مؤشر فلسطين

مؤشر فلسطين – الربع الأول من عام 2023

ملخص تنفيذي

الربع الأول لسنة 2023
(من 01 كانون ثاني/يناير – إلى 31 آذار/مارس 2023)

سياسيًا:

شهد الربع الأول من عام 2023 تراجعاً في الخطاب السياسي للمؤسسات الفلسطينية الرسمية الداعي للمصالحة واستعادة الوحدة الوطنية، فلم تأتِ القيادة الفلسطينية الرسمية على ذِكر المصالحة أو الوحدة الوطنية إلا مرّةً واحدة فقط خلال هذه المدّة، وقد جاءت في إطار تسويق لقاء أمني مع الاحتلال، وهو ما يُشكّل تجاهلاً واضحاً لكلّ الاتفاقات الوطنية، وآخرها اتفاق الجزائر الموقّع بين الفصائل الفلسطينية في 13 تشرين الأول (أكتوبر) 2022.

على صعيدٍ آخر، واصلت القيادة السياسية الفلسطينية بمستوياتها الثلاثة (الرئاسة ومنظمة التحرير والحكومة) خطابها التقليدي المندّد بإجراءات الاحتلال القمعية واقتحاماته المتكررة للمسجد الأقصى وبعض مدن الضفة الغربية بإصدارها نحو 33 بياناً وتصريح تنديد، إلا أنها لم تُقْدم على تطبيق قرار وقف التنسيق الأمني الذي أُعلِنَ عنه بشكل فعلي في 26 كانون الثاني (يناير) 2023، وعلى العكس من ذلك، فقد واصلت التزامها بالتنسيق الأمني، وضاعفت الأجهزة الأمنية من إجراءاتها للسيطرة على حالة المقاومة في الضفة، فقد اعتقلت خلال الربع الأول ما يزيد عن 293 ناشطاً فلسطينياً، منهم أسرى سابقون لدى الاحتلال، ونشطاء في العمل الوطني، وطلاب جامعيون، وصحفيون.

في السياق ذاته، وفي محاولة منها لتثبيت وجودها وتعزيز فعاليتها، أجرت السلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير الفلسطينية خلال الربع الأول من عام 2023 أكثر من 53 تحرّكاً دبلوماسياً، فقد أجرى الرئيس الفلسطيني محمود عباس نحو 27 لقاءً دبلوماسياً مع رؤساء دول ووزراء خارجية، ومبعوثين دوليين، كما أنجزت قيادة منظمة التحرير الفلسطينية نحو 26 لقاءً دبلوماسياً، سواءً باستقبال دبلوماسيين أو مبعوثين دوليين، ومشاركة في فعاليات برلمانية دولية. وعلى الرغم من كثافة التحرك الدبلوماسي خلال الفترة الماضية إلا أنه لم ينعكس إيجاباً على أوضاع الفلسطينيين في الضفة الغربية، ولا أدّى إلى إيقاف حملات التغوّل “الإسرائيلية” الرسمية أو المنفّذة من مجموعات المستوطنين، بل نتج عنه تراجع السلطة الفلسطينية عن التصويت على قرار مجلس الأمن الخاص بإدانة الاستيطان الإسرائيلي في الضفة الغربية في 21 شباط (فبراير) 2023 مقابل وعود أمريكية بالضغط على الاحتلال لإيقاف قرارات الهدم في الضفة الغربية وتحديداً مدينة القدس.

أمّا على صعيد البيئة الداخلية للفصائل الفلسطينية، فقد شهد الربع الأول من هذا العام حالة استقرار داخلي، إذ لم يشهد الخطاب السياسي للفصائل تحوّلات جديدة أو لافتة، كما لم تشهد البيئة الداخلية للفصائل الفلسطينية أيّ تحركات تُذكر على مستوى اللوائح الداخلية، أو التعديلات على الميثاق، فيما أنجزت حركة الجهاد الإسلامي إعادة انتخاب رئاسة مكتبها السياسي العام لولاية جديدة تمتد لأربع سنوات قادمة، كما انتخبت الجبهة الديمقراطية نائباً لأمينها العام بعد استقالة قيس عبد الكريم في نيسان (إبريل) من العام الماضي 2022، في حين بقي عدم الاستقرار الداخلي مقتصراً على حركة فتح، إذ تستمرّ رئاسة اللجنة المركزية لحركة فتح ممثلة بالرئيس محمود عباس في تجاوز النظام الأساسي للحركة وعدم الالتزام باستحقاق انعقاد مؤتمرها العام الثامن ودون تحديد موعد جديد لإنفاذ الاستحقاق الانتخابي.

أما عن العلاقات البينية بين الفصائل، فقد جاءت التفاعلات الفصائلية البينية خلال الربع الأول من عام 2023 في أدنى مستوياتها، ولم تشهد أيّ تطورات تتناسب مع حجم التحدّيات على صعيد القضايا الوطنية الداخلية، ولم ينتج عنها تفاهمات أو تحالفات جبهوية فصائلية، إذ اقتصرت مجمل التفاعلات الفصائلية على اللقاء الذي جمع غالبية ممثلي الفصائل الفلسطينية في دمشق، ونجحت الفصائل في إصدار بيان حمل ملامح برنامج وطني، وكان لافتاً في هذه الجهود مشاركة حماس في لقاء من هذا النوع للمرة الأولى منذ أكثر من عشر سنوات من خروجها من سورية بعد اندلاع الأزمة السورية،  كما عقدت بعض الفصائل في رام  الله مؤتمراً صحفياً جرى فيه الإعلان عن ما أطلق عليه “وثيقة جنين”، التي دعت إلى عقد لقاء الأمناء العامين للفصائل الفلسطينية، وتفعيل القيادة الوطنية السياسية والميدانية الموحدة، إلى جانب مبادرة أطلقتها الهيئة العليا لشؤون العشائر، رحّبت بها عدّة فصائل فلسطينية، ودعت المبادرة إلى تطبيق كلّ الاتفاقات الموقعة بشأن المصالحة وبضمنها وثيقة الاسرى، إضافة إلى مبادرة القيادي الفتحاوي ناصر القدوة الجاري نقاشها مع عدد من الفصائل من بينها حركة حماس، وقد أكدت ضرورة إعادة الاعتبار لمنظمة التحرير الفلسطينية عبر تجديد شرعية مجالسها، ومراجعة تجربة السلطة في الأراضي الفلسطينية، كما ناقشت الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والثقافية الفلسطينية. على صعيد دور مؤسسات المجتمع المدني، فقد تصاعد دور المؤسسات النقابية في الدفاع عن مصالح أعضائها، وقد حققت بعض النجاحات الجزئية المتعلقة بتحقيق مطالبها، خصوصاً ذات العلاقة بالرواتب وعلاوات غلاء المعيشة، كما حاولت مؤسسات المجتمع المدني الفلسطيني ملء الفراغ الذي تركته فصائل العمل الوطني بسبب تراجع دورها مؤخراً، إذ أقدمت بعض المؤسسات المدنية على إطلاق مبادرات وطنية لإنقاذ الموقف الراهن، مثل إعلان الاستراتيجية الوطنية التي دعا اليها المؤتمر الشعبي، أو مبادرات الوساطة بين الفصائل بشأن المصالحة أو مبادرات الوساطة بين الحكومة والحراكات النقابية والمطلبية.

اقتصاديًا:

واجه الواقع الاقتصادي الفلسطيني خلال الربع الأول من عام 2023، مجموعة من التحديات الداخلية والخارجية كان أبرزها أزمة الإضرابات والحراكات المطلبية التي اجتاحت قطاع الاتحادات النقابية والعمالية، وتأخر حكومة اشتية في التعامل مع تلك الحراكات، وخصوصاً حراك المعلمين الذي أصرّ على تنفيذ الاتفاقات السابقة مع الحكومة وتثبيت علاوة طبيعة العمل على قسيمة الراتب. وقد كشف استمرار الأزمة وتمدّدها وتزايد أعداد المعلمين المضربين عن غياب التنسيق والتكامل بين مركّبات الحكومة، إذ وعد رئيس الوزراء بتنفيذ مطالب المعلمين، لكنّه تراجع عن وعده بفعل ضغط مارسه وزير المالية شكري بشارة متذرعاً بصعوبة إدراج أي علاوات مالية في ظل الظرف الحالي.

وعلى صعيد آخر، أجلت الحكومة تطبيق برنامجٍ تقشفيّ كان يستهدف تقليص الكادر في الوظيفة العمومية

بنحو 30 ألف موظف عبر إحالتهم للتقاعد المبكر، وذلك بعد خلافات نشبت بين الحكومة وهيئة التقاعد التي رفضت تحمّل أي أعباء مالية في ظل محدودية الموارد المالية لدى الهيئة.

أما على صعيد التمويل وجلب الدعم، فقد تلقّت الموازنة الفلسطينية دعماً مالياً خلال الربع الأول من عام 2023 بما قيمته 151 مليون دولار، تحت بند المنح والمساعدات الخارجية، استحوذت الموازنة التطويرية على الجزء الأكبر من هذا التمويل بقيمة 120 مليون دولار، في حين تلقّت الموازنة التشغيلية نحو 10 ملايين دولار عبر الآلية الفلسطينية الأوربية “بيغاس”، كما تلقت من دول متعددة عبر البنك الدولي نحو 21 مليون دولار، خُصّصت جميعها لتمويل فاتورة الرواتب والأجور. أما على صعيد نشاط وكالة الأونروا، فرغم تلقي الوكالة لدعم من الاتحاد الأوربي بقيمة ٨٢ مليون دولار، فقد شهد الربع الأول من العام الجاري توتراً بين وكالة الأونروا والاتحادات العمالية والنقابية، بسبب تنصّل الوكالة للعديد من الاتفاقات، ما ترك أثراً سلبياً على واقع اللاجئين دفعت اتحاد العاملين في الأونروا للإضراب عن العمل ليوم واحد، كما أعلن اتحاد المقاولين في غزة وقف العمل بمشاريع الأونروا رفضاً لسياستها بعدم صرف الإرجاع الضريبي منذ عام 2014. من جانب آخر، شرعت وكالة الأونروا بتقديم دعم مالي لمتضرري حرب 2014 مساعدةً لـ1275 عائلة متضرّرة، بدفع بدل الإيجار للمأوى الانتقالي، وإصلاح (7234) منزلاً متضرراً بشكل جزئي، وإعادة إعمار (608) منزلاً مدمراً تدميراً كلّياً.

ميدانيًا:

شهدت المستجدّات الميدانية في الأراضي الفلسطينية ارتفاعاً ملحوظاً في وتيرة العمليات العسكرية لوحدات جيش الاحتلال، وبالأخصّ في الضفة الغربية والقدس المحتلة، وكانت كل من مدينة (نابلس والقدس ورام الله والخليل) وضواحيها، على التوالي، هي الأكثر تعرّضاً لاعتداءات الاحتلال مقارنةً بباقي المناطق. وقد سجّل المؤشّر (2288) اقتحاماً ومداهمةً عسكرية شهدتها مدن الضفة الغربية، وتفاوتت وتيرتها وفق التطورات الميدانية المتصاعدة خلال الربع الأول لعام 2023.

ورافق هذه الاقتحامات العديد من حالات الاعتقال والاغتيال الميداني لشبّانٍ فلسطينيين؛ نتج عنها ردود فعلٍ فلسطينية بواقع (3622) ردّاً، جاءت متنوعة هي الأخرى من حيث أشكالها ودرجتي انتشارها وتأثيرها، فيما رُصد منها (113) مواجهة شعبية مع قوات الاحتلال، و(2402) مواجهة متنوعة الأشكال، تخلّلها (إلقاء حجارة، وإلقاء مولوتوف، وإلقاء ألعاب نارية، إلخ.).

إضافةً إلى ذلك؛ سجّل المؤشر (39) اشتباكاً مسلحاً و(446) عملية إطلاق نارٍ توزعت على مناطق متفرقة من الضفة الغربية، فقد شهدت مدينتا جنين ونابلس العدد الأكبر من هذه العمليات بواقع (160) و(151) عملية على التوالي؛ نظراً لنشاط كتائب المقاومة فيهما من جانب، وكثرة اعتداءات الاحتلال المتكررة عليهما، مما استدعى ردود فعلٍ من كتائبهما من جانبٍ آخر، إذ تعرّضتا لما يقارب (362) و(599) اقتحاماً ومداهمةً على التوالي.

وقد أسفرت جميع هذه المواجهات خلال الربع الأول لعام 2023 عن وقوع (191) شهيداً و(1360) إصابة متفاوتة الخطورة؛ مما زاد من وتيرة التصعيد المتبادل الذي تسبّب في تأزّم الوضع الميداني في الضفة الغربية والقدس. وكذا الحال بالنسبة إلى قطاع غزة، خاصةً بعد تعرّضه لعددٍ من الغارات الجوية على مواقعَ وأراضٍ زراعية، مخلّفةً خسائر اقتصادية للعديد من القطاعات فيها.

وبناءً عليه؛ توالت الانتقادات والمخاوف الإقليمية والدولية حيال الإجراءات التصعيدية لقوات الاحتلال، معتبرةً هذا التصعيد مؤشّراً خطيراً قد يؤدّي بالأوضاع الميدانية في الأراضي الفلسطينية إلى مرحلة التأزّم الأمني الذي قد يخرج عن السيطرة، خاصةً مع التوجّه اليميني المتطرف الذي بدأت الحكومة الإسرائيلية الجديدة تعكسه في خطواتها وممارساتها في الأراضي الفلسطينية، فضلاً عن المعطيات المرصودة في هذا التقرير، والتي تشير إلى أن الأوضاع الميدانية تتجه نحو مزيدٍ من التصعيد، الذي كان أول مؤشراته ما شهدته جبهة قطاع غزة مؤخراً من مواجهةٍ عسكرية.

وأما فيما يتعلّق بالاستيطان وسياساته؛ فقد شهد ارتفاعاً مضاعفاً مقارنةً بالأشهر الماضية من عام 2022، ويأتي ذلك في إطار سعي الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة إلى الحفاظ على وتيرة متسارعة للمشاريع الاستيطانية في الضفة الغربية والقدس المحتلة. ويتضح من المعطيات المرصودة في هذا المؤشّر أن ملفّ الاستيطان شهد خلال الأشهر الأخيرة من عام 2022 والأشهر الثلاثة الأولى من عام 2023 تصاعداً مضاعفاً ثلاث مرّات مقارنة بعام 2021، انعكس على زيادة أعداد جماعات المستوطنين وبؤرهم الاستيطانية التي باتت مصدراً للإرهاب الاستيطاني الممنهج، فقد سجّل المؤشر زيادةً في وتيرة اعتداءاتهم واقتحاماتهم المتنوعة على منازل الفلسطينيين ومهاجمة المزروعات وسرقة الممتلكات الخاصة.

لقراءة المؤشر السياسي والاقتصادي والميداني كاملاً، اضغط هنا للتحميل.



الوسوم
اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق