وجهات نظر، مسار المصالحة الجديد، مرحلة جديدة أم مكررة؟
منذ بدء المرحلة الجديدة من حالة التوافق الأخيرة بين حركتي فتح وحماس، وذلك عقب اللقاء الذي جمع نائب قائد حركة حماس صالح العاروري، وأمين سر اللجنة المركزية لحركة فتح جبريل الرجوب، بدا لوهلة امكانية حصول تقارب حقيقي بين قطبي الساحة الفلسطينية، وذلك رغم التجارب المشابهة السابقة والتي انتهت بالفشل، وعليه، تسعى هذه المادة إلى استعراض آراء مجموعة من الأكاديميين والكتاب الفلسطينيين حول مسار المصالحة القائم، وذلك عبر مقاربته من ثلاثة زوايا أساسية، الأولى تفسير دوافع الأطراف الفلسطينية، والثانية تقييم وتقدير فرص انعقاد الانتخابات الفلسطينية وجدواها في ظل الظروف الحالية، وأخيرًا القائمة المشتركة وجدواها.
“إجراء الانتخابات أو عدمها هو الأمر الحاسم في مسار المصالحة”
الدكتور عبد الستار قاسم، أستاذ العلوم السياسية في جامعة النجاح
كل الأطراف على الساحة الفلسطينية ليست جاهزة بعد لبدء مسار المصالحة الداخلية، جرت العادة أن تلجأ حركة فتح للمصالحة في حال شعرت بضغوط خارجية، تقوم الحركة بإبداء الحماس أمام وسائل الإعلام بأنها في طريق إنهاء الانقسام ولكن في الميدان لا يتحقق أي شيء، منذ فشل اتفاق القاهرة في 2017، كانت دعوات حركة فتح للحوار مع الفصائل بما فيها حركة حماس لتحقيق مكسب سياسي أمام العالم عبر تجديد شرعية الرئيس ببيانات منمقة تتلو هذه الاجتماعات ولكن على الأرض لم يحدث أي شيء.
اتهام حركة فتح بالقصور والمسؤولية عن فشل جولات الحوار على مدار 14 عاما، كونها المتحكمة في أطراف المعادلة، حيث أنها تدير السلطة وتهمش المجلس التشريعي وتقصي كل طرف معارض لها في منظمة التحرير.
إذا كان من خطوات يجب اتخاذها في هذا التوقيت فهو ضرورة البناء على مخرجات مؤتمر بيروت، وما دون ذلك سيبقى مسار الحوارات إعلاميًا لكسب مزيد من الوقت حتى تتضح نتائج الانتخابات الأمريكية التي ستحدد إلى أين سيقف كل طرف من أطراف الانقسام، سواء باستمرار الجهود التي بذلوها أو العودة إلى المربع الأول.
إجراء الانتخابات من عدمها هو الأمر الحاسم في مسار المصالحة، حركة فتح لن تقبل بوجود من ينافسها على كرسي الرئاسة، حتى لو جرت انتخابات على مستوى المجلس الوطني والتشريعي، فلن يغير ذلك من معادلة الوضع القائم، إجمالًا في ظل الظرف الراهن، أجد أنه من الاستحالة أن تجرى الانتخابات، وفي حال جرت الدعوة إليها فلن يغير من المعادلة شيئًا، سنبقى ندور في ذات الفلك.
ما يمكن أن يقال في القائمة المشتركة هي نمط جديد، الكل يترقب مخرجاته، ونحن بصدد ترتيب قائمة مشتركة من مفكرين ومثقفين للدخول في هذه الانتخابات ضمن قائمة مستقلين.
“ردة فعل انفعالية وسريعة”
الدكتور إبراهيم أبراش، أستاذ العلوم السياسية في جامعة الأزهر
بشكل عام يمكن القول بأن هذه الجولة من المصالحة جاءت كرد فعل انفعالية وسريعة لتطبيع الإمارات مع إسرائيل، وما صاحب ذلك من حديث من قبل السفير الأمريكي في إسرائيل ديفيد فريدمان عن مساعي لإمكانية فرض قيادة بديلة عن القيادة الحالية، والتحرك نحو المصالحة من قبل حركتي حماس وفتح جاء خوفًا من فقدان مواقعهم الحالية، لأن الحديث عن قيادة بديلة جاء من محور هو في الأصل معادي لكل من حركتي حماس وفتح (الإمارات).
التحفظات كبيرة، أولها أن سمة اللقاءات بين الرجوب والعاروري تمت بطابع شخصي وليست نابعة من موقف استراتيجي من الحركتين، حركة فتح لديها تحفظات على تكليف الرجوب بهذه المهمة والبعض يتهمه بفرض نفسه في معادلة سياسية يسعى من خلالها لتحقيق مجد شخصي يخدمه في المستقبل، كما أن بعض قيادات حركة حماس لم تظهر ذات النظرة الإيجابية لإنجاح هذه الجولة من المصالحة، يضاف لذلك أن مسار المصالحة الحالي لم يتطرق إلى فشل الجولات السابقة والوقوف عليها، بدلًا من البدء بمسار جديد.
فكرة الانتخابات وتصويرها بأنها الحل السحري لإنهاء الانقسام هو تقدير ليس صحيح وغير واقعي، فمن غير المعقول أن تفرض على الجميع أن يشاركوا في انتخابات ديمقراطية وهم لا يزالون في مرحلة تحرر وطني، إذا كانت الأولوية في ظل حالة التوافق هو أن يذهب الجميع إلى تشكيل حكومة وحدة وطنية تنهي كافة القضايا العالقة، ثم تؤسس لمرحلة جديدة انتخابات تشريعية ومجلس وطني ورئاسة.
ليست المشكلة في اختيار الأولوية بالنسبة لانتخابات المجلسين التشريعي والوطني، هنا يجب أن نطرح سؤالًا: هل حاجة الفلسطينيين تكمن في إدارة السلطة أم في إنهاء جذري لمشكلة النظام السياسي؟ إذا كانت إدارة السلطة هي المشكلة، فيجب أن تعطى الأولوية لانتخابات المجلس التشريعي، أما إذا كانت في النظام السياسي فيجب أن تكون الانتخابات (التشريعي والوطني) متزامنة.
فكرة القائمة المشتركة هو طرح سخيف من قبل طرفي الانقسام، وهذا يعد إقصاء لأي طرف يسعى لطرح رؤية مختلفة عن الرؤى الموجودة حاليًا، ومصير هذه القائمة هي الفشل في حال تم التوافق عليها، وهي معادلة صيغت لهندسة الانقسام وإبقائه ضمن نطاق أكبر مما عليه الآن.
“هروب من الأزمة”
الدكتور نهاد الشيخ خليل، أستاذ التاريخ في الجامعة الإسلامية
ما يجري الآن يمكن تلخصيه بالتالي، هو سعي الرئيس محمود عباس وجبريل الرجوب للخروج من المأزق الذي تمر به حركة فتح والسلطة، وذهابهم للمصالحة ليس نابعًا بدرجة أساسية بإنهاء حالة الانقسام التي هم طرف أصيل في وصولها لهذا المستوى من الخلاف، تفسير ذلك، أن الذهاب لأي مصالحة وترتيب للبيت الفلسطيني يجب أن يسبقه الاتفاق على نقاط الخلاف والعمل على إنهائها، وليس الذهاب في حوارات ثنائية، وكأنهم يعفون مسؤولياتهم عما تسببوه من كوارث بالنسبة للقضية الفلسطينية.
بتقديري أن فكرة الانتخابات لم تنضج بعد، وما نسمعه من حوارات وتصريحات إعلامية حول الدعوة لانتخابات تشريعية ومجلس وطني، هو بمثابة هروب من الأزمة، حركة فتح تروج إلى أن إجراء الانتخابات تم التوافق عليه، ولكن من المهم في هذه المسألة، أن يسبق ذلك ضرورة الاتفاق على تفاصيل هذه المرحلة من حيث وجود ضمانات حقيقية وملموسة لاحترام هذه النتائج، تفاديًا لتكرار تجربة العام 2006، إضافة إلى أنه من الأهمية الاتفاق على الإطار السياسي للخطوة التي ستتلو إنهاء الانتخابات والمتمثلة ببرنامج الحكومة التي ستنشأ بعد هذه الانتخابات، وكيف سيتم توزيع الصلاحيات وحدود كل طرف، في إدارة الملفات التي ستمنح له.
أما القائمة المشتركة فهي مجرد مناورة سياسية ليس أكثر، هذه مسألة في غاية الغرابة أن توافق حركتي حماس وفتح على الدخول في قائمة مشتركة، السؤال المطروح ضد من ستكون هذه القائمة، أين نقاط التقاء الطرفين سياسيًا، قد تكاد تكون صفر مقابل نقاط خلاف تصل إلى نسبة 100%.
القائمة المشتركة بتقديري ستكون محاولة لتثبيت الوضع القائم، ولن تكون حلًا للخروج من المأزق الذي تعاني منه حركتي حماس وفتح داخليًا وخارجيًا.
“محاولة لتهذيب الانقسام”
الدكتور باسم الزبيدي، أستاذ العلوم السياسية في جامعة بيرزيت
يمكن القول أيضًا بأن مسار الرجوب والعاروري هي محاولة لتهذيب الانقسام، وإعادة هندسته من جديد، فلا قرار مركزي استراتيجي من الحركتين بإنهاء هذا الانقسام، يضاف لذلك هنالك رغبة لدى الطرفين، ولكن هذه الرغبة ينقصها الإرادة الحقيقية.
كان من الأفضل لدى حركتي حماس وفتح بأن يطلقوا على هذه المرحلة (التنسيق الداخلي) وليس مصالحة، فالظروف هي من فرضت نفسها على الطرفين للخروج أمام وسائل الإعلام، والحديث عن مصالحة داخلية وما شابه، وهذا رفع لسقف التوقعات، سيضر بالحالة الفلسطينية أكثر مما يخدمها، فحجم الهوة بين الطرفين لا تزال بعيدة جدًا عن تحقيق حلم الوحدة.
قد يبدو ظاهريًا أن إجراء انتخابات تشريعية ومجلس وطني هو خروج من الحالة الراهنة، ولكن السؤال الذي يجب أن يطرح ماذا بعد إجراء الانتخابات وماذا يجب أن يسبق الانتخابات، في السؤال الأول تتجه حركتي حماس وفتح إلى الانتخابات دون غطاء عربي أو دولي يدعم ويساند ما ستسفر عنه من نتائج، لذلك فإن الطرفين سيخوضان معركة مزدوجة تتمثل الأولى في احترام نتيجة الانتخابات، لأن بعض الأطراف المتنفذة في كل حزب لن تقبل بالتسليم بنتائجها وستحاول تعطيلها، أما التحدي الثاني فهو مواجهة تحدي الظرف الإقليمي والدولي الذي سيمارس على السلطة ويحاصرها ماليًا وسياسيًا لإجبارها على العودة إلى المربع الأول وهو الانقسام، وهنا يكمن مدى صدق وجدية الطرفين في السير بطريق المصالحة.
أما السؤال الثاني فيجب أن يسبق الانتخابات ضرورة الاتفاق على رؤية وطنية شاملة أو ما يسمى سياسيًا (عقد اجتماعي داخلي) يؤطر للمرحلة التي ستتلو الانتخابات، ويحدد ملامح وبرنامج عمل الحكومة وكل مؤسسة يجري انتخابها، ويضع نظامًا للرقابة والمحاسبة، في حال سرت الأمور بهذا الشكل يمكن أن نقول بأن الانتخابات نجحت في طي الانقسام.
فليس هنالك أي مشكلة في إعطاء الأولوية لانتخابات المجلسين الوطني والتشريعي ما دامت في إطار التوافق، وضمن الشروط التي ذكرناها سابقا.
ذهاب الطرفين نحو الاتفاق على قائمة مشتركة هو أصدق تعبير عن عدم جدية الطرفين في إنهاء الانقسام، وهي صيغة هيمنة بطرق قانونية لإبقاء الحالة الراهنة كما هي عليه الآن.
“توقيته السياسي يجعله يحاط بالكثير من الريبة والشكوك”
الدكتور عدنان أبو عامر، عميد كلية الآداب في جامعة الأمة
في مسار الحوار الحاصل بين فتح وحماس هو مسار على العموم ايجابي وجيد، ولكن توقيته السياسي يجعله يحيط بالكثير من الريبة والشكوك في كونه مسار استراتيجي بعيد المدى ام مسار تكتيكي مؤقت.
أكثر وضوحًا: هل أن فتح اتجهت للمصالحة مع حماس أو الحوار معها لأغراض تتعلق بالمسار السياسي العام للقضية الفلسطينية وإعادة النظر في مسيرة المفاوضات؟
أم لموضوع التكتيك الخاص للضغط على الدول العربية والتلويح بورقة حماس أو استخدام ورقة حماس أمام الإسرائيليين والإدارة الامريكية والدول العربية؟
ليس استباقًا للأحداث ولكن من الواضح أن الخيار الثاني هو الأكثر ترجيحًا “هو أن فتح ذهبت إلى المصالحة مع حماس حاليًا فقط لمحاولة الضغط على الدول العربية وابتزازها “إن صح التعبير ” والتلويح بورقة حماس ومحورها في قطر وتركيا إذا ما قدر للتطبيع أن يستمر بصورة كاملة.
حيث تعول السلطة على بايدن بخصوص استئناف المفاوضات مع إسرائيل والضغط عليها، ولذلك الترجيحات تشكيكية، وبعيدة عن مسألة حسن النوايا وسوء النوايا، ولكن الواقع لا يشير إلى ذلك، وبالمناسبة صدور أصوات في الايام الاخيرة من فتح تشكك بمسار المصالحة قد يعطيك ايضًا انطباعًا آخر عن كون المسار الذي يقوده الرجوب حاليًا يحمل أغراضًا ذاتية تتمثل في رغبته بأن يكون هو الضامن والحاصل على تزكية حماس له في مرحلة ما بعد الرئيس ابو مازن، وذلك إذا ما قدر أن يخوض معركة الوراثة القادمة، ولذلك الرجل يبذل جهودًا مضنية في المحاولة للحصول على موافقة حماس، وذلك في كثير مما يطرح من اراء وتطلعات، وحماس ستعطيه هذه الورقة أمام خصوم اخرين في داخل قيادة فتح.
ليست هناك من ضمانات على عدم تكرار تجربة الانتخابات 2006، فتح لا يبدو انها استخلصت دروسها كثيرًا من الماضي في موضوع الاعتراف بلجنة الانتخابات وأحقية الشعب في وضع اختياره بصندوق الاقتراع، وأحقية ومشروعية أن تحكم حماس فترة 4 سنوات قادمة، المؤشرات كلها تشير بأن فتح لم تستخلص الدروس، بالعكس هي ممعنة في رفضها لمشاركة حماس، وهذا يعطينا أن الانتخابات يجب ان تكون قائمة على توافق جدي وحقيقي بين فتح وحماس وباقي القوى الفلسطينية، كي لا تكون مدخلًا لاتساع الشرخ القائم بين الضفة الغربية وقطاع غزة.
امكانية التزامن بالانتخابات التشريعية والرئاسية في الضفة الغربية وقطاع غزة أمر قائم وبقوة، وليس هناك ما يمنع ذلك، خاصة إذا ذهب المواطن الى صندوق الاقتراع ومعه بطاقتين، بطاقة انتخابات رئاسية وبطاقة انتخابات تشريعية، بالعكس هذا الأمر قد يكون أفضل أقل كُلفة على الفلسطينيين، وأقل جهودًا على لجنة الانتخابات المركزية، طبعا اشكاليته هو أن فتح أو السلطة أو الرئيس أبو مازن لا يريد الذهاب الى الخيار التزامني، السلطة تريد انتخابات تشريعية في البداية، تقيس فيها معدلات شعبيتها وجماهيريتها، وترصد فيه مستوى تمثيله في المجلس التشريعي، لاحقًا بعد النتائج التشريعية إما أن تذهب للانتخابات الرئاسية، أو تبقي الوضع على ما هو عليه، الرئيس يريد أن يتجه للانتخابات التشريعية، ثم بعد النتائج يقرر هل يشرع لانتخابات رئاسية أم لا، وهذا أمر حقيقي فيه تلاعب بالمسار السياسي، وفيه حالة مزاجية لا تخفى على أحد، ورغبة في توجيه مسار الانتخابات باتجاه مصالح الرئيس وفتح شخصيًا وليس مصالح باقي الشعب الفلسطيني.
القائمة المشتركة فاجئتني كما فاجئت الكثير من الأوساط السياسية الفلسطينية، كيف قائمة مشتركة بين فتح وحماس وهما مختلفان من الجدار للجدار.
القائمة المشتركة تكون بين الكتل البرلمانية والكتل السياسية التي يوجد فيها توافقات معينة وخلافات بسيطة، نحن نتكلم عن قائمة مشتركة تضم قطبي الساحة السياسية الفلسطينية المختلفين في قضايا كثيرة جدًا، قضايا سياسية ووطنية وعلاقات اقليمية ودولية، ولذلك قد يكون هذا الموضع حالم أو رومانسي أو طموح، لكن لا أظن أنه متحقق في الفترة القريبة القادمة، إذ ما زال فعل الانقسام يترك آثاره الجسيمة والكارثية على سلوك القيادتين السياسيتين فتح وحماس، ولا أظن بأن أسابيع قليلة من التوافقات كفيلة بمحو آثار أربعة عشر عامًا من الانقسام، ولهذا فالقائمة المشتركة بالمناسبة قد تلغي مسار الانتخابات، مما يعطي الانتخابات الفلسطينية طعم ومذاق حقيقي انتخابي وتنافسي هو وجود قائمتين فتح وحماس.
الآن إذا توافقت فتح وحماس، من سيبقى يتنافس؟ اليسار الذي لديه مقاعد محدودة؟ أم المستقلين الذين ليس لهم أي وجود؟ بالتأكيد انا لست مع هذا الخيار، قد يكون اشبه بالتعيين بالتزكية وليس بالانتخابات الجادة والحقيقية، لأنه لا يفسح المجال لأي تنافس جدي مع القوى السياسية الفلسطينية.
“الانتخابات هي الطريق الأكثر اختصارًا من أي طرف أخرى لانهاء الانقسام”
أكرم عطا الله، كاتب ومحلل سياسي
كما أن هنالك انطباعات غير جيدة بالنسبة لكل طرف، فالتفاصيل التي يتم التطرق إليها في الحوارات تعكس عدم نضج الإرادة في إنهاء الانقسام، إضافة إلى وجود مستويات من التنافس داخل الحركتين، فمثلا صعود الرجوب المفاجئ للقيام بهذه المهمة وكأنه يحارب وحيدًا دون إسناد من اللجنة المركزية لحركة فتح، وشاهدنا تصريحات عزام الأحمد وروحي فتوح التي تؤكد هذه الفرضية أو الاحتمال، وكذلك الأمر بالنسبة لحركة حماس، حيث تتولى قيادة الخارج مهمة التقارب مع حركة فتح ولا يوجد لدى قيادات غزة أو الضفة تفاؤل بنجاح هذه الجهود من العاروري وزملائه في مكتب حماس في الخارج.
الانتخابات هي الطريق الأكثر اختصارًا من أي طرق أخرى لإنهاء الانقسام، إجراؤها بات ضروريًا لإعادة بناء النظام السياسي الفاقد لشرعيته، سواء في منظمة التحرير أو الرئاسة أو المجلس التشريعي، قد تكون الانتخابات حلًا جزئيًا للانقسام، ولكن بتقديري ما دام هنالك توافق وطني، فالأولى هو تشكيل حكومة وحدة وطنية مشتركة، يتم تقييم تجربتها في الإدارة والحكم، فإذا نجحت يتم الذهاب للانتخابات على هذا الأساس، لأن إجراء أي انتخابات في ظل الحالة الراهنة بعدم وجود ضمانات لاحترام نتائجها ستزيد من تعقيد الحالة.
من الضروري أن نشير إلى أن الأولوية في هذه المرحلة هي المجلس التشريعي وليس الوطني، لأنه لم يعد فاعلًا، فالأخير لا يعقد بشكل دوري وقد يجتمع مرة كل عام أو عامين، ولا يهتم بتفاصيل الحالة اليومية، أما المجلس التشريعي القادم فستكون مسؤولياته كبيرة ومضاعفة للترتيب والوقوف على كافة ما خلفه الانقسام من نتائج على الأرض.
القائمة المشتركة بتقديري هي استنساخ كربوني للتجربة الإسرائيلية في التحالفات الانتخابية، وليست إقصاء كما يروج لها الكثيرون، بل هي آلية ونمط جديد في حال نجاحه قد يكون حلًا لمشكلات كثيرة مستقبلًا في حال نجحت التجربة الحالية، في ذات الوقت أرى بأن الظرف الحالي ليس في صالح الحركتين، ستكون النتائج مغايرة للتوقعات، في حال تم تشكيل قوائم موازية من قبل أطراف خارج حركتي حماس وفتح، كما أن جزءًا ليس بالبسيط من أبناء الحركتين لن يصوتوا لصالح القائمة المشتركة.
“استثمارًا للفرص المتوفرة من الالتقاء على نقطة مشتركة”
عوني فارس، باحث في تاريخ فلسطين المعاصر
شكل الظرف السياسي الراهن التي تمر به القضية الفلسطينية فرصة أمام حركتي حماس وفتح للالتقاء على برنامج مصالحة، بسبب الضغوط الإسرائيلية والأمريكية والعربية، ولكل طرف مبرراته، في المصالحة، فالسلطة شعرت بخطر حقيقي من تهديدات فريدمان فيما يخص إمكانية طرح قيادة بديلة عن القيادة الحالية، أما حركة حماس فشعرت بأن مسار القضية الفلسطينية ومشروع المقاومة لديها بات في دائرة الاستهداف والتصفية من قوى إقليمية ودولية، المصالحة كانت استثمارًا للفرص المتوفرة من الالتقاء على نقطة مشتركة.
نجاح المصالحة بتقديري يجب أن يرتهن بتقديم كل طرف ما يملكه من أوراق للطرف الأخر، والسعي على بلورة موقف موحد تجاه قضايا الخلاف وإنهائه، ثم الانتقال إلى خطوات لاحقة كالانتخابات وإعادة تنظيم النظام السياسي بما يتلاءم مع الحالة الراهنة، والاتفاق على رؤية وطنية شاملة وبرنامج وطني لتتجاوز الضغوط الإسرائيلية والأمريكية وصولًا إلى بر الأمان.
يجب أن ندرك أن إجراء الانتخابات هي عنصر وجزء من كل، الخطوات أو خارطة طريق يجب أن يسير بها الطرفان لإنهاء الانقسام، فالتصور بأن إجراء الانتخابات سينهي الانقسام، هو تفسير ليس منطقي ومنقوص.
العراقيل كثيرة لإنجاح مسار الانتخابات، أهمها أن كل طرف لديه رؤية مختلفة بشأن انتخابات المجلسين التشريعي والوطني، حركة فتح ترى تريد انتخابات بالتوالي تشريعي ثم وطني، أما حركة حماس فتطالب أن تكون الانتخابات بالتوازي خشية من التلاعب، ولكني مع الرأي الذي يميل إلى إجراء انتخابات متوازية بين المجلسين (التشريعي والوطني).
مسألة القائمة المشتركة، في حال كانت ضمن إطار توافق فهذا خيار جيد، وليس هنالك ما يدعو إلى التحفظ عليها، ما دامت كل الأطراف من الفصائل والقوى السياسية تقبل هذه الصياغة من الانتخابات.
“نظام سياسي قديم وفاقد للشرعية”
الأستاذ حسن عبدو، كاتب ومحلل سياسي
مسار المصالحة ليس ترفًا لكسب الوقت أو المناورة السياسية، فتأخيره يزيد من الضغط الذي يمارس علينا كفلسطينيين، صحيح أن هنالك إجماع على طريق الوحدة، ولكن هذا لا يمنع وجود تحفظات لدى كل طرف من شكل الحوار القائم، بعض الأوساط في حركة فتح رافضة للطريقة التي يديرها الرجوب في حواره مع حماس، ويراها بأنها تنازل مجاني لخصمها في الساحة السياسية، على الطرف الأخر هنالك أطراف في حركة حماس ليست بذات الحماس أو التفاؤل لإنجاز المصالحة مع حركة فتح، نظرًا للتجارب السابقة من الفشل.
في ملف الانتخابات، يجب أن ندرك بأن النظام السياسي قديم وفاقد للشرعية، لذلك يجب أن تكون هنالك خطوات لإعادة بنائه، والانتخابات هي المدخل الوحيد لإتمامه، بأي صيغة ممكنة.
صحيح أن إجراء الانتخابات في ظل الظرف الراهن يزيد من تعقيد الحالة المتفاقمة أصلًا، ولتداركها والبناء عليها بشكل جيد للوصول للنتائج المأمولة فإنه من المهم أن تكون هنالك خطوات للتقارب تسبق الانتخابات.
في ملف انتخابات المجلسين الوطني والتشريعي فإنها مسألة هامشية، ولن تكون عثرة في حال جرى تقديم الأولى على الثانية أو العكس ما دامت في إطار التوافق بين كافة الفصائل.
موضوع القائمة المشتركة مرهون بموافقة الحركتين، صحيح أنها صياغة ليست مقبولة للكثير من الأطراف، بسبب اختلاف الرؤى والتوجهات السياسية، لذلك بتقديري إذا جرى التوافق التام على هذه القائمة كصيغة تنهي حالة الانقسام فإنها ستكون مقبولة، ولكن أنا أميل إلى الرأي الذي يعطي الانتخابات زخما ديمقراطيًا وفتح باب التنافس الحر أمام الجميع.