
وبينما تنعقد مفاوضات شرم الشيخ حول خطة ترامب في أجواءٍ متداخلة ما بين الآمل والقلق إزاء فرص التوصل لاتفاقٍ وقف الحرب، تتشكل بيئة إقليمية ودولية سوف تؤثر على مسار الملف الفلسطيني ولحالة السلام في الشرق الأوسط.
وحسب اجتماع شرم الشيخ في 6 أكتوبر 2025، تشكلت الملامح المرحلية للتعامل مع خطة ترامب لوقف الحرب وتبادل الرهائن والأسرى، لتكون خطوة في التقدم لقمة السلام تحت تضافر الجهود الإقليمية والدولية مع الضغطِ الأمريكي المتصاعد لدفع الطرفين إلى انجاز اتفاقٍ شاملٍ لوقف إطلاق النار، ما يُضفي جدية غير مسبوقة على المسار التفاوضي الراهن. تفتح هذه البيئة الباب أمام مناقشات حول مسار السلام ووقف الحرب. يلقي هذا التقرير الضوء على اتجاهات التعامل مع المقترح الأمريكي في المستويين مقاربة الجانبين؛ الفلسطيني والإسرائيلي للعديد من الملفات المحورية العالقة.
(1) الأطراف الفلسطينية: المرونة والحذر
على الرغم من التشكك في المقترحات الأمريكية، انتشرت أجواء إيجابية فيما بين الفلسطينيين للتعامل مع مبادرة ترامب، ليس بسبب سياسة حافة الهاوية التي أظهرها ترامب، ولكنه يحتمل وجود سلوك عقلاني وجد في مساندة أطراف إقليمية ضمانة للمضي في مسار وقف الحرب وبدء المرحلة الأولى من المبادرة في توازن مع حكومة الاحتلال.
حماس: تجاوب مرن وتشدّد محسوب
يستند الموقف التفاوضي لـ حركة حماس في الآونة الأخيرة على مقاربةٍ ثنائية؛ تجمع ما بين الحذر والتجاوب المرن مع أي مقترحاتٍ يمكن أن تُفضي لوقف حرب الإبادة الجارية، مؤكدةً على تغليبها للمصلحة الوطنية. ففي جولات التفاوض الأخيرة أظهرت حركة حماس تفاعلاً مرناً مع مختلف المقترحات المطروحة وتعديلاتها المتكررة بهدف قطع الطريق على الذرائع الإسرائيلية والأمريكية التي تتهمها بعرقلة التوصل لاتفاق، إلا أن تلك المحاولات اصطدمت بالتجاهل الإسرائيلي المدفوع بتأزيم الوضع الميداني في قطاع غزة.
وقد استمر هذا السلوك التفاوضي في سياق مفاوضات شرم الشيخ الجارية؛ إذ تُبدي حركة حماس سلوكاً تفاوضياً أكثر مرونة، مع تشددٍ حذر بشان العديد من البنود الرئيسية لخطة ترامب، بحيث أعلنت الحركة عن قبولها المبدئي للمضي قدماً في وقف إطلاق النار على مبدأ تبادل الأسرى مع ضرورة وجود ضمانات دولية تكفل وقفاً دائماً للعدوان وتحديد مدى زمني واضح لانسحاب قوات الاحتلال، وهو ما تعتبره سقفاً تفاوضياً رئيسياً، عدا عن إحالة البت حول بند إدارة القطاع إلى التوافق الوطني الشامل. تحاول الحركة تعزيزه بتوسيع نطاق المشاركة الفصائلية عبر تقديم طلب للوسطاء بشأن ترتيب انضمام ممثلين عن حركة الجهاد الإسلامي والجبهة الشعبية إلى الوفد المفاوض الفلسطيني.
غير أن هذا القبول لم يشمل خطوطها الحمراء التي أشارت إلى أنه لا يمكن تجاوزها، تتمثل في رفض شرط نزع السلاح، الذي تعتبره الحركة بمثابة ملف لا يمكن التنازل عنه وفق الشروط الإسرائيلية، مؤكدةً على أن التخلي عن سلاحها مرهون بإنهاء الاحتلال الإسرائيلي بالكامل وقيام دولة فلسطينية مستقلة.
كما ترفض الحركة أي شكل من أشكال الوصاية الأجنبية على إدارة القطاع، منتقدةً مشاركة شخصيات دولية مثيرة للجدل مثل توني بلير، وهو ما تم تأجيل النقاش حوله إلى المراحل المتقدمة من المفاوضات مع الاكتفاء بتضمين المرحلة الأولى لتفاهمٍ حول تبادل الأسرى.
الموقف الفصائلي العام
منذ اللحظات الأولى لطرح خطة ترامب، سارعت القوى المقاومة الفلسطينية، وفي مقدمتها الجهاد الإسلامي والجبهة الشعبية، إلى إعلان رفضٍ مبدئي وقاطع للخطة باعتبارها امتداداً للرؤية الإسرائيلية التي تسعى إلى انتزاع تنازلاتٍ سياسية تحت غطاء مسار سياسي بضغطٍ أميركي مباشر. وفي هذا السياق، حرصت حركة حماس على تقديم ردها بعد مشاوراتٍ واسعة مع الفصائل أفضت إلى موقفٍ يجمع بين القبول المبدئي وبدء مسار تفاوضي شامل للتفاوض حول البنود الأكثر حساسية، وعلى رأسها؛ نزع السلاح وضمانات الانسحاب ومنع تجدد الحرب.
ورغم التقدم الملحوظ في المرحلة الأولى من المفاوضات، ولا سيما في ملفي تبادل الأسرى والانسحاب المرحلي، لا يزال الموقف الفصائلي العام يتحرك ضمن إطارٍ حذرٍ ومتأنٍ يقوم على الانخراط المحسوب في المسار التفاوضي، انطلاقًا من وعيٍ بأنّ القضايا الجوهرية لم تُطرح بعد على الطاولة، إذ جرى ترحيلها إلى المراحل المتقدمة من التفاوض. ولذلك تعمل حماس على تحصين موقفها التفاوضي ضمن إطارٍ وطني فصائلي جامع، إدراكًا منها أنّ الملفات الحساسة المتعلقة بترتيبات نزع السلاح والسيادة تستوجب غطاءً وطنياً شاملاً يُبقي تحديد شكل إدارة القطاع وآلية نزع السلاح ضمن قرار فلسطيني مستقل، بعيدًا عن أي ترتيباتٍ دولية خارجة عن السياق الوطني أو محاولاتٍ لفرض وصاية جديدة على غزة.
موقف السلطة الفلسطينية
وفي ذات السياق، رحبت السلطة الفلسطينية وحركة فتح بالطرح الأمريكي، من زاوية الانخراط الإيجابي بهدف وقف الحرب وإدخال المساعدات، في سياق توجهٍ يتماشى مع خطة ترامب رغبة في تجنب الصدام مع الطرفين الأمريكي والإسرائيلي، لكن مع الحفاظ على مساعي تحويل هذا المسار المرحلي إلى فرصة استراتيجية لإعادة التموضع في المشهد الفلسطيني خلال الفترة المقبلة، خاصة في قطاع غزة، عبر بوابة المسار الدولي والاعتراف الغربية المتوالية، وهو ما أتبعه دعوة بضرورة تسليم جميع الفصائل لسلاحها إلى السلطة الفلسطينية، وإقرارها بمجموعة من الإصلاحات السياسية والمؤسسية لتتماشى مع الشروط الدولية.
ورُغم أن السلطة الفلسطينية تحاول استثمار التحرك الدولي لإعادة ترميم شرعيتها التمثيلية، والتماهي مع الجهود الأمريكية دون الاصطدام بها، على أمل أن تُمنح دور واضح في المرحلة المقبلة، دون أن تُفرض حلول انتقالية تتجاوزها أو تُقصيها بشكلٍ كامل من المشهد، وهي المعادلة التي تحاول السلطة أن تحيك خيوطها بتوظيف المسار الدولي وخطة ترامب معاً، إلا أن فرص نجاح هذه المقاربة تتقلّص أو تنعدم على المدى القريب والمتوسط في ظل الرفض الإسرائيلي والأمريكي لأي مسارٍ يفضي إلى دولةٍ فلسطينية، وهو ما يُعد محل رفض لليمين المتطرف الذي بات يمثل التيار المتصاعد في البنية السياسية والمجتمعية لدولة الاحتلال.
ومع استبعادها من المفاوضات الجارية، تعوّل السلطة على التأثير غير المباشر عبر الوسطاء الإقليميين، لا سيّما مصر وتركيا، في تثبيت تفاهم يفضي بدور رئيسي للسلطة الفلسطينية في بنية الإدارة المؤقتة بإشراف إقليمي ودولي واسع. وعليه، تأتي قراءة السلطة الفلسطينية لخطة ترامب باعتبارها مساراً يُعزّز من عودتها إلى قطاع غزة، وهو ما قد يصطدم بعُقد تفاوضية تتمثل في الرفض الإسرائيلي لأي حلولٍ تفضي بعودة السلطة الفلسطينية تخوفاً من أي التزامٍ تجاه الدولة الفلسطينية وفق مسار حل الدولتين مستقبلاً.
وعلى أي حال، قدمت اجتماعات شرم الشيخ مؤشرات إيجابيةٍ تُوحي بإمكانية تحقيق اختراقٍ ملموس نحو وقفٍ شاملٍ لإطلاق النار، بعد إحراز تقدمٍ فعلي حول ملف تبادل الأسرى وتحديد خرائط الانسحاب المرحلي. ورُغم عدم تبلور تقدم شامل بخصوص تثبيت وقف إطلاق النار، يعكس هذا التقدم السريع رغبة كافة الأطراف في بلورة اتفاقٍ يوقف حرب الإبادة ويفتح الباب أمام مسارٍ سياسي أوسع ضمن إطار خطة ترامب للسلام، وهو ما تسعى حركة حماس إلى إنجازه بمعادلة دقيقة بين تثبيت الحقوق الوطنية، بما يمنع تحويل اتفاق التهدئة إلى بوابةٍ لتفكيك المقاومة أو فرض وصايةٍ دولية على القطاع.
ورُغم التفاؤل الحذر الذي يخيم على أجواء التفاوض، تظهر المُعطيات أن المسار التفاوضي الراهن قد دخل مرحلة مفصلية يتخللها رغبة إقليمية وأمريكية لإنجاز تفاهم بأي وسيلة ممكنة، ما يضيّق على دولة الاحتلال إمكانية العودة إلى استئناف العمليات العسكرية في قطاع غزة، وقد وضح هذا التوجه في التقدم في ملف تسليم الرهائن والأسرى.
ومن هنا، تحاول الأطراف الفلسطينية التقيّد بمقاربة الانفتاح الحذر تجاه خطة ترامب، بحيث تُنجز اتفاق وقف إطلاق النار جزئي أو مرحلي، ما يمنحها مساحةً أوسع للمناورة في التفاوض حول المراحل المتقدمة بخصوص مستقبل غزة، والسيادة الفلسطينية، وشكل الترتيبات الأمنية، وهو ما قد يشكّل نقطة تحوّلٍ في مسار الصراع الفلسطيني–الإسرائيلي إذا ما أُحسن توظيفه ضمن رؤية وطنيةٍ موحّدة تستند إلى الثوابت الوطنية والمسار الدولي الراهن.
( 2) إسرائيل وخطة ترامب
في تقيمه لخطة الرئيس الأمريكي ترامب بشأن وقف إطلاق النار في غزة، ورد حركة حماس عليها، وضع اليمين الإسرائيلي الحاكم رد حركة حماس في إطار 2 من السيناريوهات، الأولوهو الأقل احتمالاً، هو رفض حركة حماس للخطة الأمريكية، بينما توقع السيناريو الثاني أن توافق حركة حماس بشكل عام على خطة ترامب، مع إرفاق الموافقة بكلمة ولكن، وهو السيناريو المعتاد في كافة الجولات التفاوضية السابقة التي وظفتها إسرائيل سياسياً للحفاظ على استمرار الحرب.
تخدم هذه السيناريوهات موقف نتنياهو وحكومته التي تحرص دائماً على استمرار حرب الإبادة في غزة، لكن موافقة حماس على خطة ترامب، مع بعض التحفظات على، ورد الفعل الأمريكي السريع والإيجابي معها يبدو أنه لم يكن متوقعاً إسرائيلياً، أو على الأقل هكذا افترضت العديد من التحليلات الاسرائيلية، لهذا احتاجت حكومة نتنياهو الى وقت طويل نسبياً للتعبير عن موقفها من تلك التطورات السريعة.
خطة ترامب وحكومة نتنياهو
بعد استمرار الحرب لسنتين، يواجه نتنياهو صعوبة في أن يكون معطلاً للخطة الأمريكية، خاصةً وأنها لعبت دوراً في صياغتها، كما أن الخطة في مجملها تمثل إنقاذ سياسي لإسرائيل للتخفيف من عزلتها الدولية، ومنحها شرعية للاستمرار في الحرب في حال رفض حركة حماس.
لهذا، وبالرغم من تهديد وزير الأمن الداخلي ايتمار بن غفير بالانسحاب من حكومة نتنياهو في حال الموافقة على الخطة، إلا أن وزير المالية سمويترتش دعم المرحلة الأولى المتعلقة بالحصول على الاسرى مقابل الانسحاب الجزئي من قطاع غزة، وهذا يمثل انقساماً داخل جزئياً اليمين الإسرائيلي الذي يفضل استمرار الحرب لتحقيق طموحات استيطانية في قطاع غزة.
وعلى الرغم من استعداد حكومة نتنياهو لتنفيذ خطة ترامب، إلا أنها ليست مستعدة الخروج عما جاء في الخطة الأمريكية، وهذا ما كشفه موقع واي نت العبري، مؤكداً أن نتنياهو أبلغ وفده المتجه الى شرم الشيخ بعدم الخروج عما جاء في خطة ترامب، أي أن الحكومة الإسرائيلية سوف تحاول الالتزام بما جاء في الخطة الأمريكية، وهذا ما أكدت عليه القناة 12 العبرية، حيث يرى نتنياهو أنه من الضروري التنسيق مع الإدارة الأمريكية في هذه المرحلة لضمان عدم ترسيخ الانطباع بأن حماس قد أجابت بالموافقة على الخطة الأميركية.
في غير مرة، حاولت حكومة نتنياهو إظهار تجاوب عملي مع الموقف الأمريكي عبر الإعلان عن توقف عملية احتلال مدينة غزة، وهذا نوعاً من إظهار التجاوب مع تصريحات الرئيس الأمريكي الذي دعا فيها إلى وقف القصف الإسرائيلي لقطاع غزة.
المؤسسة العسكرية والأمنية
بعد ساعات قليلة على موافقة حركة حماس وما جاء من رد فعل أمريكي غير متوقع إسرائيلياًكما قيل إعلامياً، أوصت المؤسسة العسكرية في إسرائيل المستوى السياسي بضرورة بدء المفاوضات لإعادة الأسرى، على أن تتم مناقشة التفاصيل الأخرى المتعلقة بالوقف الدائم لإطلاق النار، والانسحاب الكامل من قطاع غزة وغيرها فيما بعد، أي أن رؤية المؤسسات العسكرية والأمنية في إسرائيل لا تختلف كثيراً عن رؤية اليمين الإسرائيلي من حيث المضمون، لكنها لا تحاول الاصطدام مع الرؤية الأمريكية.
وفي الوقت ذاته تسعى دائماً لتحقيق انجازاً ملموساً في ملف الأسرى، لكن المستوى الأمني والعسكري الإسرائيلي يتفق الى حد كبير مع موقف الحكومة اليمينية الساعي لتهجير سكان قطاع غزة، وهذا ما أكده استطلاع رأي صحيفة هأارتس الإسرائيلية الذي يؤكد على أن 82% من الإسرائيليين يؤيدون التهجير القسري لسكان قطاع غزة.
ما تخشاه المؤسسات الأمنية والعسكرية في هذه المرحلة هو حالة العزلة الدولية التي تمر بها إسرائيل بعد ارتكابها للإبادة الجماعية في غزة، خاصةً وأن نحو 62% من الإسرائيليين يخشون من العزلة الدولية، وهنا تتفق رؤية المؤسسات الأمنية والعسكرية مع رؤية المعارضة الساعية دائماً لتحقيق جزءاً من المسار السياسي الذي يخدم ملف استعادة الاسرى بغض النظر عن التطورات السياسة والميدانية اللاحقة.
خطة إسرائيلية بديلة
في مقابل التجاوب النسبي مع خطة ترامب، تطرح حكومة نتنياهو خياراتها البديلة، خاصةً وأن مطالب حركة حماس المتعلقة بالانسحاب الكامل من قطاع غزة، وربط تسليم الأسرى بالانسحاب، ورفض تسليم السلاح، وغيرها من التفاصيل الأخرى، تعتبرها حكومة نتنياهو أسباباً مقنعة لعدم التقدم خطوات أبعد من مرحلة تسليم الاسرى والانسحاب الجزئي من قطاع غزة.
وهنا تظهر خطة نتنياهو البديلة للتعامل مع قطاع غزة، حيث تنطلق الخطة البديلة من رؤية ترامب الأولى لمستقبل قطاع غزة، عبر عنها في فبراير 2025، والتي تقوم على تحويل قطاع غزة الى ريفيرا الشرق الأوسط بعد تهجير سكانه، وهذا ما كشفت عنه صحيفة تايمز البريطانية في 7 أكتوبر 2025، مؤكده على أن ثمة وثيقة عسكرية إسرائيلية تعتزم حكومة نتنياهو تنفيذها في حال فشل جولة التفاوض الحالية، لكن وفقاً للوثيقة أن حكومة نتنياهو معنية بإنهاء ملف الأسرى في المرحلة الراهنة.
بشكل عام تحذر المعارضة والاعلام الإسرائيلي عموماً من إحباط الخطة الامريكية إسرائيلياً، خاصةً وأن الإدارة الأمريكية سمحت بتوسيع العملية التفاوضية عبر إدخال تركيا كوسيط جديد الى جانب الوساطة المصرية القطرية، وهذا ما تعتبره إسرائيل في إطار التحالفات الأمريكية الجديدة في الشرق الأوسط، خاصةً وأن تركيا لعبت دوراً مميزاً في خطة ترامب، وبدأت تعزز من مصالحها وعلاقاتها العسكرية مع الإدارة الأمريكية التي سمحت لها بالعودة الى برنامج طائرات f35، وهو ما تعتبره إسرائيل بمثابة تهديد إقليمي جديد لها، ويعزز من مستوى عزلتها الإقليمية والدولية.
على أية حال، تجري المواقف الفلسطينية والإسرائيلية في مناخ تتسع في مساحات الحلول المدعومة دولياً وإقليمياً، كانت ثمرتها الأولى في تهيئة الظروف لتبادل الأسرى ووقف المعارك، وهي أرضية تتكامل مع مسارين مهمين؛ يتمثل الأول في رغبة الرعاة في الوصول لحلول مقبولة تراعي مصالح والتخوفات على مستقبل الوجود الفلسطيني في قطاع غزة، فكما تراجع الموقف الأمريكي عن مشروعه للقطاع، بدى التمسك العربي ـ الإسلامي برفض وجود قوات أجنبية سوى تحت مظلة مجلس الأمن وبما لا يخل بمسار حل الدولتين. أما الثاني، فهو أنه تم إلحاق اجتماع شرم الشيخ بمؤتمر دولي (قمة شرم الشيخ للسلام)، لتكون الإطار السياسي الأعلى لمسار وقف الحرب والضمانات الدولية. فكما تعمل الولايات المتحدة على ضبط سلوك حكومة نتنياهو، فإنه على الوجه المقابل، يعمل الإطار الإسلامي عبر مصر، تركيا وقطر لدعم الطرف الفلسطيني على طاولة المناقشات.