تداعيات الضم على الأرض وعلى أوضاع الفلسطينيين
بعد طرحها مقدمة حول قرار الضم الأخير، تتناول هذه الورقة تداعيات هذا القرار على الوضع الداخلي الفلسطيني، وذلك من خلال محاور/ نتائج محتملة قد يؤدي إليها المضيُّ قدمًا في تطبيق مخطط الضم؛ هذه التداعيات هي؛ أولًا: ترسيخ حكم عسكري ونظام فصل عنصري في فلسطين، وثانيًا: إنهاء كلّ من حل الدولتين وتفكيك السلطة الفلسطينية، وثالثًا: تغيّرات في الوضع القانوني للفلسطينيين، وتأزّم أوضاعهم الاقتصادية والاجتماعية.
تعالج هذه الورقة البحثية موضوع الضم، بالإضافة لتداعياته وآثاره السياسية والاقتصادية والقانونية
تقديم.
منذ وصوله إلى رئاسة الوزراء عام 2009، ظل بنيامين نتنياهو يعمل على مشروعه التوسّعي القائم على سياسة الضم، وفي ظل الدعم الأمريكي الكامل للتوجهات الاستعمارية التوسّعية في فلسطين، والتي تُوّجت بإعلان صفقة القرن في كانون الثاني/ يناير من العام الحالي، وفي ظل الأوضاع غير المستقرة في العالم العربي، وانشغال العالم بمكافحة جائحة “كورونا”، يجد نتنياهو في هذه الظروف فرصة قد لا تتكرر لتحقيق التطلعات الصهيونية في الضم والتوسع.
على مر العقود الماضية، اتبعت دولة الاحتلال سياسات الضمّ الزاحف، وذلك عبر التوسع الاستيطاني، وعبر تطبيق ضمٍّ فعليّ بواسطة جدار الفصل، وتهويد القدس، وشقّ الطرق الالتفافية المؤدية للمستوطنات، ومنع التطوير الفلسطيني في مناطق “ج”، وهدم البيوت فيها، وتعميق سياسات التمييز ضد الفلسطينيين وشرعنته بالقوانين. لكن القرار الأخير بالضم يعتبر تغييرًا دراماتيكيًا في سياسة حكومات الاحتلال منذ العام 1967، إضافة إلى عملية تشريع الضم ونيّة الحكومة الإسرائيلية الانتقال إلى الضم القانوني؛ يقول وزير الدفاع الإسرائيلي، نفتالي بينيت، والذي يعتبر من أشد المعارضين لقيام دولة فلسطينية: “في موضوع أرض إسرائيل، علينا الانتقال من الصدّ إلى الحسم، وتحديد الحلم، والحلم هو أن يهودا والسامرة ستكون جزءًا من أرض إسرائيل السيادية”.
في حفل تنصيب الحكومة الإسرائيلية الجديدة، الذي جرى في السابع عشر من أيار الماضي، تعهد نتنياهو بتحقيق الوعد الذي قطعه على نفسه في حملته الانتخابية، وهو ضم الكتل الاستيطانية في الضفة الغربية وغور الأردن، وذلك في شهر تموز من العام الحاليّ. ويؤكد أن على الحكومة الجديدة العمل على تطبيق السيادة الإسرائيلية على مستوطنات الضفة الغربية. معلنًا أنه قد حان الوقت لتطبيق القانون الإسرائيلي، وكتابة ما سمّاه “فصلًا آخرًا في تاريخ الصهيونية”.
أما وزير الخارجية الإسرائيلي الجديد غابي أشكينازي، والذي أمضى نحو أربعة عقود في الجيش الإسرائيلي وتولى رئاسة أركانه بين العامين 2007 و2011، فيرى أن خطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب للسلام في المنطقة تشكل “فرصة تاريخية لمستقبل إسرائيل ولترسيم حدودها”، ويقول بأنه سيتم الدفع نحو تطبيق الخطة الأميركية من خلال التنسيق مع الإدارة الأميركية، ويؤكد على أن “الرئيس دونالد ترامب يضع أمامنا فرصة تاريخية لتشكيل مستقبل دولة إسرائيل لعقود مقبلة”.
يرى باحثون وأكاديميون فلسطينيون أن مشروع الضم هو “مشروع صهيوني يميني متطرف حاخامي توراتي يزاوج ما بين القومي والديني، وأنه ليس مجرد فرض قانون بل رسالة للعالم أن لا حدود لدولة إسرائيل، وأن جغرافيتها توراتية ذات أطماع واسعة”. كما يرى كتّاب إسرائيليون أن تحريك عملية الضم يرتبط بإيمان مسيحاني قومي متطرف، خاصة بعد صعود التيار اليميني في الخريطة السياسية الإسرائيلية في السنوات الأخيرة؛ يقول كاتب فلسطيني “من الواضح أن إسرائيل ستتجاوز تلك العتبة المتعلقة بالضم، بعد 35 عامًا على احتلال تلك الأراضي (1967)، بخاصة أن الانقسام السابق بين تياري “وحدانية الأرض” (ليكود ومعه بقية القوى القومية والدينية)، و”وحدانية الشعب”، أي الحفاظ على أغلبية يهودية في إسرائيل (حزب العمل وبقية القوى اليسارية)، والذي حال دون ضم أو انفصال هذه الأراضي، لم يعد موجودًا، مع أفول القوى التي تمثل تيار “وحدانية الشعب”، وهو ما بيّنته الانتخابات الإسرائيلية في السنوات الماضية، باختفاء حزبي “العمل وميرتس” من الخريطة الإسرائيلية تقريباً”
لإكمال قراءة الدراسة “هنا“