء رغبة عدد من الدول العربية عدم الدخول في حالة صدام مع أي من الأطراف في المنطقة.

مؤمن مقداد، كاتب ومحلل سياسي

قضية تشكيل ناتو عربي موجودة منذ سنوات عديدة سياسياً، والآن يسعى الاحتلال بمساعدة الإدارة الأمريكية لتحوليها إلى حلف حقيقي عسكري.

منذ سنوات، شهدت المنطقة تغيرات عديدة في موضوع إيران وسوريا ولبنان وغزة، واستغل الاحتلال هذه الأمر لدفع خطة الناتو العربي. الخطة لم تعد فرضية أو مقترح، بل طبقها الاحتلال فعلياً حيث نشرت القناة 12 العبرية قبل فترة بأن الاحتلال نشر في دول عربية منظومات دفاع جوي. ناهيك عن الجهود الأخرى التي يبذلها الاحتلال من خلال المشاركة العسكرية في المناورات مع الدول العربية وبعض الأنشطة الأخرى في التعاون الاستخباراتي.

إن تأثير هذا الناتو على القضية الفلسطينية جسيم وله تبعات صعبة جداً، إذ انه يأتي في ظل انهيار لمنظومة السلطة الفلسطينية، وتشديد الخناق على غزة. معنى ذلك أن سقف التعامل مع الفلسطينيين في نظر الاحتلال تدنى كثيراً، فبعد ان كانت العديد من الدول العربية تساند ولو شكلاً السلطة أو الفلسطينيين عموماً، أصبحت الآن في حلف عسكري وسياسي مع الكيان، مع يعني إهمال هذه الدول لأدنى متطلبات الدعم للقضية الفلسطينية، بمعنى أن القضية أصبحت في نظر دول الناتو الشرق أوسطي “قضية هامشية” لا ترتقي للمستوى المطلوب.

نقطة أخرى تتعلق بهذا الناتو هي أنه أصلاً مخصص للتعامل مع أخطار قادمة من إيران وأذرعها حسب زعم الاحتلال، وبما أن الاحتلال يعتبر غزة أحد أذرع إيران في المنطقة فذلك سيوجه دول الناتو العربي للتعامل مع غزة كعدو رسمي. وهذا فعلياً أحد أبرز العواقب التي ستقلب وجه التعامل مع الفلسطينيين سواءً في غزة او حتى في الضفة.

عبد الله الحمارنة، كاتب ومحلل سياسي مختص في الشأن الفلسطيني

تظهر محاولة تدشين حلف عربي يشبه الناتو في منطقة الشرق الاوسط انحراف الدول التي يتوقع انخراطها بالحلف عن مسار دعم القضية الفلسطينية بالشكل الذي يأمله الفلسطينيون. هذه ليست المرة الأولى التي يسعى أطراف من المنطقة أو من خارجها لتشكيل حلف عسكري لكن جميعها باءت بالفشل.

عَمِدت الإدارة الأمريكية إلى دعم هذه الفكرة في وقت سابق خصوصاً في فترة الرئيس دونالد ترمب، وذلك بهدف دعم سياساته في المنطقة تجاه إيران. ويعد ذلك نذير شؤم على القضية الفلسطينية نظرًا لأن ذلك يصرف اهتمام الدول العربية الفاعلة عن دعم الحالة الفلسطينية الحالية بمقاومة الاحتلال الاسرائيلي لصالح محاربة الأطماع الإيرانية في المنطقة العربية ومحاولة تقليم أظافرها لتقنين دورها.

من الدلالات الهامة عند الحديث عن هذا الموضوع أن ننظر بشكل متمعن إلى فشل الأحلاف السابقة بمنطقة الشرق الاوسط، مثل حلف بغداد في التأثير إيجابياً لصالح القضية الفلسطينية لارتباطه بالمصالح الغربية خصوصًا بريطانيا، وعدم تأثير أحلاف قائمة حالياً في منطقة الشرق الاوسط نظراً لاختلاف الأهداف والتوجهات العامة لتلك الدول، بل أثَّرت بعض الأحلاف سلبًا على القضية الفلسطينية.

لجأت الدولة العربية في مواجهة الاحتلال الاسرائيلي للأراضي الفلسطينية بين عامي (1948-1973) إلى استراتيجية بناء تحالفات لاسترداد الأراضي الفلسطينية والعربية المحتلة. يَظهر واضحًا أن جميع تلك التحالفات فشلت في أداء مهامها المنوطة بها نظراً لأنها كانت تحالفات شكلية فقط لا ترقى الى ان تكون تحالفات حقيقية تملك القدرة على تحقيق التأثير المطلوب.

والرسالة الأهم في أي مضمون يخرج عن أي مكون فلسطيني سواءً حزب سياسي أو سلطة أو ملتقى حواري بأن أي حلف لا يوجد ضمن أهدافه العامة دعم صمود الشعب الفلسطيني وتلبية آماله بالتحرير لن يكتب له النجاح، فمصالح الدول تختلف، لكن نبض الشعوب العربية والمسلمة هي الحلف الحقيقي الذي يعوَّل عليه في دعم عملية التحرير الشامل للأراضي الفلسطينية.

الوسوم
اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق