أوراق سياسية

بانوراما فلسطين – الضفة الغربية تنتظر المجهول!

العدد التاسع عشر، ويغطي الفترة الواقعة بين ١٦ ابريل وحتى ٢٤ ابريل.

خلاصات تحليليّة:

1. اتفاق “نتنياهو” – “غانتس” يُطلق يد “إسرائيل” بتطبيق “صفقة القرن” وسيسرِّع إجراءات ضم الأغوار، وسط لامبالاة بحقوق الفلسطينيين

٢. تخوف الاستخبارات “الإسرائيليّة” من تبعات ضم الأغوار على مستقبل أمن “إسرائيل”، كونها ستُشكل خطرًا على مصير “الإسرائيليين”، وربما لا تقوى “إسرائيل” على مواجهة تبعاتها

٣.  مبادرة حماس لم تلقى حركًا جديًا وحقيقيًا من قبل “إسرائيل”

ضم الضفة الغربية المشترك الوحيد ما بين الأحزاب الإسرائيلية.

  • في الوقت الذي تتواصل فيه الأزمة السياسيّة في “إسرائيل”، اتفق قطبي الكُتل الكبيرة على سياسة ضم المستوطنات والأغوار، وإقرار الاستيلاء على أراضي الحرم الإبراهيمي في مدينة الخليل، جنوبي الضفة الغربية. وحدد الاتفاق الذي توصل إليه رئيس “الحكومة الإسرائيليّة”، بنيامين نتنياهو، وزعيم تحالف “كاحول لفان”، بني غانتس، الأول من تموز/يوليو موعدًا لعرض مقترح القانون لفرض السيادة “الإسرائيلية” على مناطق في الضفة الغربية، بعد التشاور مع الولايات المتحدة، وبعد إتمام عمليات ترسيم الحدود للجنة الأمريكية – “الإسرائيلية” المشتركة. وتعهد “نتنياهو” أثناء المفاوضات المكثفة مع “غانتس” بفرض “السيادة الإسرائيلية” على غور الأردن، موضحًا أنه ينوي ضم مستوطنات تشكل 90% من غور الأردن، دون القرى أو المدن العربية مثل أريحا.
  • وتأتي هذه الاتفاقية لتُطلق يد الحكومة المقبلة لتطبيق خطة “صفقة القرن”، إذ تعتزم “الحكومة الإسرائيليّة” الربط بين مستوطناتها في مدينة القدس عبر مد خط سكة حديد للقطار الخفيف، وتكثيف البناء الاستيطاني بنسبة كبيرة، وجذب مزيد من المستوطنين عن طريق توسيع بناء المنازل الاستيطانية. وأمام هذا الاتفاق، حذرت أصوات “إسرائيلية” لاسيما من الجنرالات العسكريين والأمنيين، من هذه الخطوة، لأنها ستشكل خطرًا على مصير “الإسرائيليين”، وربما لا تقوى “إسرائيل” على مواجهة تبعاتها. كما أن أي خطوة تترك خلفها أسئلة “إسرائيلية” دون إجابات، ومنها: هل تهدد اتفاقيات التسوية مع الفلسطينيين؟ وما مدى إمكانية حصول تدهور أمني معهم؟ وما مستقبل التنسيق الأمني مع السلطة؟ وما مدى احتمالية اضطرار تجنيد الاحتياط في صفوف الجيش؟ وماذا لو تدحرجت الأمور باتجاه عودة “إسرائيل” للتحكم بملايين الفلسطينيين؟
  • بدورها، صعدت رئاسة السلطة الفلسطينية من لهجتها ضد اتفاق ضم الأراضي، مهددةً باتخاذ قرارات وإجراءات هامة في حال حدوث أي ضم لأي جزء من أراضي دولة فلسطين، محذرةً الحكومة “الإسرائيلية” من تنفيذ سياسة الضم، سواءً في الأغوار أو أي مناطق أخرى، لأن مثل هذه القرارات ستؤدي إلى نتائج كارثية وستجر المنطقة إلى حافة الهاوية. ونددت بالموقف الأمريكي الداعم لهذه الخطط التي تخالف القانون الدولي، كما بعث رئيس السلطة الفلسطينيّة، محمود عباس، رسائل واضحة لأعضاء مجلس الأمن، والأمين العام للأمم المتحدة، وأعضاء الرباعية الدولية، يطلعهم فيها على خطورة هذه القرارات حال تنفيذها، وأن الرد الفلسطيني سيكون قويًا. توازيًّا، من المقرر أن يطلب “عباس” من الرئيس الروسي “فلاديمير بوتين” العمل على عقد “مؤتمر سلام”، يلزم “إسرائيل” بتنفيذ القرارات الدولية ذات الصلة بالقضية الفلسطينية، ضمن المساعي السياسية الرامية لوقف المخطط الأمريكي “الإسرائيلي”، لضم مستوطنات الضفة الغربية.
  • من جانبها، أكدت قيادة القوى الوطنية والإسلامية، أن الاتفاق “الإسرائيلي” الأخير، يتطلب سرعة التصدي لسياسات هذه الحكومة، كما يتطلب ترتيب وضعنا الداخلي وإنهاء الانقسام واستعادة وحدتنا الوطنية والدفاع عن أراضينا والتصدي لسياسة هدم البيوت والاقتحامات والاعتقالات اليومية التي تجري في إطار فرض سياسة العقاب الجماعي والتطهير العرقي. واعتبرت حركة حماس أن قرار “إسرائيل” مصادرة أراضٍ وقفية في الحرم الإبراهيمي بالخليل يمثل “خطوة خطيرة”، مؤكّدةً أنّها لن تقف مكتوفة الأيدي أمام هذه الجرائم التي تمس مقدساتنا وحقوقنا. من ناحيتها، دعت حركة “الجهاد الإسلامي” إلى التوافق على رؤية وطنية تتصدى للقرار “الإسرائيلي” بضم الأغوار والمستوطنات، معتبرةً أنّ الخيار الوطني لمواجهة الإرهاب الصهيوني ومخطط ابتلاع الضفة، يتمثل في استعادة الوحدة وتمتين الروابط والتوافق على رؤية وطنية مع ترتيب الأولويات.

بالرغم من الوباء العالمي الاعتداءات الإسرائيلية مستمرة.

  • في غضون ذلك، صعد الجيش الإسرائيلي  من اقتحاماته لمناطق الضفة الغربية، بالرغم من حالة الطوارئ القائمة، إذ نفذت عدة اعتداءات، نجم عنها اعتقال مواطنين، وإصابة آخرين بجراح، كما اقتحمت منازل عدد من الشباب المسيحيين في القدس، وسلمتهم مخالفات مالية، بحجة الاحتفال بتوزيع النور المقدس في “سبت النور”، فيما شنت تلك القوات عدة هجمات على حدود قطاع غزة. كما أُصيب فلسطيني بجراح والعشرات بحالات اختناق خلال مواجهات اندلعت بين عشرات الفلسطينيين، والقوات “الإسرائيلية”.
  • بالتزامن مع هذه الاقتحامات، استشهد فلسطينيان أحدهما بعد استهدافه بإطلاق نار مباشر، عقب تنفيذه عملية دهس وطعن ضد جندي من “الجيش الإسرائيلي”، على أحد الحواجز العسكرية بالضفة الغربية، فيما استشهد الثاني وهو أسير في أحد “السجون الإسرائيليّة”، حيث تعم حاليًّا أجواء الحزن والغضب كافة السجون.
  • من جهة أخرى، أخلت أجهزة أمن السلطة الفلسطينية قواتها من بلدات فلسطينية في أطراف القدس، والواقعة وراء جدار الفصل العنصري لكنها تابعة لنفوذ بلدية الاحتلال. وجاء ذلك بعد تبليغها بالقرار من قبل قيادة التنسيق والارتباط “الإسرائيلية”. وعلى حدود غزة، أنشأ جيش الاحتلال 12 موقعًا متنقلًا، استجابةً  لتداعيات فترة “كورونا”.

ملف صفقة التبادل: لا جديد لدى اسرائيل.

  • بموازاة ذلك، لم تلقى مبادرة  حركة حماس حول ملف الأسرى، حركًا جديًا وحقيقيًا من قبل “إسرائيل”، على الرغم من موافقة “رئيس الوزراء الإسرائيلي”، بنيامين نتنياهو، على بدء مفاوضات عبر الوسطاء للتباحث بشأن مبادرة الحركة، التي أبدت استعدادها لتقديم مقابل جزئي للإفراج عن أسرى فلسطينيين. وفي هذا السياق، كشف رئيس المكتب السياسي لـ”حماس”، إسماعيل هنية، أنّ “كتائب القسام” لديها أربعة أسرى من جنود الاحتلال، وأنها مستعدة لمفاوضات غير مباشرة لإجراء صفقة تبادل أسرى، لافتًا إلى تلقي الحركة اتصالات من وسطاء حول مبادرتها، وأضاف أن بعض الأطراف والوسطاء اتصلوا بالحركة، واستوضحوا حول الآفاق التي يمكن التحرك بشأنها.
  • مبادرة حماس غير المسبوقة، ورد الفعل “الإسرائيلي” تؤكّد أنّ المفاوضات ما زالت في بداية طريق معقد قد لا تؤدي إلى إتمام صفقة لتبادل الأسرى، فالفجوات بين الطرفين متباعدة، و”إسرائيل” تدعي أن الحركة لا تحتجز جنودًا أحياء، بل تحتفظ بجثثهم، وهي رواية تسوقها أمام أهاليهم، وتعتبرها ذريعة لتأجيل المفاوضات. وتُعتبر موافقة “نتنياهو” المبدئيّة على بدء المفاوضات، اختبار للتأكّد من المعلومات الاستخباراتيّة لديه بشأن حالة الجنود الأسرى. وهنا سيكون الجانبان أمام اختبار جدي، فإن تأكدت رواية “إسرائيل” بشأن مصير جنودها، فستبقى الطرف الأقوى في المفاوضات، لأنها تستطيع مقايضة استعادة جثامينهم بتسهيلات اقتصادية لغزة، أو الإفراج عن عدد محدود من كبار السن وأصحاب المؤبدات العالية. أما إن ثبت العكس، أي أن الجنود أو بعضهم ما زالوا أحياء لدى حماس، فسيشكل هزة سياسية غير مسبوقة للمؤسسة الأمنية والسياسية والعسكرية “الإسرائيلية”، وحينها ستضطر الحكومة لتقديم تنازلات كبيرة للحركة، لأن مطالب عائلاتهم سيكون لها رصيد شعبي كبير، ولن يكون الحديث عن جثامين أو جثث ذا جدوى، بعد أن دأبت الحكومة على ترديده طوال السنوات الماضية.

تطورات فيروس كورونا في فلسطين.

  • وفي أزمة “فيروس كورونا”، ارتفع عدد المصابين بالفيروس في القدس وضواحيها والضفة الغربية وقطاع غزة، إلى 474 إصابة، بعد تسجيل إصابة لسيدة من بلدة كفر عقب شمال القدس. هذا وينتظر المواطنون وأصحاب الأعمال في الضفة بدء الحكومة الفلسطينية تطبيق خطة، لتخفيف القيود المفروضة هناك، للحد من انتشار الفيروس، والتي تشمل التدرج في خطوات التخفيف، بينما تواصلت الإجراءات الوقائية في غزة، والتي شملت تمديد إغلاق المساجد في شهر رمضان.
  • وفي خطوة ذات دلالات سياسية، أعلن السفير الأمريكي لدى الاحتلال، ديفيد فريدمان، أنّ الولايات المتحدة ستقدِّم خمسة ملايين دولار للفلسطينيين، لمساعدتهم في مكافحة وباء “كورونا”. ومع أن السياق الذي جاء فيه القرار يُفترض أن يكون لاعتبارات إنسانية، إلا أنه لا يخلو من الدلالات السياسية، وقد تعنى هذه الخطوة تفهُمًا ضِمْنيًا أمريكي لموقف السلطة، أوتجاوُزًا جزئيًا لتداعيات الأزمة بينهما.
  • وفي ظل هذه الأوضاع، أعلنت وكالة “الأونروا” في القطاع أنها تستطيع تقديم “الخدمات الأساسية” حتى نهاية الشهر الجاري، لكنها قد تلجأ إلى “قرارات صعبة” أكثر من إجراءات سابقة اتخذتها. ووفقًا للمعلومات، وصل العجز المالي إلى مليار و65 مليون دولار من أصل مليار و400 مليون، هي إجمالي الموازنة العامة المقرة لـ2020، لتكون هذه الأزمة هي “الأصعب” على الوكالة منذ إنشائها عام 1949.
  • وفي هذا الإطار، تواصلت الانتقادات للسلطة الفلسطينية لتهميشها للقطاع، وحرمانه من حصته في التبرعات والمساعدات، خصوصًا مع تنامي القلق من تفشي الفيروس، بينما تنفي الحكومة الفلسطينية تلك الاتهامات. ويقول مسؤولون ومختصون في غزة إن القطاع لم ينل شيئًا من المساعدات التي وصلت للسلطة في الضفة منذ بدء الحديث عن “كورونا”. ومع إنشاء السلطة صندوق “وقفة عز” بمرسوم رئاسي لجمع التبرعات لمساندة جهود الحكومة في رام الله، بدا أن الاتهام أكثر دقة، مع تجاهل الصندوق الوضع الكارثي في غزة، وخلو أعضاء مجلس إدارته من أي شخصية من القطاع.
اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق