أوراق سياسيةتقرير فلسطين
تقرير فلسطين، العدد الثامن
خلاصات تحليليّة.
- تصاعد خلافات داخل حركة “فتح” خاصةً بين “عباس” و”القدوة” بشأن الانتخابات الفلسطينية يدلل على عدم تماسك التنظيم بشكل كامل قبيل الانتخابات الفلسطينية.
- مخاوف “إسرائيلية” من فوز “حماس” في الانتخابات الفلسطينيّة وتبعات ذلك على “إسرائيل” واتفاقية “أوسلو”.
- إدارة السلطة لملف “غاز غزة” بطريقة سرية يُثير العديد من التساؤلات، ويزيد مخاوف الشارع الفلسطيني من الاتفاق الذي جرى التوصل إليه مؤخرًا
- يُدلل حراك السلطة على عقد “مؤتمر دولي للسلام” على وجود رغبة للسلطة لتعزيز التواصل والتفاهم مع “إدارة بايدن”.
جديد الانتخابات الفلسطينية.
- ما زالت الانتخابات العامة الفلسطينيّة تُسيطر على المشهد الفلسطيني، وسط تسارع التطوّرات حول هذا الملف، وتصاعد الخلافات داخل “حركة فتح”، إضافةً لمحاولات “إسرائيليّة” التأثير على الانتخابات عبر ملاحقة واعتقالات لقادة “حركة حماس” في الضفة الغربيّة، وطفت الخلافات “الفتحاويّة” الداخليّة، على سطح المشهد الانتخابي، بشأن تشكيل قائمة موحدة في الانتخابات التشريعيّة القادمة، أو التوافق على مرشح للرئاسة.
- وكان الخلاف الأبرز في الفترة السابقة، بين رئيس السلطة الفلسطينيّة “محمود عباس” وعضو اللجنة المركزيّة للحركة “ناصر القدوة، الذي يسعى إلى تشكيل قائمة للانتخابات القادمة، وتبادل قادة من “مركزية فتح” التهديدات مع عضو اللجنة “ناصر القدوة” لثنيه عن قراره مخالفة قائمة الحركة، لكن “القدوة” ما زال متمسكًا برأيه بتشكيل قائمة “ائتلاف وطني” للمنافسة على خوض الانتخابات التشريعيّة، بالرغم من لقائه الرئيس محمود عباس بحضور أمين سر اللجنة المركزية لـ”فتح” جبريل الرجوب وعضو اللجنة المركزية “حسين الشيخ”، ورئيس جهاز المخابرات العامة “ماجد فرج”، ولم يخرج الاجتماع بأي اتفاق بين القدوة وعباس”، وكشفت مصادر “فتحاوية” أن “عباس” كلف كلًا من “الرجوب” و”فرج” بمتابعة الشخصيات التي تنوي تشكيل قوائم منفصلة، تمهيدًا للتعامل معها، سواءً بالاحتواء أو الفصل.
- وفي السياق، نفت مصادر مطلعة صحة توصل “عباس” إلى اتفاق بينه وبين “القدوة” يقضي بعدم قيام الأخير بتشكيل أو دعم أي قائمة انتخابية للمجلس التشريعي في الانتخابات القادمة، وذلك بعكس ما صرح به رئيس المكتب الإعلامي لمفوضية التعبئة والتنظيم لحركة “فتح” منير الجاغوب، فيما دعا “القدوة” الأسير والقيادي بالحركة “مروان البرغوثي” إلى حسم أمره بسرعة في ما يتعلق بتشكيل قائمة انتخابية لخوض المنافسة على المجلس التشريعي القادم، مؤكدًا دعمه “للبرغوثي” بالانتخابات الرئاسية المزمع عقدها في تموز/يوليو المقبل.
- يتعقد المشهد التنظيمي لـ”فتح” في القدس، بعدما بدا أنه بداية انشقاق داخل إقليم الحركة في المدينة، على ضوء الاحتجاجات المستمرة التي يقوم بها العشرات من كوادر الحركة، الذين يُصرّون على الاستجابة لمطالبهم بإلغاء انتخابات الإقليم التي تمت بالتزكية في وقتٍ سابق، كما أعلن الحراك “الفتحاوي” هذا تكليف قيادته العمل على تشكيل لجنة قيادة عليا للحركة في القدس تمثل كافة المناطق التنظيمية، على أن يتم الإعلان عن أسماء لجنة القيادة لاحقًا وافتتاح مقر لها، كما قرروا العمل والتواصل مع أعضاء اللجنة المركزية للحركة المكلفين بملف الوسط وليس مع أحد سواهم، والتواصل مع كافة قواعد الحركة وقطاعاتها على مستوى الساحة المقدسية لتفعيل دور الحركة ونشاطها في القدس.
- عقدت “اللجنة المركزية لحركة “فتح” برئاسة “عباس” اجتماعًا هامًا لبحث ملف الانتخابات والخلافات الداخليّة، وناقش الاجتماع الأسس التي سيجري على أساسها اختيار مرشحي الحركة لخوض انتخابات المجلس التشريعي القادم، وأكد “عباس” على ضرورة توفير الظروف الملائمة كافة لإجراء الانتخابات الفلسطينية العامة في مواعيدها، مشددًا على أهمية التزام الأطراف المعنية كافة بما تم التوصل إليه من تفاهمات خلال جلسات الحوار السابقة بشأن الانتخابات، كما أكد “عباس” على أهمية تنفيذ ما ورد في المرسوم الرئاسي الذي أصدره قبل أيام لإطلاق الحريات العامة في فلسطين، من أجل تمهيد المناخ الملائم لإجراء الانتخابات العامة.
- بدورها كشفت حركة “حماس” عن تشكيلها لجان خاصة إحداها مركزية برئاسة رئيس الحركة “إسماعيل هنية” للاستعداد للانتخابات رغم استمرار التباين في وجهات النظر حول ملف “الاعتقال السياسي”، بين الحركتين. هذا، فيما تواجه الحركة في الضفة الغربية حملة اعتقالات واستدعاءات “إسرائيلية” تطاول قياديين وكوادر فيها، وسط تخوّف من اعتقالات تشمل كل من ينوي الترشح للانتخابات عنها. واعتقلت “القوات الإسرائيليّة”، القياديين في الحركة “مصطفى الشنار”، المحاضر في جامعة النجاح بنابلس، والصيدلاني “عمر عبدالرحيم الحنبلي”، بعد دهم منزليهما في مدينة نابلس. كما حذرت قيادات أخرى، منها “نايف الرجوب”، من الترشح في الانتخابات البرلمانية المقبلة وهددتهم بالاعتقال.
- وفي شؤونها الداخليّة وتمهيدًا للانتخابات الفلسطينيّة، أنهت “حماس” أولى مراحل انتخاباتها الداخلية التي كانت بدايتها من غزة، وشارك فيها “عشرات الآلاف من أبناء الحركة ممَن لهم حق الاقتراع والترشح” بحسب الحركة، التي قالت أيضًا في تصريح صحفي إن العملية الانتخابية جرت في “أجواء إيجابية ديمقراطية شفافة ونزيهة وإجراءات منظمة”، مبينةً أن الانتخابات أشرفت عليها لجنة انتخابات مركزية، وذلك بموجب النظام الداخلي المعتمد للحركة.
- أعلنت “الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين” وبشكل رسمي عن خوضها الانتخابات التشريعية الفلسطينية القادمة وفق برنامجها السياسي ومواقفها الثابتة والمبدئيّة في صراعها مع الاحتلال، مشددةً على أن قرارها لا يعني أن تكون شريكًا في تكريس اتفاقات أوسلو، ولا غطاء لأيٍ من إفرازاته، وأكد مصدر مطلع أن نسبة التصويت الذي أجرته اللجنة المركزية “للجبهة الشعبية”، وشارك به عناصر وقيادات الجبهة في الضفة وقطاع غزة والمعتقلات ولبنان وسوريا والشتات، كانت لصالح المشاركة في الانتخابات التشريعية القادمة بفارق ضئيل جدًا بالأصوات، مما يعني أن “الجبهة” شهدت نقاشًا حادًا حتى خرجت نسبة التصويت بفارق ضئيل لصالح المشاركة بالانتخابات التشريعية.
- وتماشيًا مع التوافقات التي جرت بين الفصائل في القاهرة، تواصل لجنة الانتخابات المركزية أعمالها لتنقية سجل الناخبين، تمهيدًا لمرحلة النشر وفتح باب الاعتراض، وقال رئيس اللجنة “حنا ناصر” إن لجنة الانتخابات تمكنت من خلال البيانات والأجهزة المتوفرة لديها من معرفة أن بعض الأشخاص تمكنوا من تغيير أماكن الاقتراع لمئات الناخبين، وعالجت اللجنة الموضوع بسرعة فائقة”، بينما أصدر “عباس” مراسيم خاصة بالعملية الانتخابية، اشتملت على تخصيص مقاعد لـ”المسيحيين” وإطلاق الحريات العامة.
- تراقب دولة الاحتلال التطورات الفلسطينيّة فيما يتعلق بملف الانتخابات، خاصةً فيما يتعلق بالمخاوف من فوز “حماس” المتوقع في الانتخابات المقبلة، وتبعات ذلك على الوضع الأمني في الضفة الغربية، وتتابع دولة الاحتلال عن كثب تطورات الانتخابات الفلسطينية وإمكانية أن تصب نتائجها في مصلحة “حماس” ومساعيها للسيطرة على الضفة، لذلك فإن المؤسسة العسكرية تخشى أن يؤدي ترشح “حماس” للانتخابات الرئاسية لكسر شرعية “عباس”، وأن تستغل انقسام حركة “فتح” لتعزيز قوتها، والاستيلاء على مؤسسات السلطة الفلسطينية، وهو أمر خطير من الناحية الأمنية والسياسية لـ”إسرائيل” التي تريد الحفاظ على الاستقرار في الضفة، فمن جهته، قدمت الاستخبارات الإسرائيلية عددًا من السيناريوهات المتوقعة لما قد تحصله “حماس” من نتائج في العملية الانتخابية، وما تعنيه من تقوية فرصتها لزيادة سيطرتها على النظام السياسي الفلسطيني.
اتفاقية الغاز، استمرار تجاهل السلطة للمجتمع.
- وتزامنًا مع الانشغال الفلسطيني بترتيب الانتخابات، أقدمت السلطة الفلسطينيّة على عقد اتفاق مرتبط بغاز قطاع غزة لصالح السلطات المصرية، وهو ما أثار خلافًا بين الفصائل والسلطة حول تَفرُّد الأخيرة بالمقدّرات الفلسطينية، وتوقيعها عقودًا خلال مرحلة التحضير لانتخابات المجلس التشريعي، الذي يُفترض أن يضطلع بمهمة الموافقة على هذا النوع من الاتفاقات، إضافةً لحالة الغموض حول بنود تلك العقود وتفاصيلها، وبهذا الاتفاق تكون السلطة قد قطعت الطريق أمام مساع كانت تقوم بها تركيا للتوصل إلى اتفاق لترسيم الحدود البحرية بينها وبين السلطة الفلسطينية، والحصول على حقوق امتياز تطوير حقل غاز “غزة مارين”. وكشفت مصادر مطلعة أنّ المسؤولين في جهاز الاستخبارات العامة المصرية انخرطوا في اتصالات مع المسؤولين في السلطة، في أعقاب اللقاءات التي جمعت مسؤولين من السلطة بمسؤولين أتراك لبحث الملف.
- وجاء الاتفاق المفاجىء بعد زيارة وزير البترول المصري “طارق الملّا” لدولة الاحتلال، فيما لم تعلن السلطة بنود مذكّرة التفاهم وحجم الاستثمار المصري الجديد في غاز غزة، وهو ما دفع العديد من الفلسطينيين لإعادة تساؤلاتهم السابقة حول ملفّ الغاز، وأحقيّة “الغزّيين” في المشاركة في تقرير مصيره، وتَصدّر هؤلاء عضو المكتب السياسي لـ”حماس” موسى أبو مرزوق، الذي طالب بمعرفة بنود الاتفاق وإشراك أبناء القطاع فيه، وهو قابلته السلطة بهجوم كبير من عضو اللجنة المركزية لـ”فتح” حسين الشيخ، باعتبار أن الاتفاقيات تتمّ بين دول وليس بين دول وفصائل.
المؤتمر الدولي للسلام، فرصة جديدة أم وهم جديد؟
- كشف المندوب الدائم لفلسطين بالأمم المتحدة “رياض منصور” أن المجموعة العربية في المنظمة الدولية بدأت مشاورات مكثفة مع ممثلي الدول الفاعلة، لعقد اجتماع جديد لـ”الرباعية الدولية”، تكون مهمته تيسير “مؤتمر السلام الدولي”، الذي يطالب به “عباس” بدعم من جامعة الدول العربية، للعودة إلى حل الدولتين على أساس حدود حزيران/يونيو 1967، كما وجهت السلطة أول خطاب سياسي للإدارة الأمريكية الجديدة، حددت فيه الاتفاقات الأساسية التي توصلت إليها الفصائل الفلسطينية بما فيها “حماس”، لإجراء انتخابات عامة في الأراضي الفلسطينية، أكدت فيه أن جميع الفصائل ملتزمة بإقامة دولة فلسطينية على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية والمقاومة الشعبية سلميًا، وجاءت الرسالة الفلسطينية كما يبدو استجابةً لطلب توضيحات من إدارة الرئيس الأمريكي “جو بايدن” بخصوص الشراكة مع “حماس” في الانتخابات الفلسطينية، ولم تعقب الإدارة الأمريكية ولا السلطة فورًا على التقرير، لكن مصدرًا مطلعًا قال إنه لا خوف ولا قلق من خلاف أو صدام حول هذه المسألة، لأن الانتخابات تجري تحت مظلة “منظمة التحرير”، والمنظمة ملتزمة بكل الاتفاقات، وأي حكومة يتم تشكيلها ستتشكل وفقًا لذلك.
- بالمقابل، قوبلت الرسالة بانتقادات من قبل الفصائل الفلسطينية، وتحديدًا “الجهاد الإسلامي” و”الجبهة الشعبية”، التي أكدت حق الشعب الفلسطيني بأرضه كاملةً، وكانت مصادر في “اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير” أكدت صحة الرسالة التي لم يصدر أي نفي “فتحاوي” حولها، وتداولتها المواقع المحسوبة على السلطة.
- وفي سياق متصل، باشرت السلطة سلسلة لقاءات مع مندوبين عن كافة الأحزاب “الإسرائيلية” اليمينية، في محاولة لـ”إقناعها بتضمين برامجها الانتخابية موضوع القضية الفلسطينية وتسوية الصراع وإنهاء الاحتلال”، ونشرت صحيفة “يديعوت أحرونوت” أن “منظمة التحرير” تجري محادثات سرية تتعلق بالانتخابات “الإسرائيلية” الوشيكة حول إمكانية دعمها لحملة “نتنياهو”، من خلال أنشطة متنوعة لدى الفلسطينيين في الداخل وتشجيعهم على دعم “الليكود” أو على الأقل عدم دعم القائمة “المشتركة”.
الضفة، ضياع الأرض المستمر.
- تواصلت الهجمات الاستيطانية في أكثر من موقع في الضفة الغربية، وفق المخططات الاحتلالية الرامية للسيطرة على مساحات جديدة من أراضي الضفة، وأكّد الخبير الفلسطيني المختص بمتابعة شؤون الاستيطان “خليل تفكجي” أنه لم يفاجأ بإعلان “إسرائيل” عن البدء قريبًا بتنفيذ مشروع “E.1” الاستيطاني، القاضي ببناء أكثر من عشرة آلاف وحدة استيطانية إلى الشرق من مدينة القدس، مبينًا أن “إسرائيل” أنجزت فعليًا كامل البنية التحتية لهذا المشروع، لكنه لم يباشر بعد البناء الاستيطاني.
- وفي السياق، ينشط “الصندوق القومي اليهودي” لتسجيل أراضي الفلسطينيين في الضفة الغربية والقدس، باسمه، لتكون ملكية هذه الأراضي لليهود فقط، وليس لـ”الدولة”. هذا القرار “المبدئي” أعلن عنه صراحة “الصندوق” خلال شهر شباط/فبراير الحالي، وهو الاستحواذ على أراضٍ فلسطينية في الضفة بهدف الاستيطان، ما دفع رئيس الوزراء الفلسطيني “محمد اشتية” إلى إعلان العزم عن مقاضاة “الصندوق” أمام المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي.
- وفي الأثناء، اقتحمت مجموعات من المستوطنين باحات المسجد الأقصى، وقاموا باستفزاز المصلين وتجولوا في عدة مناطق، واستمعوا لشروحات حول “الهيكل” المزعوم. كما اعتقلت “القوات الإسرائيليّة” 15 فلسطينيًا على الأقل بينهم أسرى محررون، وذلك عقب مداهمات لمناطق متفرقة من الضفة.
مستجدات الوباء العالمي “كورونا”.
وفي مستجدات تفشي “فيروس كورونا”، حذر “اشتية”، من موجة جديدة من فيروس “كورونا”، بسبب تصاعد مؤشر الإصابات مجددًا، فيما شرعت وزارة الصحة في غزة بتطعيم كوادرها الطبية التي تتعامل بشكل مباشر مع المصابين، كخطوة أولى نحو توسيع العملية لتشمل فئات جديدة خلال الفترة المقبلة، بعد وصول دفعات جديدة من اللقاحات. يذكر أنه وصلت نحو 20 ألف جرعة من لقاح “سبوتنيك-في” الروسي، مقدمةً من الإمارات إلى القطاع عبر معبر رفح الحدودي، في حين وصلت الدفعة الأولى من اللقاحات من رام الله، بتنسيق مع وزارة الصحة هناك، وقد احتوت على ألفي جرعة من لقاح “سبوتنيك-في”.