قضايا خاصةمقالاتمقالات بحثية

العلاقات السعودية الفلسطينية، مسارات على صفيح ساخن

المقدمة.

تصاعد في الآونة الأخيرة النقاش فلسطينياً حول تقييم الموقف الرسمي السعودي من القضية الفلسطينية، على خلفية جملة من الشواهد التي تشير إلى تغير في الموقف السعودي من القضية الفلسطينية، إذ ساد جدل واسع لتقييم مدى جدية وطبيعة التغيير الحالي، وإن كان ثمّة تحول في نظرة قيادة المملكة للصراع العربي الاسرائيلي اليوم، وانعكاس ذلك على واقع الفلسطينيين بشكل خاص كون أن الرياض تمثل ركيزة الدعم العربي السياسي و المالي للفلسطينيين تاريخياً، عدا عن تمتع السعودية بثقل سياسي و اقتصادي و معنوي كبير للمنطقة و للفلسطينيين على وجه الخصوص، وقد تباينت ردود الفعل الفلسطينية في التعامل مع احتماليات التموضع الجديد للمملكة في معادلة الصراع مع “اسرائيل”.

تعالج هذه الورقة مسار العلاقة الفلسطينية السعودية و خلفيات مواقف الطرفين و التداعيات المحتملة على واقع الجانبين.

ماذا تعني السعودية للفلسطينيين؟

ومع أن الموقف السعودي ظل ملتزماً بما تمليه ما يسمّى “الشرعية الدولية” بكل ما تحمله من إجحاف بالحقوق التاريخية للشعب الفلسطيني، عدا عن تحول مقاربة المملكة للقضية الفلسطينية، إلى “نموذج” لما يعرف بالاعتدال العربي، فهي صاحبة أشهر المبادرات العربية التي دعت الى تحقيق سلام شامل مع “اسرائيل”، (مبادرة السلام العربية) عام 2002، إلا أنها ظلّت ملتزمة بدعم القيادة السياسية للفلسطينيين، ووفرت لها الغطاء العربي و شبكة الامان المالي في مواجهة الضغوط التي تعرض لها الفلسطينيون من قبل إسرائيل و حلفائها الاقليميين والدوليين، الأمر الذي يعني معه أن أي تراجعاً في الموقف السعودي سيعني مزيداً من انكشاف ظهر الفلسطينيين سياسياً و مالياً أمام الضغوط  الغربية و الإسرائيلية التي ستوظف انحسار الغطاء العربي الذي يعتبر الموقف السعودي الركن والناظم له ، باعتباره فرصة لا مثيل لها لفرض استسلام شامل على الفلسطينيين، وهو ما يعتبر من وجهة نظر فلسطينية خسارة لا يمكن تعويضها في معسكر حلفائهم في صراعهم المرير مع الاحتلال، والذي يخوضونه نيابة عن كل العرب، وبما يتوقع معه أن تصبح تداعياته على القضية الفلسطينية أكثر فداحة من توقيع مصر اتفاق سلام -كامب ديفيد – مع حكومة الاحتلال في العام 1979.

مقدّمات لتصدّع محتمل.

لم يكن للفلسطينيين أن يساورهم القلق من الموقف السعودي لولا تراكم جملة من الشواهد حول سياسة سعودية جديدة اتجاههم، ففي مارس 2020 بدأت السلطات السعودية محاكمة عشرات الفلسطينيين والأردنيين المقيمين في المملكة، من المنتمين والمناصرين لحركة المقاومة الإسلامية_ حماس، بتهم تتعلق بـ “الانتماء لتنظيم إرهابي وتمويله”، بحسب إفادات أقارب المعتقلين.

لم تكن عمليات الاعتقال المذكورة سابقة في تاريخ العلاقات السعودية_الفلسطينية أو “الحمساوية” تحديداً، فقد سبقها خلال العام 2014، عمليات اعتقال لقادة ونشطاء في حماس، على خلفية نشاطهم الخيري لصالح قطاع غزة، حيث أفرج عنهم لاحقاً بعد تولي الملك سلمان مقاليد الحكم في المملكة.

كما شكّلت ظاهرة المطبّعين السعوديين مبعث قلق آخر للفلسطينيين مع تصدّر بعض الكتّاب السعوديين منصات و صحف تدافع عن فكرة تطبيع علاقات اسرائيل في المنطقة دون تعرّضهم الى أي نوع من المسائلة من السلطات السعودية، بالإضافة على حملة من الحسابات على مواقع التواصل الاجتماعي منسوبة للسعودية هاجمت الفلسطينيين، عدا عن ما حملته بعض التصريحات والتسريبات الصحفية من رسائل تعزز القناعة لدى شريحة وازنة من الفلسطينيين بأن السعودية تمهد الطريق أمام تطبيع شامل مع دولة الاحتلال الاسرائيلي.

بالتوازي شنّ نشطاء فلسطينيون هجوماً لاذعاً على الموقف السعودي على خلفية ما اعتبروه تخلياً سعوديا عن فلسطين و تواطؤ مع دولة الاحتلال مستعينين بمادة غنية وفرها الاعلام المناهض للسعودية و الاعلام المنسوب للسعودية على حدّ سواء، ليتحول المشهد في مواقع التواصل الاجتماعي إلى نوع من التلاسن و تبادل الاتهامات بين الفلسطينيين ومناصري قضيتهم و فريق من النشطاء بدا أنه محسوب على السعودية، ويتلاشى تدريجياً صوت الاعتدال من الجانبين، قبل أن تصدر تصريحات رسمية من الجانب الفلسطيني تدين الاساءة الى المملكة وتثني على مواقفها، في حين اصدرت الرياض بيانات تؤكد على موقفها الثابت من القضية الفلسطينية، وكان لافتاً في كل ذلك دخول حسابات اسرائيلية على خط الخلاف الفلسطيني السعودي، لتحرض السعوديين على الفلسطينيين!

للوهلة الأولى بدا ان الأعلام قادر على تشكيل السياسة من خلال التأثير على الجمهور وحمله على مواقف للضغط على القيادات في الطرفين، إلا أن الجهات الرسمية من الطرفين قد عبرت في بياناتها وتصريحاتها عن مواقفها دون ابداء أي تغييرات فيها كنتيجة لفوضى الاشتباكات في الميدان الافتراضي.

لإكمال قراءة الدراسة “هنا

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق