الحوار الفلسطينيمقالاتمقالات رأيوجهات نظر

قراءة أولية في نتائج الانتخابات الإسرائيلية

تمهيد

تُعتبر التطورات الداخلية في إسرائيل متغيراً مهماً لفهم مستقبل العلاقة بين دولة الاحتلال والقضية الفلسطينية بكافة مكوناتها، وكذلك الحال بالنسبة للعلاقات الإقليمية ذات التأثير المهم، وهو ما يستدعي القيام بمحاولة لفهم ما أفرزه المشهد الصهيوني خلال الساعات القليلة الماضية التي شهدت خامس انتخابات برلمانية في ظرف عامين فقط.

لتكوين تصور أكثر وضوحاً حول نتائج انتخابات الكنيست الإسرائيلي، وجهت مجموعة الحوار الفلسطيني العديد من الأسئلة لعدد من الخبراء والمتخصصين في الشأن الإسرائيلي على النحو التالي:

أسباب فوز تحالف نتنياهو

يعتقد د. عدنان أبو عامر، أن هناك جملة من الأسباب التي أدت لفوز بنيامين نتنياهو بهذا الاكتساح في انتخابات الكنيست الـ25، مضيفا أن هذا الفوز “فاجأ كل المراقبين وفاق كل التوقعات”، على اعتبار أن الفارق بين المعسكر المنافس كان بسيطاً حتى الساعات الأخيرة من بدء عملية الاقتراع، وبالتالي بات لدى نتنياهو القدرة على تشكيل حكومة يمينية مستقرة لم تعتد عليها إسرائيل في السابق. وتابع د. أبو عامر أن الشارع الإسرائيلي منذ اغتيال رابين في منتصف التسعينات يميل أكثر إلى اليمين بشقيه الديني والقومي، كما وصل لمراحل متقدمة من تبني أفكار الفاشية والقومية والكاهانية، حتى وصل الأمر إلى أن الدولة كانت حتى وقت قريب على شفا حرب أهلية طاحنة.

 كما أن لنتنياهو حضور قوي وكاريزما قلما تجدها لدى أي سياسي إسرائيلي أخر، بالإضافة إلى قدرته على فرض رؤيته على شركائه في الائتلاف الحكومي وتحديداً المتدينين، بخلاف “لابيد وغانتس” اللذان فشلا في لم الشمل أحزاب الوسط والعلمانيين واليسار، وهذا ما ذهب إليه الصحفي المختص بالشؤون الإسرائيلية ياسر مناع خلال حديثه عن انزياح في المجتمع الإسرائيلي نحو اليمين.

وهنا يتفق د. جهاد ملكه مع سابقيه، مضيفاً أن فوز تحالف نتنياهو يعود إلى دهائه وخبرته الطويلة جداً في العمل السياسي، فقد حصل على لقب أطول مدة كرئيس وزراء لدولة الاحتلال، فضلاً عن حداثة تجربة خصومه السياسيين لابيد وغانتس.

ماذا يعني صعود الصهيونية الدينية؟

يؤكد أبو عامر على أن لصعود اليمين الديني المتطرف ما بعده في العلاقة مع الفلسطينيين والعرب والمسلمين من جهة، والمجتمع الإسرائيلي الداخلي من جهة أخرى، مضيفا أن الحكومة القادمة هي حكومة صقور، وستكون أكثر شراسة من سابقتها.

 وهنا يستبعد الصحفي منّاع فكرة المقارنة بين الأطراف السياسية الصهيونية، معتقداً أن المفاضلة أو المقارنة بين نتنياهو وخصومة ليست ذات جدوى، “فكلاهما من ذات اليمين” مشيراً إلى أن إسرائيل مشروع استعماري ويتحتم على أي شخص يتولى القيادة في إسرائيل العمل على إنجاح واستمرار هذا المشروع.

تراجع الحضور العربي

يرجع أبو عامر ذلك التراجع إلى حالة التشظي والانقسام الحاد في الكتل العربية، وتغليب الأحزاب العربية مسألة المنافسة على المقاعد الأولى في القوائم، وهذا ما أكدت عليه الكثير من وجهات النظر الأخرى، خاصةً إذا ما علمنا أن الأحزاب العربية في الداخل تآمرت على “التجمع” بقيادة سامي أبو شحادة، وبهذا التصرف تآمرت على نفسها من حيث تعلم أو لا تعلم، لأن وصول 12 نائب عربي إلى الكنيست أو أكثر يعني فرض معادلة صعبه على اليمين والأحزاب الصهيونية، وقد جربوا ذلك سابقاً ومنعوا نتنياهو من تشكيل حكومة، لكنهم عادوا ووقعوا في مصيدة المصالح الضيقة.

وهنا يؤكد منّاع أن التراجع في الوسط العربي هو نوع من الاحتجاج على صراع الزعامة بين الأحزاب العربية.

فرص تشكيل حكومة بزعامة نتنياهو

يعتقد أبو عامر أن خبرة نتنياهو الطويلة في رئاسة الحكم، فضلاً عن نحو ربع قرن في عمل الكنيست؛ سيسهّل عليه القيام بتشكيل الحكومة، خاصةً وان أمام نتنياهو وقتاً كافياً لإقناع شركائه بخططه وبرنامجه.

لكن فشل التكتلات الحزبية في إسرائيل خلال العامين الماضيين في تشكيل حكومة قوية وذات عمر طويل يُبقي نجاح نتنياهو في ذلك محل شك، حيث يعتقد مناع أن هنالك الكثير من الملفات الشائكة التي تنتظر نتنياهو، وخصوصاً تلك المتعلقة بقضايا الاستيطان في الضفة الغربية، والقانون الفرنسي في الكنيست، واقتحامات الأقصى وغيرها.

رغم كل ذلك، فإن مراهنة نتنياهو التي حققت نجاحات مهمة خلال عملية التصويت على المتدينين تبقى حاضرة خلال الأيام التي تسبق تشكيل الحكومة، خاصةً وأن أهم انجاز حققه نتنياهو هو التأثير على أولويات المتدينين “أشكنازًا وشرقيين”، وهؤلاء باتوا ينظرون إلى أنفسهم كـشركاء سياسيين، وهم أكثر استعداداً الآن للتغاضي عن بعض القضايا التي كانت تعيق علاقاتهم السياسية.

لذلك فالشراكة السياسية تسبق الكثير من القضايا أو الملفات الأخرى، سواءً المتعلقة بالميزانيات، أو المواقف السياسية من المحيط الإقليمي. ولا شك في أن نجاح نتنياهو هنا يكمن في أن تحالفه مع التيار اليميني الديني المتطرف، حول فكر هؤلاء “الحرديم” الديني، إلى يمينية سياسية، ولم يعد لهؤلاء مواقف متصلبة من القضايا الاقتصادية والاجتماعية، بقدر ما لهم من رؤية أوسع أو أكثر شمولية تقوم على أن تطبيق قانون يهودية الدولة يمكن أن يحقق كافة التفاصيل الأخرى.

ختاماً

تمثل فرص نتنياهو الكبيرة في تشكيل حكومة، ودون مواجهة الكثير من العناء مع الأطراف السياسية وخصوصاً الصهيونية الدينية التي تطمح للعب أدوار سياسية، وأمنية عبر الدخول ضمن منظومة المؤسسة العسكرية، وهذا ما يؤكد عليه بن غافير، ومن خلفه سموتيرتش الساعي للوصول إلى رئاسة الأركان.

إن صعود الصهيونية الدينية كحزب ثالث في إسرائيل يمهد الفرصة أمام نتنياهو لتشكيل حكومة لا مثيل لها في التطرف، وهو ما قد ينعكس على الاقليم، لأن تلك الحكومة المتطرفة لديها الكثير من المهام ضد الشعب الفلسطيني، حيث عبر بن غافير سابقا عن ذلك، وخصوصاً فيما يتعلق بطرد مئات الفلسطينيين والمزيد من القمع بحق الشعب الفلسطيني.

هذا بالإضافة إلى أن أقطاب الصهيونية الدينية هم محل رفض أمريكي أوروبي، لأنهم أكثر تطرفاً من أي يمين في العالم، ويمكن أن يكون وصولهم إلى الحكم ذات تأثير سلبي على علاقات اسرائيل بالقوى الإقليمية والدولية معاً.

الوسوم
اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق