قضايا خاصة

لماذا ذهب الرجوب إلى القاهرة الآن؟

استقبلت العاصمة المصرية القاهرة بتاريخ 29 مايو الماضي أمين سر اللجنة التنفيذية لحركة فتح جبريل الرجوب، وقد التقى كل من رئيس جهاز المخابرات العامة المصرية اللواء عباس كامل، ووزير خارجيتها سامح شكري، والأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط. وفقاً لمصادر فلسطينية، طالب الرجوب الجانب المصري إقناع حركة حماس بالموافقة على المشاركة في حكومة تكنوقراط قائمة على هدفين، الأول: إعادة إعمار قطاع غزة، والثاني: عدم الانخراط في أي مواجهة عسكرية مع الاحتلال.

سبقت زيارة الرجوب المساعي المصرية الرامية لتهيئة المناخ بين الجانبين الفلسطيني– الإسرائيلي قبل زيارة بايدن المرتقبة إلى المنطقة، خاصةً وأن الجانب المصري يخشى من حالة الفراغ المحتملة حال وفاة محمود عباس، ونقلت تلك المصادر أن الترتيبات المتعلقة باحتمالات غياب عبّاس عن القيادة جرى مناقشتها مع الرجوب والجانب المصري في هذه الزيارة؛ لكن لم يحصل أي تأكيد رسمي من الجانبين في هذه المسألة.

وتأتي هذه الزيارة -فيما يبدو- في إطار سعي الجانب المصري تحقيق أي خطوة في اتجاه تحسين أو تطوير العلاقة بين السلطة الفلسطينية والاحتلال، كجزء من متطلبات إنجاح زيارة بايدن المرتقبة إلى المنطقة، وتشير بعض المعطيات إلى وجود مسعى فتحاوي للخروج من أزمات السلطة الفلسطينية الحالية عبر التشارك في حكومة تكنوقراط مع حركة حماس، وربّما للأمر علاقة بترتيبات نقل السلطة والخوف من تصدّع المشهد القيادي الفتحاوي بسبب الخلافات التي ظهر بعضها علناً بين أقطاب الحراك الفتحاوي لخلافة عبّاس. 

ومنذ ولادتها، شهدت حكومة اشتيه -التي أتت كتعبير عن إرادة فتحاوية- الكثير من الأزمات المالية والخلافات؛ كان آخرها تهديد وزير المالية شكري بشارة في 25 مايو الماضي بالاستقالة من منصبه، ومع أنّ حكومة اشتية جاءت بضغط فتحاوي إلا أنها باتت محل انتقاد منهم، بأن يتم تحميلها كافة الأزمات التي تتعرض لها السلطة الفلسطينية؛ وبناءً عليه، يتوقع مراقبون إمكانية انهيار وشيك لحكومة اشتيه، في ضوء فشلها في إقناع الأوروبيين في ملفاتٍ عدة أهمها؛ إعادة التمويل للسلطة وحدود تغيير المناهج الدراسية في الأراضي الفلسطينية، بالإضافة إلى تحميلها مسؤولية اغتيال نزار بنات، ارتباطاً بإخفاق  إجراءاتها القضائية في محاسبة  قتلته.

من جانبٍ أخر؛ زادت الأصوات الفتحاوية مؤخراً المطالبة بضرورة إعادة التقييم داخل البيت الفتحاوي  بهدف الحيلولة دون تحميلها أخطاء السلطة، أهم هذه المواقف عبّرت عنه أقاليم حركة فتح في الضفة الغربية التي جمّدت جزء من نشاطها احتجاجاً على النتائج التي حصل عليها التنظيم  في انتخابات مجلس طلبة جامعة بيرزيت حيث تعرّضت لأقسى خسارة في تاريخها أمام الكتلة الإسلامية المحسوبة على حركة حماس، وكانت كوادر أساسية عبّرت عن امتعاضها من سلوك السلطة الذي تراه سبباً في انهيار شعبية حركة فتح، وكان جبريل الرجوب في تصريحٍ سابقٍ له قد أكد على ضرورة إعادة الحسابات داخل حركة فتح، إثر تعرض قوائم فتح إلى خسارةٍ كبيرة في الانتخابات الطلابية والنقابية والبلدية، وهو ما اعتبر ردُ فعلٍ جماهيري على أداءِ حكومة اشتيه عضو اللجنة المركزية لفتح. 

وفي ذات السياق تبنّى عدد من القيادات الكبيرة في اللجنة المركزية لحركة فتح نفس التوجه بخصوص حكومة اشتية، حيث يعتقد هؤلاء أن المرحلة الحالية تحتاج إلى حكومة تكنوقراط لإدارة العديد من الملفات المتعلقة بالعلاقة مع الأطراف المانحة -من بينها ملف الغاز- وبحسب أوساط في السلطة الفلسطينية أن أسماء كل من زياد أبو عمرو ومحمد مصطفى تُطرح من جديد.

خلاصة 

اعتادت حركة فتح الخروج من أزماتها عبر محاولة التقارب المؤقت مع حركة حماس، ومساعيها الرامية لتشكيل حكومة تكنوقراط هي محاولة لخلط الأوراق من أجل تجاوز تداعيات إلغاء محمود عباس للانتخابات التشريعية، وما ترتب عليها من أزمات مالية تعيشها السلطة الفلسطينية.

هذا ما يفسر ربط حركة فتح بين حكومة التكنوقراط وإعادة الاعمار، خاصةً وأنها قد فشلت بعد حرب سيف القدس، في إقناع الإقليم بالإشراف على مشاريع الاعمار، وتسعى الآن إلى استغلال الموقف تحت حلٍ مؤقتٍ عنوانه “حكومة تكنوقراط”، خاصةً وأنها تعلم أن حماس لا تمتلك الكثير من البدائل في ظل بطء وتيرة إعادة الإعمار. 

اظهر المزيد

إياد جبر

كاتب وباحث فلسطيني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق