أوراق سياسية

مأسسة لقاءات العقبة/ شرم الشيخ، نحو منتدىً أمنيٍّ دائم

مقدمة

تعالج هذه الورقة قمتي العقبة التي عقدت بتاريخ 26 شباط تلتها بأسابيع قمة شرم الشيخ بتاريخ 19 آذار حيث تستعرض الجهات المشاركة وأبرز نتائج هذه القمم السياسية الأمنية وتفسر السياق الذي جاء بهما والتداعيات المحتملة للقمتين كما تشير إلى ما يمكن عمله فلسطينياً للتعامل مع التحديات التي يفرضها التعاون الإقليمي مع إسرائيل برعاية أمريكية.

لعلّ أبرز ما تمخّضت عنه قمّة شرم الشيخ الأمنية، التي عُقدت يوم الأحد 19 آذار (مارس) 2023، أنها أتت استكمالاً لنظيرتها التي سبقتها في مدينة العقبة، أواخر شباط (فبراير) الماضي، واستمراراً لإعطاء فرص وأعذار لـ “إسرائيل” من أجل المضيّ قُدماً في سياستها الدموية ضد الشعب الفلسطيني، وتحديداً في بؤر المقاومة المشتعلة بنابلس وجنين، والتي توسّعت لتطول أريحا جنوباً ثم طولكرم شمالاً.

بدت قمة شرم الشيخ ليست فقط انتظاماً أو مواصلةً للعقبة، وإنما هي أيضاً مأسسةٌ لها، بمعنى أن الاجتماعات ستصبح منتظمة وأقرب إلى المنتدى الدائم، وستُعقد على الغالب في شرم الشيخ التي احتضنت في الماضي قمماً مماثلة للهدف نفسه تقريباً، ولو كانت تحت عناوين مختلفة: – دعم عملية التسوية، أو تكريس التهدئة وإبقاء الأفق السياسي مفتوحاً أمام العملية الوهمية – وذلك من أجل إبقاء الوضع في فلسطين “تحت السيطرة” بحيث لا يفيض على الجوار والمنطقة، مع ممارسة أطراف عربية “مصر والأردن تحديداً” أدواراً تشبه الوساطة لصالح الراعي الأمريكي، الذي كان ولا يزال العرّاب للّقاءات والقمم المتنقّلة ما بين العقبة وشرم الشيخ.

قمّة العقبة.. الأسباب والخلفيات

عُقدت قمّة العقبة في ظل ارتفاع وتيرة الجرائم الإسرائيلية، وتطوّر الردّ الفلسطيني عليها بعمليات فردية ومنظّمة، مع تصاعد فعل المقاومة والصمود في القدس والسجون، لمواجهة سياسات وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، فقد بدا الوضع فعلاً على حافة الانفجار قبل شهر رمضان الكريم – وبعده أيضاً – الحافل بالمناسبات والفعاليات، خاصّةً مع التصريحات والممارسات الإسرائيلية المصرّة على المضيّ قدماً في الاقتحامات والاغتيالات الدموية والسياسات الاستيطانية، وكذلك العبث بالقضايا الحسّاسة مثل القدس والأسرى.

كانت القمّة أساساً فكرة أمريكية، وهدفت إلى نزع فتيل الانفجار وتكريس التهدئة قدر الإمكان قبل رمضان، مع القناعة أن أيّ انفجار واسع في الشهر الكريم قد ينتقل ويمتدّ إلى جبهات أخرى جغرافياً، ويتواصل زمنياً لشهور  بمناسبات يوم الأسير (17 نيسان (أبريل))، وذكرى النكبة  ومعركة سيف القدس (أيار (مايو))، وذكرى احتلال المدينة نفسها حزيران (يونيو)، خاصة مع اتساع عمليات المقاومة، ومع التحذير الواضح من انتفاضة ثالثة تبدو كلّ الظروف مهيّأة أمامها، كما قال حرفياً ويليم بيرنز (رئيس جهاز الاستخبارات المركزية الأمريكية)، الذي عايش الظروف نفسها كدبلوماسي في المنطقة، قبيل الانتفاضة  الثانية.

كانت القمّة أمنيّةً بامتياز حتى مع السعي لإلباسها لباساً أو إطاراً سياسياً، وهدفت أساساً إلى التهدئة وإبقاء الوضع في فلسطين “تحت السيطرة”، وذلك لانشغال واشنطن بملفّات أخرى إقليمية ودولية مثل إيران وروسيا، والحرب في أوكرانيا والعلاقة مع الصين، وسعيها لتكريس نفسها لاعباً لا غنىً عنه إقليمياً وعالمياً.

المشاركون في القمة

شاركت خمسة أطراف في القمة، هي السلطة الفلسطينية، و”إسرائيل”، والأردن، ومصر، إضافة بالطبع إلى الراعي المركزي: الولايات المتحدة.

“إسرائيل”

ضمّ الوفد الإسرائيلي كبار الجنرالات المعنيّين بالملفّ الفلسطيني: رونين بار (رئيس الشاباك)، وغسان عليان (مسؤول ومنسّق  شؤون الاحتلال في الأراضي المحتلة)، ودرور شالوم (مدير القسم السياسي والأمني بوزارة الدفاع)، ورونين ليفي “ماعوز” (المدير العام لوزارة الخارجية، الجنرال السابق في الموساد ومسؤول ملفّ التطبيع مع الدول العربية)، وكلّهم تحت رئاسة تساحي هنغبي (رئيس مجلس الأمن القومي، ومسؤول التنسيق مع السلطة الفلسطينية عبر قناة التواصل التي فُتحت أيضاً برعاية أمريكية منذ ثلاثة شهور تقريباً بين تل أبيب ورام الله) – وهو ابن المتطرّفة حتى بالمعيار الإسرائيلي غيئولا كوهين.

مصر

لم تجد مصر حرجاً ولعدة أسباب تاريخية وراهنة في عدم إسباغ إطار سياسي على وفدها الذي ترأّسه الجنرال عباس كامل ومساعدوه في الملف الفلسطيني، علماً أنه بات بمثابة الرجل الثاني في الإدارة المصرية التي يغلب على صورتها طابعٌ عسكريّ وأمنيّ.

السلطة الفلسطينية

شارك حسين الشيخ بصفته الأمنية، فهو مسؤول الاتصال والتنسيق مع إسرائيل، إضافة إلى الجنرال ماجد فرج (رئيس جهاز المخابرات)، برفقة مجدي الخالدي (المستشار الدبلوماسي للرئيس والممثل الشخصي له)، كما جرت العادة حتى في اللقاءات التي يجريها الشيخ مع زوّاره الكبار الأمريكيين والأوربيين في رام الله.

الولايات المتحدة الأمريكية

ضمّ الوفد الأمريكي بريث ماكوغورك (مسؤول الشرق الأوسط في مجلس الأمن القومي)، علماً أنه كان أصلاً منسّق التحالف الدولي ضد (داعش) زمن إدارة باراك أوباما، برفقة بربارا ليف (مساعدة وزير الخارجية) المعنيّة بشؤون المنطقة أيضاً، والتي تتولّى الإشراف المباشر على تنفيذ سياسة التهدئة وعدم خروج الأوضاع عن السيطرة.

الأردن

بدا الأردنّ محرجاً من عقد القمة لطابعها الأمني، والرفض بل الغليان الشعبي ضدّها وضدّ ممارسات الحكومة الإسرائيلية المحرجة له أيضاً، ولذلك سعى إلى إعطائها إطاراً سياسياً عبر مشاركة أيمن الصفدي (وزير الخارجية) في الوفد، إلى جانب اللواء أحمد حسني (مدير المخابرات)، بينما كان استقبال الملك عبد الله الثاني للمشاركين بختام القمة تأكيداً للإطار السياسي وسعياً لإخفاء الجوهر الأمني البحت لها.

مجريات القمة

كانت المطالب الفلسطينية تقليدية: عن الأمن ووقف الاختراقات الإسرائيلية لمناطق “أ”، والاقتصاد والإفراج عن الأموال الفلسطينية المحتجزة، مع حديثٍ يفتقر إلى الجدّية والمصداقية حول الأفق السياسي واستئناف المفاوضات وعملية التسوية.

“إسرائيل” المستفيدة من القمة تساوقت دعائياً مع الأفكار التي طُرحت، وأصرّت بالمقابل على أن تتحمّل السلطة المسؤولية في وقف المقاومة، أو تقوم هي بالمطلوب منها، بينما طلبت السلطة فترة زمنية من ستّة شهور تتوقف فيها إسرائيل عن الاقتحامات والاغتيالات، مع إصرار على استخدام المصطلح “الإسرائيلي” المسمّى “القنبلة الموقوتة”، لتبرير مواصلة الاقتحامات والتوغلات وقتل المقاومين.

طُرحت طبعاً في الكواليس خطة المنسّق الأمني الأمريكي الجنرال مايكل فنزل، الخاصة بتدريب عناصر السلطة من أجل ان تتولّى المسؤولية الأمنية مباشرةً، خاصّةً في البؤر المشتعلة: نابلس وجنين.

السلطة لا ترفض الخطة من حيث المبدأ، وهي تعرف بالطبع أن الشارع ضدّها، لذلك طالبت بجدول زمني موسّع ومرِن لتنفيذها – ستة شهور – مع دعم سياسي ومالي وأمني أيضاً عبر التوقف عن الممارسات الإسرائيلية والاقتحامات والتوغّلات، والاستيطان، وكذلك التوقف عن السعي لتغيير الواقع الراهن في المسجد الأقصى.

النتائج والبيان الختامي

بناءً على ما سبق، لم يكن مفاجئاً أن يأتي البيان العامّ الختامي لقمّة العقبة عامّاً قدر الإمكان، فهو لم يكن مفصّلاً أو منهجياً أكثر “كما رأينا في بيان شرم الشيخ مثلاً”، وتحدّث عن وقف الخطوات الأحادية لأربعة أشهر إلى ستة، تحديداً فيما يتعلق ببناء مستوطنات جديدة أو شرعنة بؤر عشوائية لستّة شهور، مع تعهّد بدفع أموال خاصة ومجمّدة للسلطة وعائدات المسافرين عبر جسر الملك حسين لسنوات، وهي أموالٌ لا يوجد مسوّغ أو مبرّر لحجزها أو حتى للسكوت عنها، ضمن ارتهان السلطة التام للقرار الإسرائيلي حسب أوسلو وما تفرّع عنه من اتفاقيات ومعاهدات أمنية واقتصادية.

قراءة للقمّة

مع تصريحات إسرائيلية متواصلة عن الاستيطان والاقتحامات للمدن الفلسطينية، واغتيال المقاومين، كما حصل في نابلس مثلاً يوم 22 شباط (فبراير) ووثقته صحيفة (نيويورك تايمز)، فقد استهدفت إسرائيل 3 مقاومين وقتلت 8 آخرين، ومع قرب شهر رمضان دون تحقيق تقدّم جدّيّ، كان ضروريّاً للمشاركين عقدُ قمّة أخرى بعد العقبة، ومحاولة تحقيق نجاحات، أو على الأقل ضمان إبقاء الأوضاع “تحت السيطرة” قدر الإمكان وعدم انفجارها وتوسّعها جغرافياً وزمنياً.

كانت إسرائيل قد تنصّلت منذ اليوم التالي لقمّة العقبة، وقبل أن يجفّ حبر البيان الختامي من القمة ونتائجها، على علّاتها، فقد قال وزير المالية والوزير في وزارة الدفاع بتسلئيل سموتريتش إنه لا يعرف ولا يتأثر بما نوقش، بينما علّق حليفه إيتمار بن غفير: ما كُتب في العقبة سيبقى هناك. وفعلاً أُعلِنَ عن بناء وحدات استيطانية جديدة، ومضت قوات الاحتلال قدُماً في الاغتيالات وقتل المقاومين بدمٍ بارد، بينما لم تكابر السلطة ولم تتحدث عن إنجاز، مع تعبير ضمني عن رضوخها للأمر الواقع، وقبول بقائها بحدّ ذاته كجسد حتى دون روح، على افتراض أنها امتلكت شيئاً كهذا يوم ما.

قمة شرم الشيخ

مع تعثّر نتائج قمة العقبة والخشية من فقدان السيطرة وخروج الأوضاع عن مسارها، والرغبة في صيانة الواقع الراهن، عقدت قمة العقبة (2) في مكانها الطبيعي في شرم الشيخ، ولم يكن ثمة أيّ مسعى لإخفاء طابعها وجوهرها الأمني، ولم تكن هناك محاولة مصرية لإعطاء أي طابع أو إطار سياسي لها، فقد اقتصر الأمر على الحوار الثنائي مع الداعم الأمريكي مقابل عوائد تحصل عليها القاهرة مقابل استضافتها اللقاء، ولعب دورها في الحفاظ على التهدئة في فلسطين وخاصة في غزة.

السياق العام

الحضور كان هو نفسه تقريباً مع تغيّب وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي، وحضور نظيره المصري سامح شكري لكن في الكواليس فقط، لإجراء اتصالات وحوارات ثنائية مع الجانب الأمريكي، فيما أشبه بقبض الثمن أو العائد السياسي والاقتصادي الأمريكي للنظام.

وبالعموم فقد حضرت في شرم الشيخ الأطراف الخمسة التي شاركت في القمة الأولى بممثّليها نفسهم ودون، باستثناء طفيف في وفد “إسرائيل” تمثّل في غياب درور شالوم (مدير القسم السياسي والأمني بوزارة الدفاع) ولكن بمشاركة بقيّة الجنرالات المعنيّين بالملفّ الفلسطيني.

مجريات القمة

بحسب ما نقلته المصادر عن الاجتماعات، ناقشت الوفود الملفّات التي جرى تداولها في العقبة، لكن بدا الحديث أكثر تفصيلياً في شرم الشيخ، ووصل الأمر إلى حدّ نقاش فكرة تشكيل ثلاث لجان عمل، تعمل على تنفيذ ليس النتائج ولكن تحقيق أهداف القمة نفسها، واحدة منها بمثابة لجنة مرجعية عليا، وأخرى أمنية، والثالثة اقتصادية مدنية. وقالت مصادر إسرائيلية إنّ اللقاء كان ممتازاً لأنه أنجز ما تريده “اسرائيل”، ووضع الجميع أمام الوقائع المفروضة على الأرض، مع ضخّ وعود أخرى هذه المرّة تضمّنت تسهيلات إنسانية في رمضان كالصلاة في الحرم والسفر والتنقل خلال رمضان والعيد وما إلى ذلك. وإبقاء العمليات الأمنية في أضيق مدى ممكن، إضافة إلى تقديم تسهيلات اقتصادية ومالية للسلطة.

البيان الختامي لاجتماع شرم الشيخ

جاء البيان مفصّلاً أكثر مع اقتراح أشبه ما يكون بخريطة الطريق التي سيجري العمل عليها فيما بعد. ويمكن تقسيمه حسب بنوده من ثلاث زوايا رئيسية.

لم يكن مفاجئاً أن يبدأ البيان بالدعوة إلى المطالبة بضرورة تحقيق التهدئة والحيلولة دون وقوع مزيد من العنف، ثم بدت البنود التالية وكأنها ترسم كيفية أو آليات الوصول إلى التهدئة، عبر إجراءات بناء الثقة وحوارات مباشرة، وإلزام الطرفين بالتحرك لمنع إجراءات أحادية خلال 3 إلى 6 شهور.

جرى تفصيل الخطوات الأحادية، ووقف مناقشة أي خطوات استيطانية جديدة لمدة أربعة أشهر، ووقف شرعنة البؤر العشوائية لمدة ستة أشهر.

والقسم الثاني، تحدث عن آليات لتحقيق ذلك عبر استحداث آليات توجيهية وتشكيل ثلاث لجان، واحدة توجيهية عامة، وأخرى للقضايا الأمنية، والثالثة للقضايا الاقتصادية المدنية، ورفع النتائج للاجتماع القادم في نيسان (أبريل) الذي قد يعقد في إسرائيل، مع ترجيج أن تكون شرم الشيخ بمثابة المقر الدائم للمنتدى الذي سيستضيف معظم اللقاءات والاجتماعات.

قبل البند الأخير وفي البندين 8 و9، كان الحديث عن الحفاظ على الوضع الراهن في القدس، مع التأكيد على الوصاية الأردنية على المقدّسات، وتمرير فكرة ذات مغزى حول قدسية تلك الأماكن لجميع المسلمين والمسيحيين واليهود أيضاً.

والبند الأخير، تمثّل باعتبار ما سبق بمثابة تعاون لوضع حجر أساس بهدف إجراء مفاوضات مباشرة للتوصل إلى سلامٍ شامل وعاجل ودائم.

غير أن إسرائيل تنصّلت كعادتها منذ صباح اليوم التالي للقاء من نتائجه، واعتبره بعض وزرائها مجرد دعاية وعلاقات عامة، بينما استمرّت قواتها في التوغلات والاقتحامات وقتل المقاومين والمدنيين، ثم أعلنت عن بناء قرابة 9000 وحدة استيطانية.

خلاصة

بدت قمة شرم الشيخ بمثابة عودة إلى قواعدها ومأسسة لقمّة العقبة، بحيث تتحول إلى منتدى دائم باسم شرم الشيخ حتى لو عقدت بعض اللقاءات في الخارج، والغرض من المنتدى ليس فقط ضمان مرور شهر رمضان دون تصعيد، وإنما السهر لصيانة التهدئة في فلسطين، ومنع انفجارها، لأنه لا أحد يرغب في انهيار الأوضاع تماماً، وبالطبع لا حديث جدّيّاً عن أفق سياسي.

 لا شكّ أنّ “إسرائيل” تتلاعب وتنفّذ أجندتها، وتفرض الوقائع خاصة الاستيطانية منها على الأرض، ثم تفرض وقائع أخرى، وتناور من جهة أخرى في تقديم ما تصفها بتسهيلات إنسانية، بدا الأمر التزاماً بقاعدة إسحق شامير الشهيرة للتفاوض مئة عام، لكن ليس حول القضايا النهائية أو الاستراتيجية للقضية الفلسطينية، وإنما حول ملفّات آنية ومرحلية.

 تسعى مصر والأردن لتحقيق مصالحهما الخاصة، وتحاشي مزيد من الإحراج أمام الشارع المحتقن أصلاً، والرافض للتطبيع والعلاقات مع “إسرائيل”، والخشية من انفجار يؤدّي إلى احتجاجات شعبية لمساندة فلسطين خصوصاً في الأردن، وفي السياق نفسه حصدُ أكبر عوائد سياسية واقتصادية أمريكية ممكنة.

مما سبق، وفيما يخصّ الاستنتاج الفلسطيني اللازم، تبدو السلطة أسيرة المسار نفسه، قابلةً به رغم الرفض السياسي الشعبي الواسع حتى داخل “فتح” نفسها، وتسعى لتحسين واقعها الاقتصادي والقيام “بواجباتها الأمنية” حسب اتفاق أوسلو، رغم يقينها أن الأفق السياسي منعدم. وباتت غايتها الحفاظ على وجودها بحدّ ذاته، بالتوازي مع الغرق في الرهان على السياسة الأمريكية التي لحظت في الماضي استمرار عملية السلام حتى دون تحقيق سلام، والآن لا توجد عملية ولن يكون هناك سلام حتّى بسقف المطالب المتدنّية للسلطة الفلسطينية، وإنما سعيٌ للتهدئة وإبقاء أفق أمامها إلى أجلٍ غير مسمّى.

 لم يعد خافياً أنّ السلطة غير جادّة في مساعيها تغيير الواقع بما يخدم قضايا الشعب الفلسطيني وطنياً، ما يجعل هدف تغييرها وإجبارها على خوض الانتخابات خطوةً لا غنى عنها لتشكيل قيادة وطنية جديدة شرعية وجديرة لمواجهة الاحتلال، وإعادة فرض قضيّتنا بجدّيّة على جدول الأعمال الإقليمي والدولي.

الوسوم
اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق