مقالات رأي

حول تفكك التضامن الجماعي مع فلسطين

رغم استئناف العدوان، حاولت عواصم إقليمية، دعم مسارات العودة لوقف إطلاق النار باقتراح مبادرات جديدة، ولهذا الغرض تم دعوة حركة حماس لاجتماع في القاهرة، كان هدفه مناقشة مقترح إسرائيلي وتبعه بلورة مقترح مصري أخر تحت مظلة اتفاق وقف إطلاق النار.

ويناقش هذا التقرير تعامل الأطراف المختلفة على المسار التفاوضي تحت الاستهداف الجوي للمدنيين، واستكشاف مواقفها من المقترحات المتتابعة. واستناداً لمواقف الأطراف والنتائج المتحققة، يحاول التقرير اقتراح صيغة جماعية لتقوية الجبهة الفلسطينية وحشد التأييد الإقليمي لها.

أولاً: تجاه المعادلة التفاوضية الجديدة للاحتلال (المقترح الإسرائيلي)

تدخل حماس لاجتماع القاهرة تحت سعي حكومة الاحتلال لترسيخ مقاربتها التفاوضية الجديدة، التي بلورتها منذ استئناف الحرب في مارس الماضي، وذلك، عبر التماهي بين توسيع الاستهداف الجوي والمدفعي لتعزيز استمرارية الضغط على حركة حماس دون أي عملية برية تُمكّن الأخيرة من تحقيق مكتسبات ميدانية وبين إعادة تشكيل البيئة التفاوضية وفقاً لشروطٍ أمنية غير واقعية تزيد من تعقيد المشهد التفاوضي، بما يتوافق مع الهدف العام لليمين المتطرف في إبقاء الخيار العسكري مستمراً في قطاع غزة، مقابل تماسك الائتلاف الحكومي واستمراره. 

وفي هذا السياق، يتطرق التقرير إلى موقف الأطراف الفلسطينية من المحاولات الإسرائيلية المتكررة لإعاقة المسار التفاوضي عبر شروط المقترح الأخير، إلى جانب أبرز الخيارات الممكنة فلسطينياً لكسر الجمود التفاوضي. 

نزاع تفاوضي يوازي الانسداد العسكري

يعكس المقترح الإسرائيلي وخصوصاً نزع السلاح، المنقول عبر الوسطاء، تملّصاً إسرائيلياً جديداً من أي التزاماتٍ أو ضغوطٍ أمريكية محتملة نحو التجاوب مع المقترح المصري الأخير، خاصةً بعد أن أبدت حركة حماس مرونة مسألة رفع عدد الأسرى، بما يشمل الأسير الأمريكي عيدان ألكسندر. وبذلك يُلاحظ أن حكومة الاحتلال انتقلت من التعطيل المتعمد – عبر الامتناع عن ارسال الوفد التفاوضي أو الرد على المقترحات – إلى استراتيجية التفاعل “المُخادع” مع المسار التفاوضي عبر طرح شروطٍ تعجيزية غير ممكنة التطبيق مثل نزع سلاح المقاومة وعدم تضمين بنوداً تتعلق بوقف الحرب أو الانسحاب الكامل من قطاع غزة.

كان رفض حركة حماس المقترح الإسرائيلي صارماً، واعتبرته جزئياً لا تشمل أي ضمانات لإنهاء الحرب، عدا عن كونها شملت بنوداً تتعلق بنزع سلاح المقاومة، وهو ما يعد خطاً أحمراً لا يمكن التفاوض عليه. وفي المقابل، أبدت الحركة استعدادها لمناقشة أي مقترحات بخصوص صفقة شاملة تشمل إطلاق سراح كافة الأسرى الإسرائيليين، وانسحاباً كاملاً من غزة، وبدء إعادة إعمار القطاع، وبضمانات جدية تحول دون استئناف العدوان مرة أخرى ودون تضمينها لأي شروط لتفكيك القدرات العسكرية. 

وفي ظل انسداد الأفق التفاوضي، يُرجّح أن تتجه حركة حماس خلال الفترة المقبلة، بهدف تعزيز موقف وفدها المفاوض في مواجهة المقاربة التفاوضية الجديدة لحكومة الاحتلال، إلى تنفيذ عمليات عسكرية نوعية بشكلٍ محدود على غرار عملية الكمين العسكري المركب الذي نفذته في شرق بيت حانون بتاريخ 19 نيسان الماضي، بما يتلاءم مع الواقع الميداني وإمكاناتها الحالية، فضلاً عن تكثيف استخدام ورقة الأسرى لتوجيه ضغط داخلي على حكومة نتنياهو. 

التفاوض الحمساوي – الأمريكي يعود للواجهة 

في إطار محاولات كسر الجمود، تحاول حركة حماس الدفع نحو مقاربتها التفاوضية القائمة على مبدأ “الصفقة الشاملة”، عبر استراتيجية جديدة تقوم على فتح قنوات تواصل مباشر مع الإدارة الأمريكية، مستفيدة من الوساطات القطرية والتركية، بحسب ما أفادت به مصادر عربية قريبة من قيادة الحركة. وتشير المعطيات إلى أن الحركة أبدت استعدادها لمناقشة ترتيبات سياسية جديدة تشمل التخلي عن إدارة قطاع غزة، مقابل صفقة متكاملة تشمل الإفراج عن جميع الأسرى الإسرائيليين دفعة واحدة، وتوفير بدائل إدارية فلسطينية للقطاع.

ويواكب هذا الانفتاح من حركة حماس تغير أمريكي محدود، يتمثل بتعيين آدم بوهلر مسؤولاً لشؤون الرهائن بشكل مؤقت في إدارة دونالد ترامب، والذي سبق له التفاوض مباشرةً مع حركة حماس، وأشار مؤخراً إلى إمكانية التواصل المباشر مرةً أخرى في محاولة لتحرير الرهائن المتبقين في غزة. كما تفيد تقارير بأن رئيس الوزراء القطري يعتزم نقل رسالة من الحركة إلى المبعوث الأمريكي ويتكوف خلال زيارة مرتقبة إلى واشنطن، في مؤشر على احتمال تهيئة قنوات تواصل أوسع لضبط إيقاع الاشتباك التفاوضي، وربما فتح نافذة سياسية مشروطة قد تفضي إلى تفاهمات تتجاوز ملف الأسرى ذوي الجنسية الأمريكيين لتشمل ترتيبات لهدنة طويلة الأمد.

السلطة والترتيبات الأمنية لـ غزة 

في الوقت الذي ترفض فيه حركة حماس، ومعها فصائل المقاومة في غزة، أي صيغة تفاوضية لا تشمل وقفاً شاملاً للحرب وضمانات دولية بعدم استئناف العدوان، تبدي السلطة الفلسطينية اهتماماً أكبر بتسريع خطوات التفاهم مع الأطراف الإقليمية والدولية حول صيغة إدارة القطاع، ولو كان ذلك في ظل غياب تفاهم فصائلي كامل، وذلك في ضوء إدراكها أن الفرصة السياسية الراهنة مواتية لتعزيز حضورها في المشهد الفلسطيني بدعمٍ إقليمي. 

وفي هذا السياق، كشفت مصادر أمنية فلسطينية عن مغادرة 300 عنصر أمني من قوى الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية إلى القاهرة، في 20 أبريل الجاري، لتلقي تدريب أمني مكثف يستمر لمدة شهرين، وذلك بناءً على تفاهم أمني بين رام الله والقاهرة ضمن الخطة المصرية المقترحة لغزة. يتوزع العناصر على 100 من الشرطة، و100 من الأمن الوطني، و50 من الأمن الوقائي، و50 من المخابرات، وجميعهم من خريجي كليات الشرطة المصرية، ما يعكس رغبة مصرية لترتيبٍ منظم لإعداد بنية أمنية فلسطينية في القطاع.

بشكل عام، تُظهر المواقف الفلسطينية بشقيّها الرسمي والفصائلي تبايناً واضحاً في المسارات، حيث تتمسك حركة حماس بخيار “الصفقة الشاملة” لإنهاء الحرب، مع رفض قاطع لأي اشتراطات تمس قدراتها العسكرية، في مقابل انفتاح محسوب على التفاوض عبر الوسطاء الإقليميين والدوليين. أما السلطة الفلسطينية، فتتحرك في اتجاه موازٍ يهدف إلى استثمار اللحظة الإقليمية لإعادة تثبيت حضورها في قطاع غزة، من خلال تفاهمات أمنية وإدارية. 

ثانياً: الموقف الإسرائيلي من المقترح المصري

بعد أكثر من 6 أسابيع على إغلاق المعابر ومنع دخول المساعدات الإنسانية الى قطاع غزة، وما أعقب ذلك من استئناف حرب الإبادة، حاولت القاهرة إعادة طرفي الصراع إلى الحلول السياسية من خلال تقديم مقترحاً جديداً يعيد لإسرائيل نحو 8 من أسراها المحتجزين لدى المقاومة في غزة، مقابل وقف الحرب مؤقتاً، وإعادة إدخال المساعدات الإنسانية الى قطاع غزة، على أن يكون نزع سلاح المقاومة منطلقاً أساسياً للوصول إلى الحلول الدائمة في وقت لاحق.

فيما يلي إعادة تحرير النص ليكون واضحًا للقارئ ومحايدًا، مع إزالة أي إيحاءات سلبية تجاه جمهورية مصر العربية:

في خطوة إسرائيلية متوقعة للرد على المقترح المصري، قام رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بتعيين رون ديرمر رئيسًا لوفد المفاوضات الإسرائيلي. واعتبرت بعض وسائل الإعلام الإسرائيلية هذا التعيين إشارة مبكرة لرفض أو إعاقة أي مقترح أو مبادرة سياسية متعلقة بغزة، نظرًا لأن ديرمر يعد من أقرب مستشاري نتنياهو ومهندسًا بارزًا لسياساته.

لكن هذه القراءة الإعلامية الإسرائيلية قد تكون منطقية في حالة واحدة فقط؛ وهي إذا كان المقترح المقدم من القاهرة مقترحًا مصريًا مستقلًا تمامًا. تجدر الإشارة إلى أن معظم المقترحات السابقة، بما فيها المقترحات الأمريكية، مرت بمراحل نقاش وجولات دبلوماسية مطولة، في حين أن المقترح الأخير الذي قدمته القاهرة لقي مصيرًا مشابهًا في غضون أيام قليلة. وهو ما قد يشير إلى أن مضمون هذا المقترح ينسجم في نقاطه الأساسية مع المطالب الإسرائيلية السابقة، خصوصًا فيما يتعلق بربط مستقبل غزة بملفي الإفراج عن الأسرى الإسرائيليين ونزع سلاح المقاومة.

لهذا تعتقد سريت كوهين صحفية في يسرائيل هيوم، أن عقدة الخلاف وهي، إنهاء الحرب على غزة، لاتزال قائمة، لأن حكومة نتنياهو تتمسك برفضها لإنهاء الحرب خلال مراحل التفاوض الأولى والثانية، كما ترفض التعهد بذلك، وهو ما ترفضه حركة حماس، وتؤكد في كل جولة تفاوض على عدم تنازلها عن هذا المطلب.

نتنياهو والضغط العسكري

في خطابة الأخير 19 إبريل 2025، أكد نتنياهو على استمرار الحرب، والسعي للقضاء على المقاومة و تقويضها في غزة، مع الإشارة الى محاولات جيشه الوصول للأسرى وإعادتهم إلى دولة الاحتلال أحياء، وهو ما قُوبل بانتقادات حادة في الإعلام الإسرائيلي، حيث يعتبر المحلل نير دفوري هذا الخطاب دفاعاً عن حالة التآكل لموقفه أمام الرأي العام الإسرائيلي، لأن مضمون الخطاب يعكس مدى فهم نتنياهو لتقديم أسباب تتعلق باستمرار الحرب، كي يستطيع استدعاء الآلاف من جنود الاحتياط، خاصةً وأن الاعتراض عن عدم المشاركة في الحرب داخل الجيش والمؤسسات الأمنية بات في تصاعد مستمر.

وهذا ما أكدت عليه ليئور كينان، مراسلة شئون الكنيست في القناة 13، موضحة أن نتنياهو يحاول تحسين موقفه السياسي الداخلي بسبب تجاهل حكومته لحياة الأسرى في غزة، في هذه الأثناء يقول نوعام تيبون، قائد سابق في جيش الاحتلال، أن خطاب نتنياهو مليء بالأكاذيب، ويحاول لاعتبارات حزبية تحسين موقفه السياسي، موضحاً أن مصيره السياسي بات معلقاً بوزيرى الأمن القومي والمالية.

وعليه، يبقى محور الصراع بين حكومة اليمين في إسرائيل والرأي العام قائماً على تقديم مبررات لاستمرار الحرب في غزة من قبل نتنياهو وحكومته، للحصول على الدعم الداخلي، وتفكيك انتقادات الرأي العام، لهذا بات الانتقاد موجهاً إلى التعيينات الجديدة في صفوف حكومة نتنياهو، حيث يقول باراك سري، مستشار سابق لوزير الدفاع الإسرائيلي، أن استراتيجية الضغط العسكري المتبعة لم تحقق نجاحات على مستوى اطلاق سراح الأسرى، مشيراً الى رون ديرمر رئيس طاقم المفاوضات الذي لم ينجح في إطلاق أي من أسرى الاحتلال منذ وصوله الى المنصب، بينما نجح رئيس الشاباك السابق، والموساد في استعادة العشرات من المحتجزين في غزة. لذا، فإن التعديلات التي أجراها نتنياهو مؤخراً على مستوى حكومته وأجهزتها المختلفة باتت جزءً مهماً من النقاش الإعلامي الذي يربط بين تلك التعيينات والفشل السياسي والعسكري في قطاع غزة.

الاحتجاجات الداخلية والحلول السلمية في غزة

لا تواجه حكومة اليمين الديني في إسرائيل تلك الاحتجاجات المتصاعدة، وخصوصاً داخل المؤسسة العسكرية بمحاولة تقديم حلول عملية، أو نجاحات سياسية من شأنها التخفيف من حدة ذلك التصعيد الداخلي، بل على العكس من ذلك، حيث يسعى إيال زمير رئيس الأركان إلى مواجهة تلك الاحتجاجات عبر تنظيف الجيش من ظاهرة الاحتجاجات.

 وهنا يقول نير دفوري مسؤول الشؤون العسكرية لدى القناة 12 الإسرائيلية في 15 إبريل 2025 أن الجلسة التي جرت في مقر رئاسة الأركان تؤكد على فهم قيادة الجيش لعواقب هذه الاحتجاجات، حيث يبذل رئيس الأركان جهداً كبيراً لإبعاد هذا الجدل السياسي خارج الجيش، وقد سبق وأن صادق رئيس الأركان على قرار فصل قادة كبار في صفوف الجيش، ونحو ألف جندي احتياط من الخدمة، وذلك بعد توقيعهم على رسالة تدعو لإنهاء حرب غزة.

تلخص مراسلة الشؤون السياسية في القناة 13 الإسرائيلية موريا والبيرغ، المشهد الداخلي في إسرائيل، والتطورات المتلاحقة، وصولاً الى خطاب نتنياهو الأخير، بالقول أن حكومة نتنياهو لا تمتلك خطة واضحة لليوم التالي في غزة، لأنها لم تبلور إستراتيجية واضحة لهذا الأمر، وهذا ما يؤكد على تمسك حكومة اليمين بأفكار تهجير سكان قطاع غزة، الأمر الذي يجعلنا أمام حرب بلا نهاية.

ثالثا: العمل الجماعي والأطراف الفلسطينية

مع مسيرة عروض ومبادرات وقف الحرب، شكل اجتماع القاهرة مع حركة حماس في 12 أبريل 2025 نقطة مهمة في اختبار التفاوض على نزع السلاح، حيث أن طرحه للمرة الأولى، يرسم اتجاهات الأطراف العربية والإسلامية من الاقتراحات الإسرائيلية المفاجئة وتأثيرها على سير الوساطة والتضامن على تحقيق المطالب الفلسطينية.

بعد هذا الاجتماع، لقي ظهور الحديث عن شروط نزع سلاح المقاومة رفضاً واضحاً من وفد حماس في القاهرة، سانده رفض مماثل من بعض الأطراف الفلسطينية، وهو ما يشير لعدم القبول بمناقشة هذا المطلب الإسرائيلي، باعتباره تنازلاً مجانياً ودون ضمانات، وكان الموقف البديل في الاتجاه لصفقة شامة للتبادل مقابل وقف الحرب.

بدا واضحاً، أن القاهرة لم تأخذ موقفاً تجاه رفض حماس، واكتفت بمجرد العرض، وقد لقي هذا الموقف انتقادات كثيرة لتمريره لوفد الحركة، وذلك تحت ادعاء قبول مصري به، غير أن القراءة السياسية للموقف المصري، يمكن أخذها من خلال أولوية الحفاظ على دور الوسيط، وليس التبني أو الرفض، بحيث لا تتحول لطرفٍ، وهو ما لا تستطيع معه الاستمرار في دور الإسناد، سواء من خلال منع التهجير أو الاستمرار في طرح مبادرات حماية اتفاق وقف إطلاق النار.

وكان واضحاً، أنه على الرغم من الرفض الصارم لوفد حركة حماس، لم يذهب الموقف المصري نحو تخفيض الاتصال مع الحركة أو فرض قيود عليها، إذ كانت الرسالة الأساسية من وراء هذا التصرف، بحرية المقاومة في التعبير عن موقفها كطرف الحرب ومنع وقوعها فريسة للمطالب الإسرائيلية.

وعلى مدى العدوان، قامت السياسة المصرية على فك الانسداد أمام المفاوضات، وذلك بطرح سلسلة مبادرات لتذليل العوائق وحجج حكومة نتنياهو المتطرفة. فمع استئناف العدوان، انصب الجهد المصري على توفير الحماية لاتفاق وقف إطلاق النار، وذلك، بطرح آلية جديدة لتبادل الأسرى حتى لا ينهار الاتفاق.

و كامتداد لهذه الاجتماعات. في 19 أبريل 2025، اجتمع وزير الخارجية التركي (هاكان فيدان) مع قيادات حركة حماس للتشاور حول وقف الحرب. ما صدر عن الاجتماع، هو إيجابي بطبيعة الحال، حيث يميل للمصلحة العامة للقضية الفلسطينية . هنا، دارت المناقشات حول التأكيد على رفض التهجير من وطنهم الأصلي، ومنع تطور الأحداث في الضفة لتكون تهديداً إقليمياً، ودعم جهود إنفاذ المساعدات الإنسانية. بالإضافة لتحقيق المصالحة بين الفصائل الفلسطينية.

وعلى مستوى العمل الجماعي، انصبت جهود وزراء خارجية دول المجموعة العربية ـ الإسلامية على استثمار المنتديات الدولية في تثبيت مساندتها للقضية الفلسطينية والحق في المقاومة. في منتدى أنطالياً الديبلوماسي، كانت المواقف واضحة في دعم وقف الحرب وإحلال السلام، وكشف المؤتمر الصحفي المشترك وجود رغبة في العمل الجماعي والقدرة على التنسيق لفترة طويلة رغم الأزمات وسرعة انتشار التوتر في المنطقة، بحيث لا تخلو دولة من تحديات تهديد خارجي.

ورغم مشاركة الوزراء في كثير من المناشط الدولية، تظل اللجنة الوزارية تواجه مشكلة هيكلية، سوف تؤثر على مستقبل دورها السياسي. فبينما خاطبت الدول بشكل جماعي، فإنها تواصلت مع الأطراف الفلسطينية بشكل ثنائي، سواء مع حركة حماس وفتح، فلم تكن هناك لقاءات جماعية بين اللجنة والأطراف الفلسطينية، وحتى اللحظة الراهنة، بقيت اتصالات الدول مع الحركات الفلسطينية ذات طابع ثنائي، لم يساعد على بناء كتلة وطنية ـ إقليمية لمد مائدة التفاوض بقوة كافية لردع إسرائيل وتخفيض الخلافات على الساحة الفلسطينية.

لا ينقص دول السباعية شيء لاتخاذ مواقف جماعية، حيث تبعث الأنشطة الدبلوماسية في المنطقة وتزايد المصالح على الأمل في حدوث عمل جماعي تجاه المصالحة بين الفلسطينيين، هنا، تعكس تحركات الوزراء واللجان الاقتصادية والتجارية وجود فرصة لأن تكون اللجنة الوزارية أحد مظاهر التعبير عن المواقف الموحدة تجاه الحرب. 

حيث تشابك المصالح والزيارات بين مصر، السعودية، تركيا، إندونيسيا، الأردن، قطر وإيران، هي أرضية حقيقية وقوة كافية لجمع الفلسطينيين على موقف سياسي، وأيضاً، تمكنها من الحديث بصوت واحد مع الولايات المتحدة، وسابقاً، وضحت قدرة هذه الدول في الرفض الجماعي للتهجير ودعم خطة إعادة الإعمار.

في هذه الأجواء، تكون اللجنة الوزارية على موعد للبحث عن صيغة للاجتماع مع الأطراف الفلسطينية للتشاور على موقف مشترك لوقف الحرب ودعم مسار “تنفيذ حل الدولتين”، وهي نقطة جوهرية في التعامل الدولي على القضية الفلسطينية.

من المحتمل أن يوفر تحرك جماعي لتنسيق المواقف الإقليمية الفلسطيني إطاراً لتوحيد الأجندة التفاوضية وسد الثغرات التي ينفذ منها مؤيدي الاحتلال، ولعل المساهمة التي تقدمها هذه الخطوة تكون في إدامة الترابط وخطوط الاتصال المفتوحة كعمل جبهوي في مقابل إسرائيل وحلفائها.

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق