مدخل إلى سياسات “اسرائيل” بخصوص تصاريح العمّال في غزة
تقديم:
في محاولة منها لتمرير مشاريعها، تسعى دولة الاحتلال لشراء الهدوء مقابل التسهيلات الاقتصادية ذات التأثير المهم في الحياة المعيشية والإنسانية للشعب الفلسطيني. وهنا تعلم إسرائيل جيداً أن الوضع الاقتصادي في غزة على حافة الهاوية بعد ١٥ عاماُ من الحصار المطبق، وأن عليها تقديم شيء لسكانه مقابل الحصول على الهدوء.
لم تأخذ تلك السياسة الصهيونية طريقها إلا بعد قناعتها بصعوبة الحل العسكري مع غزة، وهذه الأخيرة رغم ما تتعرض له حصار إلا أنها لا تمتلك سوى القليل من الخيارات، لأنها تكاد تكون المرتكز الأخير للمشروع الوطني الفلسطيني.
في ذات الوقت، لا يتوقف الاحتلال عن تعزيز الانقسام، وتعميق الخلافات بين الفصائل الفلسطينية، خاصةً وأن من أهم النتائج السياسية لمعركة سيف القدس ٢٠٢١ أنها وحدت الساحات الفلسطينية بشكل لا مثيل له، وهذا ما يُفسر طرح الاحتلال لرواية استهداف الجهاد الإسلامي بعيدا عن الفصائل الفلسطينية الأخرى خلال عدوانه الاخير على قطاع غزة.
واذا كانت دولة الاحتلال قد نجحت مسبقاً في الاشراف على الانقسام الفلسطيني وتعميقه بين الضفة الغربية وقطاع غزة، فإنها لا تدخر جهدا الان في بث الفرقة بين حركتي الجهاد الإسلامي وحركة حماس. أي أن من أهداف بث الفرقة بين الفصيلين القضاء على فكرة غرفة العمليات المشتركة في غزة، والتي أحدثت تقدماً نوعياً على الصعيد الميداني والعسكري والعملياتي.
ولعل مام تريده إسرائيل هو استهداف كل فصيل بشكل منفصل، والإعتداء على الكل الفلسطيني ولكن بشكل منفرد، وهو ما يفسر إصدارها لعدد من تصاريح العمل لسكان قطاع غزة في اليوم التالي للعملية العسكرية، وإغلاقها للمعابر قبيل الهجوم، في محاولة منها للقضاء على الحاضنة الشعبية للمقاومة وبث الفرقة بين فصائلها المختلفة، خاصة حماس والجهاد الإسلامي.
كانت إحدى نتائج معركة سيف القدس التي اندلعت في غزة في مايو/ أيار 2021، توصل حركة حماس ودولة الاحتلال في نوفمبر/ تشرين الثاني 2021 لتفاهمات أفضت إلى موافقة إسرائيل على إصدار آلاف التصاريح لعمال غزة للعمل في الداخل،[1] لأول مرة منذ نحو عقدين؛ وهو ما يمكن اعتباره كسراً جزئياً لحالة الحصار الإسرائيلي المفروض على القطاع منذ فوز حركة حماس في الانتخابات التشريعية في يناير/ كانون الثاني 2006.
هذا البند من التفاهمات لطالما كان مطلباً شعبياً من قبل الشارع الغزي لحركة حماس، نظراً للحالة الاقتصادية المأساوية التي يمر بها اقتصاد القطاع، فعدد العاطلين عن العمل تجاوز 225 ألفاً،[2] ونسبة البطالة تجاوزت مستوى 50%، وترتفع في صفوف الخريجين إلى أكثر من 71%.
فرض الواقع المأساوي للحالة الاقتصادية المتردية في غزة على حركة حماس بأن تطرح هذه القضية كجزء من تفاهمات التهدئة مع دولة الاحتلال التي قادتها المخابرات المصرية لوقف الحرب، رغم أن الطرفان (حماس- إسرائيل) كانتا تتحفظان في السابق على الشروع بهذه الخطوة لاعتبارات أمنية واستخبارية، إذ كانت الرؤية الإسرائيلية تشترط الشروع في هذا الملف ضمن الشروط الإسرائيلية لإبرام صفقة تبادل مع حركة حماس، في حين كانت رؤية حماس مختلفة كلياً عن الرؤية الإسرائيلية، بأن لا سقف لأي صفقة تبادل سوى الإفراج عن الأسرى في السجون الإسرائيلية.
تحاول السطور التالية تسليط الضوء على ملف تصاريح العمال منذ بداياته، وكيف تطور مع مرور الوقت، وما هي دوافع تغير موقف كل من حركة حماس وإسرائيل للموافقة على هذه الخطوة، وما المصلحة المرجوة من كل طرف للقبول بهذه الصياغة، وهل تسعى إسرائيل لجعل ملف التصاريح ورقة ضغط إضافية على المقاومة في غزة؟
خلفية تاريخية
منذ وقوع فلسطين تحت الاحتلال الإسرائيلي في نكبة العام 1948، استخدمت إسرائيل لأول مرة سياسة التصاريح كنهج في تعاملها مع الفلسطينيين، كانت بداياته بفرض الحكم العسكري على فلسطينيي الداخل الذين لم يهاجروا وبقوا في أراضيهم، فكان ما يقرب من 85% من الفلسطينيين آنذاك خاضعين للحكم العسكري، فلا يسمح لهم بالخروج من مناطقهم إلا بتصريح يصدر عن الحاكم العسكري للمنطقة، أما الهدف من ذلك فكان منع أي إمكانية لعودة اللاجئين إلى أراضيهم وقراهم التي هجروا منها.[3]
مع مرور الوقت واحتلال إسرائيل لما تبقى من الأراضي الفلسطينية في حرب حزيران من العام 1967، فرضت إسرائيل حكماً عسكرياً على الضفة الغربية وقطاع غزة، وأعلنتها مناطق عسكرية مغلقة، وبات الحاكم العسكري هو المسؤول عن إصدار تصاريح الخروج والسفر لأهالي الضفة والقطاع سواء لمناطق الداخل (أراضي 48) أو خارج حدود فلسطين فيما عرف آنذاك بتصاريح الخروج العامة.[4]
استمر الحال على ما هو عليه حتى العام 1972، حيث انتهجت إسرائيل سياسة أقل تشدداُ وقامت بتخفيف القيود المفروضة على تحرك الفلسطينيين، فسمح لهم بالتنقل من غزة إلى الضفة والقدس وأراضي 48 وبالعكس سواء لأغراض التجارة أو العمل، بشكل سلس نوعاً ما، مع إبقاء بعض القيود المتعلقة بحظر المبيت لهؤلاء الفلسطينيين خارج مناطق سكنهم من الساعة الواحدة بعد منتصف الليل وحتى الخامسة فجراً.
كانت إسرائيل في هذه الفترة تمر بعقدها الثالث من تأسيس الدولة، فبعد أن استطاعت أن ترسخ أركان حكمها ونظامها السياسي، كان اقتصادها ينمو بشكل متسارع، وتحديداً في قطاعات تصدير المنتجات الزراعية والصناعية، كما شهدت هذه الفترة تدشيناً للعلاقات الاقتصادية الأمريكية- الإسرائيلية، فغزت السلع الإسرائيلية أسواق ما وراء الأطلسي.
كان يقف خلف هذا النمو الاقتصادي عاملين، الأول؛ وفرة الأيدي العاملة، حيث كانت العمالة الفلسطينية أحد أهم الموارد البشرية للنهوض بالاقتصاد الإسرائيلي، أما الموارد المالية فكانت مكملة لهذا النمو والتي جاءت من مصادر خارجية أبرزها: المساعدات المالية التي تلقتها إسرائيل من ألمانيا كتعويض عن “الهولوكوست” التي وصلت قيمتها لأكثر من 90 مليار دولار،[5] بالإضافة للدعم الأمريكي المباشر من المنح والقروض الميسرة، والتبرعات من الأثرياء اليهود في أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية.
تصاريح العمال ومرحلة أوسلو
مع انطلاق عجلة المفاوضات السرية بين منظمة التحرير وإسرائيل في العاصمة النرويجية- أوسلو، التي أعقبت تدمير إسرائيل للبنى التحتية للثورة الفلسطينية في لبنان، وظفت إسرائيل ملف تصاريح العمال الفلسطينيين كأداة ضغط على قيادة منظمة التحرير لإجبارها على الرضوخ للشروط المتعلقة بترتيبات الحل النهائي.
فأدركت إسرائيل آنذاك، أن ابتزاز الفلسطينيين وانتزاع التنازلات السياسية منهم يأتي عن طريق ورقة العمال، فمنظمة التحرير كانت تعتمد على جزء من دخل العمال كشكل من الضرائب، لتوفير المال اللازم لتغطية احتياجات الثورة سواء للعتاد العسكري أو لدفع رواتب المقاتلين.
أنهت إسرائيل منذ منتصف الثمانينات ما يعرف بسياسة “الحدود المفتوحة” وأصبح تحرك الفلسطينيين يتطلب تصريحاً من الحاكم العسكري، حينها أدرك الفلسطينيون أنهم على وشك خسارة جزء كبير من مصادر دخلهم.[6]
وأخذت أشكال التضييق الإسرائيلي على الفلسطينيين كجزء من المناورة السياسية للضغط على قيادة منظمة التحرير أنماطاً مختلفة من بينها، وضع الحواجز العسكرية للجيش على الطرق الرئيسية، ومنع الأسرى المفرج عنهم من الدخول للأراضي الإسرائيلية، كما شرعت بفرض إغلاق شامل على المناطق الفلسطينية بعد وقوع أي عملية فدائية.
مع حلول انتفاضة الأقصى في العام أيلول/ سبتمبر من العام 2000، شرعت إسرائيل بسياسة أكثر تشدداً تجاه العمال الفلسطينيين، فبدأت ببناء الجدار الفاصل الذي قسم الضفة الغربية إلى أطراف متناثرة، وكان من بين أهدافه منع عمليات التسلل، ما أثر على قطاع واسع من العمال الذين كانوا يعملون دون تصاريح.[7]
جدول رقم (1) تطور العمالة الفلسطينية في إسرائيل
الفترة/ 5 سنوات | عمال قطاع غزة (بالآلاف) | النسبة من إجمالي القوى العاملة | عمال الضفة الغربية (بالآلاف) | النسبة من إجمالي القوى العاملة |
1970 | 6 | 10% | 15 | 13% |
1975 | 26 | 35% | 40 | 30% |
1980 | 35 | 43% | 41 | 30% |
1985 | 42 | 46% | 47 | 31% |
1990 | 43 | 42% | 65 | 36% |
1995 | 4 | 3% | 60 | 20% |
2000 | 2 | 13% | 98 | 22% |
2005 | 1 | 0.4% | 70 | 12.9 |
2010 | 0 | 0% | 94 | 14.2 |
2015 | 0 | 0% | 107 | 16.4% |
2020 | 0.4 | 0.1% | 124 | 17% |
2022/ الربع الأول | 9 | 0.3% | 163 | 24.5% |
الجدول: إعداد الباحث استناداً لبيانات الاتحاد العام لنقابات عمال فلسطين، وجهاز الإحصاء الفلسطيني.
*لا تشمل هذه البيانات العمال الفلسطينيين من الضفة الغربية الذين يعملون دون تصاريح سارية المفعول، والتي تقدرها أوساط نقابية بنحو 30 ألف عامل.
*كما لا تشمل هذه البيانات العمال في المستوطنات، والذين يقدر عددهم بنحو 14 ألف عامل، غالبيتهم من الفئة العمرية 15-21 سنة، وبذلك يتجاوز عدد العمالة الفلسطينية في إسرائيل 210 ألف عامل.
الجدول رقم (2) أبرز القطاعات التشغيلية للعمالة الفلسطينية في إسرائيل كنسبة مئوية (1990-2022)
الفترة/ خمس سنوات | الزراعة والصيد | التعدين والمحاجر والصناعات التحويلية | البناء والتشييد | التجارة والمطاعم والفنادق | النقل والتخزين | الخدمات والفروع الأخرى |
1990 | 16.2 | 9.6 | 56.2 | 8.1 | 1.1 | 8.8 |
1995 | 10.6 | 13.7 | 52 | 11.8 | 1.4 | 10.5 |
2000 | 9.5 | 13.2 | 54.6 | 14.6 | 1.8 | 6.3 |
2005 | 7.1 | 19.2 | 41.9 | 19.7 | 2.6 | 9.5 |
2010 | 7.8 | 12.7 | 49.2 | 16.5 | 6.3 | 7.5 |
2015 | 8.9 | 13 | 63.6 | 9.9 | 1.9 | 2.7 |
2020 | 5.8 | 15 | 58.5 | 12.5 | 2.6 | 5.6 |
2022 | 6.4 | 12.9 | 63.2 | 11.2 | 1.5 | 4.8 |
المصدر: إعداد الباحث استناداً لبيانات منظمة بيتسيلم الحقوقية الإسرائيلية.
ملاحظات على الجدول:
- تاريخياً، ساهمت العمالة الفلسطينية في إسرائيل بتشغيل نحو 35-40% من حجم القوى العاملة الفلسطينية، وشكلت أساساً للنهوض باقتصادهم طوال الـ 50 عاما الأخيرة.
- كان عمال قطاع غزة أكثر اعتماداً على سوق التشغيل الإسرائيلي مقارنة بالضفة الغربية، حتى فترة منتصف الثمانينات والتسعينات من القرن الماضي، ويرجع السبب في ذلك إلى فارق الأجور والرواتب بين غزة والضفة الذي كان يميل لكفة الأخيرة بفجوة أقل مع مستوى الأجور الإسرائيلية.
- يضاف ذلك إلى أن ميزان الهجرة كان يشير إلى أن الجزء الأكبر من المهاجرين الفلسطينيين للخارج في حقبة السبعينات وثمانيات القرن الماضي كانوا من الضفة الغربية وبنسبة أقل من قطاع غزة، وكانت وجهتهم دول الخليج والقارة الأوروبية، كمسعى للبحث عن مصادر دخل في تلك الدول بسبب سوء الأوضاع الاقتصادية في فلسطين، فعلى سبيل المثال هاجر نحو 300 ألف فلسطيني من الضفة الغربية بين الفترة 1967-1990 للخارج وهو ما يمثل 16% من إجمالي عدد السكان في تلك الفترة، مقارنة بـ 34 ألف من قطاع غزة.
- منذ منتصف التسعينات، تحول منحنى التشغيل للعمالة الفلسطينية في إسرائيل بشكل سلبي، ومرد ذلك إلى موجات الهجرة الكبيرة من اليهود الروس إلى إسرائيل بعد انهيار الاتحاد السوفيتي، حيث تقدر أوساط إسرائيلية شبه رسمية أن نحو 300 ألف مهاجر يهودي من روسيا وصلوا إسرائيل خلال العامين الذي تلا تفكك الاتحاد السوفيتي، وبالتالي حل هؤلاء المهاجرين الجدد بدلاً من العمال الفلسطينيين.
- تفسير أخر وراء هذا التراجع في نسبة العمالة الفلسطينية، هو إنهاء إسرائيل لسياسة الحدود المفتوحة مع المناطق الفلسطينية، بالتزامن مع توتر الأوضاع الأمنية بعد اندلاع الانتفاضة الأولى ووقوع سلسلة عمليات فدائية قادتها حركة حماس ضربت الداخل الإسرائيلي كتعبير عن رسالة رفض لما جاء في اتفاق أوسلو من ترتيبات سياسية وأمنية بين منظمة التحرير وإسرائيل كان استهداف الحركة جزء منها.
- كما يلاحظ أنه منذ إنشاء السلطة الفلسطينية تعاملت إسرائيل مع حالة قطاع غزة بشكل مختلف عن الضفة الغربية فيما يخص تصاريح العمال، فمنذ منتصف التسعينات تراجعت نسبة العمال إلى أقل من 3% مقارنة بـ 43% في العام 1990، ولم تختلف هذه الحالة لاحقاً، بل زادت سوءًا ووصلت إلى 0% في فترة حكم حركة حماس للقطاع بعد العام 2006، قبل أن يعود المنحنى للصعود نسبيا في العام 2022 دون أن يتجاوز عتبة 0.5% من إجمالي القوى العاملة.
- أحد التفسيرات وراء ذلك هو تعامل إسرائيل مع عمال قطاع غزة من منطلق الاعتبارات الأمنية البحتة، إذ مثل القطاع تاريخياً بالنسبة لإسرائيل إشكالا بسبب العمليات والاشتباكات شبه اليومية على نقاط التماس خلال فترة الانتفاضة الأولى وما بعد أوسلو. فلجأت إسرائيل لفرض قيود مشددة أهمها، تقليص حصة غزة من العمل في غزة عبر وضع عدة معايير أهمها أن يكون متزوجاـ وقد تجاوز 28 من عمره، وأن يكون حاصلا على موافقة مسبقة من المشغل الإسرائيلي، واشتراط العامل الحصول على براءة ذمة مالية من 8 مكاتب إسرائيلية مختلفة، في حين لم تكن جل هذه الاشتراطات موجودة بهذا المستوى بالنسبة للضفة الغربية.
التصاريح كأداة تنسيق وتواصل بين السلطة وإسرائيل
تضمن اتفاق باريس الاقتصادي الموقع بين منظمة التحرير وإسرائيل في العام 1994 بنودا تتعلق بتنظيم العمالة الفلسطينية، إذ أقرت المادة 38 من الاتفاق، بحرية الحركة والتنقل القوى العاملة بين المناطق الفلسطينية والإسرائيلية، ولكنه لم يحدد العدد الفعلي للعمال المسموح لهم بالعمل في إسرائيل أو نسبتهم من إجمالي العمالة الأجنبية، وأصرت دولة الاحتلال على ترك هذه المسألة لآليات السوق بما يعرف بآليات الطلب والعرض.[8]
وفي ضوء ما جاء من بنود في اتفاق أوسلو، انتقل ملف تصاريح العمال لآلية جديدة، عبر تولي وزارة العمل الفلسطينية إدارة ملف تصاريح العمال لتكون وسيطاً مباشراً بين العمال الفلسطينيين وكل من الإدارة المدنية ومكتب التشغيل الإسرائيلي، وتختص مهامها باستلام التصاريح وتسليمها للعمال، وإنهاء النزاعات والخلافات على الحقوق العمالية بين العامل الفلسطيني والمشغل الإسرائيلي.
صعود حسين الشيخ واستحداث هيئة الشؤون المدنية
بقي هذا الحال حتى العام 2004، عقب انتهاء حقبة الرئيس الراحل ياسر عرفات وتولي محمود عباس رئاسة السلطة في العام التالي لوفاة عرفات، وعلى إثرها شرعت إسرائيل بخلق نموذج جديد من التنسيق المباشر مع هيئة الشؤون المدنية، التي تم استحداثها بموجب قرار صادر عن رئيس السلطة حمل رقم (144) للعام 2004، وعين حسين الشيخ رئيساً للهيئة برتبة وزير حتى هذه اللحظة،[9] بالإضافة لشغله عدة مناسب حالياً وهي أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير وعضو اللجنة المركزية لحركة فتح.
باتت هيئة الشؤون المدنية حلقة الاتصال المباشرة بين وحدة تنسيق أعمال الحكومة الإسرائيلية في المناطق الفلسطينية والمواطنين الفلسطينيين بمن فيهم فئة العمال، وتختص مهام الهيئة إصدار التصاريح بكافة أنواعها سواء لغرض العمل في الداخل أو العلاج أو السفر والانتقال من مناطق السلطة الفلسطينية ودولة الاحتلال.
انتهج حسين الشيخ منذ توليه منصب رئيس هيئة الشؤون المدنية نهجاً صارماً في التعامل مع ملف التصاريح، فشرع بتكوين قاعدة بيانات شاملة عن الفلسطينيين، لفرز من هم مسموح لهم بالعمل في إسرائيل وفقا للاعتبارات الأمنية الإسرائيلية، وحدد بعض الفئات من كبار رجال الأعمال لمنحهم بطاقات تنقل تعرف بـ”BMC” وامتيازات أخرى تتيح لهم التحرك بسهولة دون عوائق بين المعابر الفلسطينية والإسرائيلية المشتركة، فعادت نسب تشغيل العمال للصعود، وأوقفت إسرائيل سياسة العقاب الجماعي للعمال الفلسطينيين وتراجعت أيام إغلاق المعابر الفلسطينية والإسرائيلية الخاصة بمرور العمال.[10]
لاحقاً شرع مكتب التنسيق الإسرائيلي في ضوء ما تبناه الشيخ من سياسة مشددة في إدارة ملف التصاريح، باستحداث 31 مكتباً تابعين للمنسق، تنتشر في أنحاء متفرقة من الضفة الغربية، لتسهيل التواصل والتنسيق مع هيئة الشؤون المدنية الفلسطينية، أما غزة فكانت مستثنية من هذه السياسة باستثناء فئة صغيرة من رجال الأعمال كانوا يتحركون بحرية بين غزة وإسرائيل خلال فترة حكم حركة حماس للقطاع.
تشير ورقة صادرة عن وحدة تنسيق أعمال الحكومة الإسرائيلية في المناطق الفلسطينية للعام 2016، أن هنالك معايير مختلفة لتنقل وسفر المواطنين بين الضفة الغربية وقطاع غزة، فعلى سبيل المثال لا الحصر- يوجد 74 نوعا من التصاريح الإسرائيلية، تختلف حسب المدة المسموحة فيها بالمكوث داخل إسرائيل ومعايير أخرى لنوع وسبب الدخول، وهذه المعايير تختلف كذلك بين مواطني الضفة وغزة.[11]
من بين هذه المعايير التصاريح لأغراض السفر أو العلاج أو الدراسة أو القضاء أو لأغراض العمل والعبادة وزيارة الأسرى من درجة القرابة الأولى، عدا عن التصاريح التي تصدر لكبار التجار من حملة بطاقات (BMC) وتسمح لهم بالدخول بسياراتهم ذات لوحة تسجيل فلسطينية، وتصاريح الشخصيات السياسية الفلسطينية.
وتختلف معايير التعامل الإسرائيلي لهذه التصاريح بين الضفة وغزة، فمثلا، في العام 2019، أصدرت سلطات الاحتلال 98 ألف تصريح للفلسطينيين من الضفة الغربية لدخول إسرائيل دون احتساب تصاريح العمال، في حين لم يتجاوز عدد التصاريح الممنوحة لقطاع غزة 20 ألف تصريح النسبة الأكبر منها جاءت لفئة كبار التجار من حملة بطاقات (BMC)، والمرضى وتصاريح زيارة أماكن العبادة في القدس.
مثال أخر لهذا النهج الإسرائيلي، أنها تسمح للمحامين من الضفة الغربية بالحصول على تصاريح للترافع أمام موكليهم في محاكم عسكرية داخل إسرائيل، في حين يمنع محامو غزة من هذا الحق.
استراتيجية إسرائيل في قطاع غزة خلال فترة حكم حركة حماس
منذ أن سيطرت حركة حماس على غزة، انتهجت حكومات إسرائيل المتعاقبة سياسة صارمة للتعامل مع القطاع، وفقا لاستراتيجيتين متداخلتين ومتناقضتين، تفعلهما بشكل متكامل.[12]
الاستراتيجية الأولى أن إسرائيل تتعامل مع القطاع كحيز جغرافي منفصل عن الدولة الفلسطينية، ويقع في صلب هذه الاستراتيجية تثبيت معادلة الهدوء، واحتواء أي محاولة للتصعيد من قبل فصائل المقاومة، والتقييم المستمر لمعادلة الردع التي تتآكل مع مرور الزمن، والحفاظ على الخطوط الحمراء ومنع أي محاولة من الفصائل من الوصول لأسلحة كاسرة للتوازن قد تؤثر على سير المعركة أو المواجهة حال اندلاعها.
يتطلب إنجاح هذه المعادلة انخراط الجيش الإسرائيلي في حروب وحملات عسكرية على فترات زمنية متقاربة ضد الفصائل المسلحة ضمن ما يعرف بسياسة “جز العشب”، بموازاة ذلك تقوم إسرائيل بممارسة ضغط اقتصادي سواء بإغلاق المعابر وإغلاق البحر أمام حركة الصيد وتقليص كميات الكهرباء والتلاعب بمعايير المنحة القطرية.
الاستراتيجية الثانية هو تعامل إسرائيل مع قطاع غزة كجزء من الحالة الفلسطينية، وبذلك تعمل إسرائيل على تعزيز الانقسام الفلسطيني وإفشال أي محاولات لرأب الصدع بين حركتي حماس وفتح لإبقاء القطاع كيان منفصل.
خلال فترة حكم حماس لغزة، أدارت ثلاث حكومات إسرائيلية متعاقبة ملف غزة، تباينت سياسات كل حكومة عن الأخرى، ولكن لم تنحرف عن الاستراتيجيتين التي تم ذكرها سابقاً، ولكن بأدوات ونبرة مختلفة.
حكومة إيهود أولمرت 2006-2009
وجدت حكومة إيهود أولمرت نفسها أمام واقع جديد تشكل في غزة، تمثل بفرض حركة حماس لسيطرتها على مقاليد الحكم في غزة، وانسحاب السلطة من القطاع، فانتهج أولمرت سياسة متشددة ضد هذا الواقع الجديد، ففرض حصاراً اقتصادياً مشدداً على غزة، بموازاة ذلك شن حرباً مدمرة على القطاع في شتاء العام 2008-2009 عرفت بحرب الفرقان، كان الهدف منها إسقاط حكم حركة حماس، وإعادة السلطة الفلسطينية لإدارة القطاع، لمحاولة إعادة الأمور إلى المربع الأول، ولكنه لم ينجح في ذلك.
حكومة بنيامين نتنياهو 2009-2021
أدرك بنيامين نتنياهو أن استراتيجية سلفه إيهود أولمرت بإسقاط حكم حركة حماس وإعادة السلطة لتدير الحالة الأمنية في غزة كما كان عليه الوضع قبل العام 2006، هو أمر من الاستحالة تطبيقه أو الوصول إليه، فاستخدمت حكومته مقاربة جديدة وهو إبقاء وتعزيز حالة الانقسام بين حركتي حماس وفتح، والتعامل بشكل منفصل مع الحالة السياسية في كل من غزة والضفة، بما يمنع أي محاولة للتقارب بين السلطة وحماس.
من ناحية أخرى أدركت حكومة نتنياهو أن اسقاط حكم حركة حماس في غزة هو أمر من الصعب تحقيقه، فوضع هدفا وهو إبقاء التفوق العسكري لإسرائيل قائماً، والعمل باستراتيجية إنهاك حماس في جولات قتال قصيرة زمنياً ولكن على مدار فترات زمنية متقاربة، لمنع التفوق العسكري للحركة ومنع الوصول حماس لمرحلة من شأنها قلب المعادلة في المنطقة، كما عزز نتنياهو هذه الاستراتيجية بشن ثلاث حروب مدمرة على القطاع في العام 2012، 2014، 2021.
حكومة بينيت_ لابيد 2021-2022.
تشكلت في إسرائيل حالة سياسية مختلفة لم تكن مألوفة في تاريخ السياسة الإسرائيلية، فبعد معركة سيف القدس في مايو/ أيار 2021، سقطت حكومة بنيامين نتنياهو بعد 12 عاما من التربع على عرش أطول فترة لرئيس حكومة في تاريخ إسرائيل، وأعلن عن ميلاد حكومة التغيير، والتي جمعت تناقضات البرامج السياسية لأحزاب اليمين وقوى المركز والعلمانية واليسار والعرب في حكومة واحدة.
تولى نفتالي بينيت زعيم حزب يمينا رئاسة الحكومة، ضمن اتفاق التناوب مع شريكه في الائتلاف وزير الخارجية يائير لابيد الذي أصبح رئيساً للحكومة الانتقالية، بعد انهيار الائتلاف في يونيو/ حزيران 2022.
قدمت هذه الحكومة الأقصر في تاريخ إسرائيل والتي سقطت بعد عام واحد فقط على تشكلها، مقاربة مختلفة كلياً بالنسبة للتعامل الإسرائيلي مع قطاع غزة، تتضمن توجيه الضغط على حركة حماس من إسرائيل ونقله إلى الشارع الغزي، ورفع تكلفة أي خطوة ميدانية قد تقدم عليها حماس ضد إسرائيل.
وقد صرح بذلك وزير الخارجية يائير لابيد بشكل واضح قائلاً: إرهاب حماس هو الحاجز الفاصل بينهم وبين الحياة الطبيعية والاستقرار الأمني والمدني- الاقتصادي، يجب علينا إخبار سكان القطاع في كل مرحلة أن حماس تقودكم إلى الهلاك، وأنه لن يأتي أحد للاستثمار أو يُسهم في بناء اقتصاد القطاع ما دامت حماس تطلق النار باتجاه إسرائيل… لذلك يجب حمل سكان القطاع للضغط على حماس.[13]
خطة لابيد.. التحول في سياسات إسرائيل ضد غزة
فجر لابيد خلال كلمة له في المؤتمر السنوي لمعهد سياسات مكافحة الإرهاب بجامعة رايخمان الإسرائيلية، استراتيجية جديدة صاغتها دوائر سياسية وعسكرية وأمنية في إسرائيل للتعامل مع أزمة قطاع غزة أطلق عليها “الاقتصاد مقابل الهدوء” تتضمن شروع إسرائيل بخطوات اقتصادية ومدنية متعددة السنوات، من أجل تحقيق الأمن والهدوء على جانبي الحدود.[14]
التحول في الاستراتيجية الإسرائيلية للتعامل مع قطاع غزة اختصره لابيد بالقول: منذ أن غادرت إسرائيل قطاع غزة في العام 2005، واجهت مراراً جولات عنف تسببت في معاناة وأضرار لسكان الدولة (إسرائيل) والاقتصاد. السياسة التي انتهجتها إسرائيل حتى الآن لم تغير الوضع بشكل جذري”لذلك يتوجب علينا اتخاذ خطوة كبيرة متعددة السنوات. هذه نسخة واقعية لما كان يُطلق عليه ذات مرة “إعادة الإعمار مقابل نزع السلاح. الغرض من هذه الخطوة هو خلق الاستقرار على جانبي الحدود. الأمنية والمدنية والاقتصادية والسياسية”.
في التفاصيل حدد لابيد خطة عمل تتكون من مرحلتين الأولى السماح لعمال غزة بالعمل في إسرائيل، وإنشاء مدن صناعية على جانبي الحدود لتستوعب آلاف العاملين بهدف خفض البطالة، والعمل على إصلاح البنى التحتية من خطوط المياه والكهرباء وربط محطة توليد الكهرباء بالغاز الطبيعي، وإعادة إعمار غزة، وإدخال تحسينات كبيرة على نظام الرعاية الصحية وإعادة بناء البنية التحتية للإسكان والنقل.
في المرحلة الثانية ستشرع إسرائيل ببناء جزيرة اصطناعية قبالة سواحل غزة، تسمح بإنشاء ميناء، وسيتم تفعيل الممر الآمن بين قطاع غزة والضفة الغربية، مع اشتراط تولي السلطة الفلسطينية زمام الأمور في القطاع لإدارة الاحتياجات الاقتصادية والمدنية.
ولترجمة هذه السياسات شرعت الحكومة الإسرائيلية بإصدار تصاريح لنحو 8 آلاف عامل من غزة للعمل في قطاعات الزراعة والإسكان، ولاحقا ارتفع العدد إلى 12 ألفا، وحاليا وصل العدد إلى 14 ألفا، والهدف المنوي الوصول إليه هو 30 ألف عامل حتى نهاية العام 2022.
شرعت حماس عبر وزارة العمل التابعة لها في غزة بفتح باب التسجيل أمام المواطنين لمن يرغب في العودة للعمل في إسرائيل، وقامت الوزارة بالتنسيق المباشر مع هيئة الشؤون المدنية التابعة للسلطة لإصدار التصاريح الخاصة بالعمال واستلامها.[15]
تقاطعت مصالح كل من حماس وإسرائيل للموافقة على هذه الخطوة، وفرضتها إسرائيل حتى دون أن يكون هنالك اتفاق رسمي بذلك، وما تحدده السياسة الإسرائيلية ضمن هذه الخطة يجد قبولاً تلقائياً في غزة.
منطلقات إسرائيل للشروع بهذه السياسة الجديدة
- الرغبة في امتلاك أكبر عدد ممكن من أوراق الضغط على حماس، ضمن سياسة العصا والجزرة.
- رهن الحالة الاقتصادية في غزة وانتعاشها باستمرار الهدوء.
- خلق حالة من الضغط الداخلي الشعبي على حماس، عبر رهن مستقبل آلاف العائلات بسلوك الحركة.
- تقزيم مكاسب حماس من معركة سيف القدس الأخيرة، بربط الساحات ببعضها البعض، ومحاولة تحييد غزة عن أي نشاط عملياتي إسرائيلي في الضفة والقدس والداخل عبر التلويج بورقة العمال.
- وقف حالة الاستنزاف الإسرائيلي لموجات القتال المتكررة مع حماس.
- استثمار هذا الملف لمكاسب سياسية لاحقة كصفقة التبادل.
- إدراك إسرائيل بصعوبة تحقيق أهداف الحكومات السابقة بشأن استئصال حماس أو نزع سلاح المقاومة، فجاءت الاستراتيجية الجديدة لمحاولة احتواء حماس وترويضها على آمل أن تتغير نظرة الحركة للصراع.
- تحييد ملف غزة عن الاهتمامات الإسرائيلية، في ظل تنامي التهديدات الداخلية والخارجية تحديداً من إيران، ومحاولة تهيئة الأجواء لمزيد من عمليات التطبيع مع الدول العربية والإسلامية.
منطلقات حماس للإقدام على هذه الخطوة
- الرغبة في التخفيف من عمق الأزمة الاقتصادية التي تمر بها غزة على المستوى الحكومي والشعبي.
- البحث عن مكاسب اقتصادية تساهم في دفع عجلة التنمية للقطاع للأمام في ظل عجز الحركة عن تنفيذ مشاريع تشغيل للآلاف من الخريجين وهو ما يزيد من اتساع الفجوة بين الحركة والحاضنة الشعبية لها.
- إدراك حماس أن الوضع الإقليمي والدولي لا يصب في صالحها، وتفقد الحركة بذلك رفاهية الاختيار لفرض شروطها.
- تخشى حماس من أن تكون إسرائيل قد نجحت في معركة الرواية، عبر الترويج بأن الحركة مسؤولة عن تردي الحالة الاقتصادية بسبب تبنيها لمشروع المقاومة، وعدم قبولها بمشاريع التنمية التي تقدمها إسرائيل.
- ترى حماس بأن الهدوء في غزة سيكون جيداً لها، لإعادة تنظيم صفوفها والعمل على تطوير قدراتها وأدواتها العسكرية تحضيراً لأي معركة قادمة.
- إدراك حماس بأن مشروع الانفكاك الاقتصادي عن إسرائيل، من الصعب تحقيقه، كون البديل (مصر) لا يمكن لاقتصادها أن يتحمل عبء إضافيا كغزة، كما أن الحالة السياسية والاقتصادية مع مصر لا تشكل حافزا للحركة للتخلي عن إسرائيل.
كيف استغلت إسرائيل ورقة العمال لابتزاز حماس؟
منذ أن شرعت إسرائيل بفتح حدودها لتدفق العمال من غزة للعمل في إسرائيل، أغلقت سلطات الاحتلال معبر إيرز أمام حركة العمال 5 مرات منذ مطلع العام وتحديد في أشهر يناير وإبريل ومايو ويونيو ويوليو، ردا على ادعاءات إسرائيلية بسقوط صواريخ من غزة باتجاه البلدات الإسرائيلية، وعدم التزام حماس بضبط الحالة الأمنية في غزة.
كما جمدت إسرائيل تصاريح نحو 4 آلاف عامل من غزة على دفعتين لذات السبب الأولى، ففي إبريل جمد وزير الدفاع بيني غانتس تصاريح نحو 2500 عامل، وفي يوليو الجاري تم تجميد 1500 تصريحاً.[16]
يضاف لذلك ما يمكن وصفه بخدعة التسهيلات الإسرائيلية، حيث أشار مصدر في وزارة العمل بغزة أن نحو 60% من التصاريح، تم رفضها من الجانب الإسرائيلي تحت ذرائع أمنية.[17]
علاوة على ذلك، تندرج التصاريح المخصصة لغزة ضمن بند تصنفه إسرائيل بـ “الاحتياجات الاقتصادية”، وهي ما يعني أن العامل يتقاضى فقط أجره اليومي من المشغل، دون أن يكون له أدنى حقوق كتعويضات التقاعد أو الإصابات والإجازات المرضية، في حين لا ينطبق هذا الأمر على عمال الضفة الغربية.[18]
رغم كل ما سبق إلا أن التصاريح التي منحت لعمال غزة أحدثت فارقاً بالنسبة لعجلة الاقتصاد في غزة، حيث تقدر تحويلات العاملين الشهرية بنحو 20 مليون، وهو رقم يشكل ثلث الاستهلاك الشهري لاقتصاد غزة.
ختاما:
يمكن اعتبار أن فتح إسرائيل أبوابها لعمال غزة شكل نقطة هامة ومفصلية على صعيد كسر حالة الحصار الإسرائيلي المفروضة على القطاع، فمن منظور اقتصادي ومالي ساهمت تحويلات العاملين في تحريك العجلة الاقتصادية والتجارية داخل القطاع.
إلا أن الإشكاليات التي تعترض هذا الملف، هو محاولة إسرائيل لاستغلال ملف التصاريح كأداة ضغط على المقاومة في غزة، عبر رهن الحالة الأمنية بملف العمال، وهو ما يضع الفصائل وتحديدا حركة حماس أمام تحدٍ لكسر هذه السياسة الإسرائيلية، وفرض معادلة جديدة بالتعامل مع الملفات السياسية والاقتصادية والعسكرية والأمنية كل على حدة.
ويبقى السؤال الأهم، ما إذا كانت خطة لابيد لحل أزمة غزة ستبقى إطارا عاما يحكم عمل الحكومة القادمة في إسرائيل بعد الانتهاء من جولة الانتخابات القادمة في نوفمبر القادم، أم أن تولي بنيامين نتنياهو مقاليد السلطة من جديد سيعيد النظر في هذه السياسية ويتعامل وفق السياسة الإسرائيلية القديمة بعدم الاعتراف بحركة حماس أو التعامل معها تحت أي ظرف.
[1] تسهيلات إسرائيلية جديدة لعمّال غزة.. من يضمن التنفيذ؟، وكالة الأناضول، 26/11/2021، اضغط هنا
[2] الإحصاء الفلسطيني يعلن النتائج الأساسية لمسح القوى العاملة، مارس/ آذار 2022، اضغط هنا
[3] وثائق: الحكم العسكري ألغي بعد هدم وتحريش القرى المهجرة، موقع عرب 48، 27/5/2019، اضغط هنا
[4] مركز المعلومات الإسرائيلي لحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية-بيتسيلم، 1/1/2017، اضغط هنا
[5] ألمانيا دفعت أكثر من 90 مليار دولار في 70 عاماً كتعويضات لضحايا الهولوكوست، مونت كارلو، 6/10/2021، اضغط هنا
[6] مركز المعلومات الإسرائيلي لحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية-بيتسيلم، مرجع سابق.
[7] جدار الفصل يقيد سبل العيش بالضفة، المركز الفلسطيني للإعلام، 22/4/2022، اضغط هنا
[8] اتفاقية باريس الاقتصادية، وكالة الأنباء والمعلومات الفلسطينية- وفا، 29/4/1994، اضغط هنا
[9] منظومة القضاء والتشريع في فلسطين، اضغط هنا
[10] كتاب ومثقفون يتحدثون عن فساد وزارة الشؤون المدنية، فلسطين اليوم، 22/7/2015، اضغط هنا
[11] وحدة تنسيق أعمال الحكومة الإسرائيلية في المناطق الفلسطينية، اضغط هنا
[12] إسرائيل والأراضي الفلسطينية، المركز الفلسطيني للدراسات الإسرائيلية- مدار، 25/4/2022، اضغط هنا
[13] لبيد: نهدف لتحويل مصر والعالم إلى الضغط على “حماس”، موقع عرب 48، 23/12/2021، اضغط هنا
[14] الاقتصاد مقابل الهدوء.. تفاصيل استراتيجية لابيد لحماية إسرائيل من صواريخ المقاومة في غزة، عربي بوست، 13/9/2021، اضغط هنا
[15] وزارة العمل- غزة، 21/11/2021، اضغط هنا
[16] غانتس يجمّد 1500 تصريح عمل لسكان غزة رداً على إطلاق الصواريخ، القدس العربي، 17/7/2022، اضغط هنا
[17] سلطات الاحتلال تلجأ لتعذب عمال غزة بـ”سوط التصاريح”.. وتستخدم حجة “الرفض الأمني” لحرمان الآلاف من العمل، القدس العربي، 20/7/2022، اضغط هنا
[18] وحدة تنسيق أعمال الحكومة الإسرائيلية في المناطق الفلسطينية، اضغط هنا