أوراق سياسية
بانوراما فلسطين – غزة بين الصفقة والتصعيد
العدد العشرون، ويغطي الفترة الواقعة ما بين ٢٤ ابريل وحتى ٢ مايو.
خلاصات تحليليّة:
- تخوف “إسرائيلي” من إشعال الوضع الأمني في الضفة الغربيّة إثر الخطوات “الإسرائيليّة” بفرض السيادة على الضفة وضم الأغوار
- توقعات بتقدم في ملف التفاهمات في قطاع غزة مقروناً بتقدم في ملف صفقة التبادل.
- ما زالت منظمة التحرير وبضغط من حركة فتح تمنع صرف المخصصات المالية للجبهة الشعبية.
- بعض القطاعات الاقتصادية بدأت بالتمرد على اجراءات محاربة وباء كورونا في الضفة الغربية.
خطوات ضم الضفة الغربية والعجز الفلسطيني.
- اعتبر وزير الخارجية الأمريكي، مايك بومبيو، أن تنفيذ إجراءات الضم قرارٌ يعود اتخاذه إلى الحكومة “الإسرائيلية” الجديدة، وذلك في تصريحات تعبر عن دعمه العملي لهذه الخطوة وفي إشارة لبدء العد التنازلي لخطوة الضمّ بمباركةٍ أمريكية كاملة، بدوره، عبّر “نتنياهو” عن ثقته في أن الولايات المتحدة ستمنح “تل أبيب” موافقتها خلال شهرين، للمضي قدمًا في الضم الفعلي لأجزاء من الضفة.
- وأمام هذا الواقع والاصرار “الإسرائيلي” على خطوات الضم، تواصلت اتصالات السلطة الفلسطينية، الرامية لمواجهة المخطط، بالحراك السياسي والدبلوماسي والتصريحات السياسيّة فقط، دون اللجوء على خطوات عمليّة، كانت قد هددت بها السلطة في وقتٍ سابق، بوقف التنسيق الأمني مع “إسرائيل”. وفي هذا الصدد، من المقرر أن يعقد رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، اجتماعات اللجنتين التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، والمركزية لـ”حركة فتح”، لبحث أخطر التطورات السياسية، لمواجهة مخطط “إسرائيل” لضم مستوطنات الضفة، ووضع إستراتيجيات مواجهة حكومة الضم في “إسرائيل”. بدوره، أكد أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، صائب عريقات، على الرفض القاطع لمخطط الضم “الإسرائيلي” بجميع أشكاله، وذلك خلال اتصال مع وزير خارجية الجبل الأسود (مونتينيغرو)، سردجان دارمانوفيتش، أطلعه خلاله على آخر المستجدات حول مخططات “الحكومة الإسرائيليّة” لإعلان الضم وتوسيع الاستيطان، والأوضاع في الأراضي الفلسطينية.
- توازيًا، أجرى رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، إسماعيل هنية، اتصالات مع كل من “عباس” وأمير قطر، تميم بن حمد، والأمين العام لجامعة الدول العربية، أحمد أبو الغيط، جرى خلالها بحث عدة ملفات، أبرزها التصدي للمخطط “الإسرائيلي” لتنفيذ “صفقة القرن”. واعتبرت حماس أنّ إصرار الولايات المتحدة على مواقفها الداعمة لسياسة “إسرائيل”، مشاركة فعلية في العدوان على الشعب الفلسطيني. من ناحيتها، أكدت قيادة القوى الوطنية والإسلامية أن الإعلان عن التوصل لتشكيل “الحكومة الإسرائيلية” الجديدة، التي تستند إلى برنامج يرتكز على الضم والتصعيد والعدوان ضد الشعب، وشرعنة المستوطنات ومصادرة الأراضي في الحرم الإبراهيمي الشريف بالخليل، تتطلب سرعة التصدي لسياسات هذه الحكومة.
- وفي الأثناء، يبدي “الإسرائيليون” تخوفهم من إشعال الوضع الأمني مع الفلسطينيين، معتبرين أنّ الخطوات المتزايدة حول ضم المستوطنات وغور الأردن والضائقة الاقتصادية الفلسطينيّة، كلها دوافع حوافز كفيلة بإشعال الشارع الفلسطيني، على الرغم من مساعي “الجيش الإسرائيلي” وجهاز الأمن العام “الشاباك” لتعزيز قواتهما في الضفة الغربيّة. حيث تتزايد المخاوف “الإسرائيلية” من ارتفاع عدد العمليات الأمنية (الطعن والدهس) ضد المستوطنين “الإسرائيليين”، بعد عملية الطعن التي نفذها شاب فلسطيني في منطقة كفار سابا بالداخل. وتتوقع شرطة الاحتلال حدوث المزيد من العمليات الأمنية بالداخل خلال شهر رمضان.
- وبموازاة ذلك شنّت قوات الاحتلال حملة دهم طالت العديد من مناطق الضفة الغربية، تخللها اعتقال عدد من المواطنين بينهم أطفال، في ظل حالة الغليان الشعبي الرافضة لمخطط الاحتلال فتح المسجد الأقصى أمام اقتحامات المستوطنين، في وقت نفذت فيه عدة هجمات استيطانية، وأنذرت بهدم منشآت زراعية، فيما اعتدت على مصلين حاولوا إقامة صلاة التراويح على مقربة من المسجد الأقصى المغلق، بسبب الترتيبات الاحترازية لمنع تفشي “فيروس كورونا”، كما اعتقلت الشرطة “الإسرائيلية” أربعة شبان فلسطينيين من مدينة القدس. فيما وجّه جهاز المخابرات “الإسرائيلي” تهديدًا شفويًا لخطيب المسجد الأقصى، الشيخ عكرمة صبري، بعد مداهمة منزله، إثر تلويح الشيخ بإعادة فتح أبواب المسجد الأقصى، في حال إقدام شرطة الاحتلال على السماح للمستوطنين باقتحام المسجد مجددًا.
قطاع غزة: ما بين الصفقة والتصعيد.
- بعد تأخر لأسابيع، تشي التطوّرات الأخيرة بحدوث انفراجات وتقدم في مباحثات تبادل الأسرى مع حركة حماس، إذ تتواصل مباحثات المستويين السياسي والعسكري في “إسرائيل” لبلورة خطّة لصفقة تبادل، بالإضافة إلى تقديم “حزمة مساعدات إنسانيّة واسعة” للقطاع في محاولة للدفع بالصفقة قدمًا. وترجّح تقديرات في “تل أبيب” وقطاع غزة على السواء، ازدياد فرص نجاح صفقة تبادل الأسرى بين المقاومة والاحتلال، وبحسب تلك التقديرات، عزّز هذا المنحى الاتفاق على تشكيل حكومة وحدة في “إسرائيل” مؤخرًا. كما عقد “نتنياهو” اجتماعًا للمرة الأولى للجنة الوزارية المسؤولة عن ملف “الأسرى والمفقودين” لمناقشة الاتصالات مع حماس حول صفقة التبادل. توازيًّا، أفادت مصادر “إسرائيليّة” بأنّ “يارون بلوم” منسق “ملف الأسرى والمفقودين” من قبل “الحكومة الإسرائيليّة” قد أبلغ عائلات الجنديين “هدار غولدن” و”شاؤول آرون”، أنّ الحكومة تجري اتصالات عبر وسطاء مع حركة حماس لاستعادة الجنود والمواطنين المفقودين. من جانبها، كشفت مصادر أمنيّة “إسرائيليّة” أن هناك تقدمًا معينًا طرأ في صفقة تبادل الأسرى مع حماس، مؤكّدة وجود “فجوات كبيرة” حول إبرام الاتفاق مع الحركة.
- وعلى حدود قطاع غزة، نفذ “لواء المظليين” في “الجيش الإسرائيلي” مناورة على طول الحدود، تحاكي تسلّل خليّة مسلّحة من غزة إلى مستوطنات الغلاف لتنفيذ هجوم داخلها خلال أزمة “كورونا”. وأثناء تنفيذ “الجيش الإسرائيلي” للمناورة أطلق الاحتلال النار تجاه خمسة فلسطينيين اقتربوا من المنطقة الحدودية، ما أدى إلى إصابة أحدهم بجراح طفيفة. هذا، في حين لوحظ انتشار مكثف لطائرات الاستطلاع “الإسرائيلية”، فيما لفتت مصادر في المقاومة إلى خشية لدى الاحتلال من عمليات إطلاق صواريخ لتوتير الأوضاع في المناطق الحدودية. هذا، وأطلقت قوات “الجيش الإسرائيلي” قنابل الغاز المسيّل للدموع صوب المزارعين العاملين شرق محافظة خانيونس، اضافةً لشنها هجومًا على صيادي غزة، فيما توغّلت آليات عسكرية “إسرائيلية”، لعشرات الأمتار شرق مدينة غزة، حيث قامت بأعمال تجريف ووضعت سواتر ترابية.
- وتزامنت هذه التحركات مع عودة جزئية لإطلاق البالونات المفخّخة تجاه “غلاف غزة”، كما تشير وسائل إعلام العدو لرصد انطلاق حوامة قادمة من وسط القطاع اخترقت الأجواء فوق المواقع العسكرية شرق غزة، فيما تمكن نشطاء من المقاومة الفلسطينية من السيطرة على طائرة استطلاع “إسرائيلية” بدون طيار بعد سقوطها في منطقة وسط قطاع غزة.
- وفي هذا الصدد، تبدي الأوساط الأمنية “الإسرائيلية” قناعة بأن ترتيبات المرحلة القادمة بين غزة و”إسرائيل” ستشهد نقلة نوعية، لأن “نتنياهو” بات أقوى بعد تشكيل الحكومة، وتردده في الملفات العالقة مع حماس قد يحسمها بالاتفاق مع “غانتس”، مثل إبرام اتفاق تهدئة طويل الأمد مع غزة مقابل الحصول على ضمانات بعدم تطوير حماس قدراتها العسكرية، ما يفتح الباب أمام ملف إعادة الجنود “الإسرائيليين” الأسرى لدى حماس.
الجبهة الشعبية ومحاولات الضغط المالي والإعلامي.
- شنت “الجبهة الشعبيّة لتحرير فلسطين” هجومًا عنيفًا على قيادة منظمة التحرير و”حركة فتح” بعد توقف مخصصاتها المالية، وتصاعدت حدّة الخلافات بين “الجبهة الشعبية” و”فتح”، مع إصدار بيانات حادّة من الجانبين. وبينما اتهمت “الشعبية” “فتح” بـ”ابتزازها سياسيًا في محاولة إخضاعها، والضغط عليها أمنيًا”، عبر الاستمرار في تجميد مخصصاتها المالية بشكلٍ كامل، باعتبارها أحد الفصائل الفلسطينية في منظمة التحرير، لمدة تزيد عن عامين ونصف العام، ورفضت “فتح” الاتهامات الموجهة إليها، واتهمتها بالحصول على تمويل أجنبي من دول إقليمية تعمل على إنشاء بديل عن منظمة التحرير.
- وأمام تصاعد هذه الخلافات، اتهمت “الجبهة” المخابرات الفلسطينيّة بالتنسيق الأمني مع “إسرائيل” لملاحقة قيادات “الجبهة الشعبيّة”. وفي هذا السياق، كشفت مصادر داخل “الجبهة الشعبية” أنّ الهجمة التي تشنها مخابرات السلطة الفلسطينيّة ضد كوادر وقيادات “الجبهة” وصلت مستويات خطيرة، تصل إلى حدّ التنسيق الأمني مع “إسرائيل” وتبادل دوري للمعلومات حول جميع القضايا التي تخصّ “الجبهة” سواء على مستوى بنيتها وهيكليتها التنظيمية، أو قيادتها الرديفة التي تقود التنظيم في الضفة الغربيّة بعد الاعتقالات الواسعة التي أقدمت عليها “إسرائيل” بحقّ قيادات وكوادر وازنة، خاصة بعد “عملية بوبين”. وأوضحت المصادر أنّ قيادة “الجبهة” تضع مقترحات للتعامل مع سلوك المخابرات العامة، منها قطع العلاقات مع قيادة “حركة فتح”، اضافةً إلى وقف الاتصالات مع قيادة “منظمة التحرير”، والتوقف عن حضور الاجتماعات التي تشارك فيها قيادة “فتح”.
تطورات أوضاع فيروس كورونا.
- على صعيد تداعيات أزمة “كورونا”، لا تزال مناطق الضفة الغربية، تسجل إصابات جديدة بـ”فيروس كورونا”، في وقت أظهرت فيه الفحوصات التي أجريت لدفعات العائدين مؤخرًا لقطاع غزة من مصر، عدم وجود إصابات جديدة في صفوفهم، وسط تأكيدات من المسؤولين بضرورة استمرار المواطنين في اتخاذ كافة الإجراءات اللازمة للوقاية من المرض، محذرين من التراخي خاصة في شهر رمضان. وقد أعلنت وزير الصحة، مي كيلة، عن تسجيل 11 إصابة جديدة بـ”فيروس كورونا”، ما يرفع إجمالي الإصابات في فلسطين إلى 495 إصابة، مشددةً على أهميّة الالتزام بإجراءات الوقاية، ووضع الكمامات والكفوف أثناء التواجد خارج المنزل وفي الحيز العام، مشيرةً إلى أن الجائحة متواصلة طالما أن العالم لم يكتشف لقاحًا خاصا بالفيروس. وضمن خطة تطبيق إجراءات الطوارئ، خاصة في شهر رمضان، أُعلن عن تشديد الإجراءات على كافة الحواجز داخل الضفة ومنع الحركة تمامًا، بعد الساعة السابعة مساءً وحتى السابعة صباحًا، باستثناء الطواقم الطبية والحركة التجارية ومن يملك تصريحًا. فيما سمحت الجهات الحكومية في غزة بفتح المطاعم والمقاهي في القطاع وفق إجراءات احترازية.
- وفي شأنٍ آخر، أثار قراران بقانون معدل لقانون التقاعد العام رقم 12 لسنة 2020، غضبًا كبيرًا بين المواطنين، حيث رفع القراران امتيازات الوزراء ومن هم بدرجة وزير وأعفاهم من رسوم التقاعد، بينما تتحدث الحكومة عن التضامن والتقشف وعجز الموازنة بسبب جائحة “كورونا”، وبينما يعيش المواطن حالة من التدهور الاقتصادي، يذكر أن رئيس السلطة أصدر في وقت متأخر قرارًا بإلغاء هذه القرارات.
- يأتى ذلك في ظل تحذيرات من انهيار اقتصادي محتمل في الضفة، حيث كشف اقتصاديون أن أكثر من 70% من عمليات التبادل التجاري المحلي، تتم من خلال الشيكات الآجلة والتي تمتد لفترة قد تصل إلى ثلاث سنوات، وأن أكثر من 60% من الشعب الفلسطيني غارق في الديون والقروض من البنوك ومؤسسات الإقراض، حيث بلغت نسبة الشيكات المرتجعة بسبب حالة الطوارئ أكثر من 85%، خاصةً بعد تعطيل دور القضاء والقانون لتحصيل الديون والشيكات المرتجعة. كما أسهم قرار الحكومة بالسماح بإرجاع الشيكات بحماية قانونية، في تفاقم الأزمة وحرم صاحب الشك من أحقية المطالبة به في هذه الظروف، ما أدى لاستغلال ذلك بشكل سيئ.
- إلى ذلك، وصلت حالة التململ إلى القطاعات المجتمعية كافة، حيث بدأت طبقة العمال في الداخل كسر قرارات وقف العمل. وأشارت مصادر محلية إلى أن نشاط تهريب ودخول العمال من فتحات الجدار عاد كالمعتاد. كما أفادت وسائل الإعلام العبرية بأن حكومة الاحتلال صادقت على دخول 80 ألف عامل فلسطيني للعمل بمناطق الداخل، بعد موافقة “الشاباك” ومجلس الأمن القومي.