مؤشر فلسطين

مؤشر فلسطين للربع الثاني لسنة 2023

الملخص التنفيذي:

سياسياً: شهد الربع الثاني من عام 2023 تراجعاً في الحراك الدبلوماسي للمؤسسات الرسمية الفلسطينية مقارنةً مع الربع الأول من العام ذاته، فقد أجرت الرئاسة والحكومة ومنظمة التحرير خلال الربع الثاني نحو 31 تحركاً دبلوماسياً، وباستثناء لقاء الرئيس بوليّ العهد السعودي محمد بن سلمان، ثم زيارته إلى نيويورك للمشاركة في إحياء الذكرى الـ75 للنكبة الفلسطينية، وزيارة رئيس الحكومة الفلسطينية محمد اشتيه إلى الأراضي المصرية، كانت كلّ التحركات الدبلوماسية على شكل لقاءات دورية بالسفراء والمشاركة في بعض المناسبات الوطنية واللقاءات الدبلوماسية التقليدية، كما سُجّل أداءٌ متواضع لجهود السلطة والمنظمة في مواجهة تصاعد هجمات الاحتلال على مناطق الضفة الغربية وتوسعة الاستيطان والاعتداء على قطاع غزة (اعتداء مايو)، فقد اقتصرت ردود فعل السلطة على بيانات الإدانة والاستنكار التي اقتربت من نحو ٨٠ بياناً دون الذهاب نحو أي خطوات عملية لمواجهة الاحتلال سياسياً أو قانونياً أو شعبياً.
على صعيد آخر كثفت السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية من قبضتها الأمنية، وبرز جهازا المخابرات والأمن الوقائي في عمليات الاعتقال السياسي وملاحقة المعارضين سياسياً، واستدعاء واعتقال العديد من الأسرى المحررين والنشطاء، كما جرى اعتقال العديد من طلاب الجامعات في محاولة للتأثير على نتائج الانتخابات الطلابية ومحاصرة العمل الطلابي ومنع تصاعده، ووفق الأرقام الواردة في المؤشر فقد تم تسجيل اعتقال نحو 636 معارضاً سياسياً خلال الربع الثاني من هذا العام، في حين سُجّل اعتقال نحو 293 خلال الربع الأول من العام ذاته، وهو ما يشير إلي حجم الأزمة التي تمر بها السلطة في الضفة الغربية ورغبتها في منع تصاعد المقاومة من جانب ومحاصرة العمل النقابي والطلابي والفصائلي من جانب آخر من خلال الاعتقال والاستدعاء والترهيب.

على صعيد البيئة الداخلية للفصائل لم يشهد الربع الثاني تغييرات لافتة في خطاب الفصائل وبنيتها ولم تُسجَّل أية عمليات انتخابية أو تغيير قيادي داخل الفصائل، كما لم تُسجّل أي خلافات داخلية، أما فيما يتعلق باستعداد حركة فتح لعقد المؤتمر الثامن، فقد أبلغت قيادة حركة فتح في يونيو 2023 كلّ أقاليمها بضرورة الاستعداد لعقد المؤتمر الثامن، وهو تعميم تكرّر من قيادات الحركة خلال الأشهر الأخيرة في محاولة لتطويق أي مشاغبات وخلافات داخلية.
أما على صعيد العلاقات البينية بين الفصائل فقد شهد الربع الثاني تراجعاً ملحوظاً على طريق تحقيق الوحدة والمصالحة الفلسطينية، إذ لم يُسجّل أي حراك ايجابي في هذا السياق، في حين تصاعدت الاتهامات المتبادلة والمناكفات السياسية عبر المنصات الاعلامية للفصائل (حركتي حماس وفتح تحديداً)، وفيما يخص العلاقات الثنائية بين الفصائل فقد التقت قيادتا حركتي حماس والجهاد مرتين خلال الفترة التي يغطيها المؤشر، الأولى في بيروت والثانية في القاهرة، وناقشت قيادتا الحركتين في كلا اللقاءين سبل التصدي للاحتلال والتأكيد على خيار المقاومة وتوحيد صفوفها.

أمّا على صعيد الحراك النقابي ومؤسسات المجتمع المدني الفلسطيني، فقد سجل الربع الثاني من هذا العام تراجعاً في الاحتجاجات والإضرابات النقابية مقارنة مع الربع الأول، كما جمّدت نقابة المعلمين حراكها الذي استمر شهوراً عديدة للمطالبة بالعلاوات المستحقة للمعلمين وتطبيق الاتفاقات الموقعة سابقاً مع الحكومة، من ناحية أخرى فقد أثار انعقاد المؤتمر السابع لنقابة الصحفيين في رام الله وغزة موجة من الاعتراضات والطعون من قبل الصحفيين الذين شكّكوا بنظام العضوية المعمول به، واعتبروا أن عقد المؤتمر يأتي كمحاولة لتجديد شرعيات متآكلة خصوصاً أن الانتخابات شهدت ترشّح قائمة واحدة فازت بالتزكية. أما على صعيد الدور الوطني للمؤسسات والهيئات الشعبية فقد عقد ”فلسطينيو أوروبا“ مؤتمراً في مدينة مالمو السويدية، وهو ما أثار حفيظة مؤسسات منظمة التحرير التي ردت بحملة إعلامية تستهدف المؤتمر والقائمين عليه بدعوى سعيهم لإنشاء كيان فلسطيني بديل،

وفي السياق ذاته نظم المؤتمر الشعبي لفلسطينيي الخارج ”الملتقى الوطني الفلسطيني“ بحضور شخصيات ومؤسسات فلسطينية دعت إلى تحقيق الوحدة الوطنية وضرورة بناء الجبهة الوطنية الفلسطينية التي سبق أن طرحتها بعض الفصائل الفلسطينية.

اقتصادياً: واجه الاقتصاد الفلسطيني خلال الربع الثاني 2023، جملة من التحديات الداخلية والخارجية، انعكست سلباً على الدورة الاقتصادية والمالية داخل حدود مناطق السلطة الفلسطينية.
على الصعيد الحكومي في الضفة الغربية، شرعت حكومة محمد اشتية في العمل بموازنة الطوارئ بعد إقرارها للعام المالي 2023، وبموجبها سيقتصر الأداء الإنفاقي على الحد الأدنى لتشمل بشكل أساسي توفير رواتب موظفي القطاع الحكومي، وتخفيض الإنفاق التطويري على المشاريع التشغيلية والتنموية المجدولة ضمن الخطط الحكومية. وفي سياق متصل، شكلت زيارة اشتية للقاهرة الحدث الأبرز خلال الربع الثاني من هذا العام، فقد جاءت هذه الزيارة بدعوة وجّهها نظيره مصطفى مدبولي، وناقش خلالها الترتيبات الثنائية المتعلقة بتطوير حقول الغاز الطبيعي قبالة سواحل غزة، بعد أن منحت حكومة بنيامين نتنياهو الضوء الأخضر لتطوير حقل “مارين1” الذي يقع في المياه الإقليمية لغزة على بعد 30 كيلو متراً باحتياطات مؤكدة تقدر بــ1.1 تريليون قدم مكعب.
على صعيد آخر، تسعى حكومة اشتية لإقرار قانون معدل للضمان الاجتماعي، بعد الانتهاء من كلّ الملاحظات من الاتحادات النقابية والعمالية، تمهيداً لتطبيقه مطلع العام القادم، بحيث سيشمل شرائح واسعة من القطاعات العمالية ككبار السن وتقاعد الشيخوخة والمرضى وإصابات العمل.
أما على صعيد التمويل الخارجي، فقد تضاعف تمويل الدول المانحة لخزينة السلطة الفلسطينية بنحو 230% مقارنة بالربع الأول من هذا العام، فوصلت قيمة ما تلقته السلطة إلى 122 مليون دولار مقارنة بـ52 مليون دولار خلال الربع الأول من هذا العام، وذلك بعد تبني المانحين الأوروبيين لخطّة الإصلاح الإداري والمالي، ويعزى هذا النجاح لمشاركة وزير المالية شكري بشارة في مؤتمر المانحين في العاصمة بروكسل.
على صعيد الانتهاكات الإسرائيلية للاقتصاد الفلسطيني، واصلت دولة الاحتلال سياسات العقاب المالي للفلسطينيين من خلال الاستمرار بسياسات الاقتطاع من عائدات الضرائب المقاصّة التي تتضاعف في ضوء تبني حكومة اليمين الإسرائيلية لسياسات أكثر تشدداً تجاه السلطة الفلسطينية.
أما في قطاع غزة الذي شهد عدواناً إسرائيلياً (مايو ٢٠٢٣) راح ضحيته ما يزيد عن 30 شهيداً، فقد أدت هذه الحرب لخسائر إجمالية مباشرة وغير مباشرة تجاوزت 50 مليون دولار.
بالنسبة للدور الإغاثي للأونروا، فقد جمد الاتحاد العام للموظفين إضرابه بشكل مؤقت لترك فرصة أمام الوساطات لإنهاء نزاع العمل مع إدارة الأونروا.
ميدانياً، سجل الربع الثاني من عام 2023 زيادة ملحوظة في العمليات العسكرية لقوات الاحتلال مقارنةً مع الربع الأول من العام نفسه، كما يسجل المؤشر اتساع النطاق الجغرافي للتصعيد وسجّل انتهاكات في الضفة الغربية والقدس إضافةً إلى قطاع غزة، وقد تنوعت الاعتداءات بين غارات جوية وقصف مدفعي، بالنسبة لقطاع غزة، إضافةً إلى اقتحامات ومداهمات متتالية تخلّلها اعتقالات وعمليات قتلٍ ميداني واغتيالٍ لخلايا مقاومة في مناطق متفرقة من الضفة الغربية، وأدّت مجمل الاعتداءات إلى استشهاد نحو 97 فلسطينياً واصابة ما يزيد عن 267، وهو ما يكشف عن إصرار حكومة الاحتلال المتطرفة على السير في خطوات وإجراءات تصعيدية قد تدفع بوتيرة الأحداث نحو الانفجار.
على صعيد المشاريع الاستيطانية في الضفة الغربية، شهد الربع الثاني من عام 2023 زيادة في وتيرة المشاريع الاستيطانية المُصادق عليها مقارنةً بمعطيات الربع الأول من العام نفسه، كما تكشف المعطيات الواردة في هذا المؤشّر أن ملفّ الاستيطان شهد خلال عام 2023 حتى الآن تصاعداً مضاعفاً ثلاث مرّات مقارنة بعام 2021، وهو ما انعكس في زيادة أعداد المستوطنين ومستوطناتهم، وبالتالي زيادة وتيرة اعتداءاتهم واقتحاماتهم المتنوعة على منازل الفلسطينيين ومهاجمة المزروعات وسرقة الممتلكات الخاصة، وغيرها من الانتهاكات.
أما على صعيد المقاومة وردود الفعل الشعبية، فقد شهدت المناطق الفلسطينية، وبالأخص الضفة الغربية زيادة في وتيرة ردود الفعل المقاومة بمختلف أشكالها أسفرت مجتمعة عن مقتل وإصابة 122 من جنود الاحتلال ومستوطنيه كنتيجة لتصاعد وتيرة اعتداءات وانتهاكات قوات الاحتلال والمستوطنين في تلك المناطق، وقد وُزّعت ردود الفعل ما بين اشتباكاتٍ وعملياتٍ مسلحة، ومواجهاتٍ شعبية كانت هي الأعلى من بين ردود الفعل مشكّلةً خطاً شعبياً داعماً لحالات المقاومة المنتشرة في مناطقَ متفرقة من الضفة الغربية، وبالأخص نابلس وجنين، اللتان شهدتا الحصيلة الأكبر من ردود الفعل الشعبي والفصائلي المقاوم، وبالتالي زيادة حدة التصعيد إلى مستوياتٍ مرتفعة مقارنة بمؤشر الربع الأول من العام نفسه.

لقراءة مؤشر فلسطين كاملا، انقر هنا.

الوسوم
اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق