حماس والجهاد الإسلامي، ممكنات التحالف وإشكاليته
في ديسمبر 2018؛ أثار الأمين العام (الجديد) لحركة الجهاد الإسلامي/ زياد النخالة موجة من الغضب في صفوف كوادر ونشطاء حركة فتح، بعد تصريحاته التي أدلى بها خلال مقابلة صحافية وحملت مطالبة لحركة فتح بـ “مغادرة قناعاتها بأنها قائدة المشروع الوطني الفلسطيني”.
جاء الرد الرسمي من حركة فتح على تصريحات النخالة من خلال رئيس المكتب الإعلامي في مفوضية التعبئة والتنظيم لحركة فتح/ منير الجاغوب، والذي اعتبر أن النخالة يحاول بتصريحه أن يبني له مجداً شخصياً، متنكراً لما قال أنه التاريخ الطويل الذي يربط حركة فتح بالأمناء العامين السابقين (فتحي الشقاقي، رمضان شلح).
تصريحات النخالة حول موقع حركة فتح من المشروع الوطني الفلسطيني، لم تكن، على ما يبدو، آخر ما أزعج السلطة وفتح من الرجل، حيث هاجم في فبراير 2020 اتفاقية أوسلو معتبراً أنها حولت الفلسطينيين “إلى مرتزقة يخدمون في أجهزة حماية الاحتلال“.
بدا أن موقف النخالة من حركة فتح والسلطة الفلسطينية قد بني بصورة كاملة على موقف تنظيمه من الاحتلال الإسرائيلي، والمقاومة فمحورها ثم داعميها، إلا أنه خالف سلفه الأمين العام السابق للحركة الدكتور/ رمضان شلح ، في شكل وطريقة التعبير عن موقف حركته، حيث كان النخالة أكثر صراحة ووضوحاً وصدامية في إبداء الموقف من السلطة الفلسطينية التي يتزعمها السيد/ محمود عباس، وكذلك التنسيق الأمني واتفاقية أوسلو.
لكن ماذا عن الموقف من حركة حماس؟
يمكن الإشارة ابتداءً إلى العلاقة بين حركتي حماس والجهاد، وأطوارها خلال العقود الثلاثة الماضية، والتي لم تكن ذات بداية وردية، حيث مرت تلك العلاقة بمحطّات ومحكّات مختلفة خلال الانتفاضتين الأولى والثانية، مروراً بفوز حركة حماس في بالانتخابات التشريعية عام 2006، ثم سيطرتها على قطاع غزة عام 2007، وما ترتب على ذلك من آثار على شكل وبنية العمل المقاوم في قطاع غزة.
خلال انتفاضة الأقصى؛ اتسمت العلاقة بين حركتي حماس والجهاد الإسلامي بالتنافسية، التي ترتب عليها إشكاليات ميدانية على صعيد القواعد الجماهيرية للتنظيمين، عدا عن حالات الاحتقان التي خلفتها بعض الأحداث، وأهمها عملية الخليل الفدائية في 14 نوفمبر 2002، وعملية تفجير ناقلة الجند الإسرائيلية في حي الزيتون بغزة بتاريخ 11 مايو 2004، حيث تبنى الجناحان العسكريان لكل من حماس والجهاد الإسلامي العمليتين كلٌ على حدا، وتسببت عملية حي الزيتون في قطيعة رسمية بين حماس والجهاد الإسلامي لفترة من الزمن، قبل أن تستأنف العلاقات مجدداً، وتأخذ شكلاً أكثر تنسيقاً مما مضى.
تحالف وتمايز:
كانت الانتخابات التشريعية الفلسطينية عام 2006، أحد معالم تمايز حركة الجهاد الإسلامي عن فصائل العمل الوطني والإسلامي، ففي حين قبلت حماس والجبهة الشعبية المشاركة في العملية الانتخابية بعد مقاطعة انتخابات العالم 1996، احتفظت الجهاد الإسلامي بموقفها الرافض من المشاركة في الانتخابات التشريعية لأسباب تتعلق بموقفها من اتفاقية أوسلو، ومع ذلك فإن الاختلاف حول المشاركة في العملية السياسية لم يؤثر على تطور العلاقات بين التنظيمين الإسلاميين.
تقلبت العلاقة بين حركتي الجهاد الإسلامي وحماس، صعوداً وهبوطاً، بعد سيطرة الأخيرة على قطاع غزة في العام 2007، كما شهدت للمرة الأولى اشتباكات مسلحة بين عناصر الحركتين في أغسطس و أكتوبر من نفس العام، نتج عنها مقتل عدد من المواطنين وإصابة العشرات.
ربما كانت الاشتباكات المذكورة نتيجة طبيعية لحالة الاحتقان بين عناصر التنظيمين بعد سيطرة حماس على غزة، واتهامها للجهاد الإسلامي بضم العشرات من أبناء فتح والأجهزة الأمنية التي كانت تتبع للسلطة الفلسطينية إلى صفوفها، وما كانت تعتبره حماس خرقاً من بعض عناصر الجهاد الإسلامي للقانون بما يمس هيبة الحكومة في غزة وحالة الاستقرار الأمني التي فرضت بعد سيطرة حماس على القطاع.
كانت قيادتا الحركتين معنيتين بإزالة مسببات الاحتقان، وبضرورة إيلاء التنسيق على المستويين السياسي والعسكري أهمية كبيرة، الأمر الذي أدى إلى تجاوز أزمات 2007 بكل تبعاتها، ليبدأ التقارب بين الحركتين في الازدياد بصورة غير مسبوقة.
يمكن القول أن هناك أسباب عسكرية وأمنية وسياسية عديدة دفعت إلى ازدياد التقارب بين حماس والجهاد الإسلامي، خاصة خلال سنوات ما بعد سيطرة حماس على قطاع غزة، ومن تلك الأسباب:
- محور المقاومة: كانت حماس والجهاد تشكلان جزءاً مما يعرف بمحور المقاومة الممتد من طهران وصولاً لدمشق فحزب الله في لبنان ثم غزة، وقد ساهمت العلاقة بالمحور في ارتفاع مستويات التنسيق بين الطرفين في قطاع غزة، وعلى الرغم من اهتزاز “المحور” بعد ثورات الربيع العربي، إلا أن ذلك لم يؤثر على صعيد العلاقة البينية لتنظيمات المقاومة الفلسطينية وعلى رأسها حماس والجهاد.
- التحديات السياسية: تتفق كل من حركتي حماس والجهاد الإسلامي، في الموقف السياسي تجاه عدد من القضايا الهامة، كأوسلو والتنسيق الأمني والمفاوضات مع الاحتلال، الأمر الذي يجعلها تتبنى في الغالب مواقف حركة حماس، حتى لو كان يثير ذلك حفيظة السلطة وحركة فتح.
- بيئة العمل المقاوم في القطاع: عقب سيطرة حماس على قطاع غزة، منحت حكومتها في غزة للفصائل الفلسطينية ومنها كتائب القسام وسرايا القدس حرية العمل والحركة، كما وزعت عليها أراض حكومية لغايات استغلالها في التدريب والإعداد وما يخص تلك الأجنحة العسكرية، عدا عن ارتفاع مستوى التنسيق العسكري والأمني بين كتائب القسام والأجنحة العسكرية وعلى رأسها سرايا القدس.
- المواجهة مع الاحتلال: شكلت الاعتداءات العسكرية التي كانت تنفذها قوات الاحتلال ضد قطاع غزة، وخاصة في الأعوام (2008،2012،2014)، إضافة إلى جوالات التصعيد التي تخللت تلك الحروب، عامل كبير في ارتفاع مستوى التنسيق العسكري بين كتائب القسام وسرايا القدس.
- استراتيجيات العمل العسكري: كما كان لتبادل الخبرات العسكرية خاصة فيما يتعلق بالأنفاق والصواريخ، دوراً هاماً في توثيق العلاقة بين الجناحين العسكريين لحماس والجهاد الإسلامي.
- المهددات الأمنية: كانت الحرب الأمنية بين المقاومة والاحتلال، إضافة إلى التهديد الميداني الناشئ عن التحول الفكري لعناصر من كلا التنظيمين إلى وتبنيهم للفكر المتطرف، أحد روافع العلاقة بين الطرفين والتي باتت تكتسب زخماً أكبر مع مرور الوقت.
الأسباب المذكورة ساهمت بصورة أو بأخرى في إضفاء طابع التحالف بين حركتي حماس والجهاد الإسلامي، إلا أن ذلك لم يمنع الجهاد الإسلامي من إبداء مواقف مخالفة لتلك التي تتخذها حركة حماس، ولعل أبرزها الموقف من الوثيقة السياسية للأخيرة، التي أعلنت عنها في مايو 2017، حيث أبدت حركة الجهاد الإسلامي وعلى لسان الأستاذ زياد النخالة (الذي كان يشغل حينها نائباً للأمين العام للحركة) تحفظها على بعض ما ورد في الوثيقة، خاصة موقف حماس من الدولة على حدود العام 1967.
ورغم ذلك؛ فقد كان التعاون الميداني بين الجناحين العسكريين لحماس والجهاد الإسلامي يأخذ شكلاً أكثر رسوخاً بمرور الوقت، دلّ عليه بصورة واضحة حادثة النفق وسط قطاع غزة في 30 أكتوبر 2017، حيث استشهد 7 مقاومين فلسطينيين، 5 منهم ينتمون لسرايا القدس (أحدهم قائدها في وسط قطاع غزة) عند تفجير قوات الاحتلال الإسرائيلي لنفق كانوا بداخله، بينما استشهد الاثنين الآخرين وينتميان لكتائب القسام خلال عملية إنقاذ عناصر السرايا الذين احتجزوا داخل النفق بعد تفجيره.
منذ العام 2018؛ حفل قطاع غزة بالكثير من الأحداث التي ساهمت في تعزيز التحالف السياسي والعسكري بين الفصائل العاملة في قطاع غزة، والتي بدأت بالانخراط في مسيرات العودة الكبرى وكسر الحصار ودعمها، وصولاً لتشكيل غرفة العمليات المشتركة التي تضم كافة الأجنحة العسكرية العاملة في قطاع غزة وبينها سرايا القدس وكتائب القسام، ودخولها في عدة جولات عسكرية مع الاحتلال الإسرائيلي.
لقد ضمت الهيئة الوطنية العليا لمسيرات العودة وكسر الحصار التي ترأسها عضو المكتب السياسي لحركة الجهاد الإسلامي/ خالد البطش، ممثلين عن معظم القوى العاملة في قطاع غزة، فيما كانت حركة حماس أحد أهم الفواعل المؤثرة في التحكم بإيقاع المسيرات.
كما كانت غرفة العمليات المشتركة أحد الإنجازات الهامة لمسيرات العودة، حيث بدأ العمل العسكري في قطاع غزة يأخذ شكلاً أكثر انضباطاً وتنسيقاً بين جميع القوى المسلحة في قطاع غزة، دون إغفال موقع كتائب القسام وسرايا القدس من الغرفة وتأثيرهما فيها، وقد أظهرت جولات التصعيد خاصة في نوفمبر 2018 و مايو 2019، حجم وقوة عمل الغرفة المشتركة للفصائل.
منذ تأسيسها؛ واجهت غرفة العمليات المشتركة بعض المعضلات المتعلقة بشكل التنسيق، مع استمرار حالات التفلت وإطلاق الصواريخ بشكل منفرد، والتي كان أبرزها صاروخ إسدود الذي تسبب بإنزال نتنياهو، بصورة مهينة، من على منصة الخطاب خلال احتفالية لحزب الليكود، حيث اتهمت “إسرائيل” سرايا القدس وخاصة قائدها في مدينة غزة/ بهاء أبو العطا، بالوقوف خلف عملية إطلاق الصاروخ.
مثّل اغتيال الجيش الإسرائيلي لأبو العطا، أحد أبرز التحديات التي تواجهها غرفة العمليات المشتركة، حيث أثارت حادثة الاغتيال وما تلاها من أحداث، التكهنات حول قدرة الغرفة المشتركة على البقاء والصمود، ففي حين ردت سرايا القدس على عملية الاغتيال بإطلاق معركة “صيحة الفجر” وقصف مدن وبلدات مختلفة أبرزها “تل أبيب“، فإن كتائب القسام لم تظهر في الصورة خلال أيام جولة التصعيد، حيث طرح عدم دخولها في المواجهة، الكثير من الأسئلة في صفوف المتابعين، حول دوافع عدم مشاركتها العسكرية، ثم مصير غرفة العمليات المشتركة.
وعلى الرغم من أن “صيحة الفجر” لم تكن أول معركة تنفرد فيها سرايا القدس في المواجهة مع الاحتلال، حيث سبقها وتلاها أيضاً معارك أخرى خاضتها السرايا ضد الاحتلال، أبرزها في مارس 2012، و مارس 2014، إضافة إلى فبراير 2020، إلا أن جولة “صيحة الفجر” التي دارت رحاها في نوفمبر 2019، شكّلت الصورة الأكثر وضوحاً على حالة الامتعاض لكل طرف من السلوك الميداني للآخر، حيث لم تخفِ حركة الجهاد الإسلامي استياءها من عدم مشاركة كتائب القسام في تلك الجولة العسكرية، عبّر عنه “بطريقة دبلوماسية” الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي/ زياد النخالة، عندما أشار إلى تقدم سرايا القدس المواجهة مع الاحتلال في جولة التصعيد، رافضاً اعتبار حركته وحدها ولياً للدم في عملية الرد على اغتيال الشهيد بهاء أبو العطا.
خلال السنوات الماضية، أُطلقت عشرات الصواريخ على دولة الاحتلال بدون قرار مركزي أو تبني من أي فصيل مقاوم في قطاع غزة، حيث كانت يرد الجيش الإسرائيلي بقصف مواقع ومقدرات تتبع للمقاومة الفلسطينية وخاصة كتائب القسام، الأمر الذي أسهم في ازدياد حالة الاستياء لدى حركة حماس التي كانت تتعرض مقدراتها للقضم بفعل الردود الإسرائيلية على عمليات إطلاق الصواريخ ، وقد أشارت معطيات ومصادر مختلفة إلى ضلوع عناصر من سرايا القدس خلف جزء كبير من عمليات إطلاق الصواريخ، حيث ركزت دولة الاحتلال على اسم بهاء أبو العطا، قبل اغتياله، ثم خليفته “خليل البهتيني” الذي اتهمته وسائل إعلام عبرية بالضلوع في عملية إطلاق الصواريخ على بلدة “إسدود” في ديسمبر 2019، خلال تواجد رئيس الوزراء الإسرائيلي “بنيامين نتنياهو” في مجمع انتخابي لحزبه هناك.
إلى جانب عمليات إطلاق الصواريخ التي كان يُتهم في بعضها عناصر من الجهاد الإسلامي، فقد أثار التفجيرين الانتحاريين بغزة في أغسطس 2019، المزيد من المخاوف لدى حماس من مدى سيطرة الجهاد الإسلامي على عناصرها وقدرتها على ضبطهم، بعد ثبوت انتماء منفذي العمليتين لسرايا القدس، عدا عن ضلوع العشرات من عناصر الجهاد الإسلامي في العملية ضمن مخطط كبير كان يستهدف مقار وأجهزة حكومية وأمنية عديدة في قطاع غزة.
وعلى الرغم من تعاون حركة الجهاد الإسلامي الكامل مع حماس والأجهزة الأمنية في قطاع غزة في مجريات التحقيق المتعلقة بالعمليتين الانتحاريتين، فقد بقيت مسألة معالجة ضلوع عناصر من سرايا القدس في عمليات إطلاق صواريخ بشكل منفرد، عالقة دون حلول حقيقية، كونها ظاهرة تتجاوز في حقيقتها مسألة الفردية حتى وإن لم تصل إلى اعتبار أنها تتم بقرار مركزي من قيادة سرايا القدس أو حركة الجهاد، حيث تبقى الحلقة الوسيطة التي تتمثل في بعض مسؤولي العمل العسكري الكبار في الجهاد الإسلامي بقطاع غزة، هي المتحكم الرئيس في قرارات إطلاق الصواريخ أو بعض الأعمال العسكرية الأخرى دون وجود توافق فصائلي خاصة مع حماس.
يمكن الإشارة إلى أن عمليات إطلاق الصواريخ المنفردة من قبل عناصر من الجهاد الإسلامي، وإن ارتبطت بصورة مباشرة بالقادة الميدانيين في سرايا القدس، إلا أنها لا تنفك عن الرؤية الخاصة بحركة الجهاد الإسلامي لإدارة الصراع مع الاحتلال انطلاقاً من قطاع غزة، والتي تقوم في أساسها على ضرورة وجود “حرب استنزاف” للاحتلال تشكل جولات التصعيد وعمليات إطلاق الصواريخ وبعض العمليات على الحدود مع “إسرائيل” عمادها الرئيس، الأمر الذي لا يتفق مع الاستراتيجية التي تتبناها حركة حماس والتي تقوم على “مراكمة القوة أولاً“، دون الدخول في جولات تصعيد قد تؤدي إلى الخصم من رصيد المقدرات العسكرية للمقاومة الفلسطينية وكتائب القسام، مع ترك الباب موارباً أمام إمكانية الرد على أي خروقات من الاحتلال ضد قطاع غزة ومقاومته.
الخلاصة:
مع تولي الأستاذ زياد النخالة رسمياً قيادة حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين في سبتمبر 2018، بدأ بإظهار تمايز بصورة واضحة عن نهج سلفه الدكتور رمضان شلح في التعبير عن مواقف حركته السياسية، ففي حين خلت عباراته (في غير مرة) من الدبلوماسية في نقده لسلوك السلطة الفلسطينية والموقف من اتفاقية أوسلو والاحتلال، فقد خاضت حركته، على الصعيد العسكري، خلال عام ونصف من قيادته لها مواجهتين كبيرتين (من أصل 4 خاضتها سرايا القدس انطلاقا في قطاع غزة منذ اندلاع الانتفاضة الثانية) مع الاحتلال الإسرائيلي انطلاقاً من قطاع غزة، بصورة منفصلة دون مشاركة الأجنحة العسكرية الأخرى وعلى رأسها كتائب القسام، الأمر الذي وإن كانت له مسبباته الميدانية من الناحية الشكلية، إلا أنه قد يلقي بظلال كبيرة وأسئلة أكبر على شكل العلاقة وحدودها المرسومة مع حركة حماس، حيث يمكن أن تسير العلاقة في واحد من اتجاهات ثلاثة، أولها احتواء جزئي للخلافات، بما يترتب على هذا الخيار من إشكاليات أهمها ظهور مقاومة قطاع غزة برأسين و استراتيجيتين مختلفتين، بما يمنح الاحتلال الفرصة للاستفادة من هذا التباين التكتيكي في خلق حالة تناقض استراتيجي، وثانيها هو دخول الحركتين في صدام مباشر يكرر نموذج صراعهما “القصير” في العام 2007، نتيجة لاختلاف الرؤى وعدم القدرة على ضبط الموقف، ويبقى هذا الاتجاه مستبعد الى حد كبير في ضوء تطور قدرة الأدوات السياسية والميدانية للطرفين في التغلب على مثل هذه التباينات، و الثالث يتمثل في استفادة الحركتين من هذا التباين في إنتاج استراتيجية متعددة الأدوات والبدائل، تلعب كل من الحركتين دورها فيها بما يسمح باستمرار التطور والبناء لقدرة المقاومة، دون التخلي عن خيار استنزاف الاحتلال والحفاظ على درجة من الردع الموجه ضده على نحو مستدام.