أوراق سياسيةتقرير فلسطين
تقرير فلسطين، العدد الثالث عشر
خُلاصات تحليليّة.
- على الرغم من جهود حركة “فتح” لترتيب بيتها الداخلي، إلّا أنّ حدّة التوتر والخلافات داخل الحركة بازدياد مستمر وسط انشقاقات وتقديم استقالات كبيرة.
- خلافات “فتح” الداخلية تُنذر بمشهد انتخابي معقد وسيناريوهات قد تصل حد تأجيل الانتخابات
- فشل “فتح” بثني “البرغوثي” عن خوضه الانتخابات التشريعيّة ونجاح الأخير بتشكيل قائمة موحدة مع “القدوة” مؤشرات على ارتفاع حدّة المنافسة الانتخابيّة
- ارتفاع ملحوظ في المنحنى الوبائي في قطاع غزة والضفة الغربيّة وسط تشديد الاجراءات، وتخوف من عودة الإغلاقات ومنع حركة النقل
مستجدات الانتخابات، الانقسامات سمة المشهد الفتحاوي.
- يبدو أنّ مساعي حركة “فتح” لتوحيد جهودها بتشكيل قائمة انتخابيّة موحدة وثني بعض قياداتها لعدم الترشح للانتخابات التشريعيّة، لم ينه رغبة قيادات كبرى بالترشح للانتخابات وتشكيل قوائم منافسة. وتبذل قيادة الحركة جهودًا على أكثر من صعيد لتفكيك أي عقبات تعترض طريقها نحو المشاركة بقائمة موحدة، مستخدمةً أسلوب التنازلات من جهة كما فعلت مع القيادي الأسير “مروان البرغوثي”، والتهديد من جهة أخرى وفق إجراءاتها ضد القيادي السابق “ناصر القدوة”.
- وتسابق الحركة الزمن لترتيب بيتها الداخلي، الذي يشهد انقسامات ومطالب وشروط قبل موعد الانتخابات التشريعية، إذ تسعى قيادة الحركة لتفكيك العقبات التي تعترضها، ولهذا الهدف، أكّد أمين سر اللجنة المركزية للحركة “جبريل الرجوب” أخيرًا، أنه لن تكون “هناك قائمة مشتركة مع حركة “حماس”، بعد اعتراض كبير من القاعدة الفتحاوية في قطاع غزة، تحديدًا من معتقلي الحركة في سجون الاحتلال على هذه القائمة.
- وعلى الرغم من الجهود المبذولة لإصلاح البيت الداخلي، إلّا أنّ القاعدة التنظيمية لـ”فتح” شهدت احتجاجات واستقالات لكوادر الحركة، على خلفية تشكيل القائمة الانتخابية لخوض الانتخابات، حيث قدم 6 من قيادات الحركة في طولكرم استقالاتهم من اللجنة التنظيميّة في منطقة بلعا وجميع لجان الانتخابات الفرعية، فيما قدم آخرون استقالاتهم أو اعتذروا عن الترشُّح ضمن القائمة الرسمية، جرّاء تأخُّر طرح أسمائهم.
- وعملت قيادة “فتح” بجدٍ على إخراج “البرغوثي” من لعبة الانتخابات التشريعية، إلّا أنّ جهودها لم تفلح بثنيه عن المشاركة بالانتخابات التشريعيّة، إذ جرى التوافق بين “البرغوثي” و”القدوة” على خوض الانتخابات بقائمة مشتركة “قائمة الحريّة”، سيرأسها “القدوة” تليه زوجة “البرغوثي”، فدوى، ومعهما “جمال حويل” و”أحمد غنيم”، واللواء “سرحان دويكات”، إضافةً إلى ما بين 60 إلى 80 مرشحًا، على أن يجري ترشيح “البرغوثي” للانتخابات الرئاسية.
- وتأتي جهود “فتح” لأنها تعلم أنها تواجه قوائم انتخابيّة قوية، إن كانت قائمة حركة “حماس” (القدس موعدنا)، التي أقرتها الحركة بسرعة وصمت وبلا مشاكل تذكر، حيث ضمت أسماءً ذات وزن وطني وتنظيمي ثقيل، وتقدمها عشرة من كبار الأسرى في “السجون الإسرائيليّة”، أو قائمة “الحريّة”، أضف إلى ذلك تكتُّل داخل الحركة نفسها، ويجمع هؤلاء مناهضتهم لسياسات رئيس السلطة الفلسطينيّة “محمود عباس”، وهو ما أشار إليه “مقبل البرغوثي” شقيق الأسير “مروان”، بالقول إن الرجلين (البرغوثي والقدوة) اتّفقا على إحداث تغيير في بنية النظام، وعلى الأقلّ البنية الفوقية فيه.
- وبفعل حالة الفوضى والخلافات التي رافقت اعداد قائمة “فتح”، ترتفع الأصوات داخل الحركة بإلغاء الانتخابات أو تأجيلها، إذ لم تخلُ تصريحات عدد من القادة من التمهيد لمثل هذا القرار، عبر التذرُّع بموقف “إسرائيل” الرافض لإجراء الانتخابات في القدس وفق تصريحات “عزام الأحمد”. كما قال عضو “اللجنة التنفيذية لمنظّمة التحرير” أحمد مجدلاني المقرّب من “عباس” إن “إسرائيل” أبلغت الاتحاد الأوروبي منع الانتخابات في القدس، واصفًا القرار “الإسرائيليّ” بأنه “عنصري بامتياز”، إلّا أنّ متحدث باسم الاتحاد الأوروبي نفى تلك المزاعم.
- وفي السياق، اختتمت لجنة الانتخابات المركزيّة الفلسطينيّة تسجيل القوائم لانتخاب نوّاب “المجلس التشريعي”، إذ أعلنت اللجنة أن المجموع الكلي لطلبات الترشح المستلمة حتى انتهاء فترة الترشح للانتخابات بلغ 36 قائمة، قبلت اللجنة منها حتى الإعلان 13 وسلمت إشعارات بالقبول، بينما تستمر في دراسة الباقي، ووضعت اللجنة سيناريوهات وبدائل لتمكين المقدسيين من المشاركة في الانتخابات، رغم أنها ممنوعة من العمل في القدس، وذلك باعتبار كل مقدسي مُسجلًا سواء لغرض الانتخاب أو الترشح، والسماح للجميع بالتصويت في مراكز بريد في محيط المدينة في مناطق (تابعة للسلطة) للتسجيل والاقتراع في نفس اليوم، وجاء اعتماد مراكز البريد لتعويض غياب مقرات انتخابية، لكن ذلك قد لا يكون كافيًا إذا قررت “إسرائيل” منع المقدسيين من المشاركة بأي طريقة.
- بموازاة ذلك، تعمل السلطة على تحسين وضعها المالي، وقال رئيس الوزراء “محمد اشتية” إن حكومته ستعمل على استراتيجية للإيرادات الضريبية وسترشّد النفقات، في محاولة لسد فجوة كبيرة في موازنة العام الحالي تصل إلى مليار دولار، بينما تواصل الحكومة العمل على إقرار أول موازنة عادية منذ عامين، حيث قال “اشتية” في مستهل جلسة الحكومة الأسبوعية إن “الرئيس سيصادق على الموازنة بعد أن يُجري مجلس الوزراء النقاش للمرة الثالثة والنهائي لها”، وسط توقعات بفجوة عجز بحوالي مليار دولار، وسبق أن أعلنت الحكومة أن الاقتصاد الفلسطيني انكمش خلال 2020 بنسبة 11.5%، فيما تراجعت المنح المالية بنسبة 33% عن عام 2019، وتراجعت إيراداتها كافة بنسبة 20% نتيجة التحديات التي فرضتها أزمة “كورونا”.
معاناة الضفة المستمرة.
- على الرغم من تأكيد وزارة الخارجيّة الأمريكيّة أنّ “إدارة بايدن” تعتبر بالفعل الضفّة الغربية أرضًا “محتلّة” من قبل “إسرائيل”، وذلك غداة تقرير أصدرته الوزارة وامتنعت فيه عن استخدام هذا المصطلح، إلّا أنّ “إسرائيل” ما زالت ماضية بسياستها الاستيطانيّة، وتوسيع نطاق سيطرتها على الضفة الغربيّة، إذ تؤكد التقارير أن “إسرائيل” تعمل على أكثر من صعيد لاستهداف الضفة الغربية ومنطقة الأغوار، من أجل الوصول في النهاية إلى أراض خالية من السكان الفلسطيني والتجمعات البدوية تحديدًا التي تشكل الحامي الطبيعي للأغوار، وقد تكثفت تلك الاستهدافات أخيرًا لتضييق الخناق على المنطقة وتسريع السيطرة عليها، فيما أكّد الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني أنّ “إسرائيل” تستغل أكثر من 85% من المساحة الكلية للأراضي في فلسطين التاريخية، بينما استغل اليهود في عهد الانتداب البريطاني فقط 1،682 كيلو مترًا مربعًا شكلت ما نسبته 6.2% من أرض فلسطين التاريخية.
- إلى ذلك، ما زالت حملات الاقتحام الواسعة التي تنفذها جماعات استيطانية متطرفة، مستمرة لباحات المسجد الأقصى، وعدة مواقع أخرى في الضفة الغربية، تلبيةً لدعوات جماعات “الهيكل” المزعوم احتفالًا بأحد الأعياد اليهودية، كما اقتحم عدد من المستوطنين قبر يوسف شرق نابلس، وأطراف حي الطيرة وموقعًا أثريًا رومانيًا يعرف باسم “البرج” في بلدة السموع جنوب الخليل، وأدوا “طقوسًا تلمودية” بحماية “الجيش الإسرائيلي”، فيما أغلقت “القوات الإسرائيليّة” منطقة باب الأسباط أمام المواطنين وأعاقت وصول المواطنين الفلسطينيين إلى البلدة القديمة من القدس.
- وفي الأثناء، قمعت “القوات الإسرائيليّة” فعالية لإحياء يوم الأرض في بلدة سبسطية شمال نابلس إلى الشمال من الضفة الغربية، والتي نُظمت إحياء للذكرى الخامسة والأربعين ليوم الأرض، ما أدى لإصابة عدد من الفلسطينيين بحالات اختناق بالغاز المسيل للدموع. كما قمعت “القوات الإسرائيليّة” فعالية اجتماعية وثقافية بمناسبة عيد الأم نظمها نادي جبل الزيتون في القدس.
- وفي سياقٍ متصل، ووسط مواجهات عنيفة مع “القوات الإسرائيليّة” أصيب نحو عشرين فلسطينيًا بالرصاص المطاطي وقنابل الغاز المسيل للدموع والضرب بالهراوات خلال اقتحام تلك القوات منزل الأسير المحرر “مجد بربر” الذي أطلق سراحه بعد قضائه محكوميته البالغة 20 عامًا، حيث أعادت “القوات الإسرائيليّة” اعتقاله ونقلته إلى جهة مجهولة.
مستجدات الوباء العالمي.
- تأتي هذه الأحداث وسط تصاعد الحالة الوبائيّة بفعل “فيروس كورونا”، حيث أكّدت وزارة الصحة تصاعد منحنى الإصابات بشكل كبير في غزة، وتوجه السلطات هناك لفرض مزيد من الإجراءات لمحاصرة انتشار الفيروس، حيث بدأت وزارة الداخلية والأمن الوطني في القطاع تطبيق إجراءات فرضتها للحد من التفشي السريع للفيروس. كما تخضع الضفة الغربية لإغلاق جزئي من السابعة مساءً حتى السادسة صباحًا من الأحد إلى الخميس، ولإغلاق كلي يومي الجمعة والسبت. وتشهد محافظات الضفة أيضًا تصاعدًا في أعداد الإصابات والوفيات، حيث وصلت نسب إشغال المستشفيات ومراكز العلاج 100%.
- وعلى صعيد اللقاحات، كشفت وزيرة الصحة الفلسطينية “مي الكيلة” عن وصول 100 ألف جرعة من لقاح “سينوفاك” الصيني، و25 ألف أخرى من لقاح “أسترازينيكا” البريطاني خلال أيام. يذكر أن هناك انخفاضًا في أخذ عينات “كورونا” في الضفة بسبب إضراب نقابتي التمريض والأطباء. من جانبها، قالت وزارة الخارجية الأمريكية إن إدارة الرئيس “بايدن” قررت منح الفلسطينيين 15 مليون دولار لمساعدتهم في مكافحة “كورونا” في الضفة والقطاع.
- نعت “كتائب القسام” القائد “عمر البرغوثي” (أبو عاصف)، بعد مضاعفات إصابته بفيروس “كورونا”، كاشفةً أنه أحد مؤسسي الكتائب في الضفة الغربيّة، كما توفي القيادي في “حماس”، عدنان أبوتبانة، من مدينة الخليل إثر إصابته بـ”كورونا”.