مقالات بحثية

الأزمة القيادية في إسرائيل.. الجيلين الثالث والرابع نموذجاً

عرضنا في البحث الأول بالتفصيل التسلسل القيادي في إسرائيل  منذ تأسيسها -1948-حيث بدا الأمر مع الجيل الأول الذي استمر في السلطة  لثلاثة عقود ونصف تقريباً عبر الجناح الكيبوتسي المهيمن والقوي ممثلاً بحزب العمل – ماباي آنذاك – اليساري بالمعنى الإسرائيلي، طبعاً مع تولي رموزه وقاداته رئاسة الوزراء – دافيد بن غوريون وحاييم لافون وليفى أشكول ثم غولدا مئير – لثلاثين عاماً تقريباً. وهو الجيل الذي أشرف على إعلان وبناء الدولة العبرية ومؤسساتها المختلفة، وكانت قمة إنجازاته إضافة إلى بناء ووضع وتمتين أسس الدولة نفسها ومؤسساتها المختلفة الصمود ثم الانتصار العسكري الكبير في حرب حزيران/ يونيو 1967 الذي كان للمفارقة نقطة علوه ومنحنى هبوطه وانكساره  أيضاً، مع تنامي قوة اليمين المتطرف بشقيه العلماني والديني أمام الانتصار الذي كان من الصعب تفسيره أو استيعابه قياساً لموازين القوى السياسية والاقتصادية والعسكرية مع الدول العربية ، غير أن حالة الغطرسة وسكرة القوة بعد الانتصار السهل أدت ضمن عوامل أخرى طبعاً إلى الهزيمة الجزئية في حرب تشرين أول/ أكتوبر 1973 التي أنهت عملياً حكم الجناح اليساري من الجيل الأول ضمن تحوّل وانزياح تام إلى اليمين المتطرف بالدولة العبرية.

تولى  مناحيم بيغن مؤسس وزعيم حركة حيروت ثم حزب الليكود، ممثل الجناح اليميني الإصلاحي بالجيل  القيادي الأول السلطة في العام 1977، فيما يشبه الانقلاب السياسي والحزبي طبعاً ولكنه بقي في منصبه أقل من 5 سنوات حيث بدا الأمر بمثابة تنفس صناعي للجيل الأول الذي وصل إلى نهاية طريقه وليس امتداداً له بعدما مات بيغن معتزلاً ومحبطاً إثر تداعيات غزو لبنان بالعام 1982 التي ارتدت سلباً على إسرائيل، مع العجز عن هزيمة منظمة التحرير والمشروع الوطني الفلسطيني، وانتقال الثورة والمقاومة إلى الداخل عبر الانتفاضة الأولى 1987 التي واجهها قادة ورموز الجيل الثاني بشقيه اليساري واليميني أيضاً.

بالعموم، تمثل إرث الجيل الأول بجناحية اليساري واليميني ببناء الدولة الديموقراطية ومؤسساتها الراسخة، والحروب الثلاث مع الدول العربية، والعقيدة القتالية التي وضعها بن غوريون والتي لم تحدث حتى الآن، ونجاحه في احتلال كامل فلسطين مع  شبه جزيرة سيناء المصرية وهضبة الجولان السورية، وأخيراً معاهدة السلام مع مصر “كامب ديفيد” التي وقعها الجناح اليميني بقيادة مناحيم بيغن ولكن بأفكار نظيره اليساري باعتبار السلام مع أكبر دولة عربية يمثل إقراراً ليس فقط بوجود الدولة العبرية ولو رسمياً فقط، لا شعبياً، وإنما حقها في الوجود بما يعني شرعنة كل ما قامت به وارتكبته سابقاً من حروب وجرائم بما في ذلك فكرة استعمار فلسطين نفسها.

انتقلت السلطة مطلع ثمانينيات القرن الماضي إلى الجيل القيادي الثاني عبر إسحق شامير باعتباره ممثل – الجناح اليميني – وشيمون بيريز وإسحق رابين من الجناح اليساري، حيث استمرت مرحلة “الجيل الثاني” إلى منتصف التسعينات أي لعقد ونصف تقريباً، وهي نصف المدة التي قضاها نظيره الأول بالسلطة في تعبير واضح عن الأزمات القيادية التي عصفت ولا تزال بالدولة العبرية، وتواصلت مع الجيلين الثالث والرابع أيضاً.

واجه الجيل الثاني تداعيات غزو لبنان 1982 بما فيها الانتفاضة الفلسطينية الأولى 1987، ومن ثم اتباع المراوحة بالمكان بالنسبة لشامير، والتفاوض لمائة عام دون نتيجة أو اتفاقات رغم اضطراره للمشاركة في مؤتمر مدريد بضغوط أمريكية ضمن سعي واشنطن لترتيب المنطقة واستغلال اللحظة، وحالة التراجع والضعف والانقسام العربي بعد غزو العراق للكويت وحرب الخليج الثانية، ومحاولة التوصل إلى اتفاقيات سلام وفق الحد الأدنى المقبول عربياً ودولياً أي معادلة الأرض مقابل السلام وقراري مجلس الأمن 242 و338.

استمرت حكومات الوحدة الوطنية معظم عقد الثمانينيات فيما بدا ملء الفراغ الكبير الذي نتج عن رحيل الجيل الاول، وافتقاد رموز الجيل الثاني إلى نفس الجودة والتجربة، وتعنت شامير وجموده الأيديولوجي، ورفضه التماهي مع التغيرات العالمية العاصفة – انهيار الاتحاد السوفييتي وحرب الخليج الثانية وإخراج العراق من دائرة الصراع، وقبول العرب بمبدأ التفاوض والصلح الاعتراف والتفاوض –  ثم انتقلت السلطة إلى الجناح اليساري بالجيل الثاني -عكس ما جرى بالجيل الأول الذي بدا يسارياً ثم انتقل إلى اليمين – ممثلاً بزعيم حزب العمل إسحق رابين على وقع تلك المتغيرات وتحديداً الانتفاضة الأولى التي هدمت أسس مهمة للمشروع الصهيوني وأساطيره منها إنكار وجود الشعب الفلسطيني والاقتناع ليس فقط بوجوده وإنما استحالة إخضاعه بالقوة حتى لو قبلت قيادته التفاوض في مدريد وواشنطن، والتوصل إلى اتفاق أوسلو-1993- لحل الصراع مع الفلسطينيين بشكل نهائي وفق الرؤية الأمنية لماباى “العمل” والجيل الأول.

 مثل اغتيال رابين -1995-عملياً نهاية للجيل الثاني ومعها ولو نظرياً عملية أوسلو وحتى فكرة التوصل إلى حلّ تفاوضي واتفاق مع الفلسطينيين برمتها.

بعد الاغتيال وصل بنيامين نتن ياهو إلى السلطة لأول مرة-1996- كممثل للجيل القيادي الثالث. وفي السياق كتعبير عن الانزياح اليميني في الشارع الإسرائيلي الذي تواصل بعد ذلك خلال العقود الثلاثة الماضية مع الانتباه إلى أن أول الجيل الثاني كان من اليمين أيضاً، بينما الجيل الرابع يميني بالكامل تقريباً مع اندثار اليسار بشكله الإسرائيلي التقليدي مجازاً عبر حزب العمل أو حتى حزب ميريتس الذي عجز عن تجاوز نسبة الحسم في الانتخابات الأخيرة.

رغم مراعاته الأجواء الدولية ووجود رئيس ديمقراطي بالبيت الأبيض “بيل كلينتون”، وعملية أوسلو وتوصله شخصياً إلى اتفاق وأي ريفر مع الشهيد ياسر عرفات 1998، والانسحاب من مدينة الخليل- 80 بالمائة منها- إلا أن نتن ياهو بدأ العمل على القتل البطيء للعملية قبل أن يستكمل تماماً ما بدأه في ولايته الثانية بعد ذلك بتسع سنوات تقريباً.

سقط نتن ياهو بعد أقل من ثلاث سنوات برئاسة الوزراء بسبب عنجهيته وافتقاده إلى الخبرة السياسية، وصدامه مع المؤسسة الإسرائيلية بأبعادها وجوانبها المختلفة، وانتقلت السلطة بعده إلى عضو آخر من الجيل الثالث هو الجنرال أهود باراك، ورغم أنه وصل كزعيم لحزب العمل واعتُبر محسوباً ولو نظرياً على اليسار إلا أنه  كان قد امتنع عن التصويت على اتفاق أوسلو . وكان فعلاً يمينياً متنكراً كما كان يقول عنه دائماً أرئيل شارون،.

تبدى إرث الجيل الثالث بظهوره الأول عبر نتن يتاهو، الذي سعى لقتل أوسلو لتكريس حقيقة الانزياح إلى اليمين بشكل عام بالدولة العبرية ، وبعدها لم يصل اليسار إلى السلطة أبداً،  حيث انهار حزب العمل بشكل تام، وبات يراوح  دائماً بالانتخابات حول نسبة الحسم بعد ذلك.

تكفل أهود بارك اليساري عملياً بمهمة نتن ياهو، وأنهى عملية أوسلو وفكرة المفاوضات ولكن على طريقته بالذهاب إلى كامب ديفيد الثانية – صيف 2000 – ليس للتوصل إلى اتفاق سلام مع الفلسطينيين  مع انتهاء المرحلة الانتقالية لأوسلو 1999 ولو بتأخير لمدة عام، وإنما لكشف القناع عن وجه  الشهيد ياسر عرفات والقيادة الفلسطينية بشكل عام  حسب تعبيره الحرفي باتباع الفكر الأحادي وتهميش وعزل القيادة والقضية بشكل عام  مع الضغط عليها عبر لعبة المسارات التفاوضية و إعطاء أولوية للدول العربية ، والمسار السوري تحديداً لعزل الفلسطينيين وتركهم وحدهم لفرض الاستسلام عليهم، ثم عبر الانسحاب الأحادي من لبنان –مايو 2000- واستغلال فشل مفاوضات كامب ديفيد  الثانية صيف العام نفسه لإطلاق مصلح – لا شريك فلسطيني ولا بد من قيام إسرائيل عبر الخطة الأحادية برسم حدودها بنفسها دفاعاً عن مصالحها الحيوية  في قضايا الوضع النهائي الثلاث؛ القدس واللاجئين والحدود وحفاظا على يهوديتها  وديمقراطيتها لأن استمرار الواقع الراهن حسب باراك سيفقدها  إما يهوديتها. عبر قيام دولة ديموقراطية واحدة أو ديموقراطيتها بتحولها إلى دولة فصل عنصري، وهو ما يجري الآن فعلاً كما تقول منظمات حقوقية أممية وحتى إسرائيلية مهنية وموثوقة  ومرموقة مثل هيومان رايتس ووتش وأمنستي وبيت سيليم.

مع فشل باراك واندلاع الانتفاضة الثانية – وانفجار الشعب الفلسطيني في وجه أوسلو حسب تعبير وتنبؤ القيادي الفتحاوي المؤسس خالد الحسن – وانهيار اليسار و أفكاره عن التسوية والمفاوضات، جرت العودة إلى الجيل الثاني وجنرال آخر – ولو ليس رئيس أركان – من الحرس القديم هو أرئيل شارون باعتباره المنقذ والمخلص.

كانت العودة إلى الجيل الثاني لمواجهة المأزق وحالة لا تسوية ولا حرب، حيث وصل شارون إلى السلطة في الـ2001 بشعار دعوا الجيش ينتصر، وحكم  مستوطنة نتسريم “غزة” كحكم تل أبيب لكنه بعد أقل من  ثلاث سنوات تبنى نفس الأفكار الأحادية لباراك ضمن القناعة بعدم القدرة على وقف المقاومة أو هزيمة الفلسطينيين، وفرض الاستسلام عليهم.  ولذلك عمد الى طرح  خطة الانطواء والانفصال الأحادي عنهم – مواصلة ما فعله باراك في لبنان – أولاً في غزة وشمال الضفة كمرحلة أولى، ثم عن الضفة أو نصفها على الأقل ما عدا غور الأردن وسلاسل الجبال الغربية المطلة على الخاصرة الضيقة للدولة العبرية، وبالطبع القدس مع الاستعداد للتخلي عن ضواحي  المدينة وفق حدود الجدار الفاصل الذي ابتدعه شارون كجدار أمني، وتحوّل إلى حدود سياسية  تلتهم نصف الضفة تقريباً  رغم أنه كان من جهة أخرى تعبيراً أيضاً عن فشل الاحتلال ككل و فكرة أرض إسرائيل الكاملة  لليمين الإسرائيلي.

 بسبب المرض المفاجئ والطويل رحل شارون عن المسرح السياسي وتولى السلطة عضو آخر من حزبه كديما هو أهود أولمرت فيما بدا مواصلة طريق وتجريب الجيل الثالث الذي ضم  قبله نتن ياهو وباراك.

اتبع أولمرت نهج شارون لمواصلة تنفيذ خطة الانطواء والانفصال مع الانتباه إلى أن حزب كديما عند تأسيسه لتنفيذ الأفكار الأحادية-2004- كان قد قذف الليكود إلى خانة اليمين المتطرف منذ ذلك الحين مع تموضع كديما نفسه ثم ورثته أحزاب هناك مستقبل والمعسكر الوطني وأزرق وأبيض في مربع اليمين التقليدي.

إذن انتمى أولمرت إلى الجيل الثالث مثل باراك ونتن ياهو، وأعلن صراحة  أنه سيسير في خطة الانفصال لكنه واجه تداعيات فوز حركة  حماس بالانتخابات التشريعية 2006، وأَسر الجندي جلعاد شاليت بالعام نفسه  ثم الاقتتال والانقسام الفلسطيني وسيطرة الحركة على السلطة بقطاع غزة 2007 ، وبالتالي انهيار الأسس الفكرية والسياسية  للخطة الأحادية فأقلع عنها وعاد – لفكرة المفاوضات الثنائية والتسوية مع السلطة تساوقاً مع انخراط أمريكي مستجد لإدارة جورج بوش الابن -2007- ضمن سعي لترتيب المنطقة بعد التداعيات الهائلة   والكارثية  لغزو العراق قبل ذلك بأربع سنوات.

خلال المفاوضات الثنائية عرض أولمرت حل نهائي على رئيس السلطة محمود عباس، اعتبره سخياً ويتلاءم مع ما توصف بثوابت الإجماع الصهيوني الثلاث لا لعودة اللاجئين لا لتقسيم القدس لا للعودة إلى حدود حزيران يونيو 1967، إلا أنه رُفض بغطرسة حتى إعطاء الخريطة لمحمود عباس طالباً منه التوقيع حالاً أو لا، علماً أن الخريطة لحظت ضم إسرائيل 12 بالمائة من الضفة الغربية وتعويضها بنسبة 6% فقط ضمن فكرة تبادل الأراضي التي قبلت بها السلطة حتى زمن الشهيد ياسر عرفات.

رسمياً وعملياً، كنا أمام نهاية أوسلو وعملية التسوية بشكل عام  رغم محاولات التنفس الصناعي فيما بعد لجون كيري وزير خارجية باراك أوباما ، وتم نبش وتعويم قضايا الفساد ضد أولمرت، وبرحيله 2009 أزيلت تماماً عن جدول الأعمال الأفكار الأحادية  وبالطبع فكرة التسوية عبر المفاوضات مع الفلسطينيين.

عاد نتن ياهو  إلى السلطة مرة أخرى 2009 بأفكار من قبيل حكم ذاتي زائد للفلسطينيين أو دولة ماينس “ناقص” حسب تعبيره وساير حتى خطاب أوباما بجامعة القاهرة بالعام نفسه عبر خطاب  جامعة بار أيلان عن حل الدولتين لكن مع عمل جدي على  إفراغه من مضمونه وازاحته عن جدول الاعمال.

فشلت آخر مفاوضات أو تنفس صناعي لها ويأس إدارة  باراك أوباما الأمريكية، والإقلاع عنها، والانكفاء عن المنطقة برمتها مع تأمين مصالحها الحيوية المتمثلة بأمن إسرائيل وتدفق النفط وحدود سايكس بيكو، وضمان عدم انفجار الوضع الفلسطيني وبقاءه تحت السيطرة – هذا نهج نتن ياهو الجوهري – ومع اندلاع الثورات العربية عاد نتن ياهو إلى أفكاره الحقيقية عن إدارة الصراع والسلام اقتصادي بحجة الخشية من صعود الإسلاميين، وحالة عدم اليقين وانتظار مآلات التغيير في العالم العربي.

  عمد نتن ياهو الثاني خلال عقد تقريبا-2009- 2019 إلى تعميق الانقسام الفلسطيني وإبقاء السلطتين قويتين بما يكفي لإدارة الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية برام الله وغزة وضعيفتين عن إعادة القضية إلى جدول الأعمال العربي والدولي أو تحدي إسرائيل جدياً رغم حصول ذلك نسبياً من سلطة حماس بغزة  قبل تبني فكرة المراكمة لا المشاغلة.

خلال 10 سنوات من حكم نتن ياهو، و15 جولة قتالية تقريباً مع غزة لم تغير الواقع الراهن بل بدت تكريسا او تحديثا له، مع ذلك سئم الإسرائيليون  منه “نتن ياهو” لأسباب داخلية أساساً تتعلق برفع لوائح اتهام بالفساد بحق في قضايا عدة واتحاد الساحة السياسية برمتها ضده .

بالعموم تمثل إرث نتن ياهو الثاني ولا شك بنجاحه في إزاحة القضية الفلسطينية عن جدول الأعمال الإقليمي والدولي والتطورات العربية والعالمية التي جاءت في صالحه، وتأبيد الانقسام، وفكرة إدارة الوضع الراهن، والحفاظ عليه مع السعي لتغييره أكثر لصالح إسرائيل كلما سنحت الفرصة بذلك.

 سعى نتن ياهو الثاني كذلك إلى استغلال وصول دونالد ترامب الى البيت الأبيض 2016 لمحاولة تصفية القضية الفلسطينية نهائياً، عبر صفقة القرن ثم تحايل  لطيّها مقابل التطبيع مع الدول العربية الثلاث-الإمارات والبحرين والمغرب- وإبعادهم عن فلسطين وقضيتها والمبادرة العربية التي ربطت التطبيع بالحل العادل والشامل وإقامة الجولة الفلسطينية وحل عادل لقضية اللاجئين وفق الشرعية الدولية وقراراتها.

 مع الاحتقان الداخلي رغم التطبيع وابقاء الوضع الفلسطيني تحت السيطرة  جرى التوحد ضد نتن ياهو حيث شهدت الدولة العبرية أربع جولات انتخابية بأقل من ثلاث سنوات الى أن أسقطته المعارضة فعلاً بالعام  2021 ليصل الجيل الرابع الى السلطة عبر حكومة زعيم حزب هناك مستقبل يئير ليبد وزعيم المعسكر الوطني بينى غانتس والبيت اليهودي نفتالى بينيت.

 بدت حكومة الرؤوس الثلاث دون خطة سياسية واضحة ولكن مع الارتهان أو القبول بالواقع الذي خلقه نتن  ياهو مع تحديث ما حتى مع المخاوف من فقدان إسرائيل ليهوديتها أو ديموقراطيتها كما اعتاد باراك-أحد داعميها القول- القول.

وعليه بدا  الجيل الرابع كذلك بدون تصور سياسي واضح تجاه القضية الفلسطينية مع التركيز أكثر على الجانب الاقتصادي والاجتماعي الداخلي للخروج من جائحة كورونا وتداعياتها مع السعي لكنس القضية الفلسطينية عن جدول الأعمال الروتيني محلياً وخارجياً، لصالح أفكار من قبيل السلام الاقتصادي وإدارة الصراع   مع الانفتاح  على السلطة والفلسطينية واللقاءات ذات الطابع الأمني الاقتصادي-لا السياسي- معها  تساوقاً مع  رغبة الإدارة الامريكية الجديدة برئاسة جو بايدن لإبقاء الأفق السياسي مفتوحاً  أمام احتمال استئناف المفاوضات  وعملية التسوية ولو بعد حين، مع التذكير الضروري برؤية غانتس العامة للحل النهائي لجهة رفضه  القبول بدولة فلسطينية وإنما كيان فلسطيني ما حسب تعبيره  ما بدا أقرب إلى الحكم الذاتي بلس ودولة ماينس لنتن ياهو نفسه ولكن في مدى غير منظور وأجل غير مسمى .

 صمدت حكومة الرؤوس الثلاث “ومعادلة إلا نتن ساهو” بالسلطة سنة تقريباً ثم جرى الذهاب إلى انتخابات مبكرة أخرى-2022- هي الرابعة بأقل من خمس سنوات أدت الى عودة نتن ياهو الثالث إلى رئاسة الوزراء لكن مع احتدام المأزق السياسي والأزمة الداخلية بالدولة العبرية.

بعد عودته بأسابيع فقط اندلعت التظاهرات الصاخبة ضد نتن ياهو في على خلفية الرفض الواسع لخطة الإصلاح القضائي-تعتبره المعارضة انقلاب موصوف-  وحتى وجوده في السلطة بحد ذاته مع استمرار محاكمته بملفات فساد عدة.

يبدو نتن ياهو الثالث مختلفاً محجماً عاجزاً أسيراً لحلفائه لمتطرفين في اقصى اليمين حتى مع يقينه بتأثير سياستهم الضارة على مصالح الدولة العبرية بأبعادها المختلفة السياسية والأمنية والاقتصادية وعلاقاتها مع المحيط العربي والدولي ولكنه يعتبرهم الأمل الوحيد للنجاة من حبل المحكمة الذى يتلف حول رقبته  واحتمال خروجه عبر الباب الضيق من السلطة والتاريخ بشكل عام .

تجري الآن مقارنة نتن ياهو بالملك البريطاني جورج الثالث الذى صعد كالشهب ثم أبعد من السلطة-أوائل القرن التاسع عشر- لعدم الأهلية  ولذلك تبدو ازاحته مسألة وقت مع عدم اليقين بحكومته والأجواء العامة بالدولة العبرية بشكل عام بينما يتحدث يئير ليبيد بثقة مدعوماً باستطلاعات الرأي المتلاحقة عن عودة قوية للمعارضة الى السلطة بالعام القادم 2024.

قبل ذلك وبعده تتزامن الأزمة القيادية للجيلين الثالث والرابع اليميني بشكل عام لكن المفتقد للرؤية السياسية الامنية والاقتصادية والاجتماعية مع قرب اسرائيل من الذكرى الثامنة لتأسيسها حيث لم تتجاوز أي دولة يهودية عبر التاريخ العقد الثامن من عمرها وهو ما يعتبر نذير شؤم بالدولة العبرية مع الخلافات والانقسامات العاصفة وحتى شبح الحرب الاهلية والافتقاد الى قادة من الوزن والعيار الثقيل وحتى المتوسط.

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق