حظر “الأونروا” ومسار القضية الفلسطينية
رفضت الأمم المتحدة قرار حظر وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، محذرةً من تداعياته الخطيرة على اللاجئين الفلسطينيين في مختلف أماكن تواجدهم وعلى كافة المستويات. كما دعت كافة الدول المانحة للضغط على دولة الاحتلال لوقف تنفيذ القرار لما يمثله من تهديد للاستقرار الإنساني والحقوق الفلسطينية.
يتناول التقرير السياسات الإسرائيلية تجاه الأونروا، بدءًا من الممارسات التقييدية السابقة وصولًا إلى التشريع الأخير الذي يستهدف عمل الوكالة. كما يسعى التقرير إلى استشراف البدائل الممكنة أمام الفلسطينيين، مع التركيز على الأدوار الإقليمية في دعم الوكالة باعتبارها ركنًا أساسيًا من مقومات الوصول لحل الدولتين وحماية الحقوق الفلسطينية المشروعة.
ويشير التقرير إلى ضعف التنسيق في إدارة هذا الملف، سواء على مستوى القوى والفصائل والمجتمع المدني، أو على صعيد الدول العربية والإسلامية والدول الداعمة للحق الفلسطيني، ما يستدعي جهودًا أكبر لتحقيق موقف موحد يدعم صمود اللاجئين ويحافظ على حقوقهم التاريخية.
ومع اقتراب موعد بدء تنفيذ قرارين صادق عليهما البرلمان الإسرائيلي (الكنيست)، يقضيان بإنهاء خدمات وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، في الأراضي الفلسطينية، وذلك بحلول نهاية شهر يناير 2025. ويأتي قرار الكنيست في 28 سبتمبر 2024 بشأن إنهاء أنشطة وكالة الغوث الأونروا في الأراضي الفلسطينية باعتباره واحداً من تلك الأهداف التي وضعتها الحكومة اليمينية بعد أحداث السابع من أكتوبر 2023، ويعد القرار تتويجاً لسلسلة من الإجراءات الممنهجة والمستمرة لخطة تصفية الأونروا بهدف اسقاط ملف اللاجئين الفلسطينيين من الأجندة الدولية، وذلك بدءً بتقليص الدعم المالي لـ الأونروا، وهو ما ظهر جلياً مع قرار الإدارة الأمريكية في ولاية دونالد ترامب الأولى بوقف تمويل الأونروا بالكامل، ومروراً بحملة تشويه متعمدة لشيطنتها على المستوى الدولي لتقليص مصادر ميزانيتها، وهو ما روّج له طيلة حرب الإبادة في قطاع غزة، ومن ثم تقويض أنشطتها في مناطق معينة، ووصولاً إلى قرار الحظر الكامل الذي تسعى دولة الاحتلال إلى تمريره في الوقت الراهن ضمن نطاق سيطرتها.
أولاً: التخلص الصهيوني من الأونروا
على المستوى الرسمي لم يكن مفاجئاً، فالتهم جاهزة، لكنها بحاجة الى مبررات يُمكن تسويقها لإقناع الأطراف الدولية، وهو ما وظفته وزارة الخارجية الاسرائيلية في 4 نوفمبر 2024، عبر ادعاءها بالاشتباه ف تورط بعض موظفي الأونروا في هجوم 7 أكتوبر 2023، وهو ما ترفضه الأمم المتحد وغالبية الأطراف الدوليين، لأن وكالة الغوث تلتزم الحياد، وتركز حصرا على دعم اللاجئين.
خلفيات قرار حظر الأونروا
بعد انتهاء العدوان الصهيوني على قطاع غزة في العام 2014 بدأت المتطرفة “تسيبي حوتوفيلي” سفيرة الاحتلال في لندن، والنائبة السابقة عن حزب الليكود، حملتها ضد وكالة الغوث، وقد كانت عبارة، حان الوقت لتفكيك الوكالة عنوان دراسة قدمها نير عمران الضابط الاحتياط في الجيش الاسرائيلي، فقد انطلقت دراسة عمران من ذلك البعد الديمغرافي الذي تخشاه إسرائيل وتعتبره واحداً من أخطر محاور الصراع مع الشعب الفلسطيني، إذ استند عمران حينها الى معايير المفوضية العليا للاجئين كمؤسسة دولية تصنف اللاجئ وفقاً لما يتعرض له من مخاطر، منتقداً استناد الأونروا على معايير مختلفة مع حالة الفلسطيني، لأن الـ 700 ألف لاجئ فلسطيني في العام 1967 أصبحوا 5.5 مليون لاجئ، وهذا يعني أن وكالة الغوث تساهم في إدامة الصراع الفلسطيني الصهيوني.
بدورها، حملت دراسة معهد الأمن القومي الاسرائيلي الصادرة في العام 2022 العديد من المخاطر التي تشكلها الأونروا على دولة الاحتلال، وهو ما أكدت عليه “طاليا اينهرون”، المحامية الصهيونية والمحاضرة في جامعة أرئيل في العام 2024، فقد اعتبرت إغلاق الأونروا انقاذً للكيان الصهيوني، لإن استمرار الوكالة يعني بقاء القضية الفلسطينية، ولا يتعلق الأمر بقطاع غزة، بل يشمل كافة مناطق اللجوء.
تراجع تكتكي
قبل أسابيع قليلة على دخول قرار حظر نشاط وكالة الغوث في الاراضي الفلسطينية، الذي سيتم تطبيقه في 30 يناير 2025، قدم معهد دراسات الأمن القومي الاسرائيلي توصيات تتناقض نسبياً مع تلك الدراسة المقدمة قبل عامين حول وقف نشاط الاونروا، حيث تنطلق تلك التوصيات من المؤثرات السلبية التي سوف تقع على إسرائيل في حال أقدمت على هذه الخطوة، باعتبار أن تلك الخطوة سوف يكون لها تأثير سلبي على مصالح إسرائيل الدولية، خاصةً وأنها سوف تتزامن مع الحملة الدولية المضادة لإسرائيل بسبب الابادة الجماعية في غزة، فضلاً عن أن إسرائيل ستكون مُجبره على إيجاد بديلاً لوكالة الغوث للعمل داخل الاراضي الفلسطينية.
ولذلك، أوصى تقرير معهد دراسات الأمن القومي الحكومة الصهيونية، بضرورة تعيين هيئة دائمة تقدم الخدمات المطلوبة لسكان غزة بدلاً من إدارة تابعة للأمم المتحدة لإعادة الإعمار، كجزء من المناقشات بشأن اليوم التالي لحكم حماس، مع ضرورة الترويج لخطوة تؤدي إلى قيام السلطة الفلسطينية بملء الفراغ الذي سينشأ مع توقف أنشطة الأونروا في الضفة الغربية، مع قيام بلدية القدس بتقديم الخدمات التي تقدم الأونروا حاليا فيها خدماتها للسكان الفلسطينيين في القدس.
وفي إطار هذه التوصيات تأتي المحاولات الاقليمية، فمبادرة لجنة الاسناد المجتمعي قد تشكل بديلاً مناسباً عن دور الأونروا، كما يأتي الطرح الاماراتي كخيار بديل، لكن تلك التوصيات الجديدة التي يقدمها معهد دراسات الأمن القومي لا تتعارض مع فكرة التخلص من وكالة الغوث، لكنها تخشى على مصالح إسرائيل بسبب التوقيت غير المناسب الذي قد يسبب ضرراً لمصالح إسرائيل، خاصةً وأن ثمة العديد من الجهات الأوروبية تعارض هذه الخطوة.
وهنا يمكن فهم تلك الجهود الاقليمية غير المعنية بالضغط على الفصائل الفلسطينية لتحقيق المصالحة الفلسطينية، وتوجيه تركيزها على لجان مؤقته في غزة، في إطار تلك الرؤية الاسرائيلية التي تدعم خيار إيجاد البديل عن الأونروا.
التجاهل المقصود
توجه وسائل الاعلام الاسرائيلية من وقت لأخر انتقادات لحكومة نتنياهو، حيث تتفق هذه الجهات مع رؤية معهد الأمن القومي حول إيجاد بديل عن وكالة الغوث، علاوة على أن حكومة نتنياهو متهمة بفشلها في التعاقد مع شركات أمنية لإدارة الشؤون الانسانية شمال قطاع غزة، وهنا تُظهر وسائل الاعلام العبرية عدم تعاقد حكومة نتنياهو مع شركات أمن خاصة في غزة أو عدم إيجاد بديل عن حكم حماس، باعتباره فشلاً في استراتيجية حرب الابادة في غزة.
من جانبها لا تدافع حكومة نتنياهو عن رؤيتها في غزة، وتستمر في تطبيق خطة الجنرالات التي تتناقض مع توصيات معهد دراسات الأمن القومي ومطالب الصحافة والمعارضة الصهيونية، لأن إيجاد البديل المحلي أو الدولي في غزة يعني فشل خطة الجنرالات، وفشل مخططات التهجير، وهذا يعيدنا إلى دراسة عمران التي أشرنا إليها في بداية التقرير، حيث ركزت تلك الدراسة على علاقة وكالة الغوث بالصراع الديمغرافي، لأنها أبقت على القضية الفلسطينية من خلال تصنيفها للاجئ الفلسطيني، وهذا يتفق مع رؤية اليمين الحاكم في إسرائيل، حيث ينظر هذا الأخير الى نقطة نهاية الصراع عبر ايجاد حلول عملية من شأنها تحقيق تفوق ديموغرافي لصالح إسرائيل، وهذا يصعب تحقيقه في ظل وجود كيانيه سياسية فلسطينية، أو وكالة الغوث باعتبار دورها يُبقي على حالة اللجوء الفلسطيني، بالتالي بقاء مقومات الصراع.
ثانياً: قرار حظر وكالة الغوث واُفق المواجهة فلسطينياً
تداعيات قرار الحظر
يمثل قرار الحظر الإسرائيلي تهديداً وجودياً للاجئين الفلسطينيين، إذ لا يتوقف تأثيره على منع المساعدات الإنسانية التي تعد شريان الحياة لملايين اللاجئين فحسب، بل تمتد تداعياته إلى حد تدمير منظومتي التعليم والصحة، إذ تُشرف وكالة الأونروا على تشغيل مئات المستشفيات والمدارس التي تقدم خدمات للاجئين الفلسطينيين في أماكن تواجدهم، مما قد يحرم جيلاً كاملاً من التعليم والرعاية الصحية، ويفاقم من سوء أحوالهم على المدى الطويل.
إضافةً إلى ذلك، هناك توقعات بأن يؤدي إغلاق الأونروا إلى تعميق الأزمة الاقتصادية من جراء تسريح 30 ألف موظف من العمل، مما يُضف عبئاً اقتصادياً على كاهل اللاجئين الفلسطينيين وعوائلهم من جانب، ويزيد من أعباء السلطة الفلسطينية التي تواجه بالفعل أزمة حادة بفعل البطالة التي تزيد عن 30% من جانبٍ أخر، مما يزيد من تحديات إيجاد الفرص البديلة.
وعدا البُعد الإغاثي، ارتبطت صورة تعزيز الحضور المستمر لـ وكالة الأونروا في تقديم خدماتها للاجئين الفلسطينيين بكونها إحدى السمات الرئيسية التي تعكس استمرار معاناة اللاجئين من جراء النكبة منذ عام 1948 وحتى اليوم، بحيث يرتبط استمرار وكالة الأونروا وخدماتها بنطاقٍ زمني يمتد حتى عودة اللاجئين إلى أراضيهم أو إيجاد حل نهائي لوضعهم.
ومن جهةٍ أخرى، يمثل وجود وكالة الغوث (الأونروا) غطاءً قانونياً واعترافاً دولياً باستمرارية صفة اللجوء للاجئ الفلسطيني، وما يترتب عليه من حقوقٍ مشروعة مثل حق العودة والتعويض وحل أوضاعهم بناءً على قرارات الجمعية العمومية للأمم المتحدة مثل قرار 194، الذي ينص على حق العودة إلى الأراضي التي هُجّروا منها في عام 1948، وذلك ضمن أي حلولٍ مستقبلية وفق حل الدولتين.
علاوةً على دورها القانوني، تعد الأونروا آخر الشواهد المؤسسية الدولية على مأساة اللاجئين الفلسطينيين، فهي المكون الإداري الرئيسي في إدارة خدمات اللاجئين لمدة 75 عاماً، حيث تحتفظ بسجلاتٍ دقيقة للاجئين توثّق معلومات بخصوص أماكن لجوئهم ومناطقهم وأوضاعهم، عدا عن رصدٍ مستمرٍ لكافة التحولات الاجتماعية والاقتصادية التي طرأت على أوضاعهم، ما يجعل الوكالة ذا أهمية بالغة لا غنى عنها في أي مسارٍ لحل القضية الفلسطينية وملف اللاجئين.
الموقف الرسمي والفصائلي
جاء رد الفعل الرسمي، عبر تصريحات السلطة الفلسطينية، التي أدانت قرار الحظر الإسرائيلي، مشيرةً إلى أن الأونروا ليست مجرد جهة إغاثية، بل تمثل شاهداً دولياً على معاناة اللاجئين وحقهم الذي أقرته قرارات الأمم المتحدة، داعيةً المجتمع الدولي ومجلس الأمن إلى التحرك الفوري لمنع تنفيذ القرار، محذرة من تداعياته الخطيرة على الاستقرار الإقليمي.
وفي إطار جهودها لمواجهة القرار، تعمل السلطة الفلسطينية على تفعيل مسار دولي لزيادة الضغط على دولة الاحتلال، مستندة إلى قرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة، ولا سيما القرار رقم 302 الخاص بإنشاء الأونروا لتقديم خدمات الإغاثة للاجئين الفلسطينيين. كما أطلق رئيس دائرة شؤون اللاجئين في منظمة التحرير الفلسطينية أحمد أبو هولي، ضمن خطة اعتمدها رئيس السلطة محمود عباس، حملة رقمية واسعة لمناصرة الأونروا على منصات التواصل الاجتماعي، تحت شعار “أوقفوا الحرب الإسرائيلية على الأونروا”، و”الأونروا منظمة أممية وليست إرهابية”، بهدف حشد دعم عالمي مناهضة القرار.
وأما على مستوى الفصائل الفلسطينية، وعلى رأسها حركتا حماس والجهاد الإسلامي والجبهة الشعبية، رأت أن القرار الإسرائيلي هو جزء من خطة إسرائيلية أمريكية تستهدف تصفية قضية اللاجئين كجزء من مسار التصفية الذي بدأ بقرار دونالد ترامب تقليص الدعم المقدم للأونروا خلال ولايته الأولى. فيما دعت حركة حماس إلى حراك شعبي واسع وموحد للضغط على المجتمع الدولي لمواجهة هذا المسار الخطير.
رد الفعل الشعبي
يُدرك اللاجئ الفلسطيني في مختلف أماكن تواجده الدور الجوهري الذي تمثله وكالة الأونروا في حياته اليومية، باعتبارها الشريان الأساسي له. وانعكس هذا الإدراك بشكل جلي في ردود الفعل الشعبي إزاء قرار الحظر المزمع تطبيقه، حيث عبّر الفلسطينيون بمختلف شرائحهم عن استنكارهم الواسع ومخاوفهم العميقة، مما يحمله من قرار الحظر من تهديدات خطيرة على الوضع الإنساني.
وتتزايد حدة المخاوف بشكل خاص في قطاع غزة، حيث بات تقريباً جميع سكانه نازحين يعتمدون على خدمات الأونروا في ظل الأوضاع الكارثية التي يعيشونها مع استمرار حرب الإبادة والمجاعة المستمرة. ويشعر اللاجئون بأن القرار بمثابة إعلان حكم بالإعدام على ملايين الأشخاص، خصوصاً أن الأونروا تعد الجهة الإغاثية الدولية الوحيدة التي تقدم خدماتها في الأراضي المحتلة.
وتشير توجهات اللاجئين لقلق متزايد من التداعيات المباشرة للقرار على معيشتهم اليومية، بما في ذلك أوضاع أطفالهم التعليمية والرعاية الصحية. كما أعربوا عن مخاوفهم من تراجع الدعم الغذائي والصحي الذي يضمن لهم الحد الأدنى من احتياجاتهم الأساسية، خاصة في ظل السياسات الإسرائيلية الممنهجة لاستهداف المنظومتين التعليمية والصحية.
وفي مواجهة هذا الخطر، أطلق العديد من المنظمات الأهلية الفلسطينية حملات مناصرة عبر وسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي، سلّطت الضوء على دور الأونروا وأهمية استمراره، والمخاطر المحتملة من جراء قرار إغلاقها. وهو ما توافق مع مسار المواجهة الذي أطلقته دائرة شؤون اللاجئين في منظمة التحرير الفلسطينية التي تسعى إلى تحشيد الرأي العام العالمي.
وبشكل عام، هناك مساعٍ فلسطينية لمواجهة تنفيذ هذا القرار من خلال اتخاذ خطوات عملية على عدة أصعدة، مع التركيز على استنهاض الدعم الدولي وتعزيز الحراك الشعبي لتشكيل ضغط واسع النطاق على إسرائيل، بهدف منع تنفيذ هذا القرار. ورغم أهمية التحرك الفلسطيني، إلا أن ضمان استمرارية الأونروا يتطلب التزاماً دولياً فعلياً، بحيث لا يمكن تحميل الفلسطينيين وحدهم عبء الدفاع عن مؤسسة أممية تمثل أحد أعمدة الشرعية الدولية وركيزة أساسية لضمان حقوق اللاجئين. وقد بات هذا الملف بات اختباراً واضحاً لمدى جدية المجتمع الدولي في الوقوف إلى جانب الحق الفلسطيني.
ثالثاً: الدول بين الجهد الفردي والعمل الجماعي
وإزاء السياسة الإسرائيلية، تعمل الدول الإقليمية على التقليل من مخاطر الوقف المفاجئ لمنظمة الأونروا، وذلك في إطار ضغوط حِزمة من المشكلات السياسية، لا تقتصر على القضية الفلسطينية، وفي هذا السياق، تسعى لتوزيع اهتماماتها على كل هذه الأعباء تحت مظلة عمل جماعي، يحول دون حدوث فجوات أمنية.
وفي ظل تداعيات الحرب، تسارع اهتمام الدول بتثبيت حقوق اللاجئين ضمن مقتضيات بقاء القضية الفلسطينية في قلب الاهتمامات الدولية، ولهذا، نظرت للسياسة الأمريكية والأوروبية بمنع تمويل الأونروا والتحريض عليها انتهاكاً لحقوق اللاجئين، ولذلك، دعت الدول الإقليمية لتبني اتفاقية لدعم المنظمة الدولية،
ومنذ الحرب على غزة، بدأت الجامعة العربية مسار حماية الفلسطينيين، واعتمدت صيغة جماعية ما بين الدول العربية والإسلامية، واختطت طريقاً لدعم الأونروا باعتبارها ركناً أساسياً في القضية الفلسطينية، وخصوصاً مع تزامن حرب الإبادة مع شروع الاحتلال في تقويض منظمة الإغاثة الدولية، وهي تداعيات كارثية ترتب عليها منع وصول الإغاثة لسكان القطاع
منذ المراحل الأولى، اتخذ الدعم الإسلامي شكلاً جماعياً ضد ضغوط التهجير وإسناد منظمة الأونروا، باعتبارهما شرطين لازمين تنفيذ حل الدولتين. وفي هذا السياق، تتابع الدعم المالي من الدول العربية وتركيا، ب لمنع المنظمة من السقوط باعتبارها واحدة من الأركان الدولية للقضية الفلسطينية، وتمكينها من الصمود أمام قرارات الاحتلال باستبعادها من العمل في الأراضي الفلسطينية، وتغطية الانسحاب الأمريكي من دعمها. وكما كانت السعودية في مقدمة داعمي الأونروا، وتبعتها دول؛ الإمارات، قطر وتركيا، فيما تركز دعم مصر على المواد العينية ودعم العمليات الإنسانية.
فخلال العام الماضي، بدت مساهمات الدول متناثرة، وبغض النظر عن كفايتها لتغطية حاجات اللاجئين، فإنه مع اختلاف الظروف والوقائع السياسية، يمكن أن تشهد المساهمات تذبذباً لا يضمن الحماية اللازمة للاجئين.
وبمراجعة سياسات الدول في التعامل مع منظمة غوث اللاجئين، كان واضحاً غياب التنسيق فيما بينها، وذلك على خلاف التنسيق في اللجنة السباعية، فقد قدمت كل دولة مساعداتها، سواء مباشرة للأنروا أو عبر دولة وسيطة، دون تنسيق كافٍ لوصول الدعم ومتابعة إدارته. وهو ما يفقد الوكالة الدولية الظهير السياسي المناسب لوقف أو تحييد الضغوط الغربية لإبعاد ملف اللاجئين عن أي مفاوضات مستقبلية.
كما أنه من ناحية أخرى، يجري التعامل الإقليمي مع الوكالة الدولية لغوث اللاجئين بمعزل عن التنسيق مع الأطراف الفلسطينية لتقدير الاحتياجات ومتابعة توزيعها، وهي نقطة مهمة، لكنها تواجه واقع الانقسام الفلسطيني وأيضاً، اختلاف علاقات الفلسطينيين مع الدول. هذه الأرضية تعمل على إعاقة التنسيق الإقليمي لدعم غوث اللاجئين لكي يكونوا في بؤرة الاهتمام على مسار الحل السياسي.
وتشير خريطة ومسار الدعم الإقليمي إلى ترسيخ وجود الفلسطينيين على ارضهم ودعم دول الجوار، لكي تكون طريقاً سهلاً لوصول الدعم لأكبر قدرٍ من الفلسطينيين، فكما أقرت القمة العربية ـ الإسلامية دعم مصر، كانت دول الخليج وتركيا في اتجاه تعزيز دور الأردن، وهو مسار يُدعم إطاراً مكافئاً للقرارات الإسرائيلية، لكنه ما يزال في حاجة لتنسيق العلاقات الفلسطينية والإقليمية.