أوراق سياسية

بانوراما فلسطين – العدد الأوّل

فلسطين ومصر: عودة المفقودين، وجولة خارجيّة مُنتَظَرة، ومصالحة آخذة في الابتعاد   

عاد رئيسُ حركة المقاومة الإسلاميّة “حماس” إلى قطاع غزّة بعد زيارةٍ لمصر استمرّت ثلاثة أسابيع، التقى خلالها عدداً من الشّخصيات المصريّة، على رأسها اللواء عباس كامل وزير المخابرات العامّة المصريّة، وشيخ الأزهر أحمد الطيّب، وعدداً من الشّخصيات السّياسيّة والاعتباريّة. أسفرت الزيارةُ عن إطلاق سراح الشّبان الأربعة المعتقلين في مصر منذ أغسطس/ آب 2015، بالإضافة إلى إطلاق سراح أربعةٍ آخرين من المعتقلين في سجون الدولة المصريّة. وبالتوازي مع هذه الزيارة، لا يزال العملُ جارياً في معبر رفح البريّ بالرغم من مغادرة موظفي السّلطة الفلسطينيّة، كما استؤنفت رحلاتُ العمرة من قطاع غزّة بعد انقطاع لأكثر من خمس سنوات.

بموازاة ذلك، لا تزال الجولةُ الخارجيّةُ لرئيس حركة “حماس” غير متحققة، وسط حديثٍ عن اشتراطات مصريّة للزيارة، لكن الحركة تصرّ على رغبتها في تطوير العلاقة مع الدولة المصريّة، التي ترى فيها متنفساً للحصار المفروض على قطاع غزّة، فيما ترى مصر في هذه العلاقة مدخلاً لدورٍ قويٍّ لأيّ ترتيبات خاصّة بالقضية الفلسطينيّة.

بالتوازي مع زيارة هنية لمصر، شهدت السّاحة الفلسطينيّة مزيداً من التراشق الإعلاميّ ما بين حركتي “حماس” و”فتح”، حيث نُظِّمَت في قطاع غزّة حملةٌ جماهيريّةٌ حملت اسم “ارحل” شَارَكَ فيها نشطاء ورواد مواقع التواصل الاجتماعيّ من أبناء حركة “حماس” والتيار الإصلاحيّ في حركة “فتح”، فيما نظّم أنصار الرئيس محمود عباس حملةً حملت عنوان “اخترناك”. وسط هذه الأجواء زار اللواء جبريل الرجوب القاهرة خلال تواجد هنية فيها دون أن يلتقي أحدهما الآخر، ليؤشر ذلك أن المصالحة آخذة بالتراجع في أجندة القوى الفلسطينيّة.

يأتي ذلك في ظل ضغط إسرائيليّ غير مسبوق على كافة أطراف الحالة الفلسطينيّة، إذ صادق المجلس  الأمنيّ المُصغّر الإسرائيليّّ (الكابينت) على اقتطاع مخصصات الأسرى والشّهداء من أموال الضرائب، كما تستمر “إسرائيل” في اعتقال عضو المجلس الثوريّ لحركة فتح زكريا الزبيدي والمحامي في هيئة الأسرى والمحررين طارق برغوث حيث مددت اعتقالهم لـ8 أيام. على صعيد آخر، تستعد قوى فلسطينيّة في الداخل الفلسطينيّ للمشاركة في انتخابات الكنيست، وسط دعوات واسعة لمقاطعة الانتخابات، حيث تدخل القوى الفلسطينيّة المشاركة منقسمة وبدون قائمة موحدة وسط توقعات بعدم تجاوز بعض القوى لنسبة الحسم.

الاشتباك الفلسطينيّ: من غزة هنا باب الرحمة

تستمر جماهير الشّعب الفلسطينيّ في قطاع غزّة بالمشاركة في مسيرات العودة وكسر الحصار، حيث شهدت الجمعة التاسعة والأربعون، والتي حملت اسم “جمعة باب الرحمة”، إصابة 17 فلسطينيّاً برصاص جيش الاحتلال الإسرائيليّ على طول الشّريط الشرقيّ لقطاع غزّة، قبالة السّلك الزائل، في حين  استمرت فعاليات الإرباك الليليّ. كما شهد الأسبوع الحالي تصاعداً في إطلاق البالونات الحارقة تجاه مستوطنات غلاف غزّة. وبموازاة ذلك أصدرت الأمم المتحدة تقريراً حول الانتهاكات الإسرائيليّة خلص إلى وجود ما أسمّاه “أسباباً معقولة تدعو إلى الاعتقاد بأن عناصر من قوات الجيش الإسرائيليّ، في معرض ردّهم على المظاهرات، قتلوا وجرحوا مدنيين لم يشاركوا مباشرةً في الأعمال العدائية ولم يشكلوا تهديداً مباشراً”، حسب تعبيرها. أضاف هذا التقرير أنّ “هذه الانتهاكات الخطيرة للقانون الدوليّ الإنسانيّ والقانون الدوليّ لحقوق الإنسان قد ترقى إلى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية”. رحبت القوى الفلسطينيّة بالتقرير، فيما هاجمته “إسرائيل” والولايات المتحدة ووصفته بالمُتحيّز ضدّ “إسرائيل”.

في مدينة القدس، تُوَاصِل سلطاتُ الاحتلال الإسرائيليّ سياسةَ الاعتقال والإبعاد بحقّ وجهاء وقادة المدينة، حيث أصدرت قراراً بإبعاد رئيس مجلس أوقاف القدس، الشّيخ عبد العظيم سلهب، لمدة أربعين يوماً، والشّيخ ناجح بكيرات لمدة 4 شهور، عن المسجد الأقصى. كما سلّم الـ”لشاباك” فجر الأحد الماضي، الوزير السابق وعضو مجلس الأوقاف في القدس، حاتم عبد القادر، مذكرة استدعاء للتحقيق في مركز توقيف المسكوبية، عدا عن اعتقالها المتكرر لمحافظ القدس عدنان غيث.

جولة وصفقة: كوشنير وفريقه مجدداً في المنطقة

انهى مستشار وصهر الرئيس الأميركيّ دونالد ترامب، جاريد كوشنير، جولةً شملت عدداً من دول المنطقة، لبحث الخطّة الأميركيّة لعملية السّلام مع هذه الدول، حيث التقى بالملك السعوديّ سلمان بن عبد العزيز ووليّ العهد محمد بن سلمان، كما التقى وليّ العهد الإماراتيّ محمد بن زايد، بالإضافة إلى السّلطان العُمانيّ قابوس، ووزير الخارجية القطريّ محمد بن عبد الرحمن، كما شملت جولته لقاء الرئيس التركيّ رجب طيب أردوغان. اصطحب كوشنير معه المبعوث الأميركي لعملية السّلام جيسون غرينبلات، بالإضافة إلى  الممثل الخاصّ لوزارة الخارجيّة الأميركيّة للشؤون الإيرانيّة، براين هوك. في خضم هذه الزيارة، أعلن كوشنر أن الجهد الأميركيّ تركّز على “صياغة حلول تكون واقعيّة وعادلة لهذه القضايا في عام 2019 من شأنها أن تسمح للناس بعيش حياة أفضل”، وأضاف: “كان تركيزنا على 4 مبادئ في الخطة. المبدأ الأول هو الحرية. نريد أن ينعم الناس بالحرية، حرية الفرص والدين والعبادة بغض النظر عن معتقداتهم، بالإضافة إلى الاحترام. ونريد أن تكون كرامة الناس مصانة وأن يحترموا بعضهم البعض، ويستفيدوا من الفرص المتاحة لتحسين حياتهم من دون السماح لنزاعات الأجداد باختطاف مستقبل أطفالهم. وأخيراً، الأمن”. في المقابل، تأتي هذه الجولةُ في ظلّ ضغطٍ أميركيٍّ وإسرائيليٍّ على كافة أطراف المشهد الفلسطينيّ، الذي لا يُسمَع صوتُه وسط هذه الترتيبات التي تأخذ القوى الإقليمية الدورَ الأهمَّ فيها.

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق