أوراق سياسية

بانوراما فلسطين – العدد الرابع

غزّة: ما بين التفاهمات والانتخابات!

مرّت الذكرى السنوية الأولى لمسيرات العودة وكسر الحصار دون حدوث مواجهةٍ واسعةٍ ما بين المتظاهرين وقوّات جيش الاحتلال الإسرائيلي المُنتشرة على طول حدود قطاع غزّة، وذلك بعد أن توصّلت فصائل المقاومة الفلسطينية منّ جهة، والاحتلال الإسرائيلي من جهةٍ أخرى لتفاهماتٍ بواسطةٍ مصريةٍ وقطريةٍ ودولية، كان قدّ كشف عنها القياديُ في حركة حماس يحيى السنوار خلال لقاءٍ نظّمته الحركة مع فصائل فلسطينية وشخصياتٍ مجتمعيةٍ بمدينة غزّة.

وفقًا لما صرّح به يحيى السنوار، فقد نصّت التفاهمات على زيادة مساحة الصيد لـ 15 ميلا، وتقليص قائمة المواد «ثنائية الاستخدام»، وهي موادٌ تُستخدم في الصناعات المختلفة، ويدّعي الاحتلال استخدامها في أعمال المقاومة، وتحت هذه الذريعة يمنع توريدها إلى غزّة، وقدّ وصلت نسبة التقليص في قائمة المنع إلى 30%.

كما أكّدت التفاهمات على ضرورة تسريع اجراءات الاستيراد والتصدير، بالإضافة إلى تزويد قطاع غزّة بـ 30 مليون دولار شهريًا لصالح إغاثة شريحة معسوري الحال وتشغيل خرّيجي الجامعات والعاطلين عن العمل حتّى نهاية العام الجاري بتمويلٍ من دولة قطر، وزيادة برامج التشغيل عبر المؤسسات الدولية من خلال توفير 40 ألف فرصة عملٍ لمدّة 6 أشهر.

بالإضافة الى ذلك، فقد تضمّنت التفاهمات توقيع عقد تشغيل محطّة تحليةٍ مركزيةٍ مموّلةٍ منّ جهاتٍ كالمملكة العربية السعودية، ومشروع تطوير مستشفى الشفاء بمدينة غزّة بتمويلٍ منّ دولة الكويت أيضًا، إضافةً لوضع برامج واضحة لإعمار البيوت المهدّمة في القطاع، وتقديم حلولٍ لأزمة الكهرباء، على أن تُطبّق التفاهمات وفقًا لجدولٍ زمنيٍ محدّد.

بموازاة ذلك، فقدّ هاجمت حركة فتح هذه التفاهمات، إذّ صرّح عضو المجلس الاستشاري لحركة «فتح» موفّق مطر، قائلًا أنّ: «التهدئة في غزّة يجب أنّ تكون بقرارٍ فلسطينيٍ شاملٍ… ولجوء حماس إلى الهدنة، لا يأخذ المصالح العليا للفلسطينيين في الاعتبار، ويلبّي مصالح حزبية ضيّقة»، مع تشكيكه بإمكانية استمرار ما نتج عن التفاهمات، خاصة بعد الانتخابات الإسرائيلية.

الضفة الغربية ومساعي الضمّ والحكومة المنتظرة والوحدة الغائبة:

صرّح يسرائيل كاتس العضو البارز في حزب الليكود أنّ عملية تطبيق السيادة على الضفة الغربية وخاصة المستوطنات ستكون على جدول أعمال الحكومة الجديدة بالتنسيق مع الولايات المتحدة، فيما أبدى وزير الخارجيّة الأميركي مايك بومبيو في جلسة استماعٍ أمام لجنةٍ فرعيةٍ في مجلس الشيوخ رفضه حول ما إذا كانت الولايات المتّحدة ستُعارض ضمًّا محتملًا من جانب «إسرائيل» لمستوطنات الضفّة الغربيّة، كما رفض تأكيد دعم واشنطن لإنشاء دولةٍ فلسطينيةٍ.

تأتي هذه الخطوات بعد سلسلةٍ من القرارات التي اتّخذها الادارة الامريكية الحالية تجاه ما يُعرف بقضايا «الحلّ النهائي» والمتعلقة بنقل السفارة، واللاجئين، والجولان. فيما يظلّ من المرتقب أنّ تقدّم الإدارة الأمريكية تصوراتها حول «عملية السلام» بعد تشكيل الحكومة الإسرائيلية في ظلّ انقسام فلسطينيٍ آخذ بالازدياد، وأزمة مالية تعاني منها السلطة في رام الله، وحصار خانق يرزح تحته قطاع غزة.

على صعيد متّصل أعلن رئيس الوزراء الفلسطينيّ المُكلف الدكتور محمّد اشتية عن حكومته الجديدة، والتي تقودها حركة فتح بعد عرضها على الرئيس الفلسطيني محمود عبّاس، في ظلّ مشاركة خمسة فصائل، وهي: حزب الشعب، وجبهة النضال الشعبي، وجبهة التحرير العربية، وجبهة التحرير الفلسطينية، والاتحاد الديمقراطي الفلسطيني «فدا»، اضافة إلى مستقلين وكفاءات من المجتمع المدني، في ظلّ رفض حركتي حماس والجهاد الإسلامي والجبهتان الشعبية والديموقراطية المشاركة في الحكومة.

مّخيم اليرموك وما تبقى من ذاكرة العمل الفلسطيني

وسط أجواء انتخابية اسرائيلية محمومة أفصحت دولة الاحتلال عنّ تسلم رفات الجندي الصهيوني “زخريا باومل“، والذي سقط قتيلًا على أيدي المقاومة الفلسطينية في معارك «السلطان يعقوب» عام 1082، حيث صرّح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أثناء استقبال رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو في موسكو يوم الخميس في الرابع من شهر نيسان الجاري، بأنّ جنودًا روسيين وسوريين عثروا على رفات الجندي الإسرائيلي، وقامت روسيا لاحقًا بتسليمها لـ«اسرائيل»، حيث سبق وأنّ ألمح الناطق باسم وزارة الدفاع الروسية اللواء ايغور كوناشينكوف منذ بضعة أشهر إلى أنّ بلاده تعمل على مساعدة «اسرائيل» في سورية بخصوص قضيةٍ «انسانية».

وبات من الواضح أنّ ورشةً أمنيةً فٌتحت في مخيّم اليرموك في الأشهر القليلة الماضية، وتورّطت فيها جهاتٌ سوريةٌ وفلسطينيةٌ وتسابقت مع الجانب الروسي للوصول إلى رفات الجنود بدوافع وأغراض متعدّدة، فتحت الباب أمام امكانية أنّ يتمّ التعامل بذات الطريقة مع ملفاتٍ أمنيةٍ وسياسيةٍ عدّة، لطالما اختزنتها مخيمات اللجوء الفلسطيني، والتي شكّلت ذات يومٍ بيئةً منيعةً ورافدًا أساسيًا لصمود الشتات الفلسطيني.

واليوم بعد أنّ هُجّرت الغالبية العظمى من سكّانها، يبدو أنّ هنالك مسعى لتفكيك وشطب الملفات التي حافظت عليها بيئة المخيّمات الفلسطينية في الخارج، وطيّ كل معنى للصمود الوطني الذي حملته هذه المخيمات بوجودها المادّي ورمزيتها المعنوية.

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق