أوراق سياسية
بانوراما فلسطين – هل اقتربت ساعة ضم الضفة الغربية؟
العدد الثامن عشر، ويغطي الفترة الواقعة بين ١٠ ابريل وحتى ١٦ ابريل.
خلاصات تحليليّة:
١. مساعٍ “إسرائيليّة” حثيثة لتنفيذ إجراءات ضم المستوطنات وغور الأردن وسط تصاعد اعتداءات المستوطنين
٢. حراك لافت للوسطاء المصريين والألمان في ملف تبادل الأسرى يقابله جمود في الموقف “الإسرائيلي”
٣. تقدير أمني “إسرائيل” أنّ المستوى السياسي في “إسرائيل” لم يُبذل جهود جديّة ولم يستغل الفرصة للتوصل إلى صفقة تبادل أسرى مع حماس
الضفة الغربية ما بين مخططات الضم ووباء كورونا.
- لا تزال “إسرائيل” تستغل انشغال العالم بمكافحة وباء “فيروس كورونا”، وفرض السلطة الفلسطينيّة لحالة الطوارئ في الضفة الغربيّة، لتنفيذ سياساتها وخططها لضم مناطق في الضفة الغربيّة وغور الأردن إلى سيادتها، فيما لا يزال المستوطنون يستغلون إلتزام السكان الفلسطينيين في بيوتهم ليصعدوا هجماتهم الممنهجة ضد الأراضي الفلسطينية، التي وضعت سابقا ضمن مخططاتهم الهادفة للسيطرة عليها، وتحويلها لتكون جزءا من المستوطنات.
- وفي تصعيد خطير وسّع “الجيش الإسرائيلي” والمستوطنون هجماتهم على الأهالي في المدن والقرى الفلسطينية، كما قام الاحتلال والمستوطنون بشن هجمات تمثلت في تجريف أراضٍ زراعية واقتلاع أشجار، ووضع مخطط لبناء سكة حديد قرب المسجد الأقصى، علاوة عن هدم منازل ومنشآت زراعية، وشق طريق استيطاني جديد، كما شنوا هجمات عدة على مناطق الضفة الغربية، تخللها اعتقال عدد من المواطنين بينهم أطفال، وتعمد تخريب ممتلكات السكان، ونصب “بؤرة استيطانية” جديدة. فيما هاجم مستوطنون عددًا من الفلسطينين كانوا بالقرب من منطقة “متسوكي دراغوت”، القريبة من البحر الميت بالضفة الغربية، بالحجارة والغاز المسيل للدموع، وأحرقوا سيارتين للفلسطينيين.
- وفي تقريرٍ لها، ذكرت منظمة “بيتسيلم” الحقوقية أنه في أوج مكافحة وباء “فيروس كورونا”، ارتفعت بشكل حاد أعمال عنف المستوطنين ضد السكان الفلسطينيين ومنازلهم، مؤكّدةً أنّه في حين يلتزم ملايين البشر في “إسرائيل” والضفّة منازلهم، يتواصل عُنف المستوطنين “برعاية الدولة”، مشيرةً إلى أن المستوطنين يهاجمون الرعاة في المراعي ويغيرون على القرى الفلسطينيّة ويعتدون على السكان ويُتلفون ممتلكاتهم.
- بالتوازي مع هذه الأعمال، وصلت تحذيرات عبر جهات صديقة لقيادة السلطة الفلسطينية، بأنّ “إسرائيل” تنوي فرض خطة ضم الأغوار والمستوطنات قريبًا، سعيًا من رئيس “الحكومة الإسرائيليّة”، بنيامين نتنياهو، لإرضاء جمهور اليمين المتطرف، خاصةً بعد الحديث عن الموافقة على تشكيل حكومة مع حزب “أزرق أبيض”. وقد تأكد الجانب الفلسطيني من تلك النوايا الصهيونية من الأعمال “الإسرائيلية” على الأرض خلال الفترة الماضية، والتي شملت الإعلان عن عطاءات لبناء آلاف الوحدات السكنية الجديدة، وتوزيع إخطارات لمصادرة أراضي جديدة من الضفة، دون إعطاء ملاكها حق الاعتراض.
- ولصد مخطط الضم، أجرى رئيس السلطة، محمود عباس، اتصالات هاتفية مع كل من أمير قطر “تميم بن حمد”، وأمير الكويت “صباح الأحمد الصباح”، اضافةً للملك السعودي “سلمان بن عبد العزيز” وسلطان عمان “هيثم بن طارق”، وملك البحرين “حمد بن عيسى”، ناقش معهم إلى جانب خطط التصدي لوباء “كورونا”، ما تخطط له “إسرائيل” لإقرار خطط الضم قريبًا، خاصةً وأن “نتنياهو” وعد بتنفيذ المخطط خلال الأشهر الستة الأولى من تشكيل الحكومة الجديدة. بدوره، بحث أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير “صائب عريقات” مع مسؤولين عرب وأوروبيين “الآثار التدميرية” لخطة “إسرائيل” للضم، واستمرارها في ممارسة سياسات التوسع والاستيطان. وأجرى “عريقات” اتصالات مع كل من وزير الخارجية السعودي “فيصل بن فرحان”، والمستشار الدبلوماسي للعاهل البحريني “خالد آل خليفة”، ووزير الدولة الألماني للشؤون الخارجية “نيلز إنان”.
تخوفات اسرائيلية من تفجر الأوضاع الامنية في الضفة وغزة.
- ما زالت المتابعة “الإسرائيلية” للأوضاع الفلسطينية على أوجها، وكان آخرها توقع أوساط أمنية “إسرائيلية” بأن تندلع انتفاضة فلسطينية جديدة في الضفة الغربية، بعد انتهاء أزمة “كورونا”، التي أضرت كثيرًا باقتصاد السلطة الفلسطينية، ولذلك فإن الأموال التي تقدمها “إسرائيل” للسلطة كمساعدات طارئة، كفيلة بمنع انفجار الانتفاضة الثالثة. فمن وجهة نظر الأوساط الأمنية “الإسرائيلية”، يزداد الأمر خطورة مع ارتفاع معدلات البطالة بالضفة، وتراجع أعداد العمال داخل “إسرائيل” إلى الثلثين، ورغم أن المنظومة الأمنية “الإسرائيلية” تقدر جهود السلطة الفلسطينية لمواجهة الفيروس، فإن الجهات الفلسطينية تتلقى مساعدات مكثفة وتنسيقًا دائمًا مع مجلس الأمن القومي “الاسرائيلي” والإدارة المدنية، حيث يسعى الأمن “الإسرائيلي” لاستغلال الوباء لتقوية علاقاته مع نظيره الفلسطيني، لزيادة مستوى الثقة بينهما.
- بموازاة ذلك، قدمت أجهزة الأمن “الإسرائيلية” إنذارًا خاصًا حول ما يحدث في قطاغ غزة، وإمكانية أن يترك تأثيرًا سلبيًا على أمن “إسرائيل”، واعتبرت الأوساط الأمنيّة “الإسرائيليّة” أنّ قطاع غزة الأكثر قابليّة للاشتعال، وأكثر دافعيّة لاندلاع أي توتر أمني، فالأمر قد ينشب تحت أي سبب سواء من المتظاهرين الذين قد يقتربون من الجدار الحدودي، أو منظمات مسلحة غير منضبطة. وربما إن غيرت حركة حماس وجهتها، في حال نفذت تهديد زعيمها في غزة، يحيي السنوار، إن لم تقدم “إسرائيل” المساعدة الطبية اللازمة، ما قد يتسبب في مواجهة وشيكة.
- وتتخوف الأجهزة الأمنيّة “الإسرائيليّة” من عدم قدرة حماس على مكافحة “فيروس كورونا”، ما سيعمل على تغيير الوضع الأمني في القطاع، لاسيما الإضرار بالجبهة الداخلية في “إسرائيل”. وهذا يجعل من الصواب استغلال الوضع السائد في غزة، والتقدم باتجاه صياغة تسوية مع حماس، لا تضر بالسلطة الفلسطينية من جهة، ولا تتطرق للمجال السياسي من جهةٍ أخرى، مقابل إنجاز تسوية مع حماس تضمن تحقيق هدوء أمني طويل المدى من خلال وساطات دولية.
صفقة التبادل: مبادرة فلسطينية وبرودة اسرائيلية.
- ما زالت مبادرة رئيس حركة حماس في غزة “يحيى السنوار” حول صفقة تبادل أسرى بين حركة حماس و”إسرائيل”، لم تلقى ردود فعل ايجابيّة من قبل “إسرائيل”، حيث جددت الحركة استعدادها لتنفيذ بنود المبادرة الإنسانية التي أطلقها “السنوار”، مشددةً على أنّ المبادرة الإنسانية التي تقدمت بها وتقضي بالإفراج عن الأسرى الفلسطينيين من كبار السن والمرضى، مقابل تنازل جزئي في ملف الجنود “الإسرائيليين” الأسرى، كبادرة إنسانية في ظل أزمة “كورونا”، تؤكد على إنسانية الشعب الفلسطيني، وعلى أولوية قضية الأسرى. ووصفت الحركة إعلان “نتنياهو” بقبول البدء بحوار حول الملف عبر وسطاء، بأنه مجرد “دعاية إعلامية” فقط، فمن جانبه، قال عضو المكتب السياسي للحركة “موسى دودين” إنّ “نتنياهو” يدير بروباغندا إعلامية، وآخِر ما يهمه فيها استرجاع الأسرى “الإسرائيليين” لدى المقاومة، وهو لا يفعل شيئًا على أرض الواقع.
- وفي السياق، خلصت تقديرات المؤسسة الأمنيّة “الإسرائيليّة” إلى أنّ المستوى السياسي في “إسرائيل” لم يُبذل جهود جديّة حتى الآن للتوصل إلى صفقة مع حماس، مشيرةً إلى أنّه إذا لم تُستغَل هذه الفرصة بأسرع وقت ممكن، فإنها “ستتبخر” في غضون أسابيع عدّة. واعتبرت التقديرات أنّ هناك “فرصة نادرة” لإتمام صفقة تبادل أسرى مع الحركة، في ظل مؤشرات مرونة تُبديها حماس ويجب استغلالها، موضحةً أنّ الصفة الشاملة التي تبدي حماس استعدادًا للتوصل إليها حاليًا، لا تشمل فقط تبادل أسرى بين الطرفين، بل أيضًا التزام “إسرائيل” السماح بدخول المساعدات الطبية والإنسانية إلى القطاع في ظل أزمة “كورونا”.
- وفي هذا الصدد، دخل وسطاء جدد في المباحثات أملًا في تحقيق إنجاز ما، حيث كشفت مصادر أن حماس تلقّت اتصالات مؤخرًا من وسيط ألماني سابق كان له دور في “صفقة شاليط”، وهو ما تعاطت معه بجدية كاملة، مع انتظار رد “الحكومة الإسرائيليّة”. كما ازدادت الاتصالات التي تقودها المخابرات المصرية لكن “الردود الإسرائيلية” لا تزال باردة، ولا تعطي إجابات واضحة حتى اللحظة، في تكتيك سبق استعماله. وتركّزت الاتصالات بين الوسطاء ومنسّق شؤون الأسرى والمفقودين “الإسرائيليين”، يارون بلوم، إضافةً إلى رئيس “مجلس الأمن القومي”، يوسي كوهين، وكلاهما يرأس هيئتين تابعتين لرئيس الوزراء “الإسرائيلي” مباشرةً، ما يعني، وفق المصادر نفسها، أنه لا يوجد تقدم كبير حاليًا، وإنما المستجد “تدخل وسطاء جدد”.
آخر مستجدات فيروس كورونا في فلسطين.
- في غضون ذلك، ازداد عدد المصابين بـ”فيروس كورونا” في المناطق الفلسطينيّة ليقترب من الـ300 مصاب، بعد تسجيل إصابات جديدة في الضفة الغربيّة ليصل عدد الاصابات إلى حوالي 294 حالة، في وقتٍ دعا فيه المسؤولون في قطاع غزة، المواطنين، للاستمرار في اتباع الإجراءات الوقائية، محذرين من خطورة التراخي في الأيام القادمة. وقالت وزيرة الصحة “مي الكيلة” إن حالة جميع المصابين بـ”كورونا” في مراكز العزل والعلاج، مستقرةً، لافتة إلى أنه تم تسجيل إصابات لممرضين يعملان في مستشفى المطلع بمخيم الدهيشة. وجرت الإشارة إلى أن الحصيلة السابقة لا تشمل المصابين في مدينة القدس الشرقية، حيث تمنع “إسرائيل” الوزارة من العمل هناك، كما تفيد المعطيات بإصابة 78 فلسطينيًا هناك. بدوره، صرّح المتحدث باسم وكالة غوث وتشغيل اللاجئين “الأونروا”، سامي مشعشع، أنّ “إسرائيل” وقواتها يصعّبون عمل الطواقم العاملة التابعة للوكالة، والتي تخدم مخيمات القدس لمكافحة تفشي الفيروس.
- من جهةٍ أخرى، بدأ مئات الفلسطينيين العالقين في مصر، بسبب إغلاق المعابر، العودة إلى قطاع غزة، وجرى تسكين جميع العالقين في مناطق “الحجر الصحي الإلزامي” لمدة 21 يومًا. وجاء فتح المعبر بعد مناشدات للعالقين في مصر، الذين أنهوا رحلات علاج في مشافي القاهرة، والطلبة والعائدين من دول أخرى، بتمكينهم من العودة إلى القطاع بعد أن أُغلقت المعابر، في إطار الإجراءات الاحترازية لمنع تفشي الفيروس.
- في سياق متصل، تدخّل منسق الأمم المتحدة الخاص لعملية السلام في الشرق الأوسط “نيكولاي ملادينوف” على خط الوساطة بين “إسرائيل” والسلطة الفلسطينيّة، وطلب من “إسرائيل” إعادة الأموال المجمدة منذ أكثر من عام، والتي تقتطعها من ضرائب البضائع الفلسطينية التي تمر عبر موانئها، لمساعدة السلطة الفلسطينية للخروج من الضائقة المالية التي خلقتها أزمة “كورونا”، ولتنفيذ الخطط الخاصة بما فيها الصحية، للتعامل مع أزمة الفيروس. كما عقد “ميلادينوف” لقاء مع وزير المالية “الإسرائيلي”، موشيه كحلون، بحث خلاله مجريات الأوضاع في ظل الجائحة، ووصف الاجتماع بـ”المشجع”.
- في حين سربت مواقع فلسطينية أخبارًا حول ما أسمته “مؤامرة” جديدة، يحيكها قائد جهاز المخابرات ماجد فرج، والقيادي البارز في “فتح” حسين الشيخ، للإطاحة برئيس الحكومة الفلسطينيّة محمد اشتية. وأشارت الأنباء إلى أن العلاقة بين كل من “فرج” و”الشيخ” دخلت في حالة من الكسر والندية مع “اشتية” الذي استطاع اكتساب شعبية جماهيرية في الأشهر الماضية بسبب “أداء الحكومة الإيجابي اعلاميًا خلال أزمة كورونا” أزعجت مراكز القوى الأخرى في حركة فتح.