مقالات بحثيةتقدير الموقف

تقرير الحالة الوطنية الفلسطينية لشهر نوفمبر ٢٠٢٢

شهدت الأراضي الفلسطينية في تشرين الثاني (نوفمبر) المنصرم مجموعة من الأحداث السياسية والميدانية، وكان الوضع الميداني الأكثر سخونة متمركزاً في الضفة الغربية. حيث شهدت الضفة محاولات السلطة الفلسطينية احتواء التصعيد والحدّ من تداعياته على قدرتها على ضبط الوضع الأمني في المناطق الخاضعة لسيطرتها وتحديداً في مناطق “آ”.  كما أظهرت الأسابيع القليلة الماضية حراكاً نقابياً وطلابياً نشطاً، وصولاً إلى الغرف التجارية في الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس. سيتطرّق هذا التقرير للحديث عن ردود الفصائل الفلسطينية وتفاعلاتها خلال شهر نوفمبر ٢٠٢٢، مع التركيز على منظمات المجتمع المدني والنقابات، إلى جانب تسليط الضوء على نبض الشارع والرأي العام الفلسطيني.

أولاً: الفصائل الفلسطينية

  • حركة فتح

عاد الحديث عن إمكانية عقد المؤتمر الثامن تزامناً مع حالة النشاط التنظيمي الذي تعيشه أقاليم حركة فتح في الداخل والخارج، بعد تصريح عباس زكي عضو اللجنة المركزية لحركة فتح خلال اجتماع اللجنة السياسية المنبثقة عن اللجنة التحضيرية للمؤتمر. وتجدر الإشارة إلى أن المؤتمر كان قد تم تأجيله مرتين في آذار (مارس) وأيّار (مايو) ٢٠٢٢.

وفي سياق متصل، التقى رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس في الـ٦ من تشرين الثاني (نوفمبر) أمناء سرّ الأقاليم الشمالية، في كل من نابلس وجنين في الـ٢٥ والـ ٢٦ من تشرين الثاني (نوفمبر)، بحضور رئيس الوزراء محمد اشتيّه، ونائب رئيس حركة فتح محمود العالول، ومحافظَيْ مدينتَي نابلس وجنين.

 بموازاة ذلك، طرأت تغييرات على مستوى توزيع الحقائب في اللجنة المركزية لحركة فتح، فقد جرى نقل مسؤولية مفوضية التعبئة والتنظيم إلى محمود العالول خلفاً لمحمد المدني، الذي تولّى مسؤولية مفوضية المنظمات الشعبية، بعد سحبها من اللواء توفيق الطيراوي.

 وفي قطاع غزة، أقامت حركة فتح مهرجاناً لإحياء ذكرى ياسر عرفات، لكن لوحظ أن الحشد هو الأقل مقارنة بالفعاليات السابقة، وذلك لتراجُع حالة المناكفة والخلاف السياسي مع حركة حماس.

كما ظهرت بعض المؤشرات التي توحي بتحركات عربية وقلق ناتج عن حالة التصعيد في الضفة الغربية. ومن أبرز تلك المؤشرات ذلك التحرك المصري الأردني، الذي ظهر جلياً في اتصال السيسي مع ملك الأردن قبل ٣ أيام (ديسمبر) والذي ركز على النشاط الإيراني في الضفة الغربية وما لذلك من تهديد على سيطرة السلطة الفلسطينية وقدرتها على الإمساك بزمام الأمور في الضفة الغربية.

شهدت الفترة الماضية تحركات من عدد من الدول العربية كالإمارات والأردن، تسعى إلى ترتيب البيت الفتحاوي؛ خصوصاً فيما يتعلّق بملف توفيق الطيراوي بعد قضية تسريبات التسجيلات الصوتية واتخاذ إجراءات ضدّه في الحركة. وتتحرك هذه الدول وفقاً لهدف استراتيجي قائم على المحافظة على وحدة الصف الفتحاوي لإدراكها أن أي انقسام داخل حركة فتح من شأنه أن يؤثر إيجاباً على حركة حماس.

  • حركة حماس

التقى وفد من حركة حماس يرأسه عضو المكتب السياسي للحركة زاهر جبارين برئيس المجلس الشعبي الوطني “البرلمان الجزائري” إبراهيم بوغالي، وذلك خلال المشاركة في المهرجان الجماهيري الذي نُظّم في الجزائر لإحياء ذكرى ثورة الفاتح من تشرين الثاني (نوفمبر). كما هنأت الحركة رئيس وزراء ماليزيا أنور إبراهيم بعد تشكيله الحكومة الماليزية. وتأتي هذه التهنئة بعد محاولة الموساد الإسرائيلي إختطاف مهندسين فلسطينيين في ماليزيا كشفت عنها أجهزة الأمن الماليزية، حيث تم احباط المحاولة واعتقال الخلية المسئولة عن الاختطاف أثناء تحقيقها مع أحد المهندسين بأوامر من الموساد.

كما وجهت الحركة نقداً للسلطة الفلسطينية على خلفية مواصلة الأخيرة حملات الاعتقال السياسي بحق نشطائها في الضفة الغربية في الوقت الذي تواصل فيه قوات الاحتلال عملياتها واعتقالاتها في أنحاء الضفة الغربية. كما واصلت الحركة إرسال رسائل الدعم لنقاط التماس في الضفة الغربية مع الاحتلال خاصة في نابلس وجنين وحثت الفلسطينيين هناك على ضرورة مواصلة مقاومة الاحتلال.

  • حركة الجهاد الإسلامي

بعد استهداف الاحتلال لأبرز كوادر حركة الجهاد الإسلامي في مخيم جنين، وحادثة اختطاف جثة تيران فرو (من الطائفة الدرزية)، واعتقال فلسطيني من غزة بتهمة انتمائه لسرايا القدس والتخطيط لتنفيذ عمليات تفجير، عادت حركة الجهاد إلى التأثير على أرض الميدان، واستمرّت في تفاعلها مع الأحداث الحاصلة والاعتراض على سياسة الاعتقال السياسي في الضفة الغربية.

ورداً على اغتيال قوة خاصة إسرائيلية للقيادي في كتيبة جنين فاروق سلامة، أطلقت سرايا القدس مجموعة من الصواريخ على المستوطنات القريبة من قطاع غزة، ما شكّل كسراً لحالة الهدوء النسبي التي سادت لشهرين ونصف تقريباً. أما فيما يتعلق بحادثة اختطاف جثة الشاب فرو في جنين، فقد حاول النخالة حينذ التنصّل من المسؤولية عن تلك الحادثة. وبشأن اعتقال المواطن فتحي زقوت من قطاع غزة على يد قوات الاحتلال، فقد زعم الاحتلال مسؤولية الجهاد الإسلامي عن تجنيده للتخطيط لتفجير حافلة في بئر السبع. واستغلالاً لهذه الحادثة، فقد سحب الاحتلال تصاريح أقارب زقوت ومنعهم من العمل في الداخل.

  • فصائل اليسار

اكتفت فصائل اليسار بتقديم مواقفها التقليدية فيما يتعلق بانتهاكات الاحتلال وممارسات السلطة، ولم يكن هناك أي مستجدات فاعلة خلال شهر نوفمبر الماضي سواء في علاقتها مع باقي الفصائل أو علاقاتها الداخلية. فقد استمرّت الجبهة الشعبية في مواقفها التقليدية في متابعة تطورات الحالة الفلسطينية، وحافظت على العلاقة مع حماس، وتقلّصت حالة التوتر مع حركة فتح في بعض القضايا.

أما الجبهة الديمقراطية، فقد أجرى وفدٌ منها زيارة إلى موسكو برئاسة نائب الأمين العام للجبهة فهد سليمان، وزيارة أخرى إلى رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري، فضلاً عن لقاءات أجراها الأمين العام مع حركة فتح، وحركة حماس (ما يعد تجاوزاً من الأخيرة لقرار فهم من سلوكها مؤخراً بمقاطعة “الديمقراطية”. وفيما يتعلّق ب-“فدا” و “الشعب”، فلا يزال الحزبان يخصان حركة فتح بالتواصل دون حركة حماس.

ثانياً: المجتمع المدني

إعلان وزارة الاقتصاد الوطني في رام الله عن انطلاق التحضيرات لانتخابات الغرف التجارية في الأول من كانون الأول (ديسمبر) ٢٠٢٢، بإصدار شروط المشاركة فيها في كل من الضفة الغربية وقطاع غزة، كما تمت عملية تسجيل القوائم المرشحة في معظم الغرف التجارية بانتظار استكمال العملية الانتخابية.

وأقام “مؤتمر فلسطينيي تركيا” ندوة حول دور إعلان الجزائر في النهوض بالمشروع الوطني، بمشاركة ممثلين عن الفصائل الفلسطينية، وحضور السفير الفلسطيني فائد مصطفى، واتحاد رجال الأعمال الفلسطيني بتركيا ممثلاً برئيسه مازن الحساسنة، والوزير الجزائري المكّلف عمي سعيد عيسى، وعلي بركة (عضو مكتب العلاقات الوطنية في حركة حماس)، وأسامة القواسمي (عضو المجلس الثوري لفتح)، ومحمد الهندي (القيادي في الجهاد الإسلامي)، ومحمد مشينش (رئيس مؤتمر فلسطينيي تركيا)، وحضور تركي متمثل في مستشار حزب العدالة والتنمية السابق ياسين أقطاي.

في محاولة من الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة لمنع عقد المؤتمر الشعبي الفلسطيني ١٤ مليون في رام الله، اعتقلت عمر عسّاف (منسّق وعضو اللجنة التحضيرية للمؤتمر)، وسحبت ترخيص عقده في قاعة بلدية رام الله؛ مصدرةً بياناً تتهم فيه المؤتمر بالالتفاف على منظمة التحرير الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني، وفي سياق آخر، أعلنت الكتل الطلابية في جامعة النجاح عن رفضها قرار لجنة الانتخابات الطلابية في الجامعة، بدعوى عدم وجود وقت كافٍ لإجراء الانتخابات، في ظل الحصار الذي تعرض له مدينة نابلس.

كما نظمت مؤسسة الدراسات الفلسطينية مؤتمرها السنوي “مراجعة الانتداب البريطاني على فلسطين” في جامعة بيرزيت عبر تطبيق “زوم”، بالشراكة مع مجموعة من المراكز البحثية في فلسطين والعالم: مجلس الأبحاث البريطانية في بلاد الشام، ومركز الاتجاهات الجديدة في الدراسات الفلسطينية في جامعة براون، ومركز الدراسات الفلسطينية في جامعة كولومبيا، والمركز الأوروبي للدراسات الفلسطينية في جامعة اكستر، ومركز الدراسات الفلسطينية في معهد الدراسات الشرقية والإفريقية، بمشاركة أكثر من٧٧ من الباحثين والأكاديميين والمؤرخين من فلسطين والعالم.

وطالب الائتلاف الفلسطيني الوطني لحماية الموارد الطبيعية الحكومة الفلسطينية بالكشف كاملاً عن اتفاق استخراج الغاز من حقل غزة، وما يتعلّق بدور دولة الاحتلال والاتفاقيات الموقعة مع الشركة المصرية وباقي المستثمرين، وذلك في ظل حالة الغموض والتكتّم وتضارب المصالح بين صندوق الاستثمار ورئيسه محمد مصطفى، الذي يقود المفاوضات بصفته مستشار الرئيس لشؤون الطاقة.

ثالثاً: الرأي العام

تشهد مخيمات لبنان منذ أسابيع اعتصامات شعبية متكررة أمام مكاتب خدمات وكالة غوث وتشغيل اللاجئين “الأونروا”، ومناشدات عبر مواقع التواصل الاجتماعي لمطالبة الوكالة بتحمّل مسؤولياتها في تقديم الخدمات للاجئين، وتوفير الميزانيات لترميم المنازل المهدّدة بالانهيار في المخيمات، وذلك بعد انهيار سقف منزلين أصيب فيهما ٣ أفراد خلال تشرين الأول (أكتوبر) الماضي.

وشهدت الحالة الشعبية والوطنية إشادة بعمليات المقاومة في الضفة الغربية، وتفاعلاً مع حادثة الحريق في مخيم جباليا وما نجم عنها من تحقيقات أجرتها وزارة الداخلية في غزة للتعرف على ملابسات الحادثة. وفي شأن آخر كان هناك تفاعل إيجابي فيما يتعلق بتأمين الحكومة في غزة، وحركة حماس، لفعالية ذكرى ياسر عرفات وتسهيل مهام اللجان التنظيمية لفتح خلال الحفل.

الوسوم
اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق