
التحركات الاقليمية بعد القمة العربية الإسلامية للتضامن مع الدوحة
تشهد المنطقة توتراً غير مسبوق بعد الاستهداف الإسرائيلي المفاجئ في قلب الدوحة، ما استدعى تحركاً عربياً واسلامياً عاجلاً لم يُترجم إلى الآن إلى خطوات عملية إلى الآن قادرة على وقف التوغّل الإسرائيلي وخرق سيادة المنطقة في إطار عمليات عسكرية متواصلة منذ قرابة عامين. ويسعى التقرير لاستكشاف اتجاهات الاستجابة للتهديد الإسرائيل ـ الأمريكي، وانعكاس الموقف العربي ـ الإسلامي على مواقف الدول والتحالفات الممكنة فيما بين الدول الإسلامية وتأثيره على نطاق العملية البرية داخل مدينة غزة.
أولاً: قمة الدوحة تعزز من سيناريو التهجير إسرائيلياً
في إطار سعيها الرامي الى فرض معادلة ردع جديدة في الشرق الأوسط، تكون فيها اليد الطولى لإسرائيل التي لا تتوقف عن طموحاتها التوسعية التي عاد وأكد عليها مؤخراً رئيس الحكومة اليمينية نتنياهو ووزراءه مراراً (إسرائيل الكبرى)، جاء الهجوم الجوي على قيادة حركة حماس في العاصمة القطرية الدوحة في 9 سبتمبر 2025.
شكل هذا الهجوم المفاجئ وغير المتوقع اختباراً حقيقياً لكافة القوى الإقليمية التي باتت على أقل تقدير على موعد لتلقي ضربات مشابهة في حال تجاهل حادث الدوحة، خاصةً وأن كل من حكومة نتنياهو والإدارة الأمريكية الداعمة وبشدة للإبادة الجماعية في غزة، ولا تجد أي غضاضة في تحقيق أحلام اليمين الإسرائيلي الهادف الى الوصول مرحلة تهجير الشعب الفلسطيني من قطاع غزة، يحاولوا الآن التخلص من أي صوت فلسطيني سواء على مستوى قيادة المقاومة، أو حتى على مستوى السلطة الفلسطينية التي حُرمت أمريكياً من حضور جلسة الجمعية العامة المقررة في نهاية سبتمبر الجاري.
رسائل حكومة اليمين الإسرائيلي للإقليم
اعتبرت حكومة نتنياهو ضربة الدوحة بمثابة رد مشروع لأن دولة قطر توفر بيئة للإرهاب على حد وصفه، محذراً من أي دولة تستضيف قادة من حماس يجب أن تختار بين طردهم أو مواجهة إسرائيل عسكريًا. وللبحث عن المزيد المبررات التي يمكن أن تدعم من موقف إسرائيل السياسي جراء هذا العدوان الإسرائيلي على الدوحة، قدم نتنياهو مقارنات تاريخية، أبرزها الرد الأمريكي على هجمات الحادي عشر من سبتمبر 2001، حيث يحاول توجيه رسالة للقوى الإقليمية والغربية على حد سواء، بأن ملاحقة الإرهابيين في بلدان مسانده لهم هو أمر تمارسه الكثير من القوى الدولية وليس إسرائيل وحدها على حد زعمه، لهذا حاولت حكومة نتنياهو وضع أرضية سياسية تنطلق من خلالها للرد على الانتقادات الدولية التي وُجهت وتوجه لها.
لم يتطرق نتنياهو للمسار السياسي ودور قطر، لكن سموتيرتش عبر بشكل واضح عن هذا الدور، موضحاً أن استمرار الدور القطري دبلوماسياً يُعتبر خطأ جسيم ترتكبه إسرائيل، لأنه يعتقد أن أي اتفاق سياسي مع حركة حماس من شأنه أن يبقى على التهديد الأمني لإسرائيل، لهذا ردد تصريحات نتنياهو التي تهدد كافة الدول التي تستضيف قيادة المقاومة.
رد فعل الجبهة الداخلية الإسرائيلية
بعد فشل هجوم الدوحة نظرت الجبهة الداخلية الإسرائيلية بشكل غير متحمس، فقد اعتبرت وسائل الاعلام الإسرائيلية أن ما فعلته حكومة نتنياهو ليس بالانجاز الكبير كما يدعي الأخير، وهذا ما كان واضحاً في رأي المحللين الإسرائيليين الذي أجمعوا تقريباً على أن التأثير الإعلامي والرمزي كبير لهذا الهجوم، لكنه لم يحدث تغيراً جوهرياً في المعادلة.
لهذا قيمت العديد من الأصوات الإعلامية الإسرائيلية موقف الحكومة الإسرائيلية باعتبارها باتت فاقدة للثقة أمام الإقليم، وهذا ما يقلل من أهمية المفاوضات، بالتالي سيكون له عواقب سلبية على أسرى الاحتلال في قطاع غزة. في هذه الأثناء تقول صحيفة الواشنطن بوست أن هذا التطور في العلاقات الإسرائيلية العربية يضيق من مجال إسرائيل الدبلوماسي مع العديد من الدول العربية، ودول الخليج على وجه الخصوص، وهذا ما انطلقت منه قيادة المعارضة في إسرائيل، فقد حذرت تصريحات أحزاب اليسار يش عتيد وميرتس من استمرار حكومة نتنياهو في تصعيد علاقاتها مع الإقليم، لأنها يمكن أن تخلق توترات إقليمية من الصعب السيطرة عليها اسرائيلياً.
من جانبه كان يائير لبيد زعيم المعارضة في إسرائيل قد أشاد بقدرات الجيش الإسرائيلي وأجهزة الاستخبارات الإسرائيلية بعد لحظات قليلة من هجوم الدوحة، لكنه عاد بعد مخرجات القمة العربية الإسلامية في الدوحة ليحذر من العزلة الدبلوماسية، لأن هذا التصرف الإسرائيلي يضعف من مكانتها الدولية.
الدعم الأمريكي لإسرائيل
من جانبها لم ترحب إدارة ترامب بالهجوم الإسرائيلي، لكنها في الوقت ذاته حاولت احتواء الموقف بما لا يشكل أي انتقاد لإسرائيل، متمسكة بحرصها على دعم إسرائيل دبلوماسياً، واحتواء أي تهديدات لعلاقات إسرائيل الإقليمية، وذلك من خلال الحرص على بقاء الوساطة القطرية.
والواضح هنا أن الإدارة الأمريكية معنية باستمرار العملية التفاوضية ليس بهدف الوصول الى أي نتائج من شأنها أن توقف الإبادة الجماعية في غزة، لأن ثمة تفاهم إسرائيلي أمريكي على تطبيق رؤية ترامب التي أعلن عنها في بداية تسلمه للسلطة في الولايات المتحدة الأمريكية (ريفييرا غزة)، فما يجري على الأرض في غزة هو تطبيق واضح لهذا المخطط الهادف الى تهجير سكان القطاع، كما أن مخرجات القمة العربية السابقة في مارس 2025 لم تغير من ذلك المسار السياسي والعسكري الإسرائيلي الأمريكي، فضلاً عن مخرجات قمة الدوحة الطارئة جاءت لتؤكد على حقيقة الموقف العربي والإقليمي الذي تجاهل بلا أي شك الإبادة الجماعية في غزة، وتداعياتها التي تقود الى مرحلة التهجير، مع التركيز فقط على مستقبل العلاقات الإسرائيلية الإقليمية.
ثانياً: القمة الإسلامية من رفض العدوان للتحالفات الجديدة
فور الهجوم الإسرائيلي على مقر تابع لحركة حماس في الدوحة، ظهرت استجابات سريعة من عدة دول عربية وإسلامية، شرعت في البحث عن صيغة رد على التغير المفاجئ في السياسة الأمريكية والإسرائيلية تجاه الأمن إقليمي. وكانت ردود الفعل الأولية في ناحية الترتيب لموقف مشترك للتعامل مع التهديد المتجدد خارج نطاق الأراضي الفلسطينية وضد دولة قطر وهي حليف للناتو من خارج أعضائه، ما يلقي بتغير عميق في التصور الأمريكي للأمن في الشرق الأوسط.
وعلى مدى يومين بعد الهجوم، نشط وزراء خارجية تركيا، مصر وباكستان والسعودية وغيرها من الدول في جانبين؛ تكثيف التواصل بين الوزراء ودولة قطر لبلورة الموقف المشترك، وتأكيد أولوية القضية الفلسطينية ودعم قطاع غزة. وقد أسفرت الاجتماعات المتتالية واتصالات رؤساء الدول عن دعم قطر في المدعوة لعقد قمة استثنائية لمنظمة التعاون الإسلامي، لاتخاذ موقف مناسب في الرد على تجاوزات إسرائيل والموقف من السياسة الأمريكية.
ومع الدعوة لعقد القمة الإسلامية ـ العربية في 15 سبتمبر 2025، في العاصمة القطرية كانت استجابة الدول في مستوى مرتفع ومماثل لاستجابة الدول وقت العدوان الإسرائيلي على إيران، وهو ما يمثل مؤشراً على الاستجابة المناسبة لمواجهة تهديد سلامة أراض دولة عضو في الجامعة العربية ومنظمة التعاون الإسلامي.
ووفق الاتجاه العام، لم يقتصر البيان الختامي على دعم دولة قطرن، ولكنه كان معنياً أكثر بالتعامل مع عدوان إسرائيل على بلدان مختلفة وارتكابها إبادة جماعية ومساعيها المتسمرة لتقويض حل الدولتين، ليكون الموضوع الفلسطيني في بؤرة الاهتمام، وخصوصاً ما يتعلق بالتطهير العرقي والتجويع في قطاع غزة.
ربطت القمة بوضوح ما بين إدانة العدوان على قطر وفلسطين باعتبار أن الهدف الإسرائيلي مزدوج، فهو في الحقيقة يستهدف الوجود الفلسطيني في الدوحة كما لم يتردد في انتهاك السيادة القطرية. هذه النقطة، كانت واضحة في البيان الختامي، حيث لم يضع حاجزاً بين الموضوعين، ليكون نوعاً من العدوان المزدوج.
كانت النقطة المهمة في إشارة الموقف العربي ـ الإسلامي لاستهداف العدوان أحد الوسطاء في وقف إطلاق النار في غزة، ليضفي بعداً جديداً على التهديد، بحيث لم يقتصر على استهداف الدولة والمقيمين لديها، ولكنه تمادى في التعدي على واحد من أطراف الوساطة، لتنتقل أبعاد الصراع الإقليمي لمستوى يتجاوز الإبادة في قطاع غزة، ما يتطلب اتخاذ تدابير إضافية، سواء بدعم إطار الوساطة الجاري أو مراجعة أشكال التعاون الإقليمي.
بشكل عام، وضع البيان الختامي مبادئ وتوجهات التعامل مع التهديد الإسرائيلي المدعوم أمريكياً، وهو ما يتلاقى مع سياقات التعاوني الدفاعي والاقتصادي الإقليمي. فبقل أيام من العدوان الإسرائيلي، أجرت مصر والسعودية ورقة التعاون الاستراتيجي في مجال التجارة، الاقتصاد والدفاع، وفي موازاة هذا المسار، تسارع التعاون العسكري المصري ـ التركي. وبالإضافة لهذه المسارات، دفع العدوان الإسرائيلي على إيران لإعادة تقييم العلاقات معها، من جانب مصر والسعودية.
وتحت هذه المبادئ، تخوض الدول الإسلامية معركة قانونية في اتجاهين؛ إثارة موضوع عضوية إسرائيل مع ميثاق الأمم المتحدة ودعم مسيرة الاعتراف بالدولة الفلسطينية. ورغم ضعف العائد الفوري من المعارك القانونية، فهي تعمل على تمهيد أرضية الصراع لاستقبال المتغيرات الجديدة، حيث يحدث تأثير متبادل بين إضعاف مشروعية إسرائيل وصعود الشرعية الفلسطينية، بشكل يدعم نضال الفلسطينيين في الحقول على كل حقوقهم.
على أية حال، كانت استجابة الدول لانعقاد القمة واضحة في إمكانية الحشد لمواجهة العدوان. في الإطار العام، شكل البيان الختامي الحد الأدنى المشترك فيما بين الدول، فيما عبر رؤساء الدول والوفود عن سياستهم الخاصة تجاه العدوان، ولذلك، جاء الكلمات بسقف مرتفع وغير مسبوق في القمم السابقة. وصف الرئيس المصري، عبد الفتاح السياسي، إسرائيل بالعدو، وهو وصف لم تستخدمه مصر منذ اتفاقية السلام في 1979، ما يُعطي مؤشراً على انهيار الثقة في السلام وصعوبة عقد اتفاقيات أخرى. وفي ذات السياق، تحدث الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، عن الاستثمار المشترك في الصناعات العسكرية، وهو ما يتلاقى مع حديث رؤساء أخرين عن تبني برامج وسياسات تُدعم الموقف الجماعي في مواجهة العدوان.
كانت هذه البيئة جاهزة بعد قمة الدوحة لتكون اتفاقات عسكرية واشحة، كان أهمها؛ اتفاق الدفاع المشترك ما بين السعودية وباكستان، واستئناف التدريبات البحرية ما بين مصر وتركيا. لتغطي هذه التفاهمات ساحة أمنية كبيرة، تأخذ في اعتبارها التهديد الذي تمثله الولايات المتحدة من خلال إسرائيل أو حلفاءها الأخرين.
وتمديداً لهذه المناقشات والسياسات، وإزاء الاستهداف الإسرائيلي لحركة حماس، كان انشغال القمة وما بعدها منصباً على وقف الهجوم على مدينة غزة ومواجهة تصعيد الخطاب الإسرائيلي ضد مصر وتركيا، ليكون الاهتمام بمصير قادة حماس في مرتبة ثانوية، تتعزز بتوقف الوساطة والانصراف الأمريكي نحو إطلاق يد حكومة نتنياهو في الأراضي الفلسطينية.
ثالثاً: القمة العربية الاسلامية والمشهد الفلسطيني
مع استهداف العدوان لقادة حماس، كان المشهد الفلسطيني أكثر تعقيدًا لانسداد الأفق السياسي وتزايد الضغوط الميدانية. وفي ضوء هذا الواقع المعقّد، يسلّط التقرير الضوء على مواقف الأطراف الفلسطينية المختلفة حيال هذه التطورات، وعلى إعادة تقييم المقاومة لأدوات الضغط المتاحة في ظل واقع إقليمي ودولي آخذٍ في الانكشاف.
تعطيل التفاوض باستهداف المفاوض والوسيط
باتت حركة حماس أكثر ادراكاً لمدى خطورة المرحلة الراهنة في ظل وضوح الاصرار الاسرائيلي على استهداف قياداتها أينما وجدوا، بمن فيهم وفدها المفاوض في الدوحة، وهو ما وقع مؤخراً، ما نتج عنه تعطل المسار التفاوضي نهائياً، مما زاد من تعقيد المشّهد وانعدام فرص التوصل لاتفاق تهدئة على المدى المنظور.
ويبدو من تداعيات محاولة اغتيال الوفد المفاوض، أن نجاحها من عدمها لم تعد تشكل أزمة حقيقية بالنسبة لـ نتيناهو، نظراً لأنه جنى ثمار هذه العملية بتعطيل المسار التفاوضي نهائياً، وهو ما زال مستمراً مع تصاعد التوتر ما بين الدوحة وتل أبيب، ما يحول دون استئناف ملف التفاوض، وبالتالي استمرار الحرب ضمن مرحلتها الراهنة الرامية إلى فرض مخطط التهجير القسري.
الاحباط الفصائلي والشعبي من مخرجات القمة
رغم ترحيب حركة حماس المُعلن بعقد القمة العربية الاسلامية، لا سيّما وأنها جاءت في سياق المحاولة الاسرائيلية الفاشلة لاغتيال الوفد المفاوض في الدوحة، إلا أن مخرجاتها لم تكن على نفس المستوى من الترحيب؛ فهي لم ترق إلى مستوى توقعات فلسطينياً من افراز تحركٍ عملي رادع يُوقف الحرب الجارية مثل قطع واسع للعلاقات مع دولة الاحتلال، وهو ما جعلها في نظر الأطراف الفلسطينية على كافة مستوياتها لا تختلف عن سابقاتها من القمم التي أخذت مساراً شكلياً، بل أنها الأسوأ على الإطلاق بالنظر لحساسية الظرف الراهن.
ولم يقتصر الاحباط على المستوى الفصائلي فحسب، بل تجلّى في السلوك الشعبي الفلسطيني تجاه مخرجات القمة الذي عكس حالة صدمة، لا سيّما مع سرعان اعلان الاحتلال بدء العملية البرية بُعيد سويعات من اصدار بيان القمة، وما رافقها من تكثيف الاستهدافات الجوية وبدء جولة نزوح واسعة، ما عمّق من حالة اليأس لديهم، بحيث انقسم الغزّيون ما بين رافض للتهجير متمسّكاً بالبقاء في مناطق الاستهداف، وآخراً مضطراً للنزوح نحو الجنوب باحثاً عن مأوى آمن.
ملف الأسرى “الورقة الأخيرة”
يبدو أمام هذا المشهد المُعقّد أن حركة حماس باتت لا تملك سوى ملف الاسرى كورقة ضغط وحيدة تناور بها في خضّم العملية البرية المستمرة في مدينة غزة، خاصة مع تبدد أي آمال لضغط عربي كان يُنتظر تبلوره من القمة العربية الاستثنائية. لذا يُتوقع أن تشهد المرحلة المقبلة توظيفاً تكتيكياً مُغايراً لملف الاسرى على المستويين الاعلامي والميداني لتوجيه الرأي العام والمعارض الاسرائيلي نحو الضغط على حكومة نتنياهو، وهو ما صرّحت به بعض قيادات المقاومة بشأن الخطر الذي بات يهدد حياة أسرى الاحتلال في ظل المُضي قُدماً في العملية البرية.
رُغم المؤشرات الميدانية على تضاؤل فرص ارتفاع وتيرة عمليات المقاومة في ظل استنزاف قدراتها ونقص مقاتليها، فإن المناورة الميدانية بملف الأسرى بتوزيع مواقع احتجاز بعضهم ضمن النطاق الجغرافي لتحركات جيش الاحتلال بهدف اعاقة تقدم قواته، تمثل السيناريو الأبرز الذي تخشاه حكومة الاحتلال خلال العملية البرية، وهو ما هدّد به ترامب حماس بألا تستخدم الأسرى دروعاً بشرية. فيما يُتوقع أن تشهد المرحلة المقبلة أيضاً وقوع عمليات محدودة مع توسع التوغل البري، دون بلوغها وتيرة مرتفعة بسبب الكثافة النارية المستخدمة تمهيداً لدخول قوات الاحتلال مثل تنفيذ أحزمة نارية وتفجير عربات مفخخة.
وعلى أية حال، جاء استهداف الوفد المفاوض في الدوحة، ومن ثم عقد قمة عربية إسلامية استثنائية عجزت عن تفعيل أي أدوات ردع فاعلة، لتفرض على الأطراف الفلسطينية واقعاً جديداً يتمثل بانسداد الأفق السياسي واتساع الكلفة الميدانية لاستمرار الحرب مع توسّع النطاق العملياتي جغرافياً في محاور مدينة غزة. وبينما تحاول المقاومة استخدام ورقة الأسرى كأداة ضغط وحيدة، تسعى السلطة على المستوى الدبلوماسي إلى استثمار مسار الاعتراف الدولي الواسع بدولة فلسطين.
غير أن المأزق الرئيسي يكمن في غياب مسار وساطة موثوق، وفقدان ارادة اقليمية تكبح دولة الاحتلال عن تهديدها المستمر لكافة دول المنطقة. ومع استمرار العملية البرية في مدينة غزة، فإن أي تأخير في استعادة التوازن السياسي سيُترجم مباشرة إلى مزيد من القتل والتهجير الممنهج، ويقوّض ما تبقى من آليات الردع الإقليمي، ما ينذر بانعكاسات وخيمة على مجمل القضية الفلسطينية خلال المرحلة المقبلة.