أنشطة الحوارتقدير الموقفوجهات نظر

الوساطة الجزائرية في ملف المصالحة الفلسطينية: عوامل النجاح ومسببات الفشل

تمهيد:

انقضت حوارات الجزائر للمصالحة الفلسطينية التي استمرت لمدة يومين بلامبالاة أو أي ثقة شعبية فلسطينية بأنه ستؤدي إلى احداث خرق إيجابي وباعث للأمل في ملف المصالحة، حيث إن مساحة الاختلاف بين طرفي الانقسام كبيرة جداً ولا يمكن ردمها إلا بمعجزة او بمغادرة أحد أطرافها مربعه إلى حيث يقف الطرف الأخر، وهذا من سابع المستحيلات، خاصةً وأن الأغرب لم تنقل فضائية فلسطين التابعة للسلطة الفلسطينية مباشرة اللقاءات أو على الأقل تلاوة البيان الختامي، وهو ما يدل على عدم إيلاء أي أهمية لتلك المحادثات.

خمسة عشر عاماً ولازال الانقسام الفلسطيني تمتد جذوره إلى كل مناحي الحياة الفلسطينية على جميع المستويات السياسية والاجتماعية والاقتصادية وحتى البنيوية، كما أن هذا الانقسام لم يقتصر تأثيره على غزة والضفة فقط، بل امتد إلى جميع أماكن تواجد اللاجئ الفلسطيني، ورغم كل هذه العوامل ينشغل الفلسطينيون في التفكير بالمواجهة الكبيرة والمباركة التي تدور في الضفة والقدس، ولسان حال كل فلسطيني يقول يجب علينا الآن أن نتحاور حول كيفية زيادة وتيرة المقاومة في الضفة وسبل حماية المقدسات.

منذ أن دبّ الخلاف في البيت الفلسطيني متسبباً بشرخٍ عميق على المستويين السياسي والجغرافي بين حركتي فتح وحماس جرت العديد من الوساطات لأطرافٍ عدة إقليمية ودولية؛ لوأد الخلاف وتوحيد الأقطاب في إطار حكومة موحدة تلبي رغبات الكل الفلسطيني؛ بدءاً من اتفاق مكة عام 2007، ومروراً بعدة وساطات ولقاءات في عدة عواصم عربية وإقليمية، مثل توقيع وثيقة صنعاء بين الطرفين عام 2008، وحوار دكار (العاصمة السنغالية) عام 2008، وعدة محادثات في العاصمة المصرية، واجتماعات دمشق عام 2010، والدوحة عام 2012، ومروراً باجتماعات القاهرة التي أفضت إلى عدة تفاهمات لم تُستكمل بسبب بعض المسائل الخلافية التي بقت عائقاً أمام إتمام المصالحة.

وفي ظل حالتي انحسار الخيارات واستعصاء الحلول أمام الوسطاء الإقليميين في التوصل إلى تفاهمات تلبي رغبات وتطلعات الطرفين، اجتمع الطرفان في قطاع غزة ووقعا اتفاق الشاطئ عام 2014 الذي نجحت مخرجاته في تشكيل حكومة وحدة وطنية عُدّت أولى الخطوات الإيجابية لتوقيع اتفاق المصالحة. لكن بخلاف ذلك ظلت بعض المسائل الخلافية مثل المعابر والأجهزة الأمنية وألية توزيعهما عائقاً أمام استكمال مخرجات تلك التفاهمات، واستمرت وساطات القاهرة في أكثر من مرة لكن دون جدوى تذكر، إلى أن قامت الجزائر مؤخراً بدعوة الأطراف الفلسطينية، وعلى رأسها حركة حماس وفتح، ووقعت إعلان الجزائر.

السلطة تدرك تماماً أنها لن تستطيع دفع فاتورة المصالحة؛ لأن وجودها على رأس البيت السياسي الفلسطيني هي شرعيتها الوحيدة وتسعى بأي شكلٍ من الأشكال الحفاظ على تلك الشرعية، خاصةً مع فقدانها الشرعية في الشارع الفلسطيني مع تشري منظومة التنسيق الأمني مع الاحتلال، أما بالنسبة لحركة حماس فهي مقتنعة أن أي مصالحة يجب أن تكون رافعة مشتركة للفعل الفلسطيني المقاوم في كل مكان ولحماية حقوق وثوابت الشعب الفلسطيني، وعلى الرغم من أن المصالحة الفلسطينية باتت عنواناً ومطلباً للمرحلة على المستويين الشعبي والفصائلي، إلا أن الواقع الفلسطيني الحالي بكل ما يعانيه من تعقدٍ وتشرذمٍ سياسي يجعل من تطبيق هذا المطلب أمراً شديد الاستحالة المصالحة، ولكنّ الفصائل تميل إلى المشاركة المستمرة في محادثات المفاوضات لكيلا تتحمل اجهاض الحوار.

على أي حال يدور السؤال الرئيسي في الشارع الفلسطيني المتشوق حقاً للوحدة والمصالحة، حول فرص نجاح أو فشل “إعلان الجزائر” للمصالحة الفلسطينية، لذا لابد من ذكر العوامل المؤثرة سلباً وايجاباً في “إعلان الجزائر” للمصالحة الفلسطينية.

دوافع الجزائر في الوساطة:

كثيراً ما تسعى الجزائر في إطار أجندتها الدبلوماسية الإقليمية على تبني مقاربة تقوم على تحكيم مبدأ التفاوض بين الأطراف لتحقيق الحل السلمي للنزاعات الإقليمية، مثل تدخلها دبلوماسياً لحل النزاع في منطقة القرن الافريقي بين اثيوبيا وايريتيريا عام 1998، وغيرها الكثير من الوساطات. واستكمالاً لدورها التفاوضي لحل النزاعات وبناءً على ما يمليه واجبها الوطني والعروبي تسعى الجزائر باعتبارها من أكثر الدول تأييداً ودعماً للقضية الفلسطينية إلى لعب دور الوساطة لحل الانقسام الفلسطيني.

وتحاول أن تحدث اختراقاً في هذا الواقع الفلسطيني من خلال اعتقادها ان اللحظة التاريخية وجملة التحولات والمتغيرات التي تدور في العالم قد تقنع الأطراف بما فيها السلطة الفلسطينية بتغيير موقفها وتغليب الوحدة الفلسطينية على اتفاقيات التسوية، التي تؤكد للجميع بمن فيهم السلطة الفلسطينية أنها لن تعيد لهم أي كسر عشري من حقوقهم، بل على العكس تعمل على تدمير جميع الحقوق والتطلعات الوطنية.

جاءت الخطوة الجزائرية لإعادة مسار محادثات المصالحة الفلسطينية؛ لتقيم الحجة أمام الجميع ولتؤكد على موقفها الداعم للقضية الفلسطينية من جهة، وكذلك كخطوة مهمة في التصدي لموجة التطبيع التي اجتاحت المنطقة في الآونة الأخيرة من جهةٍ أخرى؛ وربما تحاول الجزائر من خلال حسها العروبي القومي أن تعمل على توحيد وتقوية النظام العربي من خلال بوابة القضية الفلسطينية تحسباً للمتغيرات الدولية وحتى لا يظل العرب هم وقود هذه المتغيرات وأكثر المتضررين كما حدث ابان تشكيل النظام الدولي الجديد ثنائي القطبية بعد الحرب العالمية الأولى وكذلك نظام آحادي القطبية بعد تفكك الاتحاد السوفييتي عام 1990.

بعد يوم من اللقاءات ارتفع منسوب الأمل الفلسطيني والجزائري باتفاق وشيك خاصة بعدما تم الاتفاق على بند تشكيل الحكومة ومهامها، مما دفع بالرئيس الجزائري عبد المجيد تبون بالقدوم إلى قاعة الاجتماعات والاحتفاء بالوفود المشاركة، لكن تراجع وفد فتح عن موافقته السابقة على بند الحكومة بدد آمال المجتمعين والدولة المضيفة.

بعد يومين من الحوار، تم الإعلان عن أنه بيان ختامي وليس اتفاق مصالحة وهذا الإعلان عبارة عن مبادئ عامة سئم الشعب الفلسطيني من سماعها ولم يجد لها أثراً في الواقع السياسي والاجتماعي الراهنين، وقد شارك في حوارات الجزائر أغلب القوى السياسية الفلسطينية المكونة من 16 فصيلاً فلسطينياً بمن فيهم حماس وفتح، وهذه ليست المرة الأولى ولا العاشرة وأيضاً سبقت العاصمة الجزائرية عواصم عربية كثيرة كان أهمها القاهرة ولم تنجح كل هذه الفصائل والدول الوسيطة في فرض اتفاق مصالحة على الأطراف المتخاصمة.

  • العوامل المؤثرة سلباً في نجاح “إعلان الجزائر”:

أولاً: الاعتراف بشروط الرباعية الدولية:

اشترط وفد حركة فتح وبطلبٍ مباشر من الرئيس محمود عباس أن تكون حكومة الوحدة الوطنية ملتزمة بالشرعية الدولية وشروط الرباعية، وهي نقطة خلافية بين فتح من جهة وحماس والجهاد والشعبية من جهة أخرى، وهم يرون أن اتفاق أوسلو حصر السلطة الفلسطينية في التنسيق الأمين والتبعية الاقتصادية لدولة الاحتلال. بالإضافة إلى أن الموقفين الأميركي والإسرائيلي يعدان من أهم العقبات بسبب الإصرار على ربط شروط اللجنة الرباعية بأي تغييرٍ يحدث في الصف الفلسطيني على المستوى الفصائلي فيما يتعلق بإنهاء الانقسام أو اشراك باقي الفصائل تحت مظلة منظمة التحرير. فالوحدة على أساس وطني ديمقراطي وشراكة حقيقية آخر ما يحتاج إليه كل من واشنطن وتل أبيب، لما تعنيه من تصليب الموقف الفلسطيني، والتخلص من مقاربة النظر إلى الصراع بوصفه حول آثار عدوان 1967 فقط.

ثانياً: الفيتو الإسرائيلي المدعوم أميركياً:

إسرائيل لا تريد مصالحةً قد تقود إلى توحيد الموقف الوطني الفلسطيني، حيث تتصاعد مخاوف الاحتلال من أن تؤدي المصالحة الفلسطينية لتقييد تحركات السلطة ضد عناصر وكوادر حركة حماس في الضفة الغربية، الأمر الذي قد يصّعد من وتيرة الاحداث المتأججة هناك، وهو ما قد يساهم بشكل فعال في فقدان السيطرة الأمنية لدولة الاحتلال في الضفة الغربية، ما قد يؤدي إلى اندلاع انتفاضة ثالثة أو مواجهة شاملة مع الاحتلال تهز منظومة الاحتلال الأمنية. كما أن الوحدة مرفوضة كونها تستدعي وتحي المشروع الوطني الفلسطيني، ومعنى القضية الفلسطينية وأبعادها، وعودتها إلى مسارها الأصلي والطبيعي القائم على المقاومة بمختلف أشكالها بوصفها قضية تحرر وطني.

ثالثاً: الخلافات داخل حركة فتح:

تعاني حركة فتح في السنوات الأخيرة من صدعٍ داخلي عميق طال كوادر الصف الأول في البيت الفتحاوي، وتتمركز الخلافات والانقسامات حول العديد من الملفات لعل أبرزها ملف المصالحة، حيث يوجد تياران داخل حركة فتح، أحدهما يرفض المصالحة مع حركة حماس بكل أشكالها ويقوده حسين الشيخ وماجد فرج، وتيار آخر يميل لإتمام المصالحة ويقوده جبريل رجوب. لكن مع الأسف يسيطر تيار حسين الشيخ بقوة على مفاصل السلطة خلال الفترة الراهنة، وقد زادت وطأة وتفرد هذا التيار خاصةً بعد تعيين حسين الشيخ أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، وعليه من المتوقع أن تسهم تفرد قيادة هذا التيار على مفاصل القرار في السلطة الفلسطينية في افشال وتعطيل أي جهد عربي أو فلسطيني يهدف لإتمام المصالحة ومن ضمنها الجهود الجزائرية الحالية؛ وهو ما بدا واضحاً في التغير المفاجئ في الموقف الفتحاوي بعد التفاهمات بين الفصائل هناك.

رابعاً: اتساع الفجوة بين الطرفين:

وذلك في ظل حالة من التدني (أو انعدام) الثقة بين الطرفين؛ بالإضافة إلى وجود التدخلات والضغوطات العربية والدولية في الملف الفلسطيني؛ حيث أن حركة فتح تشترط  تشكيل حكومة وحدة وطنية – تلتزم الاعتراف بإسرائيل – قبل اجراء الانتخابات وتشكيل مجلس وطني جديد، وقد عقب عزام الأحمد في تصريح لـــ”اندبندنت عربية” حول ذلك بالقول إن انهاء الانقسام يبدأ بتوحيد النظام السياسي الفلسطيني ووجود سلطة واحدة وقانون موحد في قطاع غزة والضفة الغربية، مؤكداً أن انضمام حركتي حماس والجهاد الإسلامي إلى منظمة التحرير يصبح تلقائياً بعد انهاء الانقسام، رافضاً فكرة اصلاح منظمة التحرير التي تطالب بها حماس، وفي الجانب الأخر تطالب حركة حماس بإصلاح منظمة التحرير الفلسطينية وتنصل السلطة الفلسطينية من التنسيق الأمني مع دولة الاحتلال، كمدخل لإتمام المصالحة الفلسطينية وتشكيل حكومة وحدة وطنية.

  • العوامل المؤثرة إيجاباً في نجاح “إعلان الجزائر” للمصالحة:

على الرغم من وجود العديد من العوامل التي قد تساهم في إفشال “إعلان الجزائر” للمصالحة الفلسطينية، إلا أن هناك العديد من العوامل التي قد تلعب دوراً إيجابياً في اخراج هذا الجهد الجزائري بثمرة تمهد الطريق إلى إتمام المراحل الأولية في مسار المصالحة، ولعل أبرز هذه العوامل ما يلي:

أولاً: تنامي الحراك الثوري المسلح في الضفة:

تشهد الضفة الغربية خلال الشهور الأخيرة حالةً من الحراك الثوري المسلح ضد قوات الاحتلال ومستوطنيه، ويرجح أغلب الساسة والمحللين تصاعد وتيرة العمليات والاشتباكات الدائرة في مناطق متفرقة من الضفة الغربية خلال الفترة المقبلة، ما قد يؤدي إلى تراجع سيطرة السلطة الفلسطينية ومؤسساتها الأمنية، بينما يزيد من حضور وقوة الأطر التنظيمية في حركة فتح في دوائر صنع القرار الفلسطيني في الضفة الغربية، ومن المتوقع أن يساهم هذا الامر في اضعاف تيار حسين الشيخ وماجد فرج واللذان تتركز قوتهما في سيطرتهما التامة على مفاصل الحكومة، وبالأخص أجهزتها الأمنية، وفي المقابل يتصاعد تيار جبريل رجوب والذي تتركز قوته في الأطر التنظيمية لحركة فتح، وهو ما يعني تعزيز التيار الذي يميل للمصالحة الفلسطينية داخل حركة فتح.

ثانياً: انسداد الأفق السياسي وانحسار الخيارات لدى السلطة:

إن استمرارية انسداد الأفق وانحسار الخيارات المتاحة أمام السلطة الفلسطينية وعدم إمكانية حدوث أي اختراق باتجاه احياء عملية السلام من جديد في ظل ما هو قائم في المشهد السياسي الإسرائيلي من صعود اليمين المتطرف الرافض لحل الدولتين واستحالة تشكيل حكومة يسارية تدعم عملية السلام، ما قد يدعم موقف التيار الداعم للمصالحة الفلسطينية داخل حركة فتح، ويدعم هذا التوجه كذلك خيبة الأمل التي اصابت قيادة السلطة بعد تراجع الإدارة الامريكية بقيادة بايدن عن الكثير من تصريحاتها المتعلقة بشأن القضية الفلسطينية وفي مقدمتها التراجع عن الاعتراف بالقدس عاصمة لدولة الاحتلال.

ثالثاً: مرحلة ما بعد عباس:

بات الحديث متداولاً في جميع الأوساط الفلسطينية والإسرائيلية حول مرحلة ما بعد عباس، حيث يعاني الرئيس من ظروف صحية صعبة ترجح غيابه عن المشهد قريباً، ومن المتوقع ان تساهم حالة الفوضى التي قد تشهدها السلطة وحركة فتح بعد انتهاء عهد عباس بتوجه تيار واسع من الحركة نحو المصالحة الفلسطينية، مع تحفظ تيار اقل من ذلك، وعليه وجب العمل على مرحلة ما بعد عباس وتدعيم الرؤية المؤيدة للمصالحة في أوساط حركة فتح ابان تلك الفترة.

رابعاً: حقل غاز مارين:

كشف موقع “المونيتور” الأمريكي في تقرير صدر مؤخراً أن مصر نجحت في اقناع إسرائيل بالبدء في استخراج الغاز الطبيعي قبالة سواحل قطاع غزة، بعد اشهر من المحادثات الثنائية السرية، ومن المتوقع أن يشهد الربع الأخير من هذا العام توقيع اتفاقية بين السلطة ومصر بهذا الخصوص، ومن المتوقع أن تظهر الخلافات بين حركة حماس التي تسيطر على قطاع غزة – حيث يقع حقل الغاز ضمن مياهها الإقليمية – والسلطة الفلسطينية التي ستتسلم عوائد تشغيل هذا الحقل من حيث توزيع العائدات وحصة قطاع غزة منها، مما قد يصّعد من الخلاف في ظل غياب حكومة فلسطينية واحدة تكون مسؤولة عن توزيع تل العائدات، وعليه من الممكن أن تدفع رغبة كلا الطرفين إلى استغلال الموارد البحرية والاستفادة من العائد المرتفع لهذا الحقل –في ظل شح الغاز الذي تعاني منه أوروبا وتضاعف أسعاره- في إتمام المصالحة أو على الأقل تخفيف حدة التوتر بين الطرفين.

خامسا: سعي حماس للتخفيف عن عناصرها في الضفة الغربية:

من المتوقع أن تسعي حركة حماس نحو اتمام المصالحة الفلسطينية بهدف التخفيف من حدة الملاحقات الأمنية والسياسية لعناصرها في الضفة الغربية، مما قد تحجم السلطة -إلى حد ما-عن مطاردة ناشطي حركة حماس في الضفة حال اتمام المصالحة، وهو الأمر الذي قد يوفر مساحةً من حرية الحركة لحركة حماس تستطيع من خلالها لعب دور أكبر في حالة المد المقاوم الذي تشهده الضفة الغربية.

سادساً: توطيد العلاقات مع الجزائر:

تسعى حركة حماس في إطار توجهها الاستراتيجي الرامي إلى توسيع نطاق نفوذها الجغرافي في المنطقة إلى إيجاد ساحة عربية جديدة ليتحرك فيها قيادتها دون تقيد؛ لذا ابدائها الليونة اللازمة مع جهود المصالحة الجزائرية، قد يسهم في توطيد علاقة الحركة بالجزائر وهو ما قد يسمح لعناصرها للعمل بحرية أكثر هناك، ويزيد من فرص تعزيز الاعتراف العربي والدولي بها.

الختام:

على الرغم من حالة التشاؤم السائدة في الجو العام الفلسطيني على المستويين الشعبي والفصائلي، إلا أن إمكانية إتمام المصالحة وإنهاء الانقسام أمر وارد الحدوث، لكنه يحتاج إلى مراعاة الاستمرارية في تعزيز الجهود لإنهاء الانقسام والعمل على إنجاح “إعلان الجزائر” الأخير، وذلك من خلال اعتباره نقطة انطلاقٍ جديدة لسلسة لقاءات من الممكن أن تعزز مجموعة من التفاهمات، وذلك بالتزامن مع استغلال حالة المد الثوري المقاوم في الضفة الغربية وما يترتب عليه من صعود التيار الداعم للمصالحة داخل حركة فتح، بالإضافة إلى إمكانية غياب الرئيس عباس عن المشهد خلال الفترة القادمة وحالة الفوضى المتوقعة والتي قد تدفع كوادر فتح أكثر نحو اتمام المصالحة الفلسطينية بهدف الحفاظ على ما تبقى من وجود الحركة والسلطة بعد غياب عباس.

علاوةً على ذلك؛ إن حسن استغلال ملف مارين غزة من قبل قيادة قطاع غزة قد يسهم بشكل فاعل في الضغط على السلطة للتوجه نحو اتمام المصالحة رغبةً منها في الاستفادة من عوائد الغاز المستخرج من هذا الحقل في ظل الارتفاع العالمي لأسعار الغاز أو على الأقل تحييد أي دور من قطاع غزة قد يعيق إتمام مشروع الغاز، وهنا تجدر الإشارة إلى ضرورة أن تعمل قيادة غزة على إيجاد السبل المناسبة للضغط على مصر بهدف اشراك القطاع في أي جهود مرتقبة لاستخراج الغاز من حقل مارين غزة، أو على الأقل الاستفادة من هذا الملف لدفع ملف المصالحة، خاصةً وأنها باتت مطلباً وطنياً ملحاً لجميع الأطراف الفلسطينية والإقليمية.

الوسوم
اظهر المزيد

فتحي جميل

باحث في مجموعة الحوار.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق